مع كل أزمة لا يجد المجلس العسكرى لها حلا سوى استدعاء ما يطلق عليهم القوى السياسية والحزبية، ومافيش مانع اثنين أو ثلاثة من أعضاء مجلس الشعب الذين يرضى عنهم «العسكرى» أو أحد الجنرالات، ليشاركوا فى ذلك الاجتماع.. ولهذا قرر «العسكرى» استدعاء هؤلاء اليوم للاجتماع بهم مع عودة الثورة إلى ميدان التحرير وميادين مصر بعد الحكم الذى صدر على مبارك وعصابته.. وكذلك نتيجة الانتخابات الرئاسية التى وضعت مستقبل مصر كلها أمام خيارين كلاهما مرّ.. يا إما الإخوان والسيطرة والتكويش من خلال مرشح الجماعة الضعيف والاستبن.. وإما الفلول والفساد من خلال المرشح أحمد شفيق الذى أصبح واضحا أنه مرشح «العسكرى» والذى كان رئيسا لوزراء «موقعة الجمل»، وكان يهزأ بالثورة والثوار، ويؤكد أن مثله الأعلى هو حسنى مبارك.. وانضم إلى فريق حملته رجال مبارك ومستشاروه وإعلاميوه.. وهم جميعا الذين كانوا خدما لمبارك وأسرته ومنافقيه وموالسيه، وهم الذين تم طردهم من أعمالهم فى الثورة كما حدث مع سيدهم الجديد أحمد شفيق.. فأى قوى سياسية التى تُخرِج «العسكرى» من الأزمة الحالية الناتجة عن إدارته الفاشلة عبر عام ونصف العام حاول خلالها إجهاض الثورة وتشويه الثوار؟ ومع احترامى لبعض قيادات تلك القوى السياسية ذات المواقف المحترمة التى ترفض إملاءات «العسكرى».. فإن هناك فى تلك القوى وما يمثلها ما لا يقل خطرا على البلد ومستقبله وثورته من «العسكرى» وفلول النظام المخلوع.. فخذ عندكم الأخ السيد البدوى رئيس حزب الوفد، الذى حوّل حزبه إلى فرع من شركاته.. ولا يريد إلا مصلحته الخاصة والحفاظ على مشروعاته وأمواله وإعفاءاته.. وأصبحت سمعة الحزب فى الحضيض.. وهو الحزب الذى كان يمكن أن يكون الحزب القائد فى هذه الفترة المهمة فى تاريخ البلاد.. لكن تقولوا إيه وعلى رأس الحزب شخص مثل السيد البدوى الذى كان أحد رجالات النظام القديم من صفوت الشريف إلى مدير جهاز أمن الدولة حسن عبد الرحمن. والأخ السيد البدوى الذى لم يستطع أن يمر على ميدان التحرير فى أيام الثورة ال18، لأنه كان يدرك جيدا كيف سيكون مصيره؟.. ولا يستطيع الآن أيضا أن يمر بجانب ميدان التحرير.. لأنه يعرف أيضا كيف سيكون مصيره.. وأيضا هناك أحزاب فلول.. استغل بعض الشخصيات حالة السيولة السياسية التى جرت بعد الثورة واستطاع أن يجمع توكيلات بفلوسه.. ليصبح على رأس حزب ليغسل سمعته السيئة ومنافقته لرعاية مشروعاته التجارية والتعليمية التجارية ليغسلوا تاريخهم.. وهناك أيضا من هو رئيس حزب كان تابعا لصفوت الشريف ومباحث أمن الدولة، وكان يبيع خطابات الصحيفة التى يصدرها عن الحزب للصحفيين لقيدهم فى النقابة.. وهناك أيضا الأحزاب الكرتونية صنيعة أمن الدولة وصفوت الشريف التى كان يتم الاستعانة بها لتبدو فى مواجهة المعارضة، مؤيدة للحزب الوطنى الساقط المنحل.. وهناك أيضا أعضاء من مجلس الشعب وبينهم النائبة ماريان ملاك وهى من العشرة المعينين «هل أحد يعرفها؟!».. هؤلاء يتم استدعاؤهم من قبل جنرالات المجلس العسكرى فى كل أزمة.. ولا يخرجون من اجتماعاتهم بشىء، رغم الساعات الطويلة والغداء الفخيم.. فهؤلاء جميعا مع احترامى للبعض ممن يحضرون هذه الاجتماعات لا يمثلون ما يحدث فى الشارع والميدان الآن.. وليست لهم علاقة بما يحدث.. وهناك انفصال واضح بين هؤلاء الذين يسعى معظمهم إلى مصالحهم الشخصية والثورة، على الرغم من مزايدة البعض على الثوار أنفسهم من أنهم أكثر ثورية وأكثر فهما للثورة ومطالبها واحتياجاتها، وأنه صاحب البلاغات ضد المسؤولين الكبار.. وهكذا.. فهؤلاء جميعا فاشلون.. و«العسكرى» يثبت كل يوم أنه فاشل فى إدارة البلاد.. ولم يقدم شيئا يذكر خلال عام ونصف العام إلا الارتباك «واللخبطة».. لم يعد هناك حل سوى العودة مرة أخرى إلى نقطة الصفر والاستماع إلى الثورة والميدان.. نعود إلى المجلس الرئاسى.. ويذهب العسكر.. ومعه القوى السياسية التى تنافقه.. يا أيها الذين فى «العسكرى».. افهموها بقى! ويا أيها المحترمون فى القوى السياسية.. لا تذهبوا إلى المجلس العسكرى.. واذهبوا إلى الميدان..