كارثة مصر والوطن العربى ثقافية بالدرجة الأولى جهاز «الرقابة» فى طريقه إلى «التصنيف العمرى»..وأسعى لتحقيق العدالة الثقافية فى الأقاليم لجنة «حرية الإبداع» تأسست لحماية الرقيب من القوى الدينية صابر عرب هو من عيَّن «لواء المخابرات» مديرًا لمكتب الوزير بعد فترة من عدم الاستقرار واعتراض الوسط الثقافى على كثير من الأسماء التى رشحت لوزارة الثقافة، لأنها برأيهم غير ملائمة لمرحلة ما بعد ثورتى يناير ويونيو، استقر الأمر مجددا على الدكتور جابر عصفور ليتولى حقيبة الوزارة بعد أن استقال من المنصب فى 9 فبراير 2011 لأسباب صحية، حيث كان قد تولى المنصب ذاته فى 31 يناير 2011 خلفا للوزير الأسبق فاروق حسنى. ورغم ارتياح البعض لهذا الاختيار فإنه لم يسلم من الانتقادات، لأن الوزارة تحتاج إلى تداول سلطة، وكان عليه أن يترك السلك الثقافى ويرفض المنصب، ليفتح المجال للطاقات الشبابية، وذلك وفقا لما يتداوله البعض داخل الوسط الثقافى اعتراضا على توليه المنصب. حول الانتقادات الموجهة إليه وقراراته الأخيرة ورؤيته للثقافة المصرية فى المرحلة المقبلة كان هذا الحوار: طالبت بعرض «نوح».. وبعض أعضاء لجنة السينما يرون أنفسهم سلطة فوق الوزير لكنى لست ضعيفًا الخلاف مع الأزهر بدأ منذ توليت منصبى.. و«الشباب» و«الثقافة» تدعمان السينما ب50 مليون جنيه ■ بداية لماذا قبلت المنصب هذه المرة بعد استقالتك عقب ثورة 25 يناير؟ - قبلت الوزارة هذه المرة، باعتبارها مهمة وطنية خاصة، حيث أخذت على عاتقى وضع الثقافة المصرية على الطريق الصحيح، وعمل منظومة ثقافية جديدة للدولة واستراتيجية جديدة للثقافة المصرية وسياسات جديدة يشارك فيها الجميع وكذلك تسليم وزارة الثقافة للشباب. ■ وهل تمكين الشباب يتفق مع تولى الدكتور أحمد بهاء شعبان رئاسة لجنة الشباب بالمجلس الأعلى للثقافة ومع تكليف السيد ياسين بوضع استراتيجية لوزارة الثقافة؟ - أود أن أؤكد لك أنه فى ما عدا أحمد بهاء شعبان فإن كل أعضاء وعضوات لجنة الشباب بالمجلس الأعلى للثقافة لا تتعدى أعمارهم الثلاثين عاما، ولجنة الشباب لا تتعارض مع وجود رئيس ذى خبرة، وأنا أندهش ممن يعيبون على اختيار السيد ياسين، لأنه يبلغ من العمر 80 عاما، متجاهلين خبرته. ■ لكن السيد ياسين معروف بانتمائه إلى نظام مبارك، لذا يقول البعض إنك تستمع إلى نصائح مجموعة من الحرس القديم وتأخذ برأيهم فى تعييناتك الجديدة؟ - استراتيجيتى هى الاستماع إلى كل الآراء من كل اللجان والمستشارين، وفى النهاية أنفذ ما أراه ملائما لرؤيتى التى جئت لتنفيذها ومنها تمكين الشباب، والدليل أننى عينت شخصيات ليس لها أى علاقة بالمرحلة السابقة، مثل مسعود شومان وناصر عبد المنعم ووليد سيف ونعمان القاضى. ■ يقال أيضا إنك تحاول إدخال المثقفين إلى حظيرة السلطة كما كان يحدث سابقا فى عهد فاروق حسنى؟ - أى مثقف حقيقى لا يمكن لأى سلطة أو إغراء أن يدخله حظيرة، إلا إذا كان مدعيا وغير مثقف بالأساس، وأنا أرى أن مجرد الحديث عن الحظيرة هو إهانة للمثقفين المصريين العظام. ■ لكن الوزير الأسبق فاروق حسنى هو الذى أطلق هذا المصطلح. - كانت «فلتة» لسان، ولم يكن ينبغى أن تؤخذ حرفيا، لأنها تحوى امتهانا لقيمة المثقف المصرى. ■ لمَ اخترت رئيس قطاع مكتبك لواء مخابرات، الأمر الذى وصفه الوسط الثقافى بالغريب؟ - رئيس قطاع مكتبى لم أتدخل فى اختياره، فهو معين منذ عهد الوزير السابق الدكتور صابر عرب. ■ تتعرض ثورة يناير لهجمة إعلامية شرسة، ورغم الهجمة أعلنت وزارة الثقافة عن إنشاء متحف للثورة.. فهل يعنى ذلك أن الثقافة منحازة إلى الثورة؟ - بالتأكيد وزارة الثقافة تنحاز إلى ثورتى 25 يناير و30 يونيو، وهو توجه الدولة ويؤكده الدستور، وأنا شخصيا أنحاز إلى الثورتين، وكلاهما لا ينفصل عن الآخر، فثورة يناير هى التى أدت إلى التحرر من الفساد ومن نظام سياسى فاشل، ولم تكن مؤامرة كما يردد البعض، لكن كانت ضعيفة افتقدت الرؤية المستقبلية، أو خارطة طريق، لذلك خطفها الإخوان، كما اكتشف الشعب الخديعة وثار على الإخوان وعزل رئيسهم فى 30 يونيو. ■ فى أثناء افتتاح المهرجان القومى للمسرح، أكدت أننا يمكن أن ننتصر على أمريكا، والتنظيمات الإرهابية بالفن، فكيف يمكن ذلك برأيك؟ - كارثة مصر وكارثة الوطن العربى هى كارثة ثقافية بالدرجة الأولى، هناك بالطبع كوارث اقتصادية واجتماعية وتعليمية وصحية، لكن لولا العقل العربى الفارغ ما انتشر الفكر الدينى المتطرف. ■ وهل لعب نظام مبارك دورا فى ذلك؟ - بالتأكيد فعلى مدى التاريخ العربى الإسلامى هناك عاملان متضافران متضامنان تسببا فى التخلف وهما «الاستبداد» و«التعصب الدينى»، وكل منهما يشجع الآخر، لذلك فإن عصور الاستبداد فى التاريخ العربى مرتبطة بالتعصب الدينى، ويلعب رجال الدين دورا قويا فى ذلك، بعد أن تحولوا إلى فقهاء السلاطين. ■ ماذا عن الخلاف بين وزارة الثقافة والأزهر الشريف؟ - هذا الخلاف بدأ من قبل أن أتولى منصبى كوزير للثقافة، حيث كتبت مقالا بإحدى الجرائد طالبت فيه بعرض فيلم «نوح»، وقلت إن عرضه مفيد للجمهور. ■ هل يعنى هذا أنك موافق على تجسيد الأنبياء على الشاشة؟ - هذا ليس تجسيدا، لأنه لا يمكن تجسيد نبى، بل يقوم الفنان بتمثيل الشخصية وتأدية دوره، وهناك اتفاق ضمنى بين المشاهد والقائمين على الفيلم بأنه يشاهد عملا تمثيليا لا واقعيا. ■ عندما كنت تشغل منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة كنت الرئيس المباشر لجهاز الرقابة على المصنفات الفنية وسمحت بعرض فيلم «آلام المسيح»، الآن وأنت وزير للثقافة ألا يمكنك أن تستخدم سلطاتك لعرض فيلم «نوح» خصوصا أن الرقابة كتبت تقريرها بالموافقة؟ - وافقت بالفعل على عرضه ولم يمنع، ويمكن مشاهدته، لكن الشركة سحبته. ■ هذا يعنى أنه فى حال تقدمت الشركة مرة أخرى بالفيلم سيعرض؟ - بالتأكيد يمكن عرضه، وإذا كوَّن المثقفون قوة ضاغطة وطالبوا بعرضه فستتم الاستجابة إليهم. ■ لكن الدستور حوى مواد تؤكد حرية الإبداع؟ - هذا حقيقى.. لكن هناك مادة تقول إن التشريع الإسلامى هو المادة الحاكمة فى الدستور، لذلك يتذرع البعض بهذه المادة ويقولون إنها حاكمة وتجبُّ المواد الأخرى، وما زالت هناك مناطق عائمة وغائمة، وهناك بعض الهيئات الدينية والأحزاب تريد فرض سطوتها لتديين المجتمع المصرى، وهذا التدين ليس فى صالح الدولة المدنية. وكيف يمكن التغلب على هذه الأزمة؟ - المثقفون هم الحل، وأنا أدعو إلى تكوين جبهة من المثقفين لمواجهة تدين المجتمع المصرى، وأنا سأشارك فى هذه الجبهة بصفتى مثقفا، لا بصفتى الرسمية كوزير للثقافة. ■ اعترض عدد من السينمائيين على لجنة «حرية الإبداع» التى كنت بصدد تشكيلها، فهل تنوى الاستمرا فى تشكيلها أم ستتراحع عنها؟ - المثقفون الذين اعترضوا على اللجنة لم يستوعبوا مهمة اللجنة، فأنا لم أقصد أن تكون قيدا على المبدع من جانب الحكومة، بل على العكس كنت أرى أن هذه اللجنة يجب أن تتكون من شخصيات كبيرة تتولى الدفاع عن الرقيب، ضد القوى الدينية. اللجنة مجرد فكرة أو اقتراح لم يقبلها السينمائيون ولم نشرع فى تنفيذها. ■ لكن عددا من أعضاء لجنة السينما أكدوا أنك تتعمد تهميشهم فى القرارات الخاصة بالسينما. - عدد من أعضاء لجنة السينما يتصورون أنهم يمتلكون سلطة أعلى من الوزير، وأنا أؤكد لهم أن وزير الثقافة ليس ضعيفا، ورأى لجان المجلس الأعلى للثقافة استشارى فقط، وللوزير أن يأخذ بآرائهم أو لا يأخذ، وذلك بما يراه صالحا للاستراتيجية العامة للثقافة، فأنا لست كغيرى. ■ لكن هذا يصنف ديكتاتورية واستبداد بالرأى؟ - ليست ديكتاتورية، لأن القانون ينص على أن دور هذه اللجان استشارى فقط. ■ اعترض بعض من أعضاء اللجنة أيضا على تغيير كمال عبد العزيز رئيس المركز القومى للسينما السابق. - كان لا بد من تغييره بعد مخالفاته الإدارية، والتأكد من عدم كفاءته، وعندما اجتمعت بلجنة «السينما»، أكدوا اعتراضهم على هذا القرار، فوعدتهم بدراسة الأمر مرة أخرى، وعندما قمت بمراجعة الأوراق وجدت أخطاء فادحة، وتم تحويل كمال عبد العزيز إلى النيابة الإدارية للتحقيق فى المخالفات، كما تم تحويل عدد من أعضاء مجلس إدارة المركز إلى النيابة العامة، فأنا مكلف من الحكومة بمحاربة الفساد. ■ المخرج أحمد ماهر قال إنك وافقت على دعم فيلم «بأى أرض تموت» بعد موافقة المستشار القانونى ومراجعة الأوراق الخاصة بالفيلم، فمتى سيمنح الدعم للفيلم؟ - لم أوافق على الفيلم، والمستشار الذى وافق تم تغييره، والمستشار الجديد مكلف بدراسة ملف الفيلم مرة أخرى، لاتخاذ الإجراء الملائم، وكذلك دراسة كل أفلام المركز القومى للسينما. ■ يرى البعض أن تعيين خالد عبد الجليل مديرا عاما لمهرجان القاهرة ليس قانونيا، لأنه مستشارك لأمور السينما؟ - لم أعين خالد عبد الجليل مديرا عاما لمهرجان القاهرة، لكن سمير فريد رئيس المهرجان طلب اثنين ليساعداه فى الأمور المالية والإدارية، لذلك تم تكليف خالد عبد الجليل بمساعدته، ولا يوجد تعارض فى الأمر. ■ متى يعود دور الدولة إلى دعم السينما؟ - دور الدولة سيعود بقوة، لكن ليس عن طريق الإنتاج، بل عن طريق الدعم، حيث سنخصص 20 مليون جنيه لدعم الأفلام السينمائية، كما وعد وزير الشباب والرياضة بتقديم 30 مليون جنيه أيضا للدعم السينمائى، ونحن نفكر فى إنشاء ما يسمى بصندوق دعم السينما، بين وزارة الثقافة ووزارة الشباب يشرف عليه عدد من السينمائيين المشهود لهم بالنزاهة والكفاءة. ■ من الملاحظ انخفاض توزيع إصدارات وزارة الثقافة، فكيف يمكن معالجة ذلك؟ - سيكون ذلك من خلال ضخ دماء جديدة من الشباب فى كل المجلات والإصدارات الخاصة بالوزارة، وأى رئيس تحرير يقضى أكثر من 15 عاما فى منصبه لا بد من تغييره. ■ هل كان ذلك هو سبب استقالة الشاعر الكبير أحمد عبد المعطى حجازى من مناصبه؟ - لا أعلم أسباب استقالته، لكنه تراجع وعاد إلى منصبه. ■ أبديت أكثر من مرة عدم رضاك عن أداء الإعلام المصرى، فما السبب؟ - لا يمكن أن ننسى الدور العظيم الذى لعبه الإعلام المصرى فى إسقاط الإخوان، ولكن لا بد أن يهتم الإعلام بعقل المشاهد، وأن يختار الأعمال التى يعرضها، وبدلا من منافسات برامج «التوك شو» يمكن أن يقدم الأعمال المسرحية لكبار المسرحيين مثل توفيق الحكيم ومحمد دياب. الدراما التاريخية ضعيفة.. و«سرايا عابدين» ركَّز على نزوات الخديو.. وشخصيات «صديق العمر» سيئة على الإعلام إعادة تقديم الأعمال المسرحية بدلا من منافسات «التوك شو» ■ وما رأيك فى الأعمال التاريخية التى عرضت فى رمضان؟ - كانت أعمال ضعيفة وغير دقيقة، حيث ركَّز مسلسل «سرايا عابدين» على النزوات النسائية للخديو إسماعيل فقط، ولم يتطرق إلى إنجازاته، كما كان مسلسل «صديق العمر» ضعيفا تاريخيا وفنيا، كذا كان جمال سليمان بعيدا كل البعد عن روح جمال عبد الناصر، الأمر الذى يدل على الاختيارات والترشيحات السيئة. ■ أعلن منذ فترة عن تشكيل لجنة لإعادة هيكلة جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، وتحويله إلى جهاز للتصنيف العمرى، إلى أين وصلت هذه اللجنة؟ - اللجنة تعد لذلك، ونحن فى طريقنا بالفعل إلى تحويل جهاز الرقابة على المصنفات الفنية إلى جهاز للتصنيف العمرى. ■ يرى البعض أن هناك تباطؤا فى عملية استعادة أصول السينما؟ - عودة أصول السينما وهم يسيطر على الأذهان، فنحن لم نفقد أصول السينما، وما زالت موجودة جميعها فى المجلس الأعلى للثقافة، ما تغير فقط هو الإدارة التى أصبحت تابعة لوزارة الاستثمار، ونعمل حاليا على عودة الإدارة إلى وزارة الثقافة. ■ افتتحت مؤخرا دار الوثائق وهى خطوة عظيمة، فهل تعاقدتم مع شركة متخصصة لصيانته؟ - من أكبر الكوارث فى مصر أننا نبنى، لكن لا نعرف الصيانة، لذلك نسعى بالفعل للتعاقد مع شركة لصيانته، ونبحث حاليا عن شركة تتميز بالمواصفات المطلوبة. ■ وماذا عن معاناة قطاع المتاحف؟ - قطاع المتاحف نصفه تابع لنا، والنصف الآخر تابع لوزارة الآثار، وأنا أعد بأننى سأترك الوزارة بعد الانتخابات البرلمانية، وسيكون قطاع المتاحف كله سليم تماما، حيث سنصلح ما يحتاج التصليح والترميم ونفتتح جميع المتاحف بعد تجهيزها، وذلك قبل يناير من العام القادم. ■ هل يعنى ذلك أنك اتخذت قرارك بترك الوزارة بعد الانتخابات البرلمانية حتى لو تم ترشيحك فى التشكيل الوزارى الجديد؟ - من المتوقع أن يتم اختيار وزير آخر، أما إذا وقع الاختيار على مرة أخرى فسأفكر وقتها فى الأمر.. فلكل حدث حديث.