محافظ كفر الشيخ يتفقد معرض الأنشطة والأعمال اليدوية لطلاب ذوي الهمم    جامعة كفر الشيخ تنظم مسابقة المبادرات المجتمعية بمشاركة كليات الجامعة    مدبولي: المؤشرات الإيجابية للاقتصاد تدعو للتفاؤل في مفاوضات بعثة صندوق النقد    محافظ المنوفية يعقد اجتماعا موسعا لمناقشة معوقات مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي والكهرباء    ضياء رشوان: أهل غزة أصحاب الأرض والتهجير جريمة حرب وحق العودة مكفول    شاهد ثنائية العراق ضد البحرين في أول 45 دقيقة بكأس العرب 2025    «فيفا» يعلن عن إيقاف القيد للزمالك 3 فترات جديدة    أوسكار رويز يعقد اجتماعًا فنيًا مع الحكام لمراجعة بعض الحالات التحكيمية    110 طعون على نتيجة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    حبس المتهم بدهس موظفة والتسبب في وفاتها بمنطقة النزهة    بينها إلغاء الإعلانات بإذاعة القرآن الكريم، رئيس الوطنية للإعلام يستعرض خطة تطوير ماسبيرو    العرض العالمي الأول للفيلم الفلسطيني "أعلم أنك تسمعني" ضمن مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    توقيع الكشف الطبي على 283 حالة بمدرسة كفر الكردي في كفر شكر    مدرب تونس: طوينا صفحة الخسارة أمام سوريا ونستعد بقوة لمواجهة فلسطين    فيدريكو جاتي يغيب عن يوفنتوس بسبب إصابة الركبة    مباحثات مباشرة لأول مرة بين إسرائيل ولبنان.. ما الهدف؟    «الري» تتعاقد على تنفيذ التغذية الكهربائية لمحطتي البستان ووادي الصعايدة    الداخلية تضبط شخصا بحوزته بطاقات شخصية بمحيط لجان في قنا    في اليوم العالمي لذوي الهمم.. غزة تواجه أعلى معدلات الإعاقة في العالم بسبب حرب الإبادة الجماعية.. 12 ألف طفل فقدوا أطرافهم أو تعرضوا لعاهات مستديمة.. و60% من السكان صاروا معاقين    توغل قوات إسرائيلية في عدة قرى بريف القنيطرة الجنوبي بسوريا    أحمد المسلماني: شكرا لكل من تفاعل.. وملتزمون بالعمل من أجل إعلام وطنى قوى    الحكومة الإندونيسية تعزز جهود مكافحة الفيضانات في أتشيه تاميانج    يروي قصة أرض الإمارات وشعبها.. افتتاح متحف زايد الوطني بأبوظبي.. صور    في يومهم العالمي.. 5 رسائل من الأزهر لكل أسرة ترعى طفلا من ذوي الإعاقة    إبراهيم قاسم: قرارات الهيئة وتوجيهات رئيس الجمهورية رفعت ثقة الناخبين وقللت المخالفات    سكرتير عام المنوفية يشهد افتتاح معرض «ابتكار مستدام»    رئيس قطاع الثروة الحيوانية والداجنة بالزراعة: لا توجد دواجن مريضة في الأسواق.. واتهامات السردة إشاعات    عاجل- الحكومة: 6.3 مليون مواطن استفادوا من خدمات هيئة الرعاية الصحية خلال 6 أشهر    زينة: "ماشوفتش رجالة في حياتي وبقرف منهم"    محافظ الجيزة يتفقد أعمال تطوير حديقتي الحيوان والأورمان (صور)    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى المنيا.. اعرف مواقيت صلاتك    وكيل لجنة مراجعة المصحف ورئيس منطقة الغربية يتفقدان مسابقة الأزهر السنوية لحفظ القرآن الكريم    استراحة في كأس العرب - الجزائر (0)-(0) السودان.. نهاية الشوط الأول    6 قرارات جديدة للحكومة.. تعرف عليها    انعقاد الاجتماع الرابع للجنة الفنية المصرية – التونسية للتعاون الاستثماري    محافظة الجيزة ترفع 500 حالة إشغال خلال حملة بشارع عثمان محرم.. صور    ريهم عبدالغفور تحيي ذكرى وفاة والدها الثانية: "فقدت أكتر شخص بيحبني"    7 ديسمبر.. الإدارية العليا تنظر الطعون على نتيجة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    دونالد ترامب يحضر قرعة كأس العالم 2026    في اليوم العالمي لذوي الهمم.. انتصار السيسي: وجودكم يضيف قيمًا وإنسانية وجمالًا لا يُقدّر بثمن    بداية شهر رجب 1447 هجريًا... الحسابات الفلكية تكشف موعد ظهور الهلال    ضبط سيدتين بحوزتهما كروت دعاية انتخابية بمحيط لجنة في دمنهور قبل توزيعها على الناخبين    الأرصاد: استمرار انخفاض درجات الحرارة الملحوظ على مختلف أنحاء البلاد.. فيديو    أطعمة تعالج الأنيميا للنساء، بسرعة وفي وقت قياسي    الصحة تعلن ضوابط حمل الأدوية أثناء السفر| قواعد إلزامية لتجنب أي مشكلات قانونية    لاول مرة فى مستشفي شبين الكوم بالمنوفية..استخراج ملعقة من بطن سيدة مسنة أنقذت حياتها    الأمن يضبط قضايا إتجار فى العملات الأجنبية تتجاوز 3 ملايين جنيه    على رأسها رونالدو.. صراع مشتعل على جائزة مميزة ب جلوب سوكر    ستوري بوت | لماذا احتفى الشعب المصري والعربي ب «دولة التلاوة»؟    مجلس حكماء المسلمين يشارك بجناح خاصٍّ في معرض العراق الدولي للكتاب 2025    محافظ الإسكندرية يتفقد لجان الاقتراع بدائرة الرمل    طلاب ثانية إعدادي يؤدون اختبار مادة العلوم لشهر نوفمبر بالقاهرة    هالاند: الوصول ل200 هدف في الدوري الإنجليزي؟ ولم لا    وزير البترول والثروة المعدنية يستعرض إصلاحات قطاع التعدين ويبحث شراكات استثمارية جديدة    الأمم المتحدة تعتمد قرارا يطالب إسرائيل بالانسحاب من الجولان وسط اعتراض أمريكي-إسرائيلي    أسعار الفراخ والبيض اليوم الاربعاء 3-12-2025 في الأقصر    دعاء صلاة الفجر اليوم.. فضائل عظيمة ونفحات ربانية تفتح أبواب الرزق والطمأنينة    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحاجة إلى الفلسفة فى حياتنا العقلية
نشر في التحرير يوم 29 - 09 - 2014

نعم، ما تفسير هذا الغياب شبه الكُلِّى للفلسفة فى حياتنا العقلية؟ هل هاجر الفكر الفلسفى والتفلسف حياة المثقفين المصريين المعاصرين؟ أين الفلاسفة؟ أو على أقل تقدير محاولات التفلسف، أو مشاريعه فى حواراتنا، أو على الأقل فى منولوجات شبه الصمم السائدة؟
قد يُقال كعادة الفكر الرائج بغلظته، وسطحيته فى طرح الأسئلة المعادة -التى لفرط تكرارها وضحالتها فقدت شرعية أن تكون أسئلة- وهل المشكلات الفكرية، والثقافية بحاجة إلى الفلسفة؟ وهل نحن فى حاجة إلى المزيد من تعقيد الأمور والسبل أمامنا حتى نطالب الفلسفة بالحضور فى حياتنا؟
نعم نحن بحاجة إلى الحضور الفلسفى فى حياتنا الثقافية، لكى تكون هناك حياة ثقافية أصلًا. إن أحد أسباب ضحالة بعض الحوارات السياسية، والثقافية، والاقتصادية، والاجتماعية السائدة منذ عديد العقود، مرجعة غياب الأبعاد الفلسفية، والتأصيلية لمثل هذه الحوارات، بحيث تبدو كأنها سجال وصراخ حول جزئيات القضايا، وأقسام من نظم الأفكار السائدة فائدة للوهج والألق، الذى يصاحب بعض السجالات الفكرية العميقة، حال حضورها الاستثنائى والنادر فى حياتنا الثقافية والسياسية والأكاديمية.
إن ملف الفلسفة ودورها فى حياة المصريين المحدثين من أخطر هذه الملفات قاطبة.
ويبدو أن هذا الغياب مرجعه أسباب عديدة يكمن بعضها فى ما يلى:
1- أن النظم السياسية المتعاقبة فى مصر، بحكم التكوين الثقافى لقادتها، وموقفهم الوجل من الثقافة، حيث ارتبطت الفلسفة، فى أذهانهم بالتعقيد، والتعالى على الواقع، ومن ثَمَّ انطبعت فى أذهانهم، ومدركاتهم، صورة سلبية عن الفلسفة والمشتغلين بها، باعتبارهم يقومون بنشاط سفسطائى ومتعالٍ على الواقع، ومن ثَمَّ يشكلون تعبيرًا عن أفكار هابطة من أعلى، أو محلقة فى أجواء الأبراج العاجية. ولعل انعزال المشتغلين بالفلسفة، ونزوعهم إلى معالجة الموضوعات والمباحث التقليدية فى الفلسفة، أدّى إلى صياغة هذه الصور والمدركات السلبية والمشوهة عن الفلسفة، والمشتغلين بها. خصوصًا أن غالب المشتغلين بالدراسات الفلسفية فى جامعاتنا لم يشاركوا إلا قليلاً ومن خلال قلة لامعة، فى السجالات الوطنية والثقافية، والفكرية التى سادت مصر طيلة عديد العقود.
2- ارتبطت بالصور السلبية للصفوة والسلطة السياسية من الفلاسفة والمتفلسفين سياسة إعلامية، محورها تهميش دور المشتغل بالفلسفة فى النشاط الإعلامى، والثقافى للنظام إلا لقلة، مما زاد من تفاقم مواقع تهميش العاملين فى الحقل الفلسفى.
3- ارتبط النشاط الفلسفى فى جامعاتنا بالتدريس، وعرض تاريخى -ذو طبيعة سردية حينا ونقدية على الأقل- للتطور النظرى لتاريخ الفلسفة، كبديل عن تحليل لأنظمة الأفكار والنظريات والمفاهيم الفلسفية الكبرى بتنوعاتها وروافدها، وربط هذه النتاجات الفلسفية بالواقع الاجتماعى والاقتصادى السياسى والثقافى الذى أسهم فى إنتاجها، مع دراسة لدور الفيلسوف فى تاريخ الأفكار.
هذه الطريقة فى تدريس الفلسفة أسهمت فى خلق مدرسين للفلسفة، ولم تساعدنا على خلق فلاسفة فى كل مرحلة تاريخية، ولأن لدينا فى الغالب مدرسين للفلسفة، لا منتجى أفكار فلسفية، وكان من أثر ذلك هو ظهور بعض المشاريع الفلسفية المجهضة، كمحاولة عثمان أمين فى الجوانية فى إطار الفلسفة المثالية، وزكى نجيب محمود فى الوضعية، المنطقية، وعبد الرحمن بدوى فى الزمان الوجودى. أو يحيى هويدى فى الحياد الفلسفى، ووصولًا إلى حسن حنفى وكتاباته، والنزعة العقلانية اللامعة والرصينة لدى فؤاد زكريا.
4- وقد أدّت البيئة السياسية والفكرية والجامعية المسيطرة إلى عدم قدرتنا على دفع العناصر الموهوبة، ومن ثَمَّ إلى ظهور فلاسفة من بينهم قادرين على إنتاج الأفكار الفلسفية، فضلًا عن عدم قيام المشتغلين بالدراسات الفلسفية فى المساهمة فى صياغة بعض السمات القومية للفلسفة، حتى فى إطار الفلسفات والمدارس الفلسفية العالمية، وعدم تطوير الموروثات الفلسفية الوطنية. وهو الأمر الذى عرقل عمليات تطوير وتجديد العقل المصرى المعاصر.
5- أن الكتابات الفلسفية المصرية فى الجامعة، يبدو أنها تعانى من انقطاع التواصل مع الفكر الفلسفى الغربى المعاصر، لدى هابرماس ودريدا، وفوكو وجاك ديلوز، وبودليارد وأترابهم وما بعدهم، أو لدى لويس التوسير وآخرين. وما زلنا ندرس التاريخ الفلسفى وفق مناهج تحليلية تقليدية، وحول شخصيات، وأفكار نمطية فى الكتب المدرسية. هذا الانقطاع عن التواصل مع العطاء الفلسفى الإنسانى المعاصر، هو ما أدّى بالفعل إلى جمودنا الفكرى، وتعثّر فلسفى إذا ما قورن ذلك بالثورة فى المناهج التحليلية لدراسة الفلسفة فى العالم.
6- أن غياب الفلسفة فى الحوارات والسجالات السياسية الراهنة يؤدّى إلى جدب الأفكار المطروحة، وغياب أى أفق لتطور الحوارات والسجالات الخصبة، أو الصراعات الفكرية المثمرة. ويجعل تفكيرنا السياسى والاقتصادى مقطوع الجذور.
7- أن تعقيد الكتابة والمصطلح الفلسفى، أسهم فى إيجاد فجوة وجفوة بين المثقف والقارئ العام والكتابة أو القول الذى يسكنه بعض التفلسف، ومن ثَمَّ ميل الصحف والإعلام المرئى أساسًا إلى رفض هذا النمط من الكتابات أو الحوارات أو المداخلات، بمقولة ابتعادها عن الوصول إلى قطاعات واسعة من المشاهدين والقراء.
ذات مرة تقابلت فى أوائل التسعينيات مع المفكر المغربى محمد عابد الجابرى على مقهى كلينى «Clune» فى تقاطع السان جيرمان والسان ميشيل، وسألته عن سر النشاط الثقافى والأكاديمى فى المغرب الشقيق، كانت إجابته إنها الفلسفة.. الفلسفة وإدماجها فى التعليم الثانوى والإعدادى على ما أتذكَّر.
يبدو أن ترجمة الإنتاج الفلسفى المرجعى فى الفلسفة الغربية وغيرها من الأهمية بمكان لتطوير ثقافاتنا المصرية، وكذلك ضرورة إدخال الفكرى والتفكير الفلسفى والنقدى فى نظامنا التعليمى العام والدينى، وذلك كأحد مداخل تطوير وتجديد ثقافتنا، وحواراتنا، وسجالاتنا، وأفكارنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.