نائب رئيس الجامعة المصرية اليابانية: امتحانات الفصل الدراسي الثاني تسير بدون شكاوى    27 مايو 2024.. 22 قرشا ارتفاع فى سعر الدولار أمام الجنيه بالبنوك ليسجل 47.22 جينه    محافظ أسيوط يوجه بمتابعة توريد الأقماح للشون والصوامع    عقد لقاء اليوم المفتوح بالأقصر لحل مشاكل المواطنين    لازاريني: الأونروا ستقوم بكل ما في وسعها للحفاظ على عملها ونشاطاتها في لبنان والمنطقة    محرقة رفح.. بيرس مورجان يطالب نتنياهو بوقف العدوان الإسرائيلي    إصابة شرطي إسرائيلي في هجوم عند باب الخليل بمدينة القدس    زيلينسكي يلتقي رئيس الوزراء سانشيز والملك فيليب في إسبانيا    «الاحتلال خدع أهل غزة وزعم لهم أنها آمنة».. الأزهر يدين بشدة «محرقة الخيام» في رفح    ثنائي هجومي للجونة أمام بيراميدز    رسميا.. رحيل محمود عبد العزيز عن غزل المحلة    وكيل تعليم الغربية يتفقد أعمال التقدير لكراسات الإجابة لطلاب الشهادة الإعدادية    إحالة شخص إلى المفتي لاتهامه بقتل سائق توكتوك وسرقته بشبرا الخيمة    الخميس.. القومية للموسيقى العربية تتغنى بأعمال عبدالوهاب ووردة على مسرح الجمهورية    فحص 1462 حالة خلال قافلة طبية في قرية رسلان بالمنيا    وزير الأوقاف أمام الشيوخ: عهد السيسي العصر الذهبي للدعوة وعمارة المساجد    بدء الفعاليات التمهيدية للترويج لافتتاح النسخة الرابعة لحملة «مانحي أمل» في مصر    جامعة الزقازيق تحقق مراكز متقدمة في مسابقة «إبداع 12»    موعد عيد الأضحى ووقفة عرفات 1445 هجريا في مصر.. اعرف عدد الأيام المتبقية    إصابة طالبة بأزمة تنفسية خلال امتحانات الدبلومات الفنية بالفيوم    غدا قطع المياه عن مدينة الباجور وبعض القرى التابعة لها.. اعرف التفاصيل    "متنورش العالي".. صبري فواز يكشف عن نصيحة لطفي لبيب له    وزارة العمل: «سلامتك تهمنا» لنشر ثقافة الصحة المهنية بالقليوبية    أكلات ترفع درجة حرارة الجسم.. تجنبها في الصيف    غدا.. انطلاق عروض برنامج السينما الإيطالية في القاهرة    إسكان البرلمان توصي بتشكيل لجنة لمعاينة مشروع الصرف الصحي في الجيزة    في ذكرى ميلاد فاتن حمامة.. سر خروج ابنها من المدرسة    حدد 3 مناقشات.. مجلس أمناء الحوار الوطني يجتمع 1 يونيو    انطلاق فعاليات الأسبوع الثقافي ل«الأوقاف».. «حق الجار والإحسان إليه»    سموحة يغلق ملف الدوري «مؤقتاً» ويستعد لمواجهة لافيينا فى كأس مصر غدًا    تطوير ورصف 6 طرق حيوية بالجيزة.. أبرزها بالطالبية وإمبابة وكرداسة    وزير الإعلام البحرينى: العلاقات بين مصر والبحرين تتميز بخصوصية فريدة    "مياه الجيزة" تكشف أسباب ضعف التيار بمنطقة هضبة الأهرام    عائشة بن أحمد عن قصف مخيمات رفح الفلسطينية: «نحن آسفون»    وزيرة التعاون الدولي تُشارك في الاجتماعات السنوية لمجموعة بنك التنمية الأفريقي بكينيا    «الشيوخ» يناقش سياسة الحكومة بشأن حفظ مال الوقف وتنميته    ضبط 6000 كيس مواد غذائية مجهول المصدر في العاشر من رمضان    محافظ البحر الأحمر يشكل لجنة من المحميات لتقدير أضرار جنوح سفينة مواد بترولية أمام سواحل سفاجا    «الداخلية»: تنظيم حملة للتبرع بالدم بقطاع الأمن المركزي    قافلة طبية جديدة لدعم المرضى غير القادرين بقرى ديرمواس    القنوات الناقلة لمباراة الاتحاد والنصر في دوري روشن السعودي مع تردداتها    فيلم «The Fall Guy» يحقق 132 مليون إيردات منذ طرحه    شريف العريان: لن أخوض انتخابات رئاسة اتحاد الخماسي الدورة المقبلة    أكثر من ألفي شخص دفنوا أحياء جراء الانهيار الأرضي في بابوا غينيا الجديدة    السيطرة على حريق داخل هايبر ماركت في قنا    الأمين العام المساعد للبحوث الإسلامية يوضح حكم تصوير الجنازات    بينهم مصر.. زعماء 4 دول عربية يزورون الصين هذا الأسبوع    وزير الكهرباء ل"اليوم السابع": كل مليم سيتم تحصيله يساهم فى إنهاء تخفيف الأحمال    وزير الإسكان يعلن تفاصيل مشروعات تجديد أحياء القاهرة الإسلامية والفاطمية    للتعاون في مجال التدريب.. تفاصيل توقيع مذكرة تفاهم بين مركز التدريب الإقليمي وجامعة بنها -صور    وزير الصحة يدعو دول إقليم شرق المتوسط إلى دراسة أكثر تعمقا بشأن مفاوضات معاهدة الأوبئة    موعد وقفة عرفات 2024 وأهمية صيام يوم عرفة    500 متر من النيران.. حالتا اختناق في حريق مخزن خردة بإمبابة    سيد معوض ينصح الأهلي برفع جودة المحترفين قبل كأس العالم 2025    هل حج الزوج من مال زوجته جائز؟.. دار الإفتاء تجيب (فيديو)    موقف جوارديولا من الرحيل عن مانشستر سيتي في الصيف    كولر: لم أستطع الفوز على صنداونز.. لا أحب لقب "جدي".. والجماهير تطالبني بال13    أستاذ اقتصاد ل قصواء الخلالي: عدم التصنيف القانوني للوافدين يمثل عبئا على الاقتصاد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هكذا تكلم كيسنجر: نظام عالمى جديد «2»
نشر في التحرير يوم 01 - 10 - 2014

فى الأسبوع الماضى قدمت بشكل عام لكتاب هنرى كيسنجر الأخير «نظام عالمى جديد»، وقلت إن كيسنجر يقدم فى كتابه مبررات البحث عن نظام جديد فى سلسلة الأزمات التى تجتاح العالم واحدة تلو الأخرى، وفى مجالات متعددة وفى أقاليم مختلفة خلال العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، فمن التحدى الروسى فى أوكرانيا، إلى التحدى الصينى فى جنوب شرق آسيا، إلى التحدى النووى الإيرانى وصعود لاعبين سياسيين وعسكريين من جماعات مسلحة فى الشرق الأوسط، إلى انتشار الأمراض والأوبئة فى إفريقيا، يجد النظام العالمى الحالى نفسه فى أزمة تستدعى ضرورة التغيير لوضع أسس نظام مقبول وقادر على البقاء، يحفظ السلام العالمى ويحافظ فى الوقت نفسه على القيم التى طالما دافعت عنها الولايات المتحدة والعالم الغربى، وهى قيم الحرية والديمقراطية.
وفى هذا المقال سوف أناقش واحدا من التحديات التى تواجه النظام العالمى فى الشرق الأوسط، ألا وهو صعود نفوذ الجماعات المسلحة الدينية والعرقية، التى تمكنت ليس فقط من تهديد الدولة القومية التقليدية فى الشرق الأوسط، ولكن إسقاط بعض هذه الدول أو مواصلة الحرب عليها من أجل إسقاطها. إن كيسنجر أشار فى كتابه وكذلك فى مقاله عن الكتاب فى صحيفة «وول ستريت جورنال» (29 أغسطس 2014) إلى خطورة تأثير الجماعات المسلحة على بنية الدولة القومية وعلى استقرار النظام الإقليمى ومن ثم النظام الدولى. وقال كيسنجر إن انتصار حركة راديكالية ربما يخلق نظاما فى إقليم ما، بينما هذا فى الوقت نفسه قد يجهز المسرح لصراع هذا الإقليم مع إقليم أو أقاليم أخرى فى العالم. وهذا يعنى مثلا أن انتصار تيار الإسلام السياسى الذى تمثله جماعة الإخوان المسلمين، الذى يجد تجسيدا عسكريا له فى شكل جماعات مسلحة مثل تنظيمات «داعش والنصرة والأنصار وبيت المقدس» وغيرها، سوف يعنى بداية صراع جديد فى النظام العالمى بين إقليم يسوده هذا التيار وبين أقاليم أخرى ستجد نفسها فى حال دفاع عن النفس أمام جماعات تحاول التوسع بالقوة عبر الحدود.
إن كيسنجر عندما يتحدث عن نظام عالمى جديد، فإنه يرى أن ذلك يستدعى أولا تأسيس مفهوم مشترك عن «النظام» بين كل أقاليم العالم، وإقامة كل نظام إقليمى على هذا الأساس، ثم إقامة علاقات بين الأقاليم المختلفة، كل منها والآخر على الأساس نفسه. وهذا يتطلب الاتفاق داخل النظام على نسق متكامل للقيم الرئيسية، وهى فى النظام الذى يقترحه كيسنجر قيم الحرية والديمقراطية والعدل، وأن تتوفر لهذا النظام آليات للبقاء والاستدامة. وعلى الرغم من كل مظاهر الفشل الحالية التى يواجهها النظام العالمى بسبب سوء الإدارة الأمريكية، فإن كيسنجر يعود ليؤكد أن الدولة الوحيدة فى العالم المهيأة، التى يتعين عليها قيادة النظام العالمى فى القرن الحادى والعشرين هى الولايات المتحدة الأمريكية. لكن كيسنجر لم يتقدم خطوة واحدة لاقتراح الطريق الصحيح للتعامل مع أسس وعوامل عدم الاستقرار فى الشرق الأوسط، ومنها انتشار الإرهاب، وخطر الانتشار النووى، وغياب أى نظام شامل ومتماسك للتعاون الإقليمى، إلى جانب تهديد العصابات المسلحة للدولة القومية التى تمثل الوحدة الأساسية السياسية للأوضاع القائمة الآن فى الشرق الأوسط.
ومن المفيد هنا أن نتذكر أن هنرى كيسنجر فى كتابه «الدبلوماسية» الصادر عام 1994 (توجد ترجمة عربية له فى سلسلة الكتاب الذهبى لدار روزاليوسف عام 2001)، شدد على هشاشة الحدود السياسية للدول فى منطقة الشرق الأوسط، وقال إن هذه الحدود لا تعبر عن تفاعلات تاريخية وحضارية، وإنما هى حدود رسمتها القوى الاستعمارية المنتصرة فى الحرب العالمية الأولى لغرض استمرار السيطرة على المنطقة. وهو فى كتابه الجديد يحذر من خطورة الآثار التى تنطوى على استمرار الحكومات الفاسدة والمستبدة، خصوصا خطر إنتاج «الدولة الفاشلة» محل الدولة القومية. وقال كيسنجر إن ضغوط الجماعات المسلحة أدت عمليا إلى تسريع انتشار مظاهر الدولة الفاشلة فى بلدان مثل ليبيا، حيث لا توجد سيطرة حكومية، وكذلك فى سوريا حيث تسيطر مشاهد الحرب الأهلية، وفى العراق حيث تمكن «داعش» من اقتطاع مساحات من هذه الدول ليقيم عليها «دولة خلافة إسلامية». ونحن نضيف إلى ذلك اليمن، وسقوط صنعاء فى هدوء فى أيدى جماعة عبد الملك الحوثى. وهنا يثور التساؤل التالى: هل أسهمت الولايات المتحدة بنفسها ومع حلفائها فى حلف الأطلنطى فى إفشال الدولة القومية، ومساندة انفصال جنوب السودان، والانفصال الفعلى لإقليم كردستان، وسقوط ليبيا فى أيدى المتطرفين الإسلاميين، والعمل على تفتيت سوريا وتقديمها ذبيحة للعصابات المسلحة؟ إن الدور الأمريكى ودور الأطلنطى فى خلق تنظيم «القاعدة» وغيره من التنظيمات المتطرفة دينيا وتسليحها وتدريبها ومساندتها للسيطرة على دول بأكملها أو على أجزاء منها، هو دور لا يستطيع لا هنرى كيسنجر ولا غيره أن ينكره. فهل بعد ذلك كله يمكننا أن نصدق أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى فعلا من أجل خلق نظام إقليمى مستقر فى الشرق الأوسط؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.