بات واضحا من مع الثورة ضد الاستبداد والطغيان وبناء مجتمع ديمقراطى مدنى.. ومَن طامح وطامع وناطح وعلى استعداد أن يغير جلده عدة مرات من أجل مصالح شخصية «ضيقة» على حساب مصالح الوطن ومستقبل أبنائه.. وعلى استعداد أن يتعرى ويفعل أى شىء فى مقابل ذلك.. وفى نفس الوقت مستعد أن ينقل عمالته إلى كفيل جديد بعد أن سقط الكفيل القديم وتم خلعه. وانكشفت القوى السياسية القديمة التى تاجرت بالثورة ولم يكن لها يد فيها.. بل إنها كانت من أركان النظام السابق وديكوره.. وكان يجرى استخدامها وهى راضية مطمئنة فكان يتم رشوتها ومكافأتها. وها هى ذى اليوم توجه قبلتها نحو السلطة الجديدة المتمثلة فى المجلس العسكرى فبدأت فى نفاقها وموالستها والاتفاق معها.. وكله يصب لمصالح شخصية. ولقد وصل الأمر بمن يطلقون على أنفسهم قيادات سياسية اجتمعوا إلى المجلس العسكرى.. وسمعوا كلمات التهديد.. وخرجوا مهللين بانصياعهم إلى قرارات أُمليَت عليهم فى وقت كانت فيه قوات الأمن برعاية وحماية الجيش تقتل المتظاهرين السلميين فى ميدان التحرير وفى محافظات مصر المحتجين على المجلس العسكرى وسياساته التى أعادت مصر الثورة إلى عصر مبارك المخلوع.. ليسقط عشرات من الشهداء ومئات من الجرحى والمصابين.. وصل بهم الأمر إلى أن يخرجوا متحدثين باسم المجلس العسكرى ضد الثوار الأصليين ومطالب ميدان التحرير. ويكون السيد البدوى الذى حول حزب الوفد إلى دكانة خاصة متحدثا باسم المجلس العسكرى وتحديدا باسم رئيس الأركان الفريق سامى عنان ليفاجئنا بإصداره بيانا يفصح فيها عن مكالمة أجراها معه الفريق سامى عنان تتضمن استعداده لإجراء حوار مع شباب التحرير، وكلاما آخر تعليقا على ما يحدث فى الميدان يحدث عكسه تماما فى الواقع حيث استمر إطلاق القنابل المسيلة للدموع وإلقاء القبض على متظاهرين وما زالت غازات «الصدمة» منتشرة فى الميدان وفى محيطه. وما زال يسقط الشهداء والمصابون فى الميدان.. وأن هيبة الدولة ليست بسقوط وزارة الداخلية وإنما هيبة الدولة فى كرامة المصرى. وعن الهجوم على أقسام الشرطة فى عمليات منظمة فى المحافظات.. فهو هجوم من البلطجية لا المتظاهرين على هذه الأقسام.. وضباط الأقسام والكبار فى الداخلية يعرفونهم ولديهم قائمة بأسمائهم ويحرضونهم على ذلك فى إطار الانفلات الأمنى الذى صنعته ورعته عصابة العادلى التى ما زالت تسيطر على الداخلية منذ 28 يناير .. وأصبح المجلس العسكرى يرعاه الآن.. ويقدم المساندة والشكر للداخلية. ها هو ذا السيد البدوى نموذج السياسى الذى نقل تبعيته من نظام مبارك وصفوت الشريف إلى المجلس العسكرى والفريق سامى عنان. فهل ننتظر من «العسكرى» أى تقدم على مستوى بناء الدولة الحديثة المدنية الديمقراطية خصوصا أنه يعتمد على شخصيات مثل السيد البدوى الذى سيظل العار مرتبطا به بفعلته ببيع جريدة «الدستور» لنظام مبارك المخلوع بعد أن ظلت عصية عليه لسنوات طويلة.. فضلا عن إهداره حقوق الصحفيين الذين باعهم للنظام؟ ويبدو أنه يعتقد أنه من صانعى الثورة كما قال البدوى فى حواراته الملكية فى صحافته أو قنواته أو صحافة مستخدميه.. وهو يدلّ فى النهاية على الجهل السياسى للمجلس العسكرى ورئيس الأركان سامى عنان الذى صرفوا له إجراء الحوارات مع القوى السياسية، بل يصل الأمر إلى أن يسرب السيد البدوى عن اتصالات جرت معه ليكون رئيسا لحكومة الإنقاذ الوطنى. تخيلوا السيد البدوى «الفلول» رئيسا لحكومة إنقاذ الثورة! فماذا ننتظر من العسكرى؟ لقد انكشف تماما.. واتضح أنه ليس له فى السياسة ولا إدارة البلد.. وما عليه الآن سوى الاستماع إلى الميدان والثوار الأصليين الذين يستعيدون ثورتهم ممن لا يعرف قيمتها ودورها. وانكشفت جماعة الإخوان التى لا تعمل إلا للحفاظ على «اللافتة» ولا يهمهم مستقبل هذا الوطن. لقد كشف الميدان هؤلاء جميعا.. وعليهم أن يعودوا إلى بيوتهم.. أرحم لنا ولهم.