هل عيد الفن هو فقط عيد السينما؟ وإذا كان كذلك فهل الفن السينمائى هو فقط نجومه ونجماته؟ وهل وصل إلى وعى المواطن المصرى الذى تابع هذا الاحتفال أن الفن هو الممثلات والممثلين وبس؟ بعدما احتل النجوم صدارة المشهد وتخطى عدد المكرمين والمكرمات منهم أضعاف عدد المكرمين الآخرين (مع تقديرى واحترامى لفن التمثيل بالطبع) ولكن حينما لا يحتل المبدعون من أصحاب الكلمة والفكر أو من الموسيقيين والتشكيليين والشعراء وغيرهم صدارة المشهد فى عيد الفن فإن هناك خطأً ما، إما فى تسمية الاحتفال بعيد الفن! وإما فى المستوى الثقافى للعقليات التى تدير مؤسسات الدولة! وإما أن يكون الغرض الحقيقى من الاحتفالية هو فقط استمالة واستقطاب الفنانين فى إطار الدعاية للنظام السابق والذى هو أيضا الحالى، وغالبًا هو نفسه القادم! وأين شباب المبدعين من تلك الاحتفاليه؟ ألم ينتبه أحد بعد إلى وجود اللاعبين الجدد من شباب المبدعين الذين أصبحت الآن بصماتهم على المشهد الإبداعى حاضرة فى جميع المجالات، والتى منها على سبيل المثال السينما؟ هل علم المسؤولون عن الاحتفال بعيد الفن أن مصر لم تحقق وجودًا فى أغلب المهرجانات السينمائية الدولية منذ ثوره 25 يناير إلا من خلال أفلام شباب السينمائيين؟ وهل علم أحد بحجم المعوقات التى تضعها حالة الاحتكار للإنتاج والتوزيع السينمائى أمام هؤلاء الشباب؟ وأن كثيرًا منهم قد حصل على جوائز لأفلامهم فى المهرجانات رغم الضعف الشديد للإمكانيات المالية التى تم تنفيذها به، ورغم أنهم لم يتلقوا حتى أجورًا عنها؟ وهل تعلم الدولة أنهم لا يزالون ماضين فى طريقهم وعازمين على التعبير عن الواقع ومخاطبة الوعى المصرى من خلال أفلامهم فى الوقت الذى عزف فيه أغلب المنتجين عن استثمار ولو جنيهًا واحدًا فى إنتاج الأفلام؟ أين هؤلاء الشبان والشابات من عيد الفن؟ هل دُعى أىٌّ منهم؟ هل وُجهت إليهم أية كلمة شكر وتقدير على مجهوداتهم؟ هل فكر أحدهم فى الثناء على مواهبهم وطاقاتهم الإبداعية الشابة؟ هل انتبه أحد إلى البيان الذى أصدره هؤلاء الفنانون والمثقفون اعتراضًا على إقامة عيد الفن فى وقت تتجاهل فيه الدولة حقوق المبدعين وتقف ضد حرية التعبير؟ وهل هذا التجاهل جزءٌ من مخطط استعادة أفراد النظام القديم واسترداد هيمنتهم مرة أخرى على روح وعقلية الدولة «وهو ما بدا واضحًا فى شكل الاحتفال بالعيد، والذى لم يختلف عنه أيام السادات»، مما يؤكد أن شيئا لم يحدث، ولن يحدث ما دام الشباب مستبعدين من دائرة التخطيط والإبداع والقرار. وستظل مصر دولة عميقة ذات جذور بعيدة، ولكنها عجوزٌ وشائخة.