منذ أيام حلت الصاعقة على رؤوس المهتمين من سمِّيعة الأغانى، حيث اكتشفوا أن محمد منير عندما غنى «نعناع الجنينة» لم يقل: «فى عشق البنات أنا فقت نابليون»، وإنما قال: «أنا فقت نابى اليوم»، وخرجت آلاف التأويلات لكى تطفئ نار الظمأى إلى المعرفة والمخدوعين طوال هذه الفترة، وكان لسان حال الجميع: أصل إحنا كنا فاهمينها كده من زمان! ولا أدرى سر التعجب، فبعيدا عن الأغنية، ما الذى كنت تفهمه فى حياتك واتضح أنه حقيقى طبيعى أساسا؟ ابحث بعين الخبير عن كل ما تربيت عليه وفهمته، وتطبيقه على أرض الواقع وستجد العجب العجاب. هل كنت تتوقع أن يموت العشرات يوميا فى مصر، لدرجة أن يصبح موتهم طقسا يوميا عند البعض فلا يهتم به؟ هل كنت تتوقع أن يستغل البعض قدسية الموت للمزايدة الفارغة وتصفية الحسابات السياسية؟ هل كنت تتخيل أن يأتى اليوم الذى يشمت فيه البعض من قتلى مرابطين على الحدود؟ هل كنت تتخيل أن يصل الضعف الأمنى إلى حد أن يتم اصطياد جنود بسطاء بنفس الطريقة أكثر من مرة دون التفكير فى حلول لتلافى الوقوع فى المصيدة مرة أخرى؟ هل كنت تتخيل أن يصبح إعلان الحداد فى مصر روتينا شهريا؟ هل تصدق أن بعض التافهين ما زال منعزلا عن هذه الكوارث التى تحدث فى وطنه، مكتفيا بسؤاله اللوذعى: ثورة ولّا انقلاب؟ هل كنت تتخيل أن يأتى اليوم الذى تكتشف فيه بهذه السهولة غباء وسطحية وجهل معظم كبرات البلد وأصحاب البدلات الأنيقة، عندما تسمعهم وهم يفتون فى حلول للخروج من الأزمة؟ وبعد هذا كله يأتى البعض ويسأل: هيه نابليون ولّا نابى اليوم؟ يا سيدى.. هيه جت على دى؟