وانا ويّايا باعيش.. زى المليونيرات واحلم وانا معاييش.. مالعنش الأزمات وجنانى ده عين العقل العقل ده داء بيعيى وجنانى ده شىء مش سهل تقدر تتجنن زيى؟ أنا احب أسهر للصبح وعمرى ما أروّح بدرى مخلوق رافض للنصح والعمر باقيسه بسهرى وباصاحب كل الخلق.. البيه صاحبى والفقرى واتعشى ف باب الخلق.. وافطر ع البحر ف بحرى آجى أتغدى مالاقيش... مالعنش الأزمات مات شاعر هذه الأغنية التى كتبها واصفا حالته واستمع إليها الملحن فاروق الشرنوبى ووجد أن حاله من حال شاعرها فلحنها لنفسه واستمع إليها بالصدفة مدحت صالح فوجد أيضا أنها تعبر عن حاله فغناها لنفسه واستمع إليها الناس فوجدها أغلبهم تعبر عن حياتهم وحالهم ورددناها معهم. أرى «المليونيرات» واحدة من الأغنيات الاستثنائية فى المكتبة الغنائية العربية التى تمردت على القاموس التقليدى فى المفردات المستخدمة، كما أنها ذهبت بعيدا فى التحليق والخيال فكانت تقتنص مشاعرنا بحميمية وألق وصدق وخفة ظل، أغنية رأينا فيها ملامحنا.. كان رضا أمين يعبّر بهذه الأغنية -التى كتبها قبل 30 عاما وغناها مدحت قبل 15 عاما- عن تفاصيل خاصة بحياته، يحكى شيئا خاصا ولا يجوز أن يسمعه إلا هو وأصدقاؤه المقربون ولكن انتشرت الأغنية رغما عنه! كم من القراء يعرف رضا أمين؟ بل كم من الزملاء الصحفيين الفنيين يعرفون رضا أمين؟ آخر مرة كتبت عن رضا كانت قبل نحو شهرين عندما قرر مهرجان الموسيقى العربية تكريم الشعراء ووقع اختيارهم على الشاعر الموهوب الشاب أيمن بهجت قمر. كتبت فى هذه المساحة قائلا «كيف ينسى المهرجان تكريم جيل الوسط من الشعراء ويقفز مباشرة إلى جيل الشباب؟»، وضربت مثلا ببعض أسماء من هذا الجيل، وكان من بينهم رضا أمين، فهو شاعر بجد وبحق وحقيقى، وتعبير «حقيقى» يعنى أنه شاعر لا مجرد ناظم للأغنية.. كنت أعلم أنه مريض بعد أن أصيب بجلطة أثرت على حركته الجسدية، ولكنه لم يفقد إيمانه بالحياة وظل لديه أمل، وتفاقمت الأمراض عليه وشاركَته الحياة ألحان الابنة الكبرى للموسيقار محمد الموجى التى وُلدت بمرض لا شفاء منه، وشاهدها بالصدفة فى المستشفى فقرر الزواج بها ليخدمها طوال عمره فعاشت هى لكى تقف على خدمته حتى اللحظة الأخيرة! قرأت فى الأرشيف القليل المتاح لهذا الشاعر الموهوب حوارا أجرته فى مجلة «صباح الخير» الزميلة أمانى زيان فى السلسلة التى يشرف عليها الشاعر جمال بخيت وتتناول شعراء الوطن، وبالطبع لولا أن جمال شاعر ما كان من الممكن بالطبع أن يضع عينيه على أهمية الشعر الغنائى خصوصا أن هذا الجيل المظلوم كان ينبغى أن نوجه إليه قليلا من الضوء ونستمع إلى جزء من شعره. أنا عاقل ولاّ مجنون متحرر ولاّ انا مسجون فى دماغى دوشة وجنون جوايا موافقة ومعارضة فى دماغى دوشة وخناق وفى قلبى أوزوريس مشتاق تتجمع تانى الأشلاء وحنين بالضوء يتوضَّى والحاضر مش عايز يرضى ■ ■ ■ وأقدم لكم واحدة أخرى: ماتشبعيش بالجوع.. ولا تختاريش الخضوع وان شفتى برعم أخضر.. ضميه بصدق يزهر والحب يملا الفروع كونى خطى سبّاقة.. شمس النهار سبّاقة ومع حنان التى أصبح اسمها «مطربة الشمس الجريئة» على اسم أغنيته، و يقول مطلعها: الشمس الجريئة.. والنسمة الرقيقة والموجة الشقية.. فى بحور اسكندرية وكتب لعمرو دياب عددا من أغنياته الناجحة مثل «شوّقنا أكتر شوّقنا»، و«نبقى احنا كده خالصين» ولسميرة سعيد «غروب وشروق»، وللمطربة أصالة «تصور باحبك».وأقنع الموجى الكبير قبل 17 عاما بالتلحين للمطربة أنوشكا وقدم لها لحنا يفيض شبابية ومشاغبة هو «تيجى نغنى»، وهو من أواخر ألحان الموسيقار الكبير. كم قصّرنا فى حق هذا الجيل من الموهوبين الذين كانوا بيننا أحياء يبدعون ولم نتذكرهم إلا بعد أن وارى جسدهم التراب.. أليس علينا من الآن أن نحاول التقاط أصحاب حالات الصدق القليلة فى حياتنا؟ فهم الذين يمنحون أيامنا معنى. مع الأسف يبدو أننا مشغولون أكثر بمتابعة شطحات عبد المنعم مبروك وخزعبلات توفيق عكاشة، وفى تلك اللحظات الخارجة عن الزمن مات شاعر موهوب، مات شاعر المليونيرات رضا أمين!