كل سنة وأنت طيب، كل سنة وأنت تحتفل بالحياة فى هذا العيد الجميل الذى يجمع المصريين جميعا فى مهرجان للفرح بين أحضان الطبيعة.. حيث الخروج إلى النيل والبحر والهواء، وحيث الأرض تزدهر فتخضرّ الحياة. كان اليوم موعدنا للقاء فى صحبة الصديق العزيز الدكتور ممدوح حمزة حيث تعوَّد استضافة أصدقائه فى منزله الريفى الجميل. الحادث الذى ترك المنزل أطلالا بعد اشتعال النيران فيه حرمنا من اللقاء. ولا أريد أن أستبق التحقيقات ولكن إذا ثبت أن الحريق متعمَّد، وأن إخوان الإرهاب يواصلون مهمتهم الحقيرة فسوف يخيب مسعاهم، فلا أحد سيتراجع عن مواجهة إرهابهم حتى النهاية، ولا نتيجة لاستمرار منهجهم الحقير إلا زيادة الكراهية لهم، وخروجهم النهائى من حاضر مصر ومستقبلها. كل ما نواجهه من مصاعب سينتهى، وكل من يفسر الشر لهذا الوطن سينهزم، وكل عصابات الإرهاب بقيادة الإخوان سيكون مصيرها -كما قلت أمس- مثل مصير الإرهابى الجبان الذى يطلب الموت فلا يجده، ويطلب العفو فيدرك أن كل الجرائم يمكن العفو فيها إلا خيانة وطن علَّم الدنيا كل قيم الحب والتسامح والجمال، وهَدَى الإنسانية إلى طريق التوحيد وإلى صنع الحضارة. فى مصر لا تكون شهور «الربيع» فى العادة هى الأجمل، لكنها شهور اندلاع الحياة وبشارة الخير وبداية الأمل، هذا العام يحمل الكثير من هذا كله. يكفى فقط أن نعود قليلا إلى الوراء وأن نتذكر مثل هذه الأيام من العام الماضى. كان الكابوس الإخوانى يكاد يخنقنا، وكان الشعور بالإهانة يجتاحنا ونحن نرى الفاشية تحكم، والتخلف يحاول العودة بمصر إلى ظلام العصور الوسطى. فى مثل هذا اليوم من العام الماضى، كنا نواجه دعوات تحريم الاحتفال بشم النسيم! وكنا نتعامل مع هوس من يكفّرون عموم المصريين لأنهم يصرّون على تبادل التهنئة مع إخوتهم الأقباط فى أعيادهم (!!) وكان المسلمون يتداعون لحماية الكنائس من إرهاب حقير يعرفون أنه يضمر الشر لمصر كلها، ويعادى المسلمين قبل الأقباط، ويستبيح دماء الجميع فى خروج على الدين وعلى الإنسانية معًا. وكنا نحتشد لإنهاء هذا العار الذى جاء مع فاشية الإخوان وتحالفهم مع أحط عصابات الإرهاب، وتنفيذهم لمخططات أعداء مصر فى فعل خيانة لا يوصف. وكانت مصر كلها تحتشد لإزالة هذا العار واستعادة الثورة والدولة فى 30 يونيو العظيم. ما أبعدنا اليوم عن هذا كله، حتى ونحن نحتفل بشم النسيم بينما إخوان الإرهاب وحلفاؤهم يزرعون القنابل ويمارسون الاغتيال الحقير والقتل الحرام. لكننا نعرف جيدا أن كل ما يفعلونه هو مجرد «حلاوة روح» لا تمت بأى صلة طبعا إلى فيلم هيفاء وهبى الممنوع، وإن كانت تفوقه فى الابتذال!! ونعرف جيدا أن كل ما يفعلونه هو خطوات على طريق النهاية القريبة والمحتومة، بينما تمضى مصر فى طريقها رغم كل المصاعب تستأصل الإرهاب من جذوره، وتمضى فى تنفيذ خريطة المستقبل، وتستعد لانتخابات رئاسية نرجو أن تتوفر فيها كل ضمانات النزاهة والحياد، وترفض أى تدخل أجنبى فى شؤونها، وتعلن بأعلى الصوت أنه لا قرار فى مصر إلا لشعبها وحده. كنت أريد أن آخذ القارئ العزيز اليوم فى استراحة قصيرة بعيدا عن السياسة وهمومها. كنت أريد أن أتحدث عن بهجة عيد كنا نستعد له لأسابيع وربما لشهور فى طفولتنا ببورسعيد الجميلة، حيث ما زال العيد يحتفظ حتى اليوم بملامحه الفريدة التى تمزج بين تاريخ من الوطنية، وشلال من البهجة وحب الحياة.. لكن الظروف تحكم، والسياسة لا ترحم، ومع ذلك تبقى مصر بسحرها القادر على قهر كل الظروف. تصنع الفرح وهى تقاتل صانعى الموت من إخوان الإرهاب وحلفائهم. تحتفل بعيد يجمع كل المصريين وهم يعانقون الكون ويحتفون بالجمال. قد لا تكون شهور الربيع فى مصر هى الأجمل، الجو فى الخريف هو المثالى فى مصر.. لكن الحياة تُولد الآن. تزدهر فى شهور الربيع «رغم تقلبات الجو ورياح الخماسين» لكى يكتمل المشهد فى شهور الخريف وقبل الشتاء. لحظات الميلاد هى الأصعب، مرحبا بالربيع، وكل سنة وربيع مصر يزرع الأمل ويفجّر الحياة ضد أعداء الحياة.