افتح عينيك على اتساعها واحلم. هذا ما يمكن أن تقوله لابنك.. إذا كنت تحبه. لا تصدق المجلس العسكرى ولا الكورس الملحق به أننا فى أزمة أو كارثة أو مخطط. لا تصدق الكورس الذى ينشر الرعب فى كل مكان. إنهم فاشيون.. لا يمتلكون مهارات ولا أدوات الفاشية. إنهم.. يصنعون الأزمة لكى يبرروا وجودهم.. فهم جهة الإنقاذ الوحيدة. جمهور المجلس ليس عشاق الحكم العسكرى، ولا أعداء الثورة، إنهم الذين نجحت معهم خطة صناعة الرعب واستسلموا لفكرة أن الرعب على باب بيتك.. والدولة ستسقط.. والخراب سيعم.. إنه كتالوج محفوظ.. يريدك أن ترتمى فى أحضان الوضع القائم.. أو ترضى بالقليل لأنه لا مجال للأحلام.. ولهذا تسمع تعبيرات من نوع «مش كفاية كده.. عاوزين إيه تانى». لأن الغرض الأساسى من صناعة الرعب هو مغادرة الأحلام والاستسلام للأمر الواقع. هذه أداة الثورة المضادة الفعالة.. يداعبون بها ملايين ارتبكت حياتهم ليس بسبب الثورة ولكن لأن الثورة لم تصل بأحلامه إلى الحكم. يحكم مصر الآن مجلس من ميراث مبارك.. يريد تدوير الماكينة نفسها بنفس الأسلوب بعد تغيير من يضغط على الزر. الماكينة التى ألقت بملايين خلف خط الفقر.. وملايين أخرى أسكنتهم الشوارع وملايين ثالثة أقامت حياتهم على الفساد الصغير.. بينما انفردت العصابة بالفساد الكبير. إنهم يريدون إغلاق الأبواب التى فتحتها الأحلام بدولة جديدة.. وينشرون اليأس والإحباط لتبدو الدولة القديمة أو العودة إليها الحل السريع لأزمة هم صناعها. لهذا لا بد أن تترك ابنك إن لم تستطع أنت أن يفتح عينه على اتساعها ويسير فى طريق دولة تدوخنا بالانتقال من أزمة إلى أزمة. التفكير بعقل الأزمة ضد الثورة. الثورة انفجرت لأن الأزمة وصلت إلى حدود لم تعد تحتمل العلاج التقليدى.. ولا بد من حفر طريق مختلف.. يبحث فى مصر عن عقول تفكر بشكل مختلف.. فى الاقتصاد والعلوم.. فى الصناعة والزراعة.. فى الهندسة وبناء المجتمعات الجديدة. الصورة رأس سهم.. باتجاه المستقبل. والعسكر يريدون أن ننظر تحت أقدامنا.. لنغرق من جديد فى بحر الرمال المتحركة. نريد شخصيات لا تصارع فقط على الحكم أو تقول للناس الحل فى التمسك بالمجلس العسكرى.. أو تقول إن مصر تعانى أزمة أخلاق وتدين.. كل هذه صراعات تجعلنا نستمر فى الغرق.. وتغطية رؤوسنا التى خرجت بعد الثورة لتطل من الحفرة. نعم كنا طوال30 سنة فى حفرة عميقة. والآن خرجنا. هناك من يريدنا أن نعود إلى نفس الحفرة. ومن يجعل إقامتنا فى الحفرة أملاً جديداً لو أحاطها بتعويذاته أو ببركاته أو تحت رعايته.. والثورة منحتنا أمل الخروج من الحفرة. أمل الحلم بدولة تمنح الإنسان فرصة للحياة السعيدة.. وتفتح أمامه الأبواب ولا تغلقها. نريد أن نبنى أفرادا.. لا قطعانا.. تتبع جنرالا أو شيخا أو زعيما أو جماعة. نريد أفرادا أحرارا.. يفكرون فى مستقبلهم بكل ثقة وقدرة على تجاوز كل الأزمات.. بخيال لا توقفه أسوار العسكر ولا تعليمات الشيوخ أو مصالح الزعماء. ابنك لا يشبهك.. فقد كسر حواجز الصمت والقهر والعجز وصنع ثورة.. لم يكن يحلم بها إلا مجموعات من المتمردين.. الذين لعبوا دور الأدلة فى صحراء ابتلعت أجيالا فى رمالها المتحركة. هذه بقايا مبارك.. وفاتورة جمهورية الاستبداد التى ندفعها لأننا لم نثق فى الأحلام بما يكفى.. ولا تخلصنا من تربية تقول «ابعد عن السلطة وغنى لها..» بما يكفى لنعيش فى بلد محترم وسعيد.