أسعار اللحوم اليوم الاثنين 17-6-2024 في الأسواق    أسعار الذهب اليوم الاثنين 17-6-2024 في مصر.. كم يسجل عيار 21 الآن؟    «خطوة بخطوة».. طرق شحن عداد الكهرباء الكارت بالموبايل في العيد    «القاهرة الإخبارية»: قوات الاحتلال الإسرائيلي تقصف جنوب غزة    7 معلومات عن الطيار حسن عدس المتوفى بعد الهبوط في جدة.. «مكملش 40 سنة وغير متزوج»    فيلم عصابة الماكس يحتل المركز الثالث في السينما بإيرادات مليون جنيه    دعاء طواف الوداع: «اللهم إن كنت رضيت عنِّي فازدد عنِّي رضا»    محافظ أسوان يتفقد المطعم السياحي متعدد الأغراض بعد التطوير    الخارجية الإيرانية: بيان الترويكا الأوروبية بشأن البرنامج النووي الإيراني لا قيمة له    جندي إسرائيلي يتخلص من حياته بعد عودته من الحرب في غزة    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تشن غارة عنيفة على وسط غزة    حسم موقف سيرجو روبيرتو من الرحيل عن برشلونة    بعد قرار كولر.. الأهلي يفتح باب الرحيل أمام أليو ديانج للدوري السعودي    استقرار أسعار الفاكهة بسوق العبور اليوم 17 يونيه    «الأرصاد»: انخفاض في درجات الحرارة.. العظمى على القاهرة 37    ملفوف في سجادة.. تفاصيل العثور على جثة شاب مقتولًا في البدرشين    انتقاما منه.. تفاصيل إضرام سيدة النيران في شقة زوجها لزواجه في الوراق    ثاني أيام العيد.. سيولة بميادين القاهرة والجيزة    إصابة عامل بحروق أثناء تنظيف المنزل بمادة بترولية بجرجا فى سوهاج    جهاز تعمير وسط وشمال الصعيد يتولى تنفيذ 1384 مشروعًا بالمبادرة الرئاسية "حياة كريمة"    اليوم.. قصور الثقافة تستعيد ذكريات الثمانينيات والتسعينيات في حفلات مجانية بالسامر والقناطر    إعلام فلسطينى: قصف إسرائيلى يستهدف المناطق الجنوبية لمدينة غزة    «المالية»: تخفيف الأعباء الضريبية عن محدودي ومتوسطي الدخل    ما حكم ذبح الأضحية ليلًا في أيام التشريق؟    «المحلاوي» عن يوم «القر».. من أعظم أيام الله ويستجاب فيه الدعاء (تفاصيل)    جامعة القاهرة تستقبل 3079 حالة طوارئ وتُجري 371 عملية خلال عطلة العيد    الخشت يتلقى تقريرًا حول أقسام الطوارئ بمستشفيات قصر العيني خلال العيد    فيلم ولاد رزق 3 يحقق أعلى إيراد يومي في تاريخ السينما المصرية    الجونة يستضيف البنك الأهلي لمداواة جراحه بالدوري    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 17 - 6 - 2024 والقنوات الناقلة    تشكيل الزمالك المتوقع أمام المصري في الدوري    مصادر فلسطينية: القوات الإسرائيلية تقتحم مخيم عقبة جبر في أريحا ومدينة قلقيلية    تشكيل الإسماعيلي المتوقع ضد إنبي في الدوري المصري    فرنسا ومبابي في اختبار صعب أمام النمسا في مستهل مشوار يورو 2024    الدولار يسجل 47.75.. أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه اليوم    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب جنوب البيرو    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. ثاني أيام عيد الأضحى 2024    المنيا تسجل حالة وفاه جديدة لحجاج بيت الله الحرام    بينها دولتان عربيتان.. 9 دول إسلامية تحتفل بأول أيام عيد الأضحى اليوم    حكم الشرع في زيارة المقابر يوم العيد.. دار الإفتاء تجيب    بعد إثارته للجدل بسبب مشاركته في مسلسل إسرائيلي.. من هو الممثل المصري مايكل إسكندر؟    مصطفى بكري يكشف سبب تشكيل مصطفى مدبولي للحكومة الجديدة    "تهنئة صلاح وظهور لاعبي بيراميدز".. كيف احتفل نجوم الكرة بعيد الأضحى؟    «زي النهارده».. وفاة إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوى 17 يونيو 1998    عيد الأضحى: لماذا يُضحى بالحيوانات في الدين؟    حظك اليوم برج الجوزاء الاثنين 17-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    الكنيسة الكاثوليكية تختتم اليوم الأول من المؤتمر التكويني الإيبارشي الخامس.. صور    انخفاض أعداد الموقعين على بيان مؤتمر أوكرانيا الختامي ل82 دولة ومنظمة    أجهزة مراقبة نسبة السكر في الدم الجديدة.. ماذا نعرف عنها؟    كيف يمكن التعامل مع موجات الحر المتكررة؟    القافلة الطبية «راعي مصر» تصل القنطرة شرق بالإسماعيلية    وزير الداخلية السعودي يقف على سير العمل بمستشفى قوى الأمن بمكة ويزور عدداً من المرضى    الأنبا ماركوس يدشن كنيسة ويطيب رفات الشهيد أبسخيرون بدمياط    وفاة خامس حالة من حجاج الفيوم أثناء طواف الإفاضة    المحامين تزف بشرى سارة لأعضائها بمناسبة عيد الأضحى    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج جورجيا بتجارة القاهرة    حصاد أنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في أسبوع    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجارب إنسانية.. الملك داوود
نشر في التحرير يوم 24 - 10 - 2014

أعتقد أننا يمكن أن نستفيد كثيرا من التجارب الإنسانية القيمة المذكورة فى الكتب المقدسة، فثمة خبرات روحية عميقة مرت على أجيال متتالية من بنى البشر، ومن ثم قُدمت إلينا بطريقة أدبية وفنية لنستخلص منها العبرة والحكمة، وهذه خلاصة لتجربة إنسان عظيم، عاش تحت ظروف جد متباينة، فقد خبر الغنى، وذاق الفقر، تمتع بالمجد، ولحقه الهوان، أحبه كثيرون، وحقد عليه البعض فصار طريدًا، سلك الحياة البارة، واختبر السقوط من شاهق، ثم تنعم فى جنات التوبة والمغفرة.
عاش كنبى، وملك، وقاضٍ، ورجل حرب، وفنان موسيقى، وشاعر صاحب مزامير، وزوج، وأب، وراعٍ لغنمات قليلة ولمملكة ممتدة، وهذه لمحة من حياته الثرية.
إنه نبى الله داوود، عليه السلام، وقصة حياته شيقة للغاية، وهى متاحة فى أسفار التوراة، لمن يرغب فى المزيد من التعمق فى تفاصيلها الكثيرة، بيد أنى أحب أن نتوقف قليلا، ونتأمل بعض جوانب حياة إنسان وُصف فى العهد القديم بأنه «رجل الله»، وفى إنجيل متى: «وفيما كان الفريسيون مجتمعين سألهم يسوع قائلا: ماذا تظنون فى المسيح، ابن من هو؟ قالوا له ابن داوود». وفى القرآن الكريم، قال عز وجل: «اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ. إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِىِّ وَالْإِشْرَاقِ. وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ. وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآَتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ» (سورة ص. الآيات 17-20). وانظر فى قوله تعالى: «وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا» (الإسراء55).
وفى كتب الصحاح، يقول المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام: «إِنَّ داوود عليه السلام كان لا يأكل إِلا من عمل يديه» (رواه البخارى)، وكذلك قوله: «أحب الصلاة إلى الله صلاة داوود، وأحب الصيام إلى الله صيام داوود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يصوم يوما ويفطر يوما» (متفق عليه).
وهذا الإنسان الإلهى، هو نفسه، من ارتكب ما يُغضب المولى عز وجل، وهذا التناقض البارز فى هذا النموذج الراقى من البشر يثير النفس، وينبه العقل، ويطلق الخيال.
انظر إليه، وهو صبى جميل الشكل «أشقر مع حلاوة العينين وحسن المنظر» يرعى الغنم، ويُحسن الضرب بالعود، حتى إن الملك شاول كان يُشفى بسماع موسيقاه الروحانية، إذ «يَطِيبُ وَيَذْهَبُ عَنْهُ الرُّوحُ الرَّدِيءُ».
هذا الفنان المبدع بنغماته، والشاعر المرهف بمزاميره، كان يملك أيضا قلبا جسورا، فحين خرج رجل مبارز من جيوش الفلسطينيين، «طُولُهُ سِتُّ أَذْرُعٍ وَشِبْرٌ، وَعَلَى رَأْسِهِ خُوذَةٌ مِنْ نُحَاسٍ، وَكَانَ لاَبِسًا دِرْعًا حَرْشَفِيًّا، وَوَزْنَ الْدِّرْعِ خَمْسَةُ آلاَفِ شَاقِلِ نُحَاسٍ، وَجُرْمُوقَا نُحَاسٍ عَلَى رِجْلَيْهِ، وَمِزْرَاقُ نُحَاسٍ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَقَنَاةُ رُمْحِهِ كَنَوْلِ النَّسَّاجِينَ، وَسِنَانُ رُمْحِهِ سِتُّ مِئَةِ شَاقِلِ حَدِيدٍ»، لم يتقدم أحد لمواجهته، إلى أن جاء صبى كان يرعى الغنم، وقد أحضر طعاما لإخوته الجنود، وعندما أدرك خطورة الموقف العصيب تقدم وحده ونازل العملاق المدجج بالسلاح وهو يقول: «أنت تأتى إلى بسيف وبرمح وبترس، وأنا آتى إليك باسم رب الجنود»، وقد جاء فى القرآن الكريم، قوله تعالى: «وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ. فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ» (البقرة 250-251).
وبعدما انتصر داوود على الأعداء جميعا، وحقق المجد، ونال الملك، وجمع أسباط بنى إسرائيل، حدث أنه «كان فى وقت المساء أن داوود قام عن سريره، وتمشى على سطح بيت الملك، فرأى من فوق السطح امرأةً تستحم، وكانت المرأة جميلة المنظر جدًّا. فأرسل داوود وسأل عن المرأة، فقال واحد: أليست هذه بثشبع بنت إليعام امرأة أوريا الحثى؟ فأرسل داوود رسلاً وأخذها، فدخلت إليه، فاضطجع معها وهى مطهرة من طمثها، ثم رجعت إلى بيتها. وحبلت المرأة، فأرسلت وأخبرت داوود وقالت: إنى حبلى.
ولم ينتهِ الأمر عند هذا الحد، وإنما «كتب داوود مكتوبًا إلى يوآب (قائد جيشه) وأرسله بيد أوريا. وكتب فى المكتوب، يقول: اجعلوا أوريا فى وجه الحرب الشديدة، وارجعوا من ورائه، فيُضرب ويموت. وكان فى محاصرة يوآب المدينة أنه جعل أوريا فى الموضع الذى علم أن رجال البأس فيه. فخرج رجال المدينة وحاربوا يوآب، فسقط بعض الشعب من عبيد داوود، ومات أوريا الحثى أيضًا».
وبعد قتل أوريا تزوج داوود امرأته، «فأرسل الرب ناثان (النبى) إلى داوود، فجاء إليه، وقال له: كان رجلان فى مدينة واحدة، واحد منهما غنى والآخر فقير. وكان للغنى غنم وبقر كثير جدًّا. أما الفقير فلم يكن له شىء إلا نعجة واحدة صغيرة، قد اقتناها ورباها، وكبرت معه ومع بنيه جميعًا تأكل من لقمته، وتشرب من كأسه، وتنام فى حضنه، وكانت له كابنة. فجاء ضيف إلى الرجل الغنى، فعفا أن يأخذ من غنمه ومن بقره، ليهيئ للضيف الذى جاء إليه، فأخذ نعجة الرجل الفقير، وهيأ للرجل الذى جاء إليه. فحمى غضب داوود على الرجل جدًّا، وقال لناثان حى هو الرب أن يقتل الرجل الفاعل ذلك. ويرد النعجة أربعة أضعاف، لأنه فعل هذا الأمر ولأنه لم يشفق. فقال ناثان لداوود: أنت هو الرجل، هكذا قال الرب إله إسرائيل أنا مسحتك ملكًا على إسرائيل وأنقذتك من يد شاول. وأعطيتك بيت سيدك ونساء سيدك فى حضنك، وأعطيتك بيت إسرائيل ويهوذا، وإن كان ذلك قليلاً، كنت أزيد لك كذا وكذا. لماذا احتقرت كلام الرب لتعمل الشر فى عينيه؟
هذا ما جاء بالنص فى العهد القديم، عن معصية داوود، أما فى القرآن فقد جاء قوله تعالى: «وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ. إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ. إِنَّ هَذَا أَخِى لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِى نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِى فِى الْخِطَابِ. قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ. فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ. يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِى الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ» ( سورة ص 21-26).
وهكذا نرى داوود وقد استغفر ربه، وخر راكعا وأناب، فغفر له، ما فعله، على عظمة الجرم، وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب، كما غفر الحق، سبحانه وتعالى، لموسى، عليه السلام، حين قتل إنسانا، و«قَالَ رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَاغْفِرْ لِى فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» (القصص 16).
فهذه هى رحمته التى وسعت كل شىء، وهؤلاء هم عباده الأبرار، وهذه حياتهم الجديرة بالتأمل، وهذه كلماتهم الجديرة بالتفكر، فقد جاء فى مزامير داوود قوله: «الأبرار يَرِثُونَ الْأَرْضَ وَيَسْكُنُونَهَا إِلَى الْأَبَدِ». بالضبط كما فى قوله تعالى: «وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِىَ الصَّالِحُونَ» (الأنبياء 105).
وفى مزمور آخر، يقول داوود: «لا تطرحنى من قدام وجهك وروحك القدوس لا تنزعه منى». ويقول أيضا: «ويكون الرب ملجأ للمنسحق. ملجأ فى أزمنة الضيق. ويتكل عليك العارفون اسمك، لأنك لم تترك طالبيك يا رب»، فهذه هى صلاة العبد الورع داوود، المرنم الحلو، صاحب الصلة الوثيقة بأكرم من سُئل، وأجود من أعطى.
وقد كانت كلمات داوود الأخيرة كما يلى: «روح الرب تكلم بى وكلمته على لسانى. قال إِلَهُ إِسْرَائِيلَ، إذا تسلط على الناس بار يَتَسَلَّطُ بِمَخَافَةِ اللهِ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ عَلَيْهِمْ كَنُورِ الْفَجْرِ، وَكَالشَّمْسِ يَشِعُّ عَلَيْهِمْ فِى صَبَاحٍ صَافٍ، وَكَالْمَطَرِ الَّذِى يَسْتَنْبِتُ عُشْبَ الأَرْضِ. أَلَيْسَتْ هَكَذَا عَلاَقَةُ بَيْتِى بِاللهِ؟ أَلَمْ يُبْرِمْ مَعِى عَهْداً أَبَدِيّاً كَامِلاً وَمُؤَمَّناً؟ أَلاَ يُكَلِّلُ خَلاَصِى بِالْفَلاَحِ وَيَضْمَنُ تَحْقِيقَ رَغَائِبِي؟».
فرأس الأمر كله، هو فى إقامة العدل على هذه الأرض، وقمة الحكمة تتجلى فى مخافة الله عز وجل، وحمده وشكره، على كل ما يقضى به، ولذلك قال تعالى: «اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِىَ الشَّكُورُ» (سبأ. 13)، فشكر الله لا يكون فقط بالكلمات، وإنما الشكر الحقيقى يكون بإخلاص العمل لوجه الله، وتذكر نعم الله التى لا تحصى، فمن يكدح إلى وجه مولاه، ويتعلم من تجارب البشر، وتصاريف القدر، ثم يتأمل مليا فى حياة داوود، وغيره من الأنبياء والرسل الكرام، قد يُدرك المغزى الأهم لوجودنا المؤقت فى هذا العالم الفاني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.