محافظ القاهرة يترأس لجنة إجراء مقابلات المتقدمين لشغل وظائف مديرية الإسكان    جامعة العريش تنظم ندوة تثقيفية بعنوان «سيناء الماضي والحاضر والمستقبل»    انطلاق الموسم الأول لمسابقة اكتشاف المواهب الفنية لطلاب جامعة القاهرة الدولية    قانون التصالح الجديد يفتح أبواب أمل لتقنين الأوضاع    محافظ أسوان يتابع ميدانيا توافر السلع الغذائية والإستراتيجية بأسعار مخفضة بالمجمعات الاستهلاكية    محافظ الفيوم يشهد فعاليات إطلاق مشروع التمكين الاقتصادي للمرأة    السياحة: مستمرون في محاربة الكيانات الوهمية العاملة في الحج والعمرة    انخفضت 170 ألف جنيه.. أسعار ومواصفات هيونداي أكسنت RB الجديدة بمصر    الشرطة الألمانية تقمع تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في جامعة برلين الحرة    البرلمان العربي يثمن قرار جزر البهاما بالاعتراف بدولة فلسطين.. انتصارًا جديدًا للقضية    روسيا تشن هجومًا جويًا هائلاً على منظومة الكهرباء الأوكرانية    الزمالك يعترض على تعيين حكام تونسيين لتقنية الفيديو في مباراتي نهضة بركان    مدير تعليم الجيزة يتفقد سير امتحانات النقل بإدارات العجوزة والدقي وجنوب    المشدد بين 3 و15 سنوات ل4 متورطين في إلقاء شاب من الطابق السادس بمدينة نصر    المشدد 10 سنوات لطالبين بتهمة سرقة مبلغ مالي من شخص بالإكراه في القليوبية    أحدثهم هاني شاكر وريم البارودي.. تفاصيل 4 قضايا تطارد نجوم الفن    11 جثة بسبب ماكينة ري.. قرار قضائي جديد بشأن المتهمين في "مجزرة أبوحزام" بقنا    فيلم السرب يحقق 17 مليون جنيه إيرادات خلال أسبوع    "البيرة مش بتاعتنا".. أول تعليق من فاطمة ناعوت على هجوم علاء مبارك    "الصحة" تعلن اكتشاف 32 ألف حالة مصابة ب "الثلاسيميا" في مصر    تعرف على التحويلات المرورية لشارع ذاكر حسين بمدينة نصر    «8 أفعال عليك تجنبها».. «الإفتاء» توضح محظورات الإحرام لحجاج بيت الله    «تعليم كفر الشيخ»: غرفة العمليات لم تتلق أي شكاوى في أول امتحانات الفصل الدراسي الثاني    رئيس نادي خيتافي يكشف مصير ميسون جرينوود في الموسم المقبل    أخبار الأهلي : اليوم ..حفل تأبين العامري فاروق بالأهلي بحضور كبار مسؤولي الرياضة    مسؤول إسرائيلي: لا نرى أي مؤشرات على تحقيق انفراج في محادثات الهدنة في غزة    أفضل دعاء للأبناء بالنجاح والتوفيق في الامتحانات.. رددها دائما    رئيس قطاع التكافل ببنك ناصر: حصة الاقتصاد الأخضر السوقية الربحية 6 تريليونات دولار حاليا    احذر.. الحبس 7 سنوات وغرامة 50 ألف جنيه عقوبة التنقيب عن الآثار بالقانون    أسعار الذهب منتصف تعاملات اليوم الأربعاء.. الجنيه يسجل 24.8 ألف جنيه    ذكرى وفاة فارس السينما.. محطات فنية في حياة أحمد مظهر    عبد المعطى أحمد يكتب: عظماء رغم الإعاقة «مصطفى صادق الرافعي»    مرصد الأزهر: استمرار تواجد 10 آلاف من مقاتلي داعش بين سوريا والعراق    الزمالك يكشف مفاجآت في قضية خالد بوطيب وإيقاف القيد    تعمد الكذب.. الإفتاء: اليمين الغموس ليس له كفارة إلا التوبة والندم والاستغفار    بعد حلف اليمين الدستوري.. الصين تهنئ بوتين بتنصيبه رئيسا لروسيا للمرة الخامسة    صحة المنيا تقدم الخدمات العلاجية ل10 آلاف مواطن فى 8 قوافل طبية    قصور الثقافة تصدر كتاب "السينما وحضارة مصر القديمة"    أصالة تحذف صورها مع زوجها فائق حسن.. وتثير شكوك الانفصال    البنك المركزي يصدر تعليمات منظمة للتعامل مع الشكاوي بالبنوك    وزير الخارجية الإيراني: طهران والقاهرة تتجهان نحو إعادة علاقاتهما الدبلوماسية إلي طبيعتها    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    مصرع سيدة صدمها قطار خلال محاولة عبورها السكة الحديد بأبو النمرس    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 900 ألف مواطن بمستشفيات الأمراض الصدرية    "المدرج نضف".. ميدو يكشف كواليس عودة الجماهير ويوجه رسالة نارية    نائب يسخر من تخفيف أحمال الكهرباء: الحكومة عاملة عرض ساعتين بدل ساعة    ضبط قضايا اتجار في العملة ب12 مليون جنيه    طلاب الصف الأول الإعدادي بالجيزة: امتحان اللغة العربية سهل (فيديو)    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة في «ذي القعدة».. وفضل الأشهر الأحرم (فيديو)    «قلت لها متفقناش على كده».. حسن الرداد يكشف الارتباط بين مشهد وفاة «أم محارب» ووالدته (فيديو)    إعلام فلسطيني: شهيدتان جراء قصف إسرائيلي على خان يونس    بايدن: لا مكان لمعاداة السامية في الجامعات الأمريكية    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    حكم حج للحامل والمرضع.. الإفتاء تجيب    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نفهم وبعدين نقطع
نشر في التحرير يوم 05 - 09 - 2011

طالما ربنا أمرنا بأن نقطع يد السارق، يبقى نقطع، لكن على الأقل نعرف أنه لسنا نحن المسؤولين عن القطع حتى نفعلها بأنفسنا كما يفعل الشارع المصرى هذه الأيام فى أكثر من حادثة إجرامية تسمح لنا باتهام المجتمع بالتوحش وبالجهل معا!
لو أن هؤلاء المتحمسين الذين حاصروا بالمئات وربما الآلاف، بيت بلطجى أو أمسكوا بحرامى وقطعوا يده كانوا قد قرؤوا كتابا واحدا فى الشريعة لأدركوا أنهم وقعوا تحت طائلة عقوبة الشريعة نفسها، ومن المفروض أن تُقطع يد كل واحد فيها «وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون» (المائدة 45).
هؤلاء الذين يتخيلون توهما أنهم ينفذون شريعة الله يرتكبون جريمة كاملة تعاقب عليها هذه الشريعة بنفس جنس العمل، لكن الجهل يعمى ويُصِمّ.
أنا واثق أن كثيرا جدا من الطيبين الذين التفوا حول قاطعى أيدى البلطجية، مهللين فرحين مباركين فى لحظة هوس وحشية ورغبة فى الانتقام من الخوف الذى زرعه هؤلاء البلطجية واللصوص فى قلوب الناس فى الحى أو البلد، لا يعرفون عن الشريعة شيئا، وما يحشو عقولهم هو كلام سمعوه صدفة من هنا أو هناك، لكن ما الذى يجعل الناس يلجؤون إلى العنف والوحشية المتمسحة بالدين فى مواجهة البلطجية والحرامية؟
- فشل الجهاز الأمنى وعجز وزارة الداخلية عن الإمساك بزمام الأمور وإعادة الانضباط إلى الشارع المصرى، خصوصا أن الشرطة لا تعطى أى أمل للناس فى قدرتها على العودة، بل وتدير ظهرها لشكاوى الأهالى من الحرامية والبلطجية، ويجد الجهاز الأمنى حججا كثيرة فارغة لعجزه، مما يستفز الناس للحركة بعد يأسهم من شلل الأمن.
- هذا الحديث اليومى المتصاعد من حناجر وميكروفونات دعاة وخطباء عن تطبيق الشريعة منح شرعنة للعنف، أضفى على تصرفات همجية صفة التدين وأوهم مرتكبيها أنهم منفذو شرع الله.
- الروح العدوانى الذى يسود جوانب كثيرة من حياتنا بعد ثورة 25 يناير، ربما بسبب فهم مغلوط للحرية أو غياب ثقافة المسؤولية، أو تعبيرا عن قهر وقمع وإهانة كرامتهم سنين طويلة، فيأتى العدوان والتوحش انتقاما فى غير محله لغير مستحقيه فى غير وقته.
لكن اللافت هنا أن ما ارتكبه الأهالى من قطع يد يخالف الشريعة ليس فقط لأنهم نفذوه بأنفسهم وهذا ما يضعهم تحت طائلة العقوبة نفسها، بل لأنهم كذلك خلطوا بين حد الحرابة وحد السرقة، فالرجل الذى سرق توك توك من الطريق العام لا ينطبق عليه حد قطع اليد مثلا، ونفهم من الفقيه الراحل السيد سابق فى كتابه الأهم «فقه السنة» أن السرقة نوعان، الأول ما يوجب التعزير (وهى العقوبة التى يفرضها الحاكم، أى عقوبة مدنية طبقا لقانون وضعى)، والثانى ما يوجب الحد، ثم يورد الحديث النبوى الذى رواه أصحاب السنن والبيهقى وصححه الترمذى «ليس على خائن (نصاب مثلا) ولا منتهب (من يأخذ المال غصبا وعلنا وبالقوة) ولا مختلس (من يخطف المال علنا ويهرب به) قَطع»، ثم من شروط تطبيق الحد على السارق أن يكون المال المسروق فى حرز (لو سرق أحدهم جاموسة من الغيط لا تُقطع يده ولو سرقها من الزريبة تُقطع ولو سرق سيارة من جراج تُقطع ولو من الشارع فلا تُقطع)، واختلف الفقهاء فى ما لو اشترك اثنان فى نقب دار فدخل أحدهما فأخذ المتاع وناوله الآخر وهو خارج الحرز، فقال مالك والشافعى وأحمد «القطع على اللص فى الداخل ولا قطع للص فى الخارج»، وقال أبو حنيفة «لا يُقطع منهما أحد، بل إن السرقة من بيت المال (وهو فى حالتنا العصرية المال العام أو مال الدولة) لا توجب قطع يد السارق»، فضلا عن القاعدة الأهم أن لا يكون السارق محروما أو جائعا أو محتاجا أو مجبرا، فضلا عن أنه لا قطع يد زوج سرق من زوجته أو أب من ابنه أو العكس، حتى الشغالة اللى فى بيتك ومتخيل أنك لو هددتها بقطع يدها لن تسرقك، فالشرع لا يقطع يدها!
وهكذا عشرات المسائل المحيطة بقطع اليد تجعل العلماء والقضاة يختلفون ويتحيرون فى التطبيق، بينما الإخوة فى بولاق أو كفر الشيخ فاكرينها مسألة سهلة أن يقولوا «هذا حرامى هيا بنا نقطع يده»! بينما لو قرؤوا أو فهموا شرع الله لأدركوا أن هناك إجماعا من الفقهاء والعلماء على أنه يحق للقاضى أن يلقّن السارق ما يُسقِط الحد، عن عمر رضى الله عنه أنه أتى برجل سرق فسأله أسرقت؟ ثم أضاف عمر: قل لا، فقال لا، فتركه.
عمر هو الذى أمر الحرامى أن ينكر وينفى أنه سرق وتركه دون أن يمسك فيه فرحا بقطع يده تطبيقا لشرع الله، بل إن شرع الله هو الذى طلب من عمر أن يملى على الرجل (قل لا).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.