كان الهرج والمرج يتسيدان الموقف بداخل مخ المواطن صفر.. الخلايا جميعها غاضبة وتتجه فى مسيرات حاشده من فص المخ الخلفى بإتجاه الفص الجبهى الأمامى.. حاول المواطن صفر السيطرة على تلك الإحتجاجات المفاجئة إلا أنه لم يعرف بالظبط ما الذى يمكنه أن يفعل.. هل يبلع قنبلة غاز مسيل للدموع مثلاً لتنفجر بداخل رأسه فتنفض المظاهرات وتنفض معها حياته ويخلص؟!.. وبينما هو ممسكاً بدماغه محاولاً التفكير فى طريقة لإسكات تلك الهتافات الغاضبة المتصاعده من داخل جمجمته فوجيء بخبطه على مقدمة دماغه من الداخل.. «مين»؟!.. «أنا المتحدثة الرسمية باسم خلايا مخك».. «أؤمري».. «طب إطفى الزفت التليفزيون دا عشان تعرف تسمعني».. يطفيء المواطن صفر التليفزيون.. ثم يلتفت وراءه بشكل تلقائى قبل أن يتذكر أن من يتحدث معها تقف بداخل دماغه وليس خارجها.. يجلس رافعاً أعينه لأعلى تجاه مصدر الصوت قبل أن تنطلق الخلية فى غضب ونفاد صبر.. «تفتكر ربنا خلقنى بالنظام المعقد ده انا وبقية الخلايا اللى بيتكون منها مخك اللى شكلك لسه مش عارف قيمته عشان تملانا بكل الأحداث العبثية دى اللى انت شاغل مخك بيها؟!.. إنت مصدق إن اللى بيحصل دا حقيقى أو له أدنى علاقه بالسبب اللى ربنا خلقك عشانه؟!.. تفتكر ربنا خلقنا جوه دماغك عشان تملانا بتصريحات شخص مثل المستشار «الزند» وهو بيجز على أسنانه ويتحدث بلهجة غير لائقة ولا ينبغى لرجال القضاء أن يتحدثوا بها وهو يتوعد الجميع ويستحلف لهم فى هدم رئيسى ومباشر لتلك الصورة المرسومه فى أذهاننا عن هؤلاء الرجال الذين يقيمون العدل.. ممثلو كلمة الله فى الأرض؟!.. هل وصل العبث بكم كبنى آدمين إلى التركيز مع شخص يهاجمكم من أجل إنتقاد القضاء ومطالبتكم بتطهيره.. فى الوقت نفسه الذى يتحدث فيه عن أوراق فى أدراج القضاه تم وضعها على جنب مؤكداً أنه قد جاء الوقت للنظر إليها.. هل تلك هى العدالة؟!.. أن ينظر القاضى إلى أوراق بينما لا ينظر إلى أخري؟!.. وإذا كان هذا قد حدث مع ورقه تخص عدم دستورية إنتخابات مجلس الشعب.. فمن أدراكم أنه لم يحدث فى قضايا أخرى ومع أوراق أخرى؟! تفتكر ربنا خلقنى بالنظام المعقد ده عشان تملانى بأخبار تمثيلية شفيق ومرسى التى يتابعها الشعب المصرى حالياً بهرتلة منقطعة النظير؟!.. لبئس خلايا المخ لو كان الله قد خلقها من أجل مثل هذا السبب البائس أو من أجل ملئها بتلك الخزعبلات الإنتخابية.. فليذهب طائر نهضة السيد مرسى إلى الجحيم بكل ريشه ومؤخرته وأجنحته والزعانف التى تخرج من تلك المؤخرة.. نعم.. فقد إنهمك الجميع فى التريقه على مرسى لتشبيهه مشروع النهضة بالطائر الذى له ريش ومؤخرة.. ولكنهم لم ينتبهو إلى الكارثة الحقيقية.. ألا وهى أن ذلك الطائر الخرافى تخرج من مؤخرته زعانف.. لقد قالها.. نعم قالها.. طائر تخرج من مؤخرته زعانف.. راجعوا الشريط وسوف تسمعونها بأم آذانكم.. إذن.. كيف يمكنكم الإستماع إلى أى كلمة أخرى قد يقولها هذا الرجل الذى من الواضح تماماً أنه يتحدث لملء فراغ الزمن بأى كلام فارغ وخلاص.. كيف تنفق وقتك وتستنفذ طاقتك العقليه فى الإستماع إلى مثل تلك الهرطشه عديمة المعني؟! تفتكر ربنا خلقنى بالنظام المعقد ده عشان تملانى بتلك الجمل العايمه للفريق شفيق؟!.. وهل تعتقد فى رأيك أن هناك علاقه بين خروج جُمَل وكلمات شفيق عايمه من فمه وبين الزعانف التى تخرج من مؤخرة طائر النهضة؟!.. هل هذان هما الشخصان اللذان تملأ خلايا مخك بكلماتهما؟!.. وماذا عن كلمات العظماء اللى بجد؟!.. وماذا عن إنشغالك بالسبب الذى من أجله خلقك الله على تلك الأرض وعلى هذا الكوكب؟!.. ماذا عن محاولاتك إزالة ذلك اللبس الأزلى بين قدرك ومصيرك المكتوب سلفاً وبين حريتك فى إختياراتك الحياتيه التى على أساسها يتحدد ذلك المصير؟!.. ماذا عن كل هذا؟!.. هل ستكتفى بإنفاقى فى متابعة صراعات الزند مع الكتاتنى.. وشفيق مع مرسى؟!.. أم أنك ستعود قريباً إلى إنفاقى فى متابعة الصراع الأساسى فى ذلك الكون.. بين الحياه والموت»؟! ألقت الخليه تساؤلها الأخير وانصرفت إلى داخل المخ تاركه المواطن صفر وقد اتخذ قراراً بالعوده إلى الإنشغال بالسبب الحقيقى الذى من أجله خلقه الله.. ألا وهو الإجابة على ذلك السؤال.. إحنا على كوكب الأرض علشان إيه بالظبط؟!