ليست المرة الأولى التى يعلن المجلس العسكرى أن انتخابات الرئاسة فى أبريل القادم أو تحديدا فتح باب الترشيح.. فليس جديدا أن يخرج علينا اللواء محسن الفنجرى ليقول إن فتح باب الترشح 15 أبريل. ربما الجديد أن اللواء الفنجرى هو الذى يصرح بذلك، لا اللواء الفقيه القانونى ممدوح شاهين أو المجلس الاستشارى العسكرى أو أحد من أعضائه.. أو من ينصب نفسه الآن متحدثا باسم «العسكرى» من الحزبين الذى يسعى لأن يكون له دور الآن بعد أن دخل مزبلة التاريخ لمواقفه المساندة للنظام السابق المخلوع.. وموقفه المضاد من الثورة. وربما تذكر اللواء الفنجرى وزملاؤه الجنرالات فى المجلس العسكرى بعد ارتباكهم -كعادتهم- بإعلان الدكتور محمد البرادعى عدم ترشحه للرئاسة -وكان الأجدر والأفضل ولكن ليس على هواهم- بعد أن فجر القنبلة فى وجوههم جميعا.. ومن معهم بالْتفافهم حول أهداف ومطالب الثورة التى يطلقون عليها المجيدة.. ولا يمجِّدون فيها أى شىء.. بل يسيئون إليها ويشوهونها.. ويتهمون الثوار بالتخريب، ثم يدّعون أنهم حموا الثورة.. ناسين أو متناسين أن الثوار فى إصرارهم على خلع مبارك وعصابته قد حموهم من طغيان واستبداد عصابة مبارك التى كانت تريد أن تحكم أبدا.. وتفرم أى شخص يقترب من ذلك.. ألم يقل الفريق سامى عنان «إن الثورة لو فشلت لتم دبحهم وتعليقهم على باب زويلة!» إنهم الآن يسعون لتنفيذ الجزء الثانى من الصفقة التى بها يقضون على الثورة.. فبعد أن تم تقسيم التركة على البرلمان للإسلاميين .. تبقى الرئاسة ل«العسكرى». وقد ساعد «العسكرى» الإسلاميين فى الحصول على الأغلبية فى البرلمان من خلال التشريعات التى سمحت بوجود أحزاب على أساس دينى.. وتقسيم دوائر بشكل مختل وقانون انتخابات سيئ.. غير الانتهاكات «الشائنة» التى كانت تمارس أمام اللجان.. وأحيانا أخرى داخل اللجان.. والتأثير على الناخبين من قبيل أن هؤلاء المرشحين بتوع ربنا فى رعاية العسكر والشرطة!! وقبل ذلك الاستفتاء والدخول فى مهاترات الانتخابات أولا، أو الدستور أولا.. ثم المبادئ الحاكمة للدستور.. ثم الاستسلام فى النهاية لمطالب الإسلاميين لتأتى الآن مرحلة الرئاسة، ويعلن عن فتح باب الترشيح قبل أن ينتهوا من قانون انتخابات الرئيس، ليفاجئ الجميع بمواده وشروطه.. ولن يكون هناك أى وقت لمناقشةٍ مجتمعية كما يدّعون ويتم إقراره.. فهناك موافقة من المجلس الاستشارى التابع ل«العسكرى» وكذلك مجلس الوزراء التابع أيضا ل«العسكرى».. وربما يمنحونه الحصانة من المحكمة الدستورية «أعضاؤها الآن مستشارون ل«العسكرى» على غرار ما فعل مبارك وترزية قوانينه فى المادة 76 سيئة السمعة التى كانت لا تمنح الترشح للرئاسة إلا لمبارك شخصيا أو من يرضى عنه. فوفقا لما تسرب من قانون انتخابات الرئاسة، وسبق أن ذكرنا وهنا نذكر مرة أخرى أن الانتخابات ستجرى على يوم واحد.. كما يحق لأى مواطن التصويت فى أى لجنة فرعية على غرار ما حدث فى استفتاء 19 مارس، يعنى من الآخر تهريج. فكيف تكون انتخابات رئيس مصر بعد الثورة بهذه الطريقة التهريجية.. وهى الطريقة التى لم يتم تطبيقها على الانتخابات البرلمانية. اللهم إلا إذا كانوا يريدون اختيارا لهم، لا انتخابا شعبيا للرئيس. إنها فرصة كبيرة للتزوير.. وحساب الأصوات الانتخابية وتوزيعها كما يريدون. وللأسف الشديد لم يتنبه أحد من المرشحين المحتملين للرئاسة لهذا الأمر الذى لا يمكن أبدا وصفه إلا بالمشبوه.. ومنهم شخصيات جديرة بالاحترام.. ومنهم شخصيات يعملون مستشارين ل«العسكرى» الآن وزيتهم فى دقيقهم! وقد أطلق «العسكرى» شخصيات رشحت نفسها للرئاسة وربما تكون بالونة اختيار، بينهم شفيق، رئيس وزراء حسنى مبارك فى أيام الثورة.. وقد تجرأ الرجل بشكل غريب ليرشح نفسه للرئاسة، وهو الذى لم يكن يعترف إطلاقا بالثورة.. وكان يعمل بكل ما يملك على وأدها.. وكانت موقعة الجمل قد جرت على يديه. وقد يفجر المجلس العسكرى بترشيحه إحدى الشخصيات الحزبية التى يبدو أنه اتفق معها.. خصوصا أنه لم يحقق النجاح المطلوب فى انتخابات مجلس الشعب.. وقد تخيل أنه سيحصل على الأغلبية. وهو أيضا كان له موقف مضاد للثورة.. ويفرض نفسه هذه الأيام كمتحدث باسم المجلس العسكرى!! إنهم يصنعون الرئيس الذى سيكون «شُخْشيخة» فى أيديهم.. ولا يمكن أبدا أن يعبر عن الشعب الذى قام بثورة عظيمة من أجل التخلص من الطغيان والاستبداد والفساد. لكن الذين فى المجلس العسكرى يريدون استمرار النظام من خلال شخص يفصِّلونه وهم يسيطرون عليه. لهذا يحاولون تشويه الثوار، وإحياءهم الذكرى الأولى لثورة 25 يناير.