يتعلم الإنسان وكل الكائنات الحية سواء أكانت عاقلة أو غير عاقلة من التجربة والخطأ!.. ولكن ورغم كل التجارب التي مر بها هذا الكائن المسمي «باللمبي» فإنه لم يتعلم من الخطأ، وهي مسألة في حد ذاتها مثيرة فعلا!.. صحيح أن السينما قد قدمته كشخص غبي وغليظ وعشوائي، ولكنها لم تنفق أنه قادر علي التعلم، بل إنه في أول أفلامه «اللمبي» ظهر في آخر مشهد وهو يعلم ابنه! إذن فإن الذي لايتعلم من الخطأ هو الممثل «محمد سعد» الذي نقلته هذه الشخصية بكثير من الحظ والصدفة من حال الي حال، ومن ممثل يلعب الأدوار الهامشية أو الثانوية إلي نجم في لمح البصر، ومن ممثل يساوم المنتجين علي أجر لايزيد علي بضعة آلاف إلي نجم يساومه المنتجون إلا يزيد أجره علي بضعة ملايين. ومسألة الاشارة إلي أجر «محمد سعد» الذي انتقل من الاصفار الثلاثة «الآلاف» إلي الأصفار الستة «الملايين» لا أذكرها علي سبيل الحقد أو القر أو الحسد، فهذا الأمر حدث مع ممثلين آخرين يطلق عليهم علي سبيل الدعابة لقب «نجوم» وهم للاسف ليسوا كذلك لذلك يلمعون بسرعةمثل الشهب ثم ينطفئون بنفس السرعة ويتحولون إلي رماد أو ذكري!.. فلماذا أختص بها محمد سعد تحديدا؟! الحقيقة أن ظاهرة محمد سعد أصابت السينما المصرية في مقتل سواء علي مستوي الصناعة أو الفن، ولنبدأ أولا بمسألة الصناعة فقد أدي النجاح التجاري الكبير لمحمد سعد في البداية إلي حدوث عركة وخصام بين أكبر شركتي انتاج وتوزيع في مصر بعد أن أراد كل منهما احتكاره ونحن نعاني من آثار هذه المعركة حتي اليوم والتي أدت إلي «نقص» عدد الافلام المنتجة من ناحية وأدت إلي فتح السوق المصرية «صلات العرض» أمام الفيلم الامريكي «يبحثون الآن عن الفيلم الهندي!» وبعد أن كان عدد الافلام الامريكية التي تعرض في مصر «ضعف» عدد الافلام المصرية وتحقق ايرادات محدودة أصبحت الآن خمسة أضعاف الفيلم المصري وتزاحمه في الايرادات.. وللاسف لم يتوقف أي أحد أمام هذا التحول الخطير، والذي بدأ «بخناقة» علي محمد سعد وتطور حتي أصبح يهدف لتسويق الفيلم الامريكي علي حساب الفيلم المصري.. وهي مسألة مسكوت عنها لا أعرف لماذا؟! إذا انتقلنا إلي مسألة «الفن» فإننا نجد «محمد سعد» أصبح نموذجا يحتذي به فقد رسخ مسألة أن الفيلم هو النجم والنجم هو الفيلم وضاعت قيمة وهيبة المخرج والسيناريست وكل فنيات الفيلم السينمائي فقد أصبح يتم توظيفها لخدمة ورغبات النجم الذي يسعي لتحقيق عمل تجاري استهلاكي سريع الربح عديم القيمة ومن السهل العودة الي الافلام التي انتجت في السنوات السبع الاخيرة لاثبات صحة ما أقول!! ولكن هل من العدل أن نحمل «محمد سعد» وزر كل ما يحدث في السينما الآن من اهدار لقيم ومقومات الصناعة وتسخيف الفن؟! بالطبع لا!! ولكن يبقي الحلقة الاخيرة والصاخبة لحالة الفوضي والعبث التي تعيش فيها السينما المصرية الآن. ومن هنا ننتقل الي فيلم «اللمبي 8 جيجا» الذي تشير ايراداته إلي أنه يمثل نهاية ظاهرة محمد سعد والأمر لايتعلق بهذا الفيلم فقط لأن ايرادات أفلامه الثلاثة الاخيرة: «كتكوت» و«كركر» و«بوشكاش» «لاحظو أرجوكم سخافة الاسماء» كانت تتنبأ بذلك ولم يكن سقوطه الاخير بسبب تكرارشخصية«اللمبي» لأن الافلام التي قدمها بعيدا عن شخصية «اللمبي» لاقت الفشل!.. فالمشكلة أن محمد سعد وليس «اللمبي» يكرر نفس «الحركات» ويظهر بنفس «الشارب» ويؤدي بنفس العبط وتعلثمه في إلقاء الكلمات يأتي بنفس الطريقة مهما كانت الشخصية التي يلعبها، كماأن كل أفلامه بلا «حدوته» ولا أقول «رؤية» علي أساس أن وجود محمد سعد نفسه بنجاحه الساحق هو «الحدوتة»!.. إنه ممثل منحه الحظ أو القدر أو حال السينما البائس نجاحا لا مثيل له ولكنه للاسف محدود الموهبة لم يستطع تطوير نفسه أو «تغيير حركاته»، فعاش في وهم النجم الذي لايهوي «!!». ماذا عن فيلم «اللمبي 8 جيجا»؟!.. أظن أن العنوان الدقيق والصحيح أيضا هو«اللمبي» 8 خيبة» فعلي مدي 8 سنوات ومن خلال 8 أفلام منح محمد سعد الفرصة تلو الاخري ولم يستطع الصمود أو النجاح.. وكما سخف من فن الاضحاك أو الكوميديا في أفلامه السابقة قرر هنا أن يسخف من أنواع فيلميه أخري مثل الخيال العلمي ومثل الفاتنازيا وقرر أن يتحول من الانسان الغبي الغليظ إلي محام نابه بدون أي منطق درامي أو علمي، وفكرة الفيلم تقوم علي أن هذا الشخص الغبي «اللمبي» يفقد ذاكرته فيقوم طبيب مخ وأعصاب تستهويه ذاكرة الانترنت بعمل تجربة عليه وهي زراعة شريحة إلكترونية في ذراعه تصبح هي مخه وذاكرته، وتجعله يملك ذهنا ارشيفيا يتضمن كل اسماء السجل المدني المصري، وفوق ذلك يحتفظ بكل مواد القانون الجنائي.. وبالتالي يتحول «الغبي» الي «مفكر» فيأخذ ما في ارشيف الشريحة التي زرعت له، والتي تبلغ مساحتها 8 جيجا، ويقوم بتوظيف هذه المعلومات بذهن متوهج وفكر صائب ثم يتمرد علي طبيبه فيقرر الطبيب مسح المعلومات من الشريحة التي زرعها ليعود لنا اللمبي مرة أخري. ودعونا من المستوي الفني الردئ للفيلم وخلوه من أي مواقف أو أحداث ضاحكة لأن محمد سعد يعيد تكرار نفس الحركات وأسلوب الاداء البهلواني ولكن من الصعب أن نصمت في دولة تعاني من تراجع يعترف به الجميع في العلم والتعليم ونسرب للمتفرج أن هذا الذي شاهده علي الشاشة نوع من الخيال العلمي أو أن الانترنت يفكر أو أن هذا الذي حدث للشخصية هو نوع من الفانتازيا!.. إنه فيلم كارثة أو جريمة كاملة تحط من شأن الفن والعلم والخيال.. إننا أمام خيبة كاملة «8 جيجا» ونهاية ممثل اعتبره الكثيرون نجما في غفلة من الزمن والفن!!