بعد 12 عاما من صدور طبعته الأولى عن دار الهلال بالقاهرة، صدرت طبعة جديدة، مزيدة ومنقحة، من كتاب «الأيك» للكاتب والروائي عزت القمحاوي، عن دار التنوير بالقاهرة. الطبعة الجديدة التي صدرت عن دار التنوير بالقاهرة، وتقع في 184 صفحة من القطع المتوسط، بغلاف أنيق وجاذب للفنانة اللبنانية نجاح طاهر، يتضمن فصلا جديدا بعنوان "سيرة الشهوة والروع" عن "الحمّام" الذي يعتبره الكاتب مدخلا للذة والعبادة معا، متناولا رمزية الغمر بالماء في الميثولوجيات القديمة والدين. كما يضم الكاتب خمسة عشر فصلا، تحتفي بالحواس الخمس، باعتبارها مدخل البشر إلى الحرية والمعرفة، وكذلك محط المتعة والعقاب. الكتاب بلغته ومباحثه التي تناولها، ينفتح برحابة وحوار متدفق وفعال مع لون من الكتابة عرفها المسلمون في التراث العربي، وربط البعض بين الكتاب وبين مؤلفات ومصنفات شهيرة في التراث الإسلامي مثل «الإمتاع والمؤانسة» لأبي حيان التوحيدي في القرن الرابع الهجري، وهو - أي كتاب «الأيك» - قرأه البعض حين صدوره في طبعته الأولى تحت عنوان «الأيك في المباهج والأحزان» على أنه "نص حر" يحتفي بالحواس، منفتح على كل الأنواع، متناغما مع عنوانه «الأيك» الذي يعني الأجمة أو الشجر الكثير الملتف، وكما التف هذا الشجر فروعا وأغصانا وأوراقا، يتشابك في الكتابة التأمل الفلسفي وتأمل الخبرات الحياتية المتنوعة، والتحاور مع نصوص إبداعية، عربية وعالمية، كما يحتوي كذلك على "الحكاية". يتكئ القمحاوي في كتابه الباذخ على غابة المعارف الإنسانية من أدب وسياسة وعلم، انطلاقا من علاقة الحواس بهذه النشاطات المختلفة للفعل الإنساني خلال حياته في صياغة أدبية تصل حد السخرية في جديتها، وتصل إلى الجدية المؤلمة بفكاهة سخريتها الباكية الضاحكة. ويعيد القمحاوي في كتابه للحواس قيمتها من خلال ستة عشر فصلا تتداخل المعرفة في كل منها. فالأصابع آخر ما يمتلك العاشق الولهان للتواصل مع عشقه، وهي أيضا الأصابع التي كلفت، بحسب الكاتب، المنطقة مليارات الدولارات بسبب تقليد رؤساء وملوك المنطقة لحركة إصبع جمال عبد الناصر في التفجير الكبير الذي حول مجرى النيل أملا في الحصول على جزء من شعبيته. يقول القمحاوي في مقدمته للكتاب تحت عنوان "بسط اليد": "بدأت كتابة هذه النصوص كالمحموم، وتحملني أصدقائي الذين كنت أجرب فيهم ما أكتب يوما بعد آخر، ليس حبا فيهم بحسب، بل من أجل استعارة بعض أفكارهم، ومع هؤلاء زوجتي التي تابعت بكل دأب وتسامح، فرز الواقعي عن الخيالي من الأحداث". ويقول أيضا "لم أكن مدفوعا سوى برغبة غامضة في رصف الكلمات التي من شأنها أن تجلب لي المتعة ولنفسها عطف القارئ. وهذا أقل ما تستطيعه الكتابة، وقد كان القليل منها في بعض لفائف البردي يرافق الميت من أسلافي إلى قبره فيضمن له الحياة وعطف الآلهة".