من بين الشخصيات الوطنية فى تاريخ مصر كله يحجز مصطفى النحاس مكانا فى الصدارة كزعيم وطنى شريف عاش رافعا راية هذا الوطن دون أن يفكر مرة فى استغلال شعبيته الجارفة التى كان لا يضاهيه فيها أحد لينهب الشعب ماديا أو سياسيا. كلما قرأت تاريخه المشرق استوقفتنى محاولات الاغتيال التى تعرض لها فى حياته، وتعجبت من نجاته من كل محاولات الاغتيال رغم بساطة موكبه وتواصله مع البسطاء وسهولة قنصه، حتى قيل عنه إنه مكشوف عنه الحجاب، وصاحب خطوة ، كما كان السادات يقول: اللى ييجى ع النحاس ما يكسبش . يلقى أحد الشباب قنبلة على سيارة مصطفى النحاس فى شارع قصر العينى فينجو النحاس دون أن تخدشه القنبلة، تتكرر المحاولة فتهاجم سيارة مسلحة النحاس باشا فى أثناء عودته إلى منزله مساء، ولكنّ المسلحين يقتلون اثنين من حرسه ويجرحون ثلاثة آخرين ويخرج منها مصطفى النحاس سليما معافى، وهنا كان الحل فى تفجير بيته وهو نائم فربما نفعت المحاولة! وبالفعل وضع المتآمرون سيارة ملغومة فى الشارع تحت حجرة نوم مصطفى النحاس فى قصره، تنفجر السيارة وتتهدم الجدران ويتزلزل البيت وتطير المتفجرات إلى سرير النحاس لتنسفه ولكن الناموسية المنصوبة فوق النحاس باشا وعمدان السرير تحميه وهو نائم بمعجزة لا تحدث فى سينما الخيال العلمى، حتى يقال إن أحد أحجار الحجرة المهدمة كان معلقا فوق رأسه بالناموسية، وينجو النحاس أيضا! قصة طريفة تبين لنا أن السياسى الشريف ستبقى صفحته ناصعة البياض فى التاريخ مهما حاول معه المتآمرون ما دام متجردا ومتفانيا وشريفا وزاهدا عن كل ما لا يملكه، كما تبين لنا أنه لكى تظل سياسيا على قيد الحياة فعليك أن لا تنام على سرير مودرن، وعليك بالسرير أبو ناموسية وعمدان!