* حكومة الببلاوى رأسمالية طبقية وليست حكومة فقراء ومسحوقين * عاشت حياتها متمردة على الواقع ومدافعة عن حق المرأة فى الحرية والمساواة. * وبسبب نضالها ضد الحكام كان الثمن هو السجن أحيانا والإقصاء طول الوقت. * إنها الدكتورة «نوال السعداوى» التى تؤهلها مواقفها لأن تحمل لقب امرأة بمائة رجل.. تعالوا إلى حوارنا معها * أطالب باستمرار عدلى منصور رئيسا لخمس سنوات تم اختيارك جائزة الاستحقاق الفرنسية فماذا تمثل لك؟ - جائزة الاستحقاق الفرنسية أعلى وسام فرنسى يعطى عن مجمل أعمال الإنسان مثل جائزة نوبل، وقد تم اختيارى هذا العام لنيلها عن مجمل حياتى وأعمالى الأدبية وسوف أتسلم الوسام من السفارة الفرنسية 20 من الشهر القادم من خلال احتفالية كبيرة يحضرها الأدباء والمثقفون من جميع أنحاء العالم . ■ ماذا عن أهم الجوائز العالمية التى حصلت عليها ؟ - حصلت على العديد من الجوائز من جميع أنحاء العالم منها الجائزة الأفريقية للأدب حيث تم اختيار روايتى امرأة عند نقطة الصفر من أهم الروايات فى القرن العشرين، كما حصلت على جوائز متعددة من تونس ولبنان وهارفارد فى اسبانيا وانجلترا والسويد والنرويج . ■ أين أنت من الجوائز المصرية؟ - لم أحصل على أى جائزة مصرية لأنى أرفض الانضمام إلى الشلل المحيطة بوزير الثقافة على مدى كل العصور لتقديم فروض الولاء والطاعة، ولذلك رفض فاروق حسنى اطلاق اسمى على المكتبة الثقافية فى قريتى بناء على رغبة اهالى القرية نظرا للعناء والمجهود الكبير الذى قدمته للحصول على الأرض ووضع بدلا منه اسم سوزان مبارك ! ■ من تقصدين بهذه الشلل، وهل هذا الأمر مازال مستمراً بعد الثورة ؟ - حتى الآن لا تزال شلل الأدباء والمثقفين يحيطون بكل وزير ثقافة حتى بعد الثورة ليتناولوا العشاء ويقدمون فروض الولاء والطاعة ويوزعون الجوائز على أحبائهم تبعاً للاهواء وتبادل المنافع الشخصية واعتقد أن هذا ما حدث مع بهاء طاهر الذى أطلق اسمه مؤخراً على قريته بعدما قبل جائزة مبارك ! ■ لكنه ردها بعد الثورة ؟ - لا يجوز ان يقبل بهاء طاهر الجائزة فى وجود مبارك ثم يردها بعد خلعه من الحكم ليكسب شباب الثورة، ده حتى الضرب فى الميت حرام، وقد ضربت المثل بطاهر لانه من أنظف الأدباء المصريين وقد اضطهدته الأنظمة كثيراً ولكنه ضعف مرتين الأولى أمام جائزة مبارك والأخرى أمام الثورة، كنت أتمنى ان يرفض بهاء الجائزة فى وجود مبارك وليس بعد خلعه مثلما رفض صنع الله ابراهيم جائزة الرواية فى بلده لأن المعارضة أيضاً لها مبادئ، ولذلك لا احترم من ينتقدون مبارك بعد خلعه أو السادات بعد وفاته فقد انتقدت السادات فى وجوده ودفعت الثمن دخولى السجن ! ■ لماذا رفضت مقابلة الرئيس السادات ؟ - السادات أرسل لى «موسى صبرى» يدعونى لمقابلته حيث كنت سكرتير عام نقابة الأطباء التى كانت تمر بمعركة كبيرة بسبب سياسته الخاطئة وقدمت على أثرها استقالتى فدعانى لمقابلته فرفضت أذهب بمفردى لأنى لا أسعى لمكاسب شخصية بل طلبت أن يذهب معى مجلس النقابة جميعاً لمناقشة مشاكلهم فكانت النتيجة انه حبسنى! ■ رغم ان أفكارك الانسانية والأدبية تدعو لتحرير المرأة وهو نفس ما كانت تدعو اليه سوزان مبارك الا انكما لم تندمجا معا، فلماذا ؟ - سوزان مبارك كانت تسرق أفكارى وتنسبها لنفسها ومنها قضية ختان الإناث التى ناهضتها كثيراً من خلال أبحاثى الطبية وأفكارى الأدبية على مدى ستين عاماً ولكنها استبعدتنى تماماً، ثم نسبتها إلى نفسها بمساعدة الوزيرات الموظفات حولها وهذا هو نظام الحكومات المستبدة التى تسرق أفكار المبدعين وتستبعدهم خوفاً من انتقادهم وكشفهم أمام المجتمع ولذلك لم أذهب أبداً لحضور أى احتفالات خاصة بالسيدات الأول ! ■ هل اعتبروا عدم تلبيتك لدعوتهن نوعاً من التعالى ؟ - يبدو ذلك، لأن أحياناً كانت تصلنى دعوات لحضور احتفالات فى مصر، أو بالخارج يصادف عقد مؤتمر دولى أو اقامة حفل عشاء كما حدث فى كوبنهاجن عندما أقامت السفيرة عائشة راتب حفل عشاء ترحيباً بقدوم سوزان مبارك ودعتنى إليه فلم اذهب لقناعتى بأن السيدات الأول أمثال جيهان السادات وسوزان مبارك يحتجن لوصيفات حولهن وليس لسيدات أصحاب فكر ورأى ولأنى امراة احترم نفسى وعقلى رفضت أكون وصيفة لهن. ■ هل تغيرت العقلية البيروقراطية للحكومة بعد الثورة ؟ - لم يتغير شىء بعد الثورة بل هو امتداد لما سبق لأن الثورة تبدأ فى العقل بالثقافة والتعليم والأخلاق فالتغيير يجب أن يكون فى العقول والأفكار، ولكن ما حدث ان الثورة تسببت فى انفجار المصريين إلى الميادين بالعاطفة وليس بالفكر الذى ساهمت بأفكارى وكتبى فى إرساء مبادىء التغيير فيه واعتقد ان كتبى كانت سبباً فى تغيير فكر كثير من الشباب مثل حركة تمرد وغيرها من الحركات الشبابية الثورية. ■ عام 1962 انتقدتى تخصيص مقاعد للعمال والفلاحين فى البرلمان من خلال روشتة سياسية لم تفهمها الحكومة المصرية إلا بعد أكثر من 50 عاماً ماذا عن ذلك؟ - بالفعل فى عهد عبد الناصر انتقدت تخصيص مقاعد للفلاحين والعمال لأن الفلاح الحقيقى لم يتمكن منها وإنما كانت وهمية ليحصل عليها اللواءات وأصحاب المال وقد عقد عبدالناصر مؤتمراً شعبياً وسئل فيه من هو الفلاح الذى يستحق المقعد البرلمانى فعرفت الفلاح بانه من يبول دماً أى انه مريض بالبلهارسيا وطالبت بتحليل بول كل من يتقدم للمقاعد البرلمانية من الفلاحين ولكنهم تجاهلوا أفكارى لأنهم عايزين يمكنوا أصحاب المصالح . ■ ماذا عن تقييمك للمجلس القومى للمرأة ؟ - المجلس القومى للمرأة نشأ على غرار الاتحاد النسائى المصرى الذى أنشأته بمشاركة جميع الحركات النسائية الشعبية وقد تقابلت مع ميرفت التلاوى التى كانت تشغل آن ذاك منصب وزيرة الشئون الاجتماعية وعرضت عليها الأمر وأخبرتها بأننا نريد ان نعمل فى العلن وان نستخرج التصاريح لتسجيل الاتحاد كجمعية نسائية من خلال الوزارة ورحبت جداً وساعدتنا على مدى 6 شهور بتوفير قوائم جميع المنظمات النسائية لضمهم للاتحاد النسائى ومن ثم أعلنا عن موعد أول اجتماع للاتحاد فى جريدة الأهرام لنفاجأ بعد يومين بتصريح للتلاوى فى نفس الجريدة بأن الاتحاد النسائى غير قانونى، وقد اخبرتنى فرخندة حسن بأن سوزان مبارك عندما قرأت عن انشاء الاتحاد النسائى كلمت التلاوى وقهرتها وطلبت منها عدم استخراج التصاريح لأنها سوف تنشئ المجلس القومى للمرأة! ■ فى ظل تصريحات الحكومة بضرورة تمكين المرأة، الا ان نسبة تمثيل المرأة فى لجنة الخمسين لم تتعد 4 سيدات ما تقيمك لذلك ؟ - بعد ثورة 25 يناير دعوت جميع المنظمات النسائية لكى نتحد من خلال حزب واحد يمثل المرأة فتهتم الدولة بالنساء وتعمل لهمن حساباً مثل كل الفئات ودعوت ميرفت التلاوى بنفسى ووعدتنى بالحضور ولكنها لم تحضر ولم تعتذر بمنتهى التكبر والتعالى على النساء ومن ثم فكل من شاركوا فى لجنة الخمسين لم يضحوا بشىء من أجل الثورة بل ركبوها وحققوا مكاسب من ورائها، ولجنة الخمسين لا تمثل إلا طبقة الأثرياء من الشعب والدستور لا يمثل الا طبقة معينة من الشعب وهى الطبقة العليا ورجال الأعمال. ■ من ترشح نوال السعداوى رئيساً لمصر؟ - رغم ان ثقة الشعب فى الفريق السيسى كبيرة إلا أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لن تغير وضع البلد فى الوقت الحالى حتى لو جاء ملاك لرئاسة الدولة فى ظل هذا النظام سوف يفسدوه فبالرغم من شخصية عبدالناصر العظيمة إلا أنهم أفسدوه، ولو تجمعوا حول السيسى سوف يفسدوه أيضاً الا لو عمل على تغيير المؤسسات والعقلية لأن كل الاحزاب المصرية انتهازية ولا يهمهم مصلحة البلد. ■ هل أنت راضية عن أداء الحكومة الحالية ؟ - لا، الحكومة لا تمثل الثوريين وكل من فيها ركبوا الثورة وحققوا مكاسب منها. ■ ماذا عن تقييمك لتضارب تصريحات رئيس الوزراء حول ادراج الإخوان كجماعة إرهابية أم لا؟ - تناقض تصريحاته يدل على تضارب المصالح لأن الببلاوى مصالحة ليست مع الفقراء وهذه الوزارة طبقية رأس مالية والشعب بعيد عنهم تماماً. ■ الشعب فقد ثقته فى من يمثلوه من الوزراء فهل لديك أمل فى اختيار نخبة وطنية جديدة ؟ - أى قيادة لابد من اعادة تقييمها بعد فترة من تولى مهام عملها فى الوطن حتى لا تكون السلطة مطلقة لأى فرد فيفسد كما حدث على مدى عصور طويلة ولذا لابد من تغير المنهج الحالى وتقييم الوزراء من ينجح يستمر ومن يفشل يترك منصبه. ■ ماذا عن تقييمك لعدم تطبيق العدالة الاجتماعية بعد الثورة ؟ - العدالة الاجتماعية لا تمنحها الحكومات وإنما تأخذ بالقوة بواسطة الفئات الضعيفة المهمشة بعد تكوين أحزاب قوية من الفلاحين والعمال والنساء حتى تأتى العدالة. نشر بعدد 679 بتاريخ 16/12/2012