قضية صناعة الثورة عبر الإنترنت والتي كشفت عن خطورة التطور التكنولوجي وتأثيره كشريك أساسي في تحريك الثورات العربية.. ما زالت هي حديث العامة والخاصة.. فكيف نجح مجموعة من الشباب في تحريك هذه الثورة العظيمة عبر تدويناتهم البسيطة.. تحت عنوان «أثر الفضاء الالكتروني في صناعة الثورة» دارت الندوة التي أقيمت ضمن أنشطة المعرض وشارك فيها د.نادر فرجاني الأستاذ الجامعي والناشط السياسي، ود.نبيل على المتخصص في تكنولوجيا المعلومات، والناشطة السياسية إسراء عبد الفتاح العضو البارز بحركة 6 أبريل، وأدارها د.زين عبد الهادي رئيس دار الكتب والوثائق القومية. استهل د.زين عبد الهادي الندوة بالإشارة إلى أن ثورة 25 يناير قد تعرضت لكثير من الهجوم ولكل أنواع التشويه منذ أن بدأت، مضيفاً أنه في القريب العاجل سيتم فضح كل من شوه هذه الثورة المجيدة بعد أن تستكمل أهدافها. وأوضح أن الإنترنت كان ومازال أرض الحرية للثورة المصرية، فقد كان المتنفس الوحيد للثوار، مؤكدا أن الثورة ستستمر بشكل رقابي، وسيلعب الإنترنت كما كان دورا مهما في الرقابة على أدائها. الدكتور نادر فرجاني أكد أن الثورات عادة ما تقوم ضد الظلم والقهر، حيث كانت تنشط في المزارع الكبرى التي يعمل بها المظلومون بالإضافة إلى التجمعات العمالية التي بدأت تنشأ فيها الحركات الثورية المناهضة للظلم. وأضاف فرجاني أنه عبر التاريخ طورت أنظمة الحكم التسلطي آليات البطش البوليسي لقمع هؤلاء المقهورين، حيث كانت إمكانيات الثوار وقتها قليلة ومحدودة، وأن المفاجأة الكبرى لأنظمة الحكم التسلطي كانت مع ظهور عصر الإنترنت الذي ساعد على الاتصال السريع بين الثوار، حيث بدأت تظهر نقلة نوعية في تجمعات المظلومين والمقهورين للقيام بالثورات ضد هذه الأنظمة المستبدة للعمل على قيام دولة يسود فيها العدل والحرية والكرامة. وأشار إلى أن الدهشة كانت كبيرة على النظام التسلطي في مصر، ولم يستوعبها، مما أدى بهم إلى قطع الاتصالات لعدة أيام أثناء الثورة. كما أكد د. فرجاني على أن الفضاء الإلكتروني مازال له أهمية كبيرة في ثورة مصر لأن ما طالبت به الثورة لم يتحقق بالكامل ويجب أن يمتلك الشعب المصري أدوات الفضاء الإلكتروني مثل الإنترنت وقنوات التواصل الاجتماعي للضغط على السلطات القائمة سواء كانت سلطة تشريعية أو تنفيذية. كما أكد على أهمية احترام الموجودين في ميدان التحرير في مختلف أنحاء مصر بغض النظر عن غاياتهم لأن هذا يعد الضمانة الوحيدة لاستمرار الثورة لتحقيق أهدافها مشيراً إلى أن الفضاء الإلكتروني سيفرز آليات جديدة نظراً لتجدده بصورة سريعة وكبيرة. الناشطة السياسية إسراء عبدالفتاح تحدثت عن كيفية دخول الإنترنت في مجال السياسة، حيث أشارت إلى أنه قبل ظهور «الفيس بوك وتويتر» والاستخدام الكبير الذي نشاهده الآن كان هناك ما يعرف ب«المدونات» ولكنه لم تكن تستخدم بهذا الشكل الكبير الذي نراه الآن وأشهر المدونات في هذا الوقت كانت تعرف باسم «الوعي المصري» للناشط «وائل عباس» الذي كان يرصد من خلالها الانتهاكات والمخالفات التي يمارسها النظام السابق منذ عام 2005 ثم بدأ من عام 2007 ظهور ما يسمى بإعلام الإنترنت وقنوات التواصل الاجتماعي؛ لأنه لم يكن مسموح لنا التحدث عبر وسائل الإعلام التقليدي لكشف تلك الانتهاكات. وأكدت عبد الفتاح أن الإنترنت تم استخدامه كوسيلة للنقاش أو المشاركة وإبداء الآراء وأول دعوة للإضراب كانت عبر صفحة 6 أبريل عام 2008 على الرغم من صعوبة تجميع عدد كبير من الأفراد للمشاركة في مثل هذه الأمور، ولكن عبر المناقشة وإدارة الصفحة بشكل جيد ظهر التجاوب من الناس لأن أي وسيلة للتواصل يمكن أن تستخدم بطريقة صحيحة ستساعد على تحقيق الهدف أما إذا استخدمت بأسلوب خاطئ سيكون من نتائجها القضاء على تحقيق الأهداف. وأضافت أن التواصل عبر الإنترنت لا يجوز فيه عرض الخبر مجرداً بغير صور وتعليقات توضح رد الفعل على الخبر المشار إليه، وهكذا أعطانا الإنترنت نوعا من المصداقية في عرض الأخبار، وأكدت أن النضال مستمر عبر الإنترنت واستمرار المشاركة بين الثوار والتي كان من نتائج هذه المشاركة وجود صفحة باسم «صوت الشعب» التي يمكن من خلالها مراقبة أداء البرلمان والوزارة وإبداء الرأي فيها. من ناحيته، قال د.نبيل علي المتخصص في تكنولوجيا المعلومات، إن لديه قناعة كبيرة بأن أي تكنولوجيا تستطيع أن تصنع ثوراتها، وهذا شاهدناه في الثورة الصناعية، ثم جاءت ثورة الإنترنت التي لم يكن لها أي تحقق إلا بعد انتشارها على نطاق واسع. وأشار إلى أن النظم التسلطية كانت تميل إلى الاستعباد، ثم اتجهت بعد ذلك إلى الاستغلال، مثلما حدث إبان الثورات الصناعية، والآن تذهب الثورة إلى مكافحة الاستعباد وهذا الاستعباد لا بد من مواجهته من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة، وأكد أن الثورات انتقلت من السلبية إلى السلمية لأنها من خلال استخدام تكنولوجيا المعلومات استطاعت المواجهة المباغتة من خلال هجوم رمزي حقيقي. وأشار إلى أننا نواجه آلة قمع متغطرسة ومغرورة لكنها هشة في نفس الوقت لأنها لا تعتمد على نظام معرفي. وأوضح علي أن هذه الثورة ستظل تنبع من القاع إلى القمة على خلاف الثورات الأخرى لأنها ثورة تعتمد على التكنولوجيا المعرفية، وأضاف أن الهدف الآن هو تحويل الطاقة الثورية إلى القدرة على إنتاج المعرفة التكنولوجية وأكد على أهمية السيطرة على الثورة من خلال الإبداع وخلق معرفة جديدة وإهلاك المعرفة القديمة التي لم تعد نافعة. وأضاف أهمية الرقي بالرسالة إلى أهمية محو الأمية التكنولوجية بحيث تتحول الجهود من الحشد والتجميع للمقاومة إلى تعليم الناس كيفية استخدام هذه التكنولوجيا الجديدة فنحن لدينا شق سياسي ولكن هناك أيضاً الشق التنموي الذي لا ينبغي أن نغفله للنهوض بهذا المجال.. فالعنف الرمزي الذي يمثله الإعلام الرسمي هو جريمة بكل المقاييس تعمل على إجهاض الشق التنموي الذي نسعي إليه. وأكد على أن ألثورة تعمل على تغيير واقع سييء من الطبيعي أن يكون لها أعداء يريدون إجهاضها وبالتالي يجب تحديث آليات جديدة من أجل محاسبة هؤلاء الأعداء ويتحقق ذلك من خلال استخدام الفضاء التكنولوجي والمعرفي.