في دير صغير في بلدة فيتيغودينو الهادئة، بمقاطعة سالامانكا الإسبانية، سجدت امرأةٌ فوق الستين من عمرها على الأرض، وغطّت الراهبات جسدها ببتلات الورد. لم تكن مشهدًا من كتاب تاريخي، بل لحظة تتويج رحلة إيمان استثنائية. عندما تتحوّل دموع الأمومة إلى تراتيل إنها الأخت ماريا تشانغ يوي تشون، البالغة من العمر 56 عامًا، التي أعلنت في 13 مايو 2025 نذورها الرهبانية الدائمة، لتصبح رسميًا راهبة أوغسطينية في جماعة الحياة التأملية.
أرملة... وأم لأربع راهبات وكاهن ماريا، المولودة في مدينة شانغكيو في مقاطعة خنان الصينية، لم تكن تعرف شيئًا عن المسيحية. عاشت كأي أم صينية، تزوجت وربّت أطفالها الخمسة. لكن مرضًا خطيرًا قلب حياتها رأسًا على عقب. في رعايتها من قبل راهبات أوغسطينيات، فتحت عيناها على نور الإيمان. في 2007، اقتبلت المعمودية مع بناتها الأربع، وتبعهم زوجها وابنها لاحقًا. وبعد أقل من عام، رحل زوجها، وبدأت قصة التحوّل. بناتها الأربع التحقن بالرهبنة، وابنها الوحيد سيم كاهنًا. ومع الوقت، شعرت ماريا أن دورها لم ينتهِ بعد. "درب الرفض"... من الصين إلى إسبانيا استجابت ماريا للدعوة، لكنها واجهت العقبات. رفضتها عدة رهبانيات بسبب عمرها وعدم إتقانها اللغة الإسبانية. ومع ذلك، لم تستسلم. بمساعدة ابنتها الراهبة المكرسة في إسبانيا، وكاهن صيني ومترجم إلكتروني، وصلت إلى دير فيتيغودينو في عام 2015.
رئيسة الدير، الأخت بيرتا، قالت: "ما لفتنا في ماريا أنها كانت دائمًا مبتسمة، لم تشتكِ يومًا، بل كانت مشعة بالفرح، رغم كل التحديات". دعوة لا تموت، وابتسامة لا تخبو عانت ماريا من حواجز اللغة والثقافة والعمر، لكنها لم تتراجع. تعلّمت مبادئ الحياة الرهبانية ببطء، وسرعان ما أصبحت خادمة محبوبة للأخوات المسنّات. تعلمت أن تقول بالإسبانية جملة واحدة: "أنا سعيدة"، وكانت تعنيها بكل جوارحها. ارتدت ثوب المبتدئات في 2017، ونذرت نذورها المؤقتة بعد ثلاث سنوات. وفي أيار الماضي، أعلنت التزامها الأبدي، بحضور إحدى بناتها التي أنشدت ترنيمة للعذراء بلغة والدتها الأم. دموع الأم... تزهر في صمت الأديرة ماريا ليست مجرد راهبة جديدة، بل رمز حي للأمومة المكرسة، للرجاء الذي لا يُقهر، وللقلب الذي ينجب الإيمان لا بالكلام فقط، بل بالفعل. إن قصتها ليست فقط ملهمة، بل نادرة في عالم يعاند الإيمان كلما اقتربت ساعة الصليب. في عالم تزداد فيه اللامبالاة، تقف هذه الأرملة الصينية أمًا لراهبات وكاهن، وراهبة بنفسها، لتقول إن الشهادة لا تعرف عمرًا، وإن الروح إذا دُعيت... أجابت.