احتفلت دار «الشروق»، مساء أمس الأربعاء، بالنادي الدبلوماسي المصري، بصدور كتاب «طابا.. كامب ديفيد والجدار العازل»، للدكتور نبيل العربي، الأمين العام الحالي لجامعة الدول العربية، ووزير الخارجية السابق. شهد حفل التوقيع حشدا غير مسبوق من كبار الشخصيات السياسية والفكرية والأدبية والإعلامية، اكتظت بهم القاعة المخصصة للاحتفال، عدا العشرات من الضيوف والإعلاميين، وكان من أبرز الحاضرين الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، والدكتور محمد البرادعي، اللذان قوبل حضورهما بحفاوة كبيرة.
وكان على رأس الحاضرين المهندس إبراهيم المعلم، رئيس مجلس إدارة دار الشروق، والدكتور أحمد كمال أبو المجد، والكاتب الكبير بهاء طاهر، والدكتور جلال أمين، والكاتب الكبير مريد البرغوثي، وحرمه الروائية الكبيرة الدكتورة رضوى عاشور، وابنهما الشاعر تميم البرغوثي، والمؤرخة القديرة الدكتورة لطيفة سالم، والدكتور معتز بالله عبد الفتاح، وعمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية وأحد مرشحي الانتخابات الرئاسية القادمة، إضافة إلى عدد من كبار الكتاب والصحفيين منهم الكاتب الصحفي جميل مطر، وعماد الدين حسين، وعبد الله السناوي، وآخرون.
استهل المهندس إبراهيم المعلم كلمته التي ألقاها في بداية الاحتفالية، بترحيبه بالضيوف، وتحدث عن تجربة نشر الكتاب الجديد للدكتور نبيل العربي، واصفا إياها بأنها “ممتعة وذات صعوبة بالغة”، موضحا أن العربي شديد الدقة إلى درجة متناهية، حيث كان شديد الحرص على مراجعة مراحل طباعة ونشر الكتاب كلمة كلمة وحرفا حرفا، وهو ما جعل تجربة التعاون مع نبيل العربي تجربة ممتعة، وأضاف المعلم أنه على المستوى الشخصي احترم فيه دقته ورقيه وموضوعيته الشديدة. وعن الكتاب الجديد، قال المعلم إنه كتاب مهم وخطير، وصدوره يمثل يوما مهما في الثقافة العربية والمصرية؛ لأننا نقدم كتابا من أهم الكتب التي صدرت خلال السنوات الأخيرة، مؤلفه شخص خبير قدير مشهود له بالكفاءة والتقدير الدولي والعالمي في مجاله، كدبلوماسي وسياسي وخبير قانون دولي، وخلال عمله في محكمة العدل الدولية، وقام بتوثيق جزء مهم وحساس وخطير من التاريخ الوطني المصري والعربي المعاصر، والصراع العربي الإسرائيلي في المنطقة، وأضاف المعلم أن العربي قد سجل تاريخ ووقائع وأحداث مرحلة تاريخية بالغة الدقة خلال نصف قرن، سجلها بدقة وموضوعية وبضمير القاضي، وحنكة السياسي، وحصيلة القانوني الخبير، وأشار المعلم إلى تعاون لجنة الدراسات التاريخية بدار الشروق برئاسة المؤرخة الكبيرة الدكتورة لطيفة سالم مع مؤلف للكتاب للخروج به في أحسن وأتم وأدق صورة ممكنة.
الدكتور أحمد كمال أبو المجد، المفكر الإسلامي والقانوني الكبير، قال إن صدور هذا الكتاب أمر يستحق التهنئة؛ لأن دار الشروق أطلت علينا وزودتنا بكتاب وثائقي ليس فقط عن مفاوضات كامب ديفيد ولا عن مشكلة طابا إنما عن شخص شارك في كل جزئية خلال هذه المرحلة التاريخية، وبالتالي فإن قراءته لهذه الأحداث والوقائع تكتسب أهمية خاصة؛ لأنها تجعلك كقارئ تعيش هذه المرحلة وتتصل بتفاصيلها وأسبابها. وأضاف أبو المجد إن هذا الكتاب سيكون له كبير دورٍ في أن تعرف الأجيال الجديدة -والقديمة أيضا ممن لا يعرفون- أن مصر لم تخل أبدا من رجال شرفاء يقولون الحق، مهما كان الثمن الذي يدفعونه، ويخدمون وطنهم بكفاءة وشرف ونزاهة واقتدار في أي موقع من المواقع.
الروائي الكبير بهاء طاهر، قال إنه من الواضح حتى لمن لم يقرأ هذا الكتاب والذي يعرف قدرا لا بأس به من سيرة الدكتور نبيل العربي، من الوقائع التي سمعناها الليلة من الضيوف الكرام، أو التي سمعناها منه قبل ذلك في مناسبات مختلفة، يعرف أن الدكتور نبيل العربي إنسان مشرف في كل موقع يتولاه ويستطيع أن يقنع كل من يعمل معه أو يعرفه عن قرب بجديته وعمق تفكيره، وكما قال عنه صديق طفولته جلال أمين، إنه شخص طوال عمره لامع الذكاء، قادرا على الإقناع.
الكاتبة والناقدة الكبيرة الدكتورة رضوى عاشور، قالت إنها لم تقرأ الكتاب بعد؛ لأنها حصلت عليه خلال الحفل، وأنها ستشرع في قراءته فورا، وتأمل أن تنتهي منه بسرعة حتى تقول رأيها فيه بموضوعية ووضوح، لكنها أوضحت أنها على ثقة بأنها ستجد عملا مهما لشخص جدير بالثقة والاحترام، ومواقفه تشهد له بذلك، وأنها على يقين بأنها ستجد مادة مثيرة للاهتمام وثمينة، خصوصا أنها تتعلق بفترة مهمة جدا من تاريخنا الوطني.
أما الدكتور جلال أمين، الكاتب والخبير الاقتصادي المعروف، فقد عبر عن سعادته بمشاركته في الاحتفالية وتقديم قراءته لبعض جوانب من الكتاب، وأشار إلى صداقة الطفولة التي كانت تربطه بنبيل العربي منذ أن كان عمرهما 4 سنوات، وإلى فخره بأن يقرن اسمه إلى اسم نبيل العربي، وكذلك أن يذكر مرتين خلال الكتاب، موضحا أنه ينتابه شعور عميق بعدم التصديق كيف أن هذا الطفل الصغير ذي السنوات الأربع الذي كانه “العربي”، وكان يلعب معه، سيصبح له هذا الشأن الكبير، وسرد أمين الكثير من التفاصيل عن العلاقة الشخصية التي ربطته بنبيل العربي، وعن ذكريات الطفولة والصبا والشباب، ومرورهما معا بمدرسة النقراشي، قبل أن يتزاملا في كلية الحقوق. وعن قراءته التي قدمها للكتاب، أشار أمين إلى عدة نقاط مهمة منها أن شخصية العربي بادية خلال الكتاب، فحسه العملي واضح تمام الوضوح، ويعالج المشكلات التي تعترضه بطريقة علمية، ويبحث لها عن الحل أو الحلول المناسبة، إضافة إلى تحديد أهدافه بدقة متناهية وصرامة شديدة، وأضاف أن العربي من الشخصيات التي لا تسرف في الحديث عن نفسها أو تضخم من أدوارها، كما أنه شديد الحيطة في توجيه نقده للأشخاص التي لا يحمل لها تقديرا كبيرا، فلا يترك العنان كي يطلق أحكاما هنا أو هناك، ولكنه يقتصد إلى أقصى حدود الاقتصاد في حديثه عن هذه الشخصيات، ولا يتعرض لها بسوء شخصي، ويقتصر على إيراد المواقف المتصلة بالعمل أو المصلحة العملية المشتركة.
أما الدكتور نبيل العربي، فقد وجه التحية لشباب ثورة 25 يناير ولشجاعتهم وتضحياتهم التي لا تقدر، ووصفهم بأنهم فعلو ما لم نستطع فعله طوال عشرات السنين، وقال عن كتابه الجديد إنه لا يتحدث عن تجارب شخصية بحتة، قدر ما يتحدث عما اتصل منها بالعمل العام وحاول قدر جهده التركيز على الأمور المهمة التي تهم القارئ والمتصلة بتاريخ مصر والتي اتخذت فيها قرارات مصيرية، وكيف تم التوصل إلى هذه القرارات ومن هنا جا تناول الكتاب لثلاثة مراحل متصلة بدءا من مفاوضات كامب ديفيد، وقضية طابا، وتفاصيل الجدار العازل، وأوضح العربي أنه يأمل أن يستفيد القارئ والشباب بالأخص من قراءة الكتاب وأن يجد فيه ما يمكن أن يفيد. وأكد العربي أنه في تناوله للقضايا الثلاث الرئيسية في الكتاب، رأى أنه لا يستقيم العرض بشكل سليم عند حديثه عن خروج إسرائيل من طابا دون أن يرجع إلى دخولها سيناء عام 1967، ويفصل فيها القول اللازم.