محافظ الغربية يتابع حملات النظافة وجاهزية محيط الكنائس لعيد القيامة وشم النسيم    الرئيس السيسي مهنئًا الأقباط بعيد القيامة: «أسأل الله أن يديم على الوطن وحدته»    وزارة العمل: توفير 14 ألف وظيفة لذوي الهمم و3400 فرصة جديدة ب 55 شركة    بعد حصد المركز الأول|رئيس جامعة بنها: تلقينا 3149 شكوى.. وفحص 99.43% منها    شعبة بيض المائدة تكشف مصير الأسعار خلال أيام شم النسيم    أسعار اللحوم البلدي والمستورد اليوم الأحد 5-5-2024 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    معيط: تخصيص أكثر من نصف موارد الدولة بالموازنة الجديدة للحماية الاجتماعية والصحة والتعليم    الري: إنطلاق المرحلة الثانية من «مشروع تعزيز التكيف مع التغيرات المناخية»    استقرار ملحوظ في سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه المصري اليوم    الإسكان: استصدار 98 قراراً وزارياً لاعتماد تخطيط وتصميم مشروعات بالمدن الجديدة    وزيرة البيئة ترفع حالة الاستعداد بالمحميات الطبيعية خلال احتفالات أعياد الربيع    عودة المهجرين لشمال غزة .. مصدر رفيع المستوى يكشف تفاصيل جديدة عن المفاوضات    مخزون المتمردين من الأسلحة المتطورة تناقص .. هل تراجعت هجمات الحوثيين فى البحر الأحمر أمام تحالف حارس الازدهار أم حققت أهدافها؟    القوات الجوية الأوكرانية تسقط 23 مسيرة روسية خلال الليلة الماضية    أول جولة أوروبية كبيرة للرئيس الصيني منذ كورونا    قصف مدفعي إسرائيلي على الحدود اللبنانية    يصل إلى 50 شهاباً في السماء.. «الجمعية الفلكية» تعلن موعد ذروة «إيتا الدلويات 2024» (تفاصيل)    رئيس وزراء اليابان يشدد على أهمية توسيع دائرة التعاون خلال جولته إلى فرنسا وأمريكا الجنوبية    التشكيل المتوقع للزمالك في لقاء سموحة بالدوري    مدرب سيدات طائرة الزمالك: بطولة أفريقيا كانت تحدي خاص لنا    شوبير يكشف مفاجأة حول أول الراحلين عن الأهلي بنهاية الموسم    حالة الطقس المتوقعة غدًا الإثنين 6 مايو 2024 | إنفوجراف    ندب المعمل الجنائي لفحص سبب نشوب حريق شقة بالقليوبية    قبل شم النسيم.. ضبط 20 طن فسيخ ورنجة فاسدة بالقاهرة    السيطرة على حريق مخزن قطن في الشرقية    ضبط سيارة محملة ب8 أطنان دقيق مدعم مهربة للبيع بالسوق السوداء بالغربية    امتحانات الشهادة الإعدادية 2024 | قرار عاجل بشأن اعتذارات المراقبين عنها الآن    مصرع شخص وإصابة 4 آخرين في حادث تصادم ببورسعيد    تبدأ من 5 جنيهات.. أرخص 10 أماكن «فسح وخروج» في شم النسيم 2024    يعود لعصر الفراعنة.. خبير آثار: «شم النسيم» أقدم عيد شعبي في مصر    حقيقة تدخله في طلاق شقيقه وهنا الزاهد.. تصريحات نارية للفنان كريم فهمي|فيديو    سرب الوطنية والكرامة    في ذكرى وفاته الرابعة| نجل الطبلاوي يكشف ما أوصاهم به والدهم    الكاتبة فاطمة المعدول تتعرض لأزمة صحية وتعلن خضوعها لعملية جراحية    التنمية الثقافية: افتتاح مركز الإبداع الفني بمتحف نجيب محفوظ يونيو المقبل    رئيس «الرعاية الصحية» يبحث تعزيز التعاون مع ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة    فريق "100 مليون صحة" يشارك بالتأمين الطبي للاحتفالات عيد القيامة بالإسماعيلية    أخبار الأهلي: تحرك جديد من اتحاد الكرة في أزمة الشيبي والشحات    الأهلي يستعيد جهود رامي ربيعة أمام الاتحاد السكندري بعد انتهاء الإيقاف    إنقاذ العالقين فوق أسطح المباني في البرازيل بسبب الفيضانات|فيديو    عاجل.. حقيقة خلاف ثنائي الأهلي مع كولر بعد مواجهة الجونة    كريم فهمي: مكنتش متخيل أن أمي ممكن تتزوج مرة تانية    مخاوف في أمريكا.. ظهور أعراض وباء مميت على مزارع بولاية تكساس    مصر للبيع.. بلومبرج تحقق في تقريرها عن الاقتصاد المصري    قصواء الخلالي: العرجاني رجل يخدم بلده.. وقرار العفو عنه صدر في عهد مبارك    نجم الأهلي السابق يوجه طلبًا إلى كولر قبل مواجهة الترجي    حزب العدل يشارك في قداس عيد القيامة بالكاتدرائية المرقسية    بعد معركة قضائية، والد جيجي وبيلا حديد يعلن إفلاسه    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية.. الأحد 5 مايو    حكم زيارة أهل البقيع بعد أداء مناسك الحج.. دار الإفتاء ترد    الآلاف من الأقباط يؤدون قداس عيد الميلاد بالدقهلية    محمود البنا حكما لمباراة الزمالك وسموحة في الدوري    دار الإفتاء تنهي عن كثرة الحلف أثناء البيع والشراء    صناعة الدواء: النواقص بالسوق المحلي 7% فقط    أبو العينين وحسام موافي| فيديو الحقيقة الكاملة.. علاقة محبة وامتنان وتقدير.. وكيل النواب يسهب في مدح طبيب "جبر الخواطر".. والعالم يرد الحسنى بالحسنى    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقتل شهدى عطية الشافعى فى رباعية نادرة لصلاح جاهين
نشر في التحرير يوم 15 - 06 - 2014

إذا كان فرج الله الحلو الذى اغتاله أعداؤه فى لبنان، وتخلصوا من جسده بتذويبه فى حامض الأسيد عام 1959 هو أبرز من فقدهم اليسار اللبنانى، ورثاه نجيب سرور بقصيدة جاء مطلعها، يقول:
«فى القرن يُقال العشرين
والعام التاسع والخمسين
وأنا فى الزنزانة منفردا أترقب
وقع أقدام الجستابو».
وإذا كان عبد الخالق محجوب، (الذى أعدمه جعفر النميرى فى 28 يوليو عام 1971 على أعواد مشنقة سجن كوبر، إثر الانقلاب الفاشل الذى قام به هاشم العطا)، يعتبر عميد شهداء السودان، فالمصريون يعتبرون اغتيال المناضل شهدى عطية الشافعى القائد الشيوعى المحترم والخلوق فى 15 يونيو 1960، هو أمير شهداء اليسار فى مصر قاطبة، رغم أن الحركة الشيوعية المصرية فقدت رموزا ومناضلين آخرين داخل السجون والمعتقلين، وعلى رأسهم لويس إسحاق ومحمد عثمان، وكانت تُقام فى المعتقلات المصرية مراسم الجنازات، التى يشيع بها الشيوعيون رفاقهم، ووصف صنع الله إبراهيم جنازة لويس إسحاق فى كتابه «يوميات الواحات»، ولكن قصة شهدى كانت هى الأكثر لفتا بين كل من اغتيلوا داخل المعتقلات، ولأن شهدى كان مناضلا مرموقا وقياديا ومثقفا ومؤثرا داخل معظم صفوف اليسار الشيوعى، أخذت قصته أبعادا سياسية ودرامية عديدة، ويكفى أن عبد الناصر عندما كان فى زيارة ليوغوسلافيا مدعوا من الرئيس تيتو لحضور مؤتمر السلام، ووقف أحد حضور المؤتمر لينعى شهدى عطية الشافعى الذى اغتيل فى السجون المصرية بعد التعذيب البشع الذى أنهى حياته تماما، وكانت هذه الكلمة سببا فى إحراج جمال عبد الناصر، وأبرق فورا إلى القاهرة بإيقاف عمليات التعذيب فى المعتقلات، ولكن هذا لم يحدث بشهادة كثيرين كتبوا مذكراتهم فى ما بعد، وقالوا إن التعذيب لم يقف مباشرة بعد رحيل شهدى عطية، الذى وقف ببسالة فى وجه من عذبوه، ثم زعموا بعد ذلك أنه انتحر، ما دفع صلاح جاهين إلى كتابة رباعية شجاعة، وينشرها فى مجلة «صباح الخير» فى 13 أكتوبر من عام 1960 نفسه، ولكنه لم يضمنها الرباعيات، التى صدرت فى ما بعد، وأعتقد أن الرقيب تدخل آنذاك، وتقول هذه الرباعية المجهولة:
«قتلوه من التعذيب وقالوا انتحر
فكرت لحظة وقلت آه يا غجر
لو جنسكم سبناه يعيش فى الحياة
اللى انتحر.. راح يبقى جنس البشر».
وجدير بالذكر أن شهدى عطية القائد اليسارى والقطب الشيوعى الكبير كان أحد المؤيدين لسياسة جمال عبد الناصر، خصوصا فى منحاها الوطنى، ومنحاها الاجتماعى، وشهدى عطية نفسه كتب كتابا عام 1957 عن الحركة الوطنية المصرية أثنى على السياسة المصرية الناصرية فى ذلك الوقت، وكان الشيوعيون المصريون آنذاك على وفاق مع السلطة الناصرية، وكانوا يكتبون فى جريدة «المساء» التى جمعت معظم كتاب ومثقفى اليسار، وكان شهدى نفسه هو أحد كتابها، ولكن دون إبراز اسمه، لذلك نشرت جريدة «المساء» روايته الوحيدة «جارة أم الحسينى»، دون ذكر اسمه، ولكن الجريدة قدمته تقديما فخيما، يثنى على هذه الشخصية العظيمة التى كتبت هذه الرواية، وأعتقد أن جريدة «المساء» التى كانت مهتمة إلى حد بعيد بالفنون والآداب، لم تنشر فى ذلك الوقت رواية مسلسلة لأى كاتب من الكتاب المرموقين، لكنها أفردت خمس حلقات لنشر الرواية، وكانت كل حلقة مصحوبة برسومات بديعة للفنان زهدى العدوى، وكان زهدى من كبار الفنانين، وظلت الرواية حبيسة الصحيفة، حتى نراها فى المجلس الأعلى للثقافة بعد نشرها مسلسلة بأكثر من خمسين سنة، واحتفل المجلس بهذه المناسبة، وحضرت هذا الاحتفال السيدة حنان شهدى، وجاء من موسكو لحضور مراسم الاحتفال المتعددة بمناسبة مرور خمسين عاما على رحيل والدها.
وأعتقد أن الحديث عن تعذيب واغتيال شهدى ملأ كثيرا من المذكرات التى كتبها معاصروه، مثل طاهر عبد الحكيم الذى كتب كتابا وثائقيا شديد الأهمية، ولم ينشر مرة أخرى، وهو كتاب «الأقدام العارية»، وأيضا كتاب «معتقل لكل العصور» للمهندس فوزى حبشى، وبطبيعة الحال كتاب «يوميات الواحات» لصنع الله إبراهيم، والذى كان مرافقا لشهدى فى أثناء واقعة الاغتيال، وكذلك كتب فتحى عبد الفتاح كتابه «شيوعيون وناصريون» عام 1975، وصدر عن دار «روزاليوسف»، وكذلك الكتاب الضخم الذى أنجزه الدكتور والمترجم فخرى لبيب، تحت عنوان «الشيوعيون وعبد الناصر»، وفيه دأب لبيب على توثيق كل وقائع القتل والاغتيال والتعذيب، التى تعرض لها الشيوعيون المصريون فى أطول تغريبة عاشوها منذ عام 1959 حتى عام 1964، والأهم من ذلك كله هو كتاب «الجريمة» للدكتور رفعت السعيد، الذى استطاع أن يحصل على التحقيقات التى جرت بصدد الواقعة، ونشر النعى الشجاع الذى نشرته جريدة «الأهرام» آنذاك، ما سبب ارتباكا شديدا للمسؤولين المصريين، واضطرت السلطات آنذاك إلى فصل الرقيب الذى لم ينتبه إلى تسرب هذا النعى.
وأريد أن أنوّه بأن شهدى عطية الشافعى الذى كتب رواية «أم الحسينى»، له قصص قصيرة كان قد نشرها فى مجلة «مجلتى»، عام 1936، وكذلك كتب عددا من الدراسات النقدية والأدبية عن توفيق الحكيم والكاتب الإنجليزى ه ج. ويلز، وكانت ثقافة شهدى الإنجليزية تؤهله للقيام بهذا الدور، وأعتقد أن روايته الوحيدة «حارة أم الحسينى» تمثل وحدها تجسيدا نموذجيا لفكرة الواقعية، التى كان اليسار المصرى والمثقفون الطليعيون فى الخمسينيات يرفعونها كشعار لهم، وللأسف لم يلتفت أحد من النقاد اليساريين إلى هذه الرواية، وعلى رأسهم الناقد محمود أمين العالم، الذى كان على علم بها، وكان على علاقة عميقة بشهدى، وكان قد قدم له كتابه «ماذا تريد أمريكا من الشرق الأوسط؟»، وأعتقد أن عدم الحديث والكتابة عن شهدى عطية الشافعى، كان شبه متفق عليه بين رموز اليسار والسلطة فى الستينيات، لعدم تعكير جو الوئام، الذى عاد مرة أخرى بعد خروج الشيوعيين من معتقلات ثورة يوليو!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.