تأبي سيرة رجل عصر مبارك محمد إبراهيم سليمان أن تنجو من ملاحقة الفضائح ..وتؤول إلي هدنة من المطاردات القانونية والقضائية والرقابية.. ولو قليلا من الوقت. فقد فجرت الرقابة الإدارية الأسبوع الماضي فصلا جديدا من فصول ملف وزيرالإسكان السابق الملاحق بالاتهامات.. أبت أكثر الصحف في سلوك غريب إلا أن تتكتم عليه.. حيث قام رجال الرقابة الإدارية (ضمير مصر الحالي) بضبط واحد من أباطرة الفساد في هذا الوطن متلبسا بتقديم رشوة قدرها 650 ألف جنيه إلي استشاري شهير في فيللا الأول بالمقطم.. قبل أن يصدر قاضي الأمور الوقتية بمحكمة شرق القاهرة حكما بالإفراج عن بطلي الواقعة حازم كمال صاحب شركة أنتيك للمقاولات وتوريدات قطع غيار محطات المياه والصرف الصحي والدكتور مدحت صالح استشاري الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي بكفالة قدرها 50 ألف جنيه لكل منهما علي ذمة القضية..وكانت الرقابة الإدارية ألقت القبض علي المتهمين في حالة تلبس بالرشوة في فيلا المقاول حازم كمال بالصوت والصورة أثناء تسليم مبلغ الرشوة للاستشاري مدحت صالح مقابل تمرير فساد وتلاعب في عملية إسناد أعمال مشروع محطة مياه قرية طنان بمحافظة القليوبية الذي تملكه وزارة الإسكان وتتولي أعمال المقاولة وزارة الأنتاج الحربي.. الآن يلح سؤال مهم: ماهي علاقة الوزير السابق محمد إبراهيم سليمان بهذه الأسماء وهذه القضية؟السطور القادمة تجيب عن السؤال. البطل الأول للقصة التي أبت صحف الحكومة أن تشير إلي اسمه دون أسباب هو المهندس حازم كمال أحد أباطرة اللعب مع الكبار في مشروعات المياه والصرف الصحي في مصر والتي قدرت حجم تعاملاته في هذا المجال خلال السنوات العشر الأخيرة بما يزيد علي خمسة مليارات جنيه دفعتها له جهات الدولة في مشروعات معظمها أشبه بالساعة التي كان الدجالون يبعونها للقرويين في ميدان العتبة القديم وبداخلها "برغوت" يظل يقفز داخل الساعة لمدة ساعتين مسببا بحركته الزائدة دورانا وهمياً للعقارب يستمر حتي تباع الساعة ثم يموت البرغوت ويهرب النصاب. حازم كمال كان بطلا مشتركا للقصص التي سقناها لسنوات عديدة علي ما يمكن لأباطرة الفساد أن يتاجروا فيه حتي لو كان الضحية كوب الماء الذي أصبح حلم المصريين الغلابة والذين يدفعون حياتهم أحيانا في مشاجرة علي حنفية مياه ملوثة لملء جركن ماء يروون به عطش أطفالهم وغيرهم من أباطرة الفساد يجنون الملايين من المتاجرة بأحلامهم المتواضعة. حتي عام 1994 كان حازم كمال مهندسا صغيرا متخرجا من قسم الكهرباء ويبحث عن ذاته في تجارة بعض المعدات التليفونية إلي أن جاءه الفرج بتعيين محمد إبراهيم وزيرا وهو الذي تربطه بحازم علاقة نسب وصداقة قديمة مع زوج أخته من يومها وطاقة القدر لم تغلق في وجهه حتي الآن.. اتجه فورا إلي مجال الصرف الصحي الفرخة التي تبيض ذهباً كل ساعة حتي وهي نائمة. رتب للشركات الكندية أن تدخل معه إلي الباب الملكي بمساعدة الوزير سليمان الذي يحمل لكندا معزة خاصة تصل إلي درجة الجنسية. رتب حازم للوزير زيارات عديدة إلي كندا للوقوف علي المنجزات الخارقة للطبيعة التي تقدمها الشركة الكندية (زينون) في مجالات الصرف الصحي وتحليه المياه وحتي لا يكون وجه حازم كمال مكشوفا ومعرضا للكمات اتخذ لنفسه ستاراً سميكاً يصعب الوصول إليه عن طريق إدخال شركات كبري ذات مناعة يستظل بظلها يوم الهجير. تقوم هذه الشركات بالتعاقد مباشرة مع الموردين وبعد أن تدخل المعدات باسم هذه الشركات يأتي حازم كمال يبرم عقودا للتنفيذ كمقاول منفذ يعني عشرة عصافير بحجر واحد. توريدات - تركيبات .... استشارات علي كل لون (ياباتسطة) وكله تحت بند الحسنة المخفية فلا هو دخل في مناقصات ولا كشف وجهه للضاربين وقللات الحيا من الذين يفتشون في أرزاق الناس. الثمن كان شراكة مع الوزير الذي سهل له كافة المعوقات وفتح أمامه كل الابواب المغلقة سواء داخل الوزارة أو خارجها وازاح من إمامه كل العراقيل حتي لو ادي الأمر لإقصاء رئيس الجهاز المركزي للتعميرفاروق السنباطي علشان خاطر عيون الشريك لانه وقف ضد اسناد مشروع محطة تحلية شرم الشيخ لحازم كمال. وإذا كان العفريت المسجون داخل قمقم المصالح يخرج مرة واحدة ليلبي طلباً واحدا لمن دعكه إلا أن عفريت حازم كان شديد البأس فمن أول دعكة جلس العفريت بجواره ليفتح أمامه كل الأبواب المغلقة. محطات تحلية بشرم الشيخ والغردقة ومارينا والساحل الشمالي محطات صرف صحي بالهبل قيل إنها حكر معرفي علي حازم وممنوع استخدام تقنياتها بمعرفة الغير (16 محطة زار الرئيس اثنتين منها) محطات مياه... عقود تشغيل وصيانة لكل المشروعات التي نفذها . وأخيرا تلك القصة الشهيرة التي قام فيها بتوريد كل عدادات المياه المستخدمة في مصر للشركة القابضة للمياه والصرف الصحي التي يرأسها عبد القوي خليفة أحد أضلاع المثلث حازم سليمان بحكم الزمالة والصلة الوثيقة والعرفان بالجميل. عقد العدادات هذا أغلق مصانع مصرية بالضبة والمفتاح وهدد أرزاق العاملين فيها وأحدها مملوك لجهة كبري.. ويقال والعهدة علي الراوي أن ماركات العداد ملعوب فيها وأنها في الأصل صينية المنشأ جري تكنيدها(من كندا) وأعيد تصديرها بعد أن حصلت علي الجرين كارت لتعد علي المصريين مياه لم يشربوها. هذا الملف بالتحديد هو الخبطة القادمة التي يجري فيها التحقيق ضمن ما يجري من تحقيقات مع إبراهيم سليمان وسوف تكون بعد ظهورها"أم الفضائح" مع الاعتذار لصدام صاحب "ام المعارك" هذا هو حازم كمال فمن هو طرف الخيط الآخر؟ هو الأستاذ الدكتور المهندس/ مدحت صالح. مدحت صالح هو رئيس قسم الهندسة الصحية بكلية الهندسة الصحية بجامعة الأزهر. إلي هنا والأمر عادي جدا. لكن غير العادي أن هذا الرجل هو زوج ابنة أحد كبار الاستشاريين في مصر وأكثرهم احتراما وتاريخا مشرفا. كما أنه- وللأسف الشديد- رئيس لجنة فحص طلبات المهندسين المتقدمين لدرجة الاستشارية بنقابة المهندسين والذي يحمل بين أصابعه خاتم السعد أو النحس فهو صاحب الكلمة الأولي والأخيرة في المنح أو المنع وكم من عمالقة واستاذة كبار استعصي عليهم لقب "الاستشاري" لأن الدكتور مدحت رأي فيه منافساً قادماً له وكم من الأقزام صاروا أصحاب شهادة في مجال التخصص لأنهم حظوا بالرضا السامي وسبب هذا الرضا كان دائما معروفا"الا تكون صاحب همة أو صاحب ذمة" ليس هذا فحسب بل أن الدكتور صالح كان رئيس اللجنة الاستشارية التي وضعت "كود المواسير" وهي الدجاجة التي تبيض ذهباً لموردي المواسير أصحاب الحظوة وتبيض بيض "برشت" للذين يغلقون جيوبهم أو يفتحون أفواههم . ومن الإحقاق أن نقول أن العلاقة بينه وبين إبراهيم سليمان لم تكن وردية ليس بسبب النزاهة وإنما لأسباب تتعلق بأنه منافس لنسيب الوزير الذي حصل علي عقود وأوامر مباشرة وصلت إلي ثمانية مليارات جنية لكن أبواب الوزارة فتحت علي مصراعيها خلال السنوات الثلاثة الماضية لمدحت صالح ما بين استشاري للهيئة القومية في محافظة بني سويف وغيرها وما بين اعتماده كاستشاري للمقاولين في عشرات المشاريع وآخرها محطة طنان بالقليوبية التي كانت مسندة لشركة المقاولون العرب وقامت باسنادها لشركة قها للصناعات الكيماوية حيث كان حازم كمال هو مقاول شركة قها ومن هنا جاءت العلاقة. مدحت صالح هو الذي يملك سلطة الموافقة او الاعتراض علي ما يقدم حازم وحازم لا يملك سوي الاذعان وتمشية أحواله فلم يعد له ظهر كبير بعد أن فقد ظهره الأول محمد إبراهيم سليمان وأصبح عليه أن يجاري باقي فئات الشعب التي لا تستطيع الفكاك من فخ" ابجني تجدني" حين تريد تمرير مطالبها المشروعة فما بالكم بغير المشروعة الحصيلة 650 ألف جنية دفعها حازم وأقر بها في التحقيقات حتي يستفيد من العقد القانوني وفي النهاية افرجت عنه النيابات بكفالة 50الف جنيه ومازالت القضية قيد التحقيق وقد تكشف كواليسها عن مفاجآت أخري مدوية خاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع سليمان شريكه ونسيبه السابق الذي لم تكتمل معه صلة النسب لكن الشراكة بقيت حتي في الموقف العصيب الذي يقفه كل منهما أمام الرأي العام ولتلحق هذه القضية بالقضايا الأخري التي راح ضحيتها أنصار سابقون لمحمد إبراهيم سليمان وعلي رأسهم مساعده الأول محمد حسني بائع حفاضات الأطفال الذي كان يتم تجهيزه ليكون نائبا للوزير وداكر عبد الله أمين الحزب بالجمالية والذي نجح في الجولة الأولي لمجلس الشعب واستبعدته المحكمة لسابق الحكم عليه وعصمت أبو المعالي رئيس جهاز 6 أكتوبر السابق وشريك المذيعة أماني أبو خزيم.. في القضية الشهيرة وغيرهم وغيرهم مما تحويه حبات مسبحة الفساد السليماني والتي تتساقط حباتها حبة حبة ومع كل قضية فساد تظهر في وزارة الإسكان تفضح للرأي العام "أن في كل واد أثر من ثعلبة" وربنا يكفي مصر شر المستخبي. إشارة أخيرة تستحق لفت النظر فيما يتعلق بشبكة العلاقات التي تجمع أطرافا عديدة نافذة ومتنفذة..تقول إن مدحت صالح أحد المتهمين في قضية الرشوة الأخيرة متزوج من كريمة الأستاذ الدكتور أحمد محرم أحد اكبر وأهم الاستشاريين المتعاملين مع وزارة الأسكان في عهد الوزير السابق ابراهيم سليمان..أما أبراهيم الابن الاكبر لمحرم فمتزوج من كريمة المهندس حسن علام قريب عماد الحازق صاحب منتجع "لك فيو" والتي تحقق معه النيابة حاليا في حصوله علي مئات الافدنة بشارع 90 بالتجمع الخامس حيث حصل علي المتر بسعر 250بالأمر المباشر وباعه مقابل 10 الاف جنيه..كما أن نجل ابراهيم محرم هو صهر وزير الصحة الحالي حاتم الجبلي..