الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد لاستقبال انتخابات مجلس النواب 2025    تصعيد إسرائيلي جديد في الجنوب اللبناني وتحذيرات من اتساع رقعة المواجهة    بث مباشر.. ريال مدريد في صراع ناري على الصدارة ضد رايو فاليكانو    سياسي أمريكي ل«البوابة نيوز»: ترامب أعاد القوة للاقتصاد وأنهى زمن استغلال بلاده    أحمد سعد يتألق على مسرح "يايلا أرينا" في ألمانيا.. صور    إيثيدكو تتعاقد مع SES لإنشاء محطة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية    رئيس البورصة: 5 شركات جديدة تستعد للقيد خلال 2026    رسميًا.. موعد صرف معاشات شهر ديسمبر 2025 ل 11 مليون مواطن    لدعم حماية الطفل وتعزيز الخدمات الأسرية.. افتتاح فرع المجلس القومي للطفولة والأمومة ببني سويف    رئيس الجامعة الفيوم يستقبل فريق الهيئة القومية لضمان جودة التعليم    شراكة متكاملة، تفاصيل اجتماع وزير الخارجية بسفراء دول أمريكا اللاتينية والوسطى والكاريبي    إعادة إعمار سوريا ورفع ما تبقى من عقوبات اقتصادية.. ملفات يحملها الشرع إلى واشنطن    سيمنس العالمية عن قطار فيلارو بمصر: نموذج للتميز الهندسي بفضل تجهيزاته الحديثة    إصابة 3 أشخاص في حادث إنقلاب سيارة ملاكي بالفيوم    كوارث الجمهورية الجديدة تلاحق المصريين…انهيار كوبرى مشاة فى سوهاج وشاحنة تطيح بإشارة مرور بالاسكندرية وشاب يقتل زوجته وطفله الرضيع بالمنوفية    9 نوفمبر 2025.. البورصة تقفز وتحقق مستوى تاريخي جديد    "الست بسيمة" يشارك بمهرجان Youth empowerment بلبنان    وصول سمير عمر رئيس قطاع الأخبار بالشركة المتحدة للمشاركة بمنتدى إعلام مصر 2030    صينية القرنبيط بالفرن مع الجبن والبهارات، أكلة اقتصادية ومغذية    بمشاركة نخبة من الخبراء.. منتدى مصر للإعلام يناقش تحديات ومستقبل الإعلام في يومه الثاني    ضبط تشكيل عصابي لتهريب المخدرات بقيمة 105 مليون جنيه بأسوان    توقيع مذكرة تفاهم بين التعليم العالي والتضامن ومستشفى شفاء الأورمان لتعزيز التعاون في صعيد مصر    زلزال قوي يضرب الساحل الشمالي لليابان وتحذير من تسونامي    انطلاق فعاليات اختبارات الائمه لمرافقة بعثة الحج بمديرية أوقاف المنوفية    مهرجان القاهرة يعلن عن القائمة النهائية للبانوراما المصرية خارج المسابقة    البابا تواضروس يترأس صلوات تدشين كنيسة العذراء في أكتوبر    استخرج تصاريح العمل خلال 60 دقيقة عبر "VIP إكسبريس".. انفوجراف    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى نحو مليون و151 ألف فرد منذ بداية الحرب    ما حكم الخروج من الصلاة للذهاب إلى الحمام؟ (الإفتاء تفسر)    امتحانات الشهادة الإعدادية للترم الأول وموعد تسجيل استمارة البيانات    «صرف الإسكندرية»: فرق طوارئ ومتابعة ميدانية استعدادًا لانتخابات مجلس النواب    تعليم القليوبية تحيل واقعة تعدي عاملة على معلمة بالخصوص لتحقيق    «أكبر خيانة».. ما هي الأبراج التي تكره الكذب بشدة؟    أهم 10 معلومات عن حفل The Grand Ball الملكي بعد إقامته في قصر عابدين    «زي كولر».. شوبير يعلق على أسلوب توروب مع الأهلي قبل قمة الزمالك    القاهرة تحتضن منتدى مصر للإعلام بمشاركة نخبة من الخبراء    وجبات خفيفة صحية، تمنح الشبع بدون زيادة الوزن    الأوقاف توضح ديانة المصريين القدماء: فيهم أنبياء ومؤمنون وليسوا عبدة أوثان    «سكك حديد مصر» تشارك في نقل القضاة المشرفين على انتخابات النواب    تأجيل محاكمة 10 متهمين بخلية التجمع لجلسة 29 ديسمبر    «كفاية كوباية قهوة وشاي واحدة».. مشروبات ممنوعة لمرضى ضغط الدم    التشكيل المتوقع للزمالك أمام الأهلي في نهائي السوبر    الزمالك كعبه عالي على بيراميدز وعبدالرؤوف نجح في دعم لاعبيه نفسيًا    طولان: محمد عبد الله في قائمة منتخب مصر الأولية لكأس العرب    تشييع جنازة مصطفى نصر عصر اليوم من مسجد السلطان بالإسكندرية    «لعبت 3 مباريات».. شوبير يوجه رسالة لناصر ماهر بعد استبعاده من منتخب مصر    نهائي السوبر وقمة الدوري الإنجليزي.. تعرف على أهم مباريات اليوم    أمين الفتوى: الصلاة بملابس البيت صحيحة بشرط ستر الجسد وعدم الشفافية    على خطى النبي.. رحلة روحانية تمتد من مكة إلى المدينة لإحياء معاني الهجرة    قافلة «زاد العزة» ال 68 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    برلماني يدعو المصريين للنزول بكثافة إلى صناديق الاقتراع    مئات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى والاحتلال يواصل الاعتقالات في الضفة الغربية    معلومات الوزراء : 70.8% من المصريين تابعوا افتتاح المتحف الكبير عبر التليفزيون    قبل بدء التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025.. تعرف على لجنتك الانتخابية بالخطوات    الذكاء الاصطناعى أخطر على الدين من الإلحاد    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    بعد مسلسل كارثة طبيعية، ما مدى أمان الحمل بسبعة توائم على الأم والأجنة؟    «الكلام اللي قولته يجهلنا.. هي دي ثقافتك؟».. أحمد بلال يفتح النار على خالد الغندور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة البنات!
نشر في التحرير يوم 04 - 09 - 2011

الحكاية من غير مقدّمات إن بناتنا اللى بالملايين، البنات اللى محتاجينهم كلّهم عشان نصلّح البلد دى، البنات اللى حيبقوا بُكره أمّهات الأجيال المطلوب منها تبنى مصر أحلى بكتير؛ مقهورين ومحبوسين ومعدودة عليهم أنفاسهم ومحسوبة عليهم خطاويهم ويَكتُب عن أيمانِهم وشمائلِهم ألفُ رقيبٍ وعتيد. لحد ما بقوا بيتصرّفوا فعلا زى المساجين.
محبوسة البنت فى مصر بذلك القيد القديم الصّدِىء «خايفين عليها»، «يا جماعة البنت مُكبّلة بالأغلال مش عارفة تتنفّس» أصلنا خايفين عليها. «اللى عايز يعمل حاجة بيعملها المهم التربية كانت ازاى»، لأ خايفين عليها. «يا قَوم دى بنى آدمة مش سمكة زينة» مافيش فايدة، مقهورة البنات بإسم الخوف عليهن. خوف مفهوم وشرعى وحنون آه بس مش مُتَفَهِّم! فيه مشكلة كبيرة بتتخلق من وراه ولازم تتحل.
الهوس بتغطية البنت خلق ذلك التصوّر المزعوم إنّها «مصّاصة»؛ لو مش متغطية حيتلم عليها الدبّان، فنغطّيها بلِبسها وبحَبسها كمان إن أمكن..
مقهورة مش يعنى ماتقدرش ترجع البيت بعد معاد معيّن، ده طرف الحبل بس؛ مقهورة يعنى بتُملَى عليها أفعالها كلّها لمجرّد إنّها بنت. البيت المصرى بيحاول يُملى عالولد كمان أفعاله بس بنسبة نجاح أقل بكتير؛ أغلب الولاد بيعرفوا يتصرّفوا وبيلاقوا طريقة –سواء سلمية أو لأ- إنّهم ياخدوا قراراتهم بنفسهم. لكن أغلب البنات مش مسموحلهم حتّى يعوزوا يبقوا أحرار.
حرية البنات بتترجم من زمان فى أذهاننا إلى حرية الإنحلال! اى حد تقولّه بنت متحررة يفهم كلامك فَهم جنسى علطول، إحنا عموما يعنى موضوع البنات بالنسبالنا كلّه موضوع جنسى، بس حتّى الحرية! حريّة البنى آدم؟!.. إيه مصدر تصوّر إن البنت -ومن قبلها الولد حتّي- أول ما تتاح ليهم الفرصة حيعملوا كل الحاجات الغلط؟ حيرموا كل اللى خدوه من ثقافتهم من الشباك ويمشوا على حَلّ شعرهم؟ ليه سوء النية ده؟ وخصوصا انه مغزاه ان عملية تربية البنت دى باءت بفشل كامل، كل اللى أنتجته بنى آدمة لو خدت الفرصة، حتعمل كل حاجة غلط! فنربطها بحبل لحد ما نسلّم الحبل للّى حييجى يتجوزها. لو دى الحقيقة يبقى خلّوها تعمل أى حاجة مش فارقة! لو مابتتصرّفش بقناعتها وإرادتها وقرارها هيّ، يبقى فعلا مش فارقة.
أنا مش بتكلّم عن بنات أطفال ولا مراهقات وعايزلُهم أنا ثورة يتحرّروا فيها من قيودهم، بتكلّم عن بنات عندهم 21 و25 و40 سنة كمان، وأهاليهم بيعاملوهم بنفس الطريقة طول عمرهم! بسهولة تلاقى ست محترمة كده ذات أربعين ربيعا، وابنها شَحط عنده 15 سنة وأهلها بيعاملوها معاملة القُصّر الأطفال عشان إتطلّقت وعايشة معاهم!
كتير من إستضعاف البنت فى المجتمعات الشرقية بييجى من فكرة إنها ساذجة وماعندهاش تجربة فممكن حد يضحك عليها (طبعا جنسيا برضه؛ مافيش حاجة تانية مهمّة) طب ما هى ماعندهاش خبرة وساذجة عشان انتو خلّيتوها كده! (ده لو هى كده فعلا!). مش انتو اللى حابسينها زى القطة ومغطّيينها زى المصّاصة وبتاخدولها قراراتها زى الأطفال؟؛ تتعلّم إيه، تشتغل إيه، مين يبقوا اصحابها، تحب مين، تتجوّز مين، تعيش فين، كلّه؛ «إحنا أهلك وبنحبّك ونعرف مصلحتك فتسمعى كلامنا». طب إفرضوا انتو فاهمين غلط؟ إفرضوا خدتولى قرار حَندم عليه بقية حياتي؟ إفرضوا انا عايزة ابقى مسؤولة عن نفسى، أتعلّم وافهم واجرّب؟ إفرضوا عايزة أكون بنى آدمة عادى يعنى، مش لحمة ومش مصّاصة، يبقى إيه؟
تخيّلوا معايا أى بنت من اللى عمّالين يتلقوا الأوامر عن اليمين وعن الشمال طيلة أعمارهم دول، راحت باصّة لباباها وهو بيقولّها إعملى كذا أو ماتعمليش كذا وقالتلُه «أنا آسفة إننا بنشوف الحاجات بطريقة مختلفة، بس أنا لازم أعمل كذا عشان ده اللى انا مقتنعة بيه؛ دى حياتى أنا وانا اللى لازم آخد فيها كل قراراتي؛ عشان اتعلم، عشان اتحمّل مسؤوليّاتى بثقة، أدفَع تمن أخطائى بشجاعة، واتقبّل قدرى برضا». لو قالت البنت كده حيردّوا عليها يقولوا إيه؟ ممكن يزعّقوا طبعا، يُنندّدوا بوقاحتها، يضربوها حتّى فى بعض الثقافات، لكن مش حيعرفوا يقولولها كلام بجد. حيقولولها أصل انت لحمة فبنخبّيكى؟ مصّاصة فبنغطيكى؟ حيقولولها إيه! ولو سألتهم أمّال أنا أصلا ربّنا حيحاسبنى على إيه لو مش انا اللى خدت ولا قرار فى حياتى؟! لو نجحت حَفرح بإيه؟ لو فشلت حَندم على إيه؟ حيردّوا عالأسئلة دى ازّاى؟ حيفهّموها الفرق بينها وبين حيوان الأسرة الأليف إزّاى؟
أنا مابتكلّمش عمّا لا أعلم على فكرة، بل عمّا أعرف يقينا من مئات الرسايل اللى بتجيلى تحكى نفس قصة البنت اللى سواء لأسباب مادية أو غيرُه عايشة مع أهلها، بس حاسّة إنّها مسجونة ومخنوقة وضميرها دايما مأنّبها لإنّها رافضة واقعها؛ عايزة ببساطة تعيش حياتها بطريقة ما مش عاجباهم، فتبقى لازم تمشى على مزاجهم وإلّا تبقى بنت عاقّة، مش مقدّرة كل اللى ضحّوا بيه عشانها! ده سلب للإرادة وسرقة للحياة متنكّرين فى صورة أبوّة وأمومة واحتضان.
البنت فى ثقافتنا شغلتها الأساسية انّها ترضى جمهورها اللى بيراقبها طول الوقت ودايما متوقّع منها أداء معيّن بل وجُمَل حوار معيّنة؛ ومش من حقّها تغيّر فى النَّص حاجة. فبالرغم من شعورها الزائف إنّها بطلة لإن الكُل باصص عليها طول الوقت؛ إلّا إنّها مش بطلة قصّتها أبدا -إلّا من رحم ربّى منهنّ-؛ كل اللى حواليها هُمّ أبطال قصتها؛ هى دايما بتلعب دور تانى.
أنا مش حدّى حد نصايح؛ أنا عندى بنت، ومن يوم ما جت عاليا الدنيا وانا بفكّر إنى مش عايز أبدا أخنقها واغطّيها واحبسها؛ عايز أعلّمها تبقى بنى آدمة عندها مبادئ وأخلاق، وفرصة تتصرّف بيهم! مش عايز أبدا أضطرّها تكذب علىّ. مش عايز أبدا أعاملها على إنّها ناقصة؛ مش حبُصّ لبنتى اللى بحبّها كل الحب ده فى عينيها واقولّها أبوكى شايفك ماتعرفيش تاخدى قرار، شايفك مابتفهميش حاجة، أبوكى مابيثقش فيكى. مش حَعمل كده.
عايز أعلّم بنتى اللى انا أعرفه واسيبها للدنيا تعلّمها الباقى. عايزها تفتكر إنّى الأب اللى سمحلها تتعلّم، مش الأب اللى عمل نفسه عارف كل حاجة فحرمها من حياتها مُعتقدا انه كده بيحبّها.
أوّل ما الاقيها كبرت؛ إتربّت وسمعت وشافت، حجيبها واقولّها أنا إتغيّرت شغلانتى فى حياتك، حفضل أبوكى برضه، بس مش حقولّك تعملى إيه وماتعمليش إيه؛ لو عايزة رأيى إسمعيه، وأنت حرة تاخدى بيه أو لأ. حتّى لو عملتى حاجة تزعّلنى، حَزعل منّك بس مش حجبُرِك على عكسها؛ حياتك ماحدّش خدها منّك عشان يدّيهالك، هى أصلا بتاعتك. هُمّ كلمتين: اللى ياكل على ضرسه بينفع نفسه؛ حضن كبير، بوسة عظيمة، تورتة صغيّرة فى إحتفال عائلى لصيق، وحفهّم بنتى إنّها ممكن تعيش فى حضنى زى ماهى عايزة، ودُنيتها تفضل بتاعتها، تعيشها زى ماهى عايزة. عايز بنتى، تبقى بطلة قصّتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.