سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
البرامج التليفزيونية والقضاء : يدخل المراسل للمحكمة ويكتب ما دار ويرويه لبرنامجه بدقة وحيادية وليس من حقه استضافة المحامين أو الشهود أو أي شخص للتعليق وممنوع التصوير داخل وخارج المحكمة وائل الإبراشي يكتب:
· برامج تليفزيونية شهيرة قررت الحصول علي أجازة أثناء الانتخابات لأن السلطة حذرت الفضائيات من فضح التزوير · المستشار صيام: تصوير المتهم وهو نازل من سيارة الترحيلات والكلابشات في يديه مهين لكرامته · حتي لو نجح برنامج تليفزيوني في تصوير المتهمين أو الشهود خارج المحكمة فسوف يتعرض أصحابه للمساءلة القانونية · في قضية مثل العبارة الغارقة التي قتلت 1150 مواطناً بسيطاً.. هل يمكن أن نكتفي بوقائع المحاكمة فقط.. وهل اذا تحدثنا عن الفساد في هذه القضية يمكن أن نعاقب قانونياً؟ مساحات الحرية تتقلص كل يوم .. ما اكتسبناه نفقده تدريجيا .. آخر الضربات الموجهة إلي الإعلام الخاص أن بعض البرامج المزعجة للحكومة والمنحازة للناس ستحصل علي أجازة إجبارية بقرار من إدارة القناة التابعة لها خلال أسبوع الانتخابات ردا علي الحصار الذي تفرضه السلطة الآن علي الإعلام الخاص.. ما علمته من مصادر خاصة أن أجهزة حكومية حذرت القنوات الفضائية الخاصة من فضح عمليات التزوير والبلطجة وتفضيل الصناديق في الدوائر الانتخابية في كل محافظات مصر، وطلبت منها ما أسمته «معالجات إيجابية» أي إظهار نقاء العملية الانتخابية ونزاهتها وطهارتها .. وحتي لا تسقط هذه البرامج في مستنقع الزيف الإعلامي، لجأت إلي حيلة الأجازة الاختيارية الإجبارية، وقررت إعادة حلقات قديمة.. من الطبيعي والمنتظر والمتوقع أن يلجأ المواطن المصري إلي القنوات العربية والأجنبية مثل الجزيرة والC.N.N ليتابع الانتخابات بعد أن كانت الفضائيات المصرية الخاصة قد اجتذبته منها لعدة سنوات. ترددت في كتابة هذه المعلومات المؤكدة، ولكنني قررت نشرها لعل المسئولين الكبار الذين يمارسون الحصار علي الإعلام الخاص يتنبهون إلي جرم ما يقترفونه في حق المواطن ولعلهم يلتفتون إلي حجم الخسائر الأدبية والسياسية والإعلامية الناجمة عن ذلك .. وتخيلوا معي المشهد ..انتخابات تجري في كل محافظات مصر، بينما البرامج الفضائية تعيد حلقات قديمة خوفا من تهديدات النظام. بدأت بهذه المعلومات الجديدة قبل أن أنتقل إلي ماهو أخطر.. وأقصد خنق الإعلام من خلال حرمانه من نقل وتغطية ورصد ومتابعة كل ما يتعلق بجلسات المحاكمات.. تعالوا نتحدث بصراحة .. إن «75%» من القضايا التي تحظي باهتمام الناس - وبالتالي اهتمام الإعلام - هي تلك التي نسميها قضايا الرأي العام، وكل هذه القضايا منظورة أمام المحاكم أو علي الأقل محل تحقيقات النيابة .. وبالتالي فإن القرارات المتعلقة بتنظيم العلاقة بين الإعلام من ناحية والمحاكم والنيابات من ناحية أخري، هي أخطر ما سيقيد الإعلام في المرحلة المقبلة لأنها ستؤدي إلي تقييد الإعلام عند مناقشة معظم القضايا الحيوية في المجتمع فالموت في طوابير الخبز عبارة عن قضايا منظورة أمام المحاكم أو محل تحقيقات النيابة، وكارثة الدويقة تحولت إلي قضية انتقلت من النيابة إلي المحكمة، وموت «1150» مواطنا في مأساة العبارة الغارقة تحولت إلي قضية في المحكمة. هل المطلوب منا أن نكتفي عند مناقشة هذه القضايا بتغطية ما دار فقط في المحكمة، أو بنشر خبر صغير عن التحقيق داخل النيابة. سألخص لكم ما دار في الاجتماع المهم والخطير الذي عقده رئيس مجلس القضاء الأعلي المستشار سري صيام مع رؤساء تحرير الصحف ونقيب الصحفيين الاستاذ مكرم محمد أحمد، حضرنا هذا الاجتماع لنعرف ماهي الضوابط والقواعد التي ستنظم العلاقة بين، الاعلام والمحاكم.. وبوضوح أكثر كيف يمكن للصحافة وللقنوات الفضائية أن تغطي جلسات المحاكم؟!.. هذا هو ما فهمته وما دونته بإيجاز عن الاجتماع.. في البداية تحدث المستشار سري صيام وهو شخصية تحظي بالاحترام وبالعلاقة الجيدة مع الصحافة عما أسماه الانفلات الذي أسهم فيه بعض الإعلاميين والمحامين من خلال نقل جلسات المحاكم إلي المشاهدين بشكل أثر سلبا علي هيبة القضاء ومهابة العدالة.. حسب قول المستشار سري صيام الأمر الذي أدي إلي اهتزاز ثقة الرأي العام في عدالة القضاء. كنت أتحدث مع زملائي رؤساء تحرير الصحف القومية والحزبية والخاصة قبل الاجتماع وكنا جميعا في حيرة وبلبلة، ويسيطر علينا سؤال واحد: كيف يمكننا تطبيق قرار المجلس الأعلي للقضاء بمنع تصوير جلسات المحاكم وحظر المناقشات والتعليقات المتعلقة بالقضايا؟! لذلك سألخص ما دار علي شكل «سين وجيم».. ربما تكون الأسطر القادمة هي «روشتة» التغطية الإعلامية للقضايا داخل المحاكم وأمام النيابات وفقا لمنظور المجلس الأعلي للقضاء. كيف تغطي الصحف جلسات المحاكم؟ - ما فهمته من المستشار سري صيام أن الصحفي يستطيع أن يدخل إلي قاعة المحكمة ويكتب بقلمه كل ما يحدث . هل يستطيع الصحفي نشر كل شيء عن المحاكمة؟ - المستشار سري صيام رفع شعار: انشر وأنت المسئول، ما معناه أنه يمكن للصحفي أن ينشر ما دار داخل المحكمة بشرط ألا يؤثر علي الرأي العام.. أي لا ينحاز إلي المتهم ولا يقف ضده.. يكتب بحيادية دون أن يوجه الناس إلي تكوين أي شعور ضد أو مع المتهم، وحذر المستشار سري صيام من «النقل المجتزيء» أي اختصار أو اختزال أو اجتزاء ما يدور في الجلسات، بمعني أن الصحفي الذي يكتفي بنشر كلام الدفاع عن المتهم الذي يحاول تبرئته أو بنشر مرافعة النيابة التي تدين المتهم، فإن هذا الصحفي قد يخضع للمساءلة القانونية، لأنه انحاز للمتهم أي كون رأيا عاما ضده.. عليه أن ينشر ما له وما عليه.. واذا نشر كلام شهود الإثبات واستبعد كلام شهود النفي أو العكس وقع في نفس الخطأ القانوني.. معني هذا الكلام أن متابعة جلسات المحاكم صحفيا ستكون بميزان من الذهب وأن البعض ربما يرفع شعار: «ابعد عن الشر وغني له» ويبتعد عن هذه الدائرة الضيقة المسموح بها لتغطية جلسات المحاكم.. هل يمكن للصحفي أن يصطحب معه المصور الصحفي؟ - الصور ممنوعة منعا باتا هل يمكن للصحفي أن يستغل شطارته ويصور بكاميرا المحمول أو بأي وسيلة تصوير أخري؟ - سيتعرض للمساءلة القانونية علي الفور . فهمنا حدود عمل الصحافة ولكن ماذا عن البرامج الفضائية التليفزيونية.. كيف ستتعامل مع المحاكمات المهمة والشهيرة؟ كان هذا هو السؤال الذي وجهته إلي المستشار سري صيام رئيس مجلس القضاء الأعلي وجاءت إجابته كما يلي: - يمكن لمراسل التليفزيون أن يدخل إلي القاعة بدون الكاميرا ويكتب ما دار في الجلسة ويروي ذلك بلسانه للبرنامج الذي يعمل به، علي أن يلتزم بنفس ضوابط النشر، وهي عدم التأثير علي الرأي العام وعدم الانحياز. ضد أو مع المتهم وعدم الاجتزاء. هل يمكن للقنوات الفضائية وللبرامج التليفزيونية استضافة المحامين للحديث عن القضية؟ - قال المستشار سري صيام: لم يحدث ذلك من قبل في تاريخ مصر أن يخرج المحامون من الجلسات للهجوم علي المحكمة.. يخرج محام من الجلسة ويتهم المحكمة بأنها أخلت بواجب الدفاع.. إذن المسموح به فقط هو نقل ما دار في الجلسة بحيادية وعلي لسان المراسل، وليس من حق البرامج التليفزيونية استضافة المحامين للتعليق علي ما دار في الجلسة. إذا كانت الكاميرات التليفزيونية والصحفية ممنوعة داخل قاعة المحاكمة ومحظورة داخل المحكمة كلها.. فهل يمكن للبرامج الفضائية تصوير المتهمين أو الشهود خارج المحكمة؟ - ممنوع منعا باتا تصوير الشهود سواء داخل المحكمة أو خارجها.. وانفعل المستشار سري صيام عند هذه النقطة تحديدا وقال: لو صورت المتهم وهو نازل من عربة الترحيلات والكلابشات في يديه، أليس ذلك إهانة لكرامته؟ وماذا إذا حصل علي البراءة بعد ذلك، وما الذي سيعود علي الناس من تصوير متهم بهذا الشكل؟!. نحن نحافظ علي كرامة المتهم لدرجة أن القانون يحتم أن يدخل إلي الجلسة بدون أغلال وكلابشات.. أما عن تصوير الشهود.. والكلام مازال للمستشار سري صيام.. فهو مرفوض تماما، لأن الاتفاقيات الدولية كلها تتحدث عن حماية الشهود .. وفي محاكمة صدام حسين أخفوا وجوه الشهود حتي لا يظهروا.. ماذا لو استند أحد المصورين التليفزيونيين إلي مهارته واعتمد علي شطارته وصعد فوق سطح منزل مجاور للمحكمة وصور المتهمين والشهود؟ - يتعرض للمساءلة القانونية، فالتصوير ممنوع داخل وخارج المحكمة. لماذا لا تسمحون لنا ياسيادة المستشار بتصوير جلسة النطق بالحكم صحفيا وتليفزيونيا؟ - قال المستشار سري صيام: نفس المشاكل ستحدث .. أهالي المتهمين إذا لم يعجبهم الحكم سيهتفون ضده ويهاجمون المحكمة والفضائيات تنقل كل ذلك. لماذا منعتم الصحف من نشر تحقيقات النيابة وما الذي يجب أن ننشره؟ - تنشرون فقط أن فلانا يتم التحقيق معه في النيابة، لأننا نعتبر إجراءات التحقيق وما ستسفر عنه من الأسرار ويجب علي أعضاء النيابة ومساعديهم ممن يحضرون التحقيق بسبب وظيفتهم عدم افشاء هذه الأسرار لأن تحقيقات النيابة فيها جمع أدلة، ولا يجب أن يعرف الشاهد ما الذي قال له المشاهد الآخر حتي لا ينبهه، ولذلك نعزل الشهود عن بعضهم البعض. وأضاف المستشار سري صيام: في التحقيقات أنا أتفرس في وجه الشاهد وأركز في حركاته ومظهره وهل كل ما يصدر عنه يوحي بالثقة أم لا، ولذلك فإن المحكمة قد تهدر شهادة بعض الشهود بسطر واحد هو: المحكمة لا تطمئن لشهادة الشاهد.. تخيلوا القاضي وأمامه كل هذه الكاميرات هل يمكن له أن يركز .. ألا تؤثر علي قراراته.. الفضائيات توجه الرأي العام إلي اتجاه معين، فماذا لو أصدرت المحكمة حكما يخالف هذا الاتجاه؟!. السؤال الأخير الذي لم يتسع الوقت لنسأله ونتمني أن يجيبنا عنه المستشار سري صيام: القضايا التي تهتم بها الصحف والبرامج التليفزيونية هي قضايا الرأي العام وهي المقصودة بالحظر الإعلامي وسأضرب مثلا بقضية العبارة الغارقة التي أدت إلي موت «1150»مواطنا بريئا ماذا لو ناقشنا كل ما يتعلق بالفساد في هذه القضية؟! هل نتهم بالتهمة التي حذرنا منها المستشار سري صيام والمتعلقة بالتأثير علي الرأي العام؟! هل يجب علينا الاكتفاء فقط بنشر وقائع المحاكمة بحيادية في قضية مثل هذه؟!.. مثال آخر قضية هشام طلعت مصطفي ماذا لو تعاملنا معها علي انها قضية زواج بين الفساد والسلطة.. بين المال والسياسة .. هل نتهم بالخروج علي القانون؟!.. تبقي ملاحظتان الأولي.. أن ما كتبته هنا هو ما فهمته وما دونته بدقة خلال لقاء رئيس مجلس القضاء الأعلي برؤساء التحرير فإن احتاج الأمر توضيحا من أحد خاصة من المستشار سري صيام الذي نقدره ونحترمه فمرحبابذلك لكي يفهم الجميع آلية تطبيق القرار المفاجيء. والملاحظة الأخيرة أنه علينا أن نوازن بين ثلاثة حقوق: - حق القضاء في الحفاظ علي هيبته واستقلاله. - حق المتهم في محاكمة عادلة تحفظ له كرامته. - وأيضا .. حق المواطن في المعرفة وهو حق أصيل لا يجب اغتياله حتي لا نعود إلي الوراء. وداعا للحرية الإعلامية