مصر تحاصر الحمى القلاعية |تطعيم الحيوانات ب 1.5 مليون جرعة منذ أواخر أكتوبر.. والمستهدف 8 ملايين    «الداخلية» تكشف حقيقة الادعاء بتزوير الانتخابات البرلمانية بالمنيا    أطعمة تزيد حدة نزلات البرد يجب تجنبها    رئيس الوزراء المجرى: على أوروبا أن تقترح نظاما أمنيا جديدا على روسيا    الاتحاد الإفريقى: المؤسسة العسكرية هى الكيان الشرعى المتبقى فى السودان    كولومبيا توقع صفقة تاريخية لشراء مقاتلات سويدية من طراز «Gripen»    تريزيجيه: اتخذت قرار العودة للأهلي في قمة مستواي    سويسرا تكتسح السويد 4-1 في تصفيات كأس العالم 2026    البنك الأهلي يقود تحالف مصرفي لتمويل المرحلة الأولى من مشروع "Zag East" بقيمة مليار جنيه    الطفل عبدالله عبد الموجود يبدع فى تلاوة القرآن الكريم.. فيديو    أخلاق أهل القرآن.. متسابق فائز يواسى الخاسر بدولة التلاوة    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. إسرائيل: لا إعادة إعمار لقطاع غزة قبل نزع سلاح حماس.. قتلى وجرحى فى انزلاق أرضى فى جاوة الوسطى بإندونيسيا.. الجيش السودانى يسيطر على منطقتين فى شمال كردفان    وزير الصحة يعلن توصيات النسخة الثالثة للمؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    المتسابق محمد وفيق يحصل على أعلى الدرجات ببرنامج دولة التلاوة    الأمم المتحدة: 30 مليون شخص بالسودان بحاجة إلى مساعدات    وزارة العمل تسلّم 36 عقد عمل لشباب مصريين للسفر إلى الأردن ضمن خطة فتح أسواق جديدة للعمالة    مجموعة مكسيم للاستثمار راعٍ بلاتيني للمؤتمر العالمي للسكان والصحة PHDC'25    البرازيل: الرسوم الأمريكية على البن واللحوم والفواكه الاستوائية تبقى عند 40% رغم خفض ترامب لبعض الضرائب    الأهلي يكرر فوزه على سبورتنج ويتأهل لنهائي دور مرتبط السلة    أسامة ربيع: أكثر من 40 سفينة تعبر قناة السويس يوميًا    هل تشفي سورة الفاتحة من الأمراض؟.. داعية توضح| فيديو    (كن جميلًا ترَ الوجودَ جميلًا) موضوع خطبة الجمعة المقبلة    رامي عيسي يحصد برونزية التايكوندو في دورة ألعاب التضامن الإسلامي 2025    مؤتمر جماهيري حاشد ل"الجبهة الوطنية " غدا بستاد القاهرة لدعم مرشحيه بانتخابات النواب    محافظ الدقهلية خلال احتفالية «المس حلمك»: نور البصيرة لا يُطفأ ومصر وطن يحتضن الجميع| فيديو    أسباب الانزلاق إلى الإدمان ودوافع التعافي.. دراسة تكشف تأثير البيئة والصحة والضغوط المعيشية على مسار المدمنين في مصر    الأرصاد: تحسن في الطقس وارتفاع طفيف بدرجات الحرارة نهاية الأسبوع    استشاري أمراض صدرية تحسم الجدل حول انتشار الفيروس المخلوي بين طلاب المدارس    تعديلات منتظرة في تشكيل شبيبة القبائل أمام الأهلي    عاجل خبير أمريكي: واشنطن مطالَبة بوقف تمويل الأطراف المتورطة في إبادة الفاشر    وزير الصحة يشهد إطلاق الأدلة الإرشادية الوطنية لمنظومة الترصد المبني على الحدث    عملات تذكارية جديدة توثق معالم المتحف المصري الكبير وتشهد إقبالًا كبيرًا    حبس والدى طفلة الإشارة بالإسماعيلية 4 أيام على ذمة التحقيقات    قضية إبستين.. واشنطن بوست: ترامب يُصعد لتوجيه الغضب نحو الديمقراطيين    برلماني: مهرجان الفسطاط نموذج حضاري جديد في قلب القاهرة    الليلة الكبيرة تنطلق في المنيا ضمن المرحلة السادسة لمسرح المواجهة والتجوال    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حوارية بعنوان «مائة عام من الحرب إلى السلام»    الداخلية تكشف ملابسات تضرر مواطن من ضابط مرور بسبب «إسكوتر»    سفير الجزائر عن المتحف الكبير: لمست عن قرب إنجازات المصريين رغم التحديات    جنايات بنها تصدر حكم الإعدام شنقًا لعامل وسائق في قضية قتل سيدة بالقليوبية    موعد مباراة تونس ضد النمسا في كأس العالم تحت 17 عام    عاجل| «الفجر» تنشر أبرز النقاط في اجتماع الرئيس السيسي مع وزير البترول ورئيس الوزراء    دعت لضرورة تنوع مصادر التمويل، دراسة تكشف تكاليف تشغيل الجامعات التكنولوجية    أسماء مرشحي القائمة الوطنية لانتخابات النواب عن قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا    فرص عمل جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 500 دينار عبر وزارة العمل    آخر تطورات أسعار الفضة صباح اليوم السبت    تحاليل اختبار الجلوكوز.. ما هو معدل السكر الطبيعي في الدم؟    عمرو حسام: الشناوي وإمام عاشور الأفضل حاليا.. و"آزارو" كان مرعبا    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمحل عطارة في بولاق الدكرور    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    نقيب المهن الموسيقية يطمئن جمهور أحمد سعد بعد تعرضه لحادث    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    نانسي عجرم تروي قصة زواجها من فادي الهاشم: أسناني سبب ارتباطنا    مناوشات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    حسام حسن: هناك بعض الإيجابيات من الهزيمة أمام أوزبكستان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسرائيليون يلجأون إلي الخرافات والطقوس السحرية ومعجزات النبي سبلان للإفراج عن الجاسوس عزام عزام بعد رفض مبارك
نشر في صوت الأمة يوم 20 - 02 - 2010

· عزام يرفض الكشف عن الطقوس بدقة لأنها «سر مقدس» ويقول إنها تتضمن ذبح كبش ورقصة «السحجة» وشرب القهوة السادة و«النقوط»
· معجزات «النبي سبلان» تتضمن زيادة لبن الرضاعة بعد غسل الثدي بماء يمر بجوار قبره.. و«لص البليلة» فشل في الهروب!
· عزام وأشقاؤه خدموا في الجيش الإسرائيلي وكان سامي يتفاخر بأن شقيقه جاسوس للموساد
· الإسرائيليون كانوا يدركون ان مفتاح زنزانة عزام موجود في جيب بنطلون الرئيس مبارك
كشفت "صوت الأمة" في الحلقة السابقة عن دور الجاسوس عزام في صفقة الغاز بين مصر واسرائيل.. وتفاصيل محاولته الانتحار مرتين وخطة "الاخوان" لاغتياله في السجن، وكيف اعتبر عزام تأخر بدء جلسة النطق بالحكم عن موعدها بساعتين ونصف الساعة دليلا علي "فبركة" محاكمته، متهما جهات سيادية بالتدخل في محاكمته التي يعتبرها مسرحية شارك فيها فريد الديب، المحامي المصري الذي استعانت به السفارة الاسرائيلية للدفاع عنه. ورأينا كيف نقل عزام عن مجهولين قولهم ان المستشار محرم درويش، رئيس المحكمة، كان عصبيا جدا واستدعي سكرتيرته عدة مرات وتلقي اتصالات هاتفية مطولة وعصبية وزاره 3 مسئولين. وعرضنا كيف خلع عزام بنطلونه ومزقه وصنع منه حبلا ليشنق به نفسه لكنه لم يجد ما يربطه فيه ففشلت اولي محاولات انتحاره. ورأينا ان عزام ينتمي إلي طائفة الدروز التي تؤمن بتناسخ الارواح وان الجسد يموت.. أما الروح فتنتقل إلي جسم طفل وليد، وراينا كيف استعانت إسرائيل برؤساء الولايات المتحدة السابقين والحاليين وبابا الفاتيكان للضغط علي مصر، وكيف وصف عزام الرئيس مبارك ب"ابو الهول المصري" لرفضه الاستجابة لمطالبات إسرائيل بالافراج عنه. كما قرأنا كيف اختطف سجينان ينتميان إلي جماعة "الإخوان" عزام وحاولا قتله داخل زنزانته تضامنا مع انتفاضة الأقصي. كما علمنا ايضا ان الفلسطينيين ابلغوا شارون موافقة عمر سليمان علي صفقة للافراج عن مروان البرغوثي مقابل الافراج عن عزام، وكيف عرض شارون علي مبارك السماح لياسر عرفات بالخروج من المقاطعة مقابل الافراج عن عزام.
يعترف عزام عزام في مذكراته بان الكثيرين من ابناء قريته، وافراد اسرته كانوا ميالين لتصديق انه كان عميلا للموساد الاسرائيلي، لا سيما ان هذه العائلة الدرزية لم تخف علاقتها وارتباطها بالسلطة الاسرائيلية منذ سنوات طويلة، فكل ابناء الاسرة، البالغ عددهم 7 ابناء، وهم: حمزة، سامي، قبطان، فاندي، وفا، وعزام نفسه، خدموا جميعهم في الجيش الاسرائيلي، وخدم اغلبهم في وحدة حرس الحدود، بالاضافة الي شقيقهم رمزي الذي لقي مصرعه خلال خدمته بجيش الاحتلال. وكان سامي لا يخفي تفاخره بان شقيقه مسجون بسبب تجسسه لصالح الموساد الاسرائيلي.
وكان ثمة تفاؤل لدي الاسرة بسرعة الافراج عن عزام، بسبب الرسائل التي كانوا يتلقونها من مسئولي مكتب رئيس الحكومة الاسرائيلية آنذاك، وعلي رأسهم العميد احتياط ديفيد اجمون، مدير مكتب بنيامين نتانياهو، وسكرتير الحكومة داني نافيه.
وكان التقدير السائد لدي الاسرة انذاك هو ان الضغوط الثقيلة والمتزايدة التي مارستها اسرائيل علي مصر، سوف تجعل المصريين يختارون التوقيت المناسب للافراج عن عزام.
ويقول عزام ان افراد اسرته، مثل بقية الاسرائيليين، كانوا يدركون ان مفتاح زنزانة عزام في ليمان طرة موجود في جيب بنطلون الرئيس مبارك. ولكن كانت المشكلة هي تدهور العلاقات بين مصر واسرائيل الي ادني مستوي آنذاك، فلم يخف مبارك انتقاداته لنتانياهو وسلوكه السياسي، وألمح لكل من تحدث معه في موضوع الافراج عن عزام، انه كان يمكن حل الموضوع بسهولة لولا سلوك نتانياهو واجراءاته السياسية بحق الفلسطينيين.
فقد نفذ نتانياهو وعوده الانتخابية ولم يلغ اتفاقيات اوسلو، لكنه في الواقع اصابها بالشلل، وكأنها لم تكن، ورفض انسحاب الجيش الاسرائيلي من الضفة الغربية - رغم نص الاتفاقيات علي ذلك - بحجة ان الفلسطينيين بقيادة ياسر عرفات لم ينفذوا نصيبهم من الالتزامات الواردة في الاتفاقيات، ولخص نتانياهو حجته آنذاك بعبارة "اذا ارادوا ان يأخذوا فليعطوا اولا، فاذا لم يعطوا فلن يأخذوا". وكان يقصد ان علي الفلسطينيين ان يدفعوا اولا حتي يحصلوا علي انسحابات اسرائيلية من اراضيهم، وكان ذلك يمثل مغالطة سياسية كبيرة، الغرض منها تضليل الرأي العام العالمي لتبرئة ساحة اسرائيل من التعنت والصلف وانتهاك الاتفاقيات وعدم الالتزام باية عهود او مواثيق، الامر الذي اثار عليه غضب الرئيس الامريكي بيل كلينتون، ومهندسي اتفاقيات اوسلو والعاهل الاردني الملك حسين، والرئيس مبارك بطبيعة الحال.
وحدثت نقطة تحول في الامور في سبتمبر 1996، عندما التقي نتانياهو مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عند معبر ايريز، بدعوي بحث امكانية اعادة الحياة الي عملية السلام والمسار الفلسطيني الاسرائيلي. ومن الاحاديث التي يقول عزام ان المسئولين الاسرائيليين اجروها مع مسئولين مصريين رفيعي المستوي، ولم يكن مسموحا بنشرها آنذاك، انه عندما تنفذ اسرائيل انسحابها من الخليل سوف ترد مصر ب"لفتة طيبة" تجاه اسرائيل عبر الافراج عن عزام! ولكن تمت عرقلة الانسحاب الاسرائيلي من الخليل عدة مرات، ومر الاسبوع تلو الآخر، دون ان يحدث أي شيء.
وبعد عدة اسابيع تدهورت الامور بشكل اكبر عندما امر نتانياهو بفتح نفق اسفل المسجد الاقصي، الذي يسميه الاسرائيليون "المدخل الشمالي لنفق "وايا دولوروزا"، الذي يقع في مركز الحي الاسلامي بالقدس. فقد اتهم الفلسطينيون ومصر والاردن اسرائيل بتعمد الحفر اسفل المسجد الاقصي لهدمه، وانطلقت المظاهرات الاحتجاجية من جانب الفلسطينيين في جميع ارجاء الضفة الغربية والقدس، وارتكب الاسرائيليون مذابح وحشية خلال التصدي لهذه المظاهرات، ولقي خلالها 15 جنديا من جيش الاحتلال الاسرائيلي حتفهم مقابل استشهاد اكثر من 60 مدنيا فلسطينيا.
وفي محاولة لانقاذ اتفاقيات اوسلو دعا الرئيس الامريكي بيل كلينتون كلا من عرفات ونتانياهو الي مؤتمر قمة في واشنطن، حضره العاهل الاردني الملك حسين، ورفض الرئيس مبارك الحضور. واسفرت القمة عن تهدئة التوتر في المنطقة. وبعد عدة شهور من ذلك، في يناير 1997، وقع الفلسطينيون والاسرائيليون علي اتفاق الخليل، الذي تعهدت اسرائيل بموجبه بالانسحاب من مدينة الخليل، باستثناء منطقة الحرم الابراهيمي ومناطق اخري يقيم فيها المستوطنون اليهود. وبعد عدة اسابيع انسحبت قوات الاحتلال الاسرائيلي من اغلب مناطق الخليل، ولكن اسرائيل لم تكن مستعدة لاتخاذ اية خطوات لبناء الثقة مع الفلسطينيين.
ويستذكر عزام عندما كان في سجن ليمان طرة، وجاء شقيقه لزيارته واخبره بان كل التقارير مشجعة للغاية وان اتفاق الخليل سيؤدي الي تحسين العلاقات بين مصر واسرائيل، وان مبارك سوف يعلن قريبا عن الافراج عن عزام، كلفتة طيبة تجاه اسرائيل!
ومن المحادثات التي اجراها سامي، شقيق عزام، مع مسئولي مكتب نتانياهو، كان الانطباع السائد لدي الجميع هو ان الافراج عن عزام قد يتم قريبا جدا، ربما حتي خلال اجتماع القمة بين مبارك ونتانياهو في الاسكندرية. حتي انهم قالوا لسامي عزام: "سوف تري ان نتانياهو سيعود الي اسرائيل، وسوف ينزل من طائرته برفقة شقيقك عزام".
في مكتب مدير سجن ليمان طرة، جلس عزام مع مستشار نتانياهو لشئون الدروز اسعد اسعد، ورئيس مجلس مدينة مغار، اسعد عرايضة. وهناك شاهدوا بثا حيا علي التليفزيون لمؤتمر صحفي اقامه الرئيس حسني مبارك، في نهاية لقائه ببنيامين نتانياهو في الاسكندرية. وانضم اسعد اسعد واسعد عرايضة الي الوفد المشارك في لقاء نتانياهو مع مبارك، واستغلا فرصة السفر الي الاسكندرية، وسافرا الي القاهرة لزيارة عزام في السجن. وفي خطوة استثنائية سمح لهم مدير السجن بمشاهدة البث المباشر علي التليفزيون المصري. ويقول عزام ان احد الصحفيين بادر الرئيس مبارك خلال المؤتمر الصحفي، بسؤال كان معدا مسبقا، وقال له: "سيدي الرئيس، هل تؤكد او تنفي الشائعة التي تقول انه بعد ابرام اتفاق الخليل بين الفلسطينيين واسرائيل، تنوي سيادتكم الافراج عن المواطن الاسرائيلي المسجون بتهمة التجسس في مصر؟". عندها توقف مبارك، وارجع رأسه الي الخلف، ورسم ابتسامة علي وجهه وسارع بالاجابة قائلا: "انا مش فاهم ازاي بيربطوا بين الموضوعين دول. وعموما الموضوع كله في يد القضاء المصري، ولا يمكن ان اتدخل فيه بأي شكل من الاشكال".
ويقول عزام انه بالرغم مما قاله مبارك، كان الشعور السائد في مكتب مدير السجن، في تلك اللحظة، انه سيتم الافراج عن عزام قريبا. وكان اسعد اسعد مؤمنا في قرارة نفسه بان تصريحات مبارك كانت موجهة الي اذان الشعب المصري عموما، والمنظمات الاسلامية المتطرفة بصفة خاصة، التي المح الي ان مبارك يخشاها، خاصة انها بدأت في توجيه الانتقادات العلنية لما وصفته ب"النشاط الصهيوني السري ضد مصر".
ومن المباحثات التي اجراها خلال تلك الزيارة في مصر مع شخصيات مختلفة من كبار المسئولين المصريين، كان انطباع اسعد اسعد ان الجميع يعتقد ان عزام سيتم الافراج عنه خلال وقت قصير، حتي قبل ان تبدأ محاكمته!
واعتبر نتانياهو انه بالانسحاب من الخليل قد فعل كل ما عليه، وان علي الفلسطينيين ان يدفعوا مقابل ذلك، عبر اتخاذ خطوات فعلية لتصفية ما يسمونه منظمات الارهاب الفلسطينية، وعلي رأسها حماس والجهاد وحركة فتح التي يرأسها ياسر عرفات ايضا! وتدهورت العلاقات الاسرائيلية مع السلطة الفلسطينية، ولم تخف الادارة الامريكية عدم رضاها عن الوضع، وبدأت في ممارسة ضغط سياسي واقتصادي كثيف علي نتانياهو. وتركزت الضغوط الامريكية علي المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية.
وتدهورت العلاقات المصرية الاسرائيلية اكثر، عندما حاول اثنان من عملاء الموساد اغتيال خالد مشعل، مدير المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية في العاصمة الاردنية عمان، عام 1997، بواسطة سم خاص، وتسببت الواقعة في نشوب ازمة سياسية خطيرة مع المملكة الاردنية والملك حسين الذي وجه انتقادات شديدة لنتانياهو. وتوصلت الاردن الي اتفاق مع اسرائيل، يتم بمقتضاه افراج الاردن عن عميلي الموساد اللذين نفذا محاولة الاغتيال، مقابل ارسال اسرائيل للترياق المضاد للسم الذي تم حقن خالد مشعل به، لانقاذه من الموت، والافراج عن الزعيم الروحي لحركة حماس، الشيخ احمد ياسين.
كانت اسرة عزام في ذلك الوقت تتلقي تقارير غير مشجعة بشأن الافراج عن عزام وطرح الموضوع علي الرئيس مبارك. ويقول عزام ان كل من قابل مبارك كان يعود ليتحدث عن غضب الرئيس المصري الشديد علي نتانياهو، وعند الحديث معه بشأن قضية عزام، كان مبارك يقول: "لو كانت الامور مش كده، ما كانش هيبقي فيه اي مشكلة". وبدأ المسؤولون الاسرائيليون يقولون لاسرة عزام ان ذلك ليس الوقت المناسب للحديث مع مصر عن موضوع عزام، وطالبوهم بالانتظار لبعض الوقت حتي تخفف حدة الضغوط والتوترات التي كانت قائمة آنذاك بين مصر واسرائيل.
وبدا ان الفرصة كانت سانحة خلال محادثات "واي بلانتيشين"، في شهري سبتمبر واكتوبر 1998، بين الفلسطينيين واسرائيل، بوساطة من الرئيس الامريكي بيل كلينتون. فقد ذهب نتانياهو الي هذه المباحثات، برفقة وزير دفاعه اسحاق مردخاي، ووزير خارجيته آرييل شارون، الذي قفز الي المنصب بعد استقالة ديفيد ليفي. وحاول الوفد الاسرائيلي ان يضع قضية الافراج عن عزام عزام ضمن اجندة المفاوضات، في اطار حزمة مطالبها، (التي تتضمن: منع التحريض، وجمع الاسلحة غير المرخصة للفلسطينيين، والقبض علي الفلسطينيين المطلوبين من الاجهزة الامنية الاسرائيلية وتسليمهم الي اسرائيل، وغير ذلك)، كنتيجة للاتفاق علي توقيع اتفاق يقضي بتسليم الفلسطينيين 13% من اراضي الضفة الغربية. وبعد شد وجذب في المفاوضات، تم التوقيع علي اتفاق واي بلانتيشين، في 10 اكتوبر 1998، دون ان يتضمن الافراج عن عزام.
وبعد ذلك تزايدت الانتقادات ضد نتانياهو، وشهد حزب الليكود الذي كان يرأسه الكثير من الانقسامات، وانشق الكثير من اعضائه لتشكيل احزاب اخري جديدة، احتجاجا علي سياسة نيتانيا هو "المتساهلة"! وانتهت الامور الي حل الكنيست، واجراء انتخابات برلمانية مبكرة، اسفرت عن فوز ايهود باراك، عن حزب العمل "اليساري"، وادت حكومته، التي تحمل رقم 28 بين حكومات اسرائيل، اليمين في 6 يوليو 1999. واعلن باراك عقب توليه الحكم انه سيسحب قوات الاحتلال الاسرائيلية من لبنان، والتوصل الي اتفاق سلام مع السوريين حول هضبة الجولان، وتسوية نهائية ودائمة مع الفلسطينيين.
وسادت حالة من التفاؤل بين افراد اسرة عزام، سرعان ما تلاشت عندما تبين ان ملف الافراج عن عزام ليس علي جدول حكومة باراك، التي طلبت من افراد الاسرة الصبر قليلا حتي تتمكن الحكومة من تحقيق كل هذه الامور "الكبيرة".
ولكن الامور لم تسر علي ما يرام مع باراك، فقد فشلت مفاوضاته مع سوريا، عام 2000، حيث عرضت اسرائيل الانسحاب حتي الخط الاخضر، بينما اصرت سوريا علي انسحاب اسرائيل من كل هضبة الجولان حتي خطوط الرابع من يونيو 1967. وفشلت كذلك مفاوضاته الماراثونية مع الفلسطينيين في كامب ديفيد، ويقال ان اسرائيل عرضت علي ياسر عرفات عندئذ اقامة دولة فلسطينية علي اكثر من 90% من مساحة الضفة الغربية وغزة، وسيادة عربية علي الاماكن الاسلامية المقدسة في القدس. واندلعت بعدها احداث اكتوبر 2000، التي شهدت مصادمات من عرب 1948 مع القوات الاسرائيلية داخل اسرائيل، واسفرت عن مقتل 12 عربيا ويهودي واحد.
وبعد ذلك بشهور سمح باراك لعضو الكنيست الاسرائيلي آرييل شارون، الذي كان رئيس المعارضة آنذاك، باقتحام الحرم القدسي في القدس، الامر الذي ادي الي اندلاع مواجهات من جانب الفلسطينيين مع قوات الاحتلال الاسرائيلي احتجاجا علي انتهاك حرمة الحرم، واندلعت المظاهرات والاحتجاجات والمصادمات في كل انحاء فلسطين، فيما سمي بانتفاضة الاقصي.
ويقول عزام ان شقيقه سامي وزوجته آمال وابنه متعب، ذهبوا لمقابلة ايهود باراك في مكتبه بالقدس، قبل زيارته اوروبا، وعندما عاد التقي بهم مجددا واخبرهم بأنه تحدث في موضوع عزام مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، والرئيس الفرنسي جاك شيراك، وانهما وعدا بالاهتمام والتدخل لدي الرئيس مبارك.
وكان جميع الاسرائيليين علي قناعة بأن مفتاح حرية عزام موجود بيد الرئيس مبارك، الامر الذي دفع اسرة عزام للتوجه الي رئيس الدولة العبرية عيزرا فايتسمان، لمطالبته بالتدخل، باعتباره الرئيس السابع لاسرائيل، ولانه نجح علي مدي السنوات السابقة في اقامة علاقة شخصية وخاصة مع الرئيس مبارك، الذي كان طيارا مثله، ووجد لديه لغة مشتركة في العديد من القضايا السياسية.
وجدت اسرة عزام باباً مفتوحا واذانا صاغية لدي فايتسمان، والمهم انهم وجدوا لديه استعدادا للتوسط لدي صديقه الرئيس مبارك. وخلال عامي 1999 و 2000، اجري فايتسمان عدة زيارات الي مصر، واجري العديد من المحادثات الهاتفية مع مبارك. وفي كل اللقاءات والمحادثات الهاتفية مع مبارك طرح فايتسمان قضية الافراج عن عزام. ورغم انه لم يكن يحكي علانية عما يجري في هذه اللقاءات والمحادثات فيما يتعلق بعزام، لم يخف عن اسرة عزام تفاؤله الكبير بشأن هذا الموضوع. وكان في كل مرة يكرر تأكيده وتقديره بأن يوم الافراج عن عزام بات قريبا.
ووصلت الامور الي ذروتها خلال الرحلة الاخيرة التي قام بها فايتسمان الي مصر لمقابلة مبارك. وفي اللقاء الذي اجرته اسرة عزام مع فايتسمان في مطار بن جوريون باسرائيل قبل خروجه الي القاهرة، كشف لهم انه في إحدي محادثاته الهاتفية الاخيرة مع مبارك، وعده الرئيس المصري بانه سيأمر بالافراج عن عزام خلال 8 اشهر.
في تلك الفترة كان الحديث قد زاد عن الهدايا المالية التي تلقاها فايتسمان من رجل الاعمال المليونير ادوارد سروسي، الامر الذي بات يهدد فايتسمان بالمحاكمة بتهمة الفساد. وكان التقدير السائد لدي المحيطين به ان فايتسمان قادر علي اكتساب الكثير من النقاط أمام الرأي العام الاسرائيلي اذا اوفي الرئيس مبارك بوعده وافرج عن عزام، وسلمه له.
وقال فايتسمان لأفراد اسرة عزام ذات مرة قبل صعوده الي طائرة القوات الجوية الاسرائيلية التي ستنقله الي مصر: "لا اريد ان اقاطع او افتح الباب للشيطان، ولكن عندي امل كبير بان اعود الي اسرائيل بعد الظهر ومعي عزام".
وانتظرت اسرة عزام اكثر من 7 ساعات في مطار بن جوريون، بانتظار عودة الرئيس الاسرائيلي، وبلغ الانفعال ذروته بعد الظهر عندما علموا ان طائرة فايتسمان دخلت المجال الجوي الاسرائيلي وعلي وشك الهبوط خلال دقائق قليلة. كان الجميع في حالة ترقب وانتظار ظهور عزام الي جوار فايتسمان علي سلم الطائرة، بل انهم بدأوا يتحدثون فيما بينهم عن مراسم استقباله في القرية.
ولكن خاب املهم هذه المرة ايضا، واصيبوا بصدمة لا مبرر لها عندما شاهدوا الرئيس الاسرائيلي واسرته ينزلون من الطائرة بدون عزام. ولم يخف قفطان عزام شعوره بالمرارة وقال للرئيس الاسرائيلي: "هل هذا هو مبارك اقرب صديق لك؟! هل هكذا راعي خاطرك؟". وبدا فايتسمان متجهما، غاضبا وهو يتمتم بسباب ولعنات باللغة العربية، ثم قال: "انا مش فاهم.. ده كان واعدني، بس كذب عليه!".
وكانت خيبة امل اسرة عزام كبيرة جدا هذه المرة بسبب اعتمادهم علي العلاقة الشخصية والوطيدة التي تربط مبارك بفايتسمان، واطلعوا عزام علي كل هذه المجريات، مما ساهم في رفع حالته المعنوية كثيرا. وفي طريق عودتهم من المطار خيم الصمت علي الجميع، فقد كانوا يفكرون كيف سيبلغون عزام بفشل فايتسمان في التوسط لدي مبارك للافراح عنه؟ وبعد طول تفكير، اخبروا عزام بما حدث واضافوا اليه سطرا مختلقا للحفاظ علي حالته المعنوية، اذ قالوا له ان الرئيس الاسرائيلي حصل علي وعد من مبارك بالافراج عنك بسرعة!.
كان عزام يحظي بزيارة كل اسبوعين، وكان يزوره في كل مرة مجموعة مكونة من 5 افراد، وكانت السفارة الاسرائيلية بالقاهرة قد طلبت منهم عدم ارتداء او حمل ما يشي بأنهم اسرائيليون خلال زيارتهم لعزام، حتي لا يتعرضوا لأي خطر في شوارع القاهرة، التي كانت تغلي تضامنا مع انتفاضة الاقصي، التي اندلعت عام 2000، واستمرت بشدة في عام 2001، وحصدت 247 قتيلا اسرائيليا، مقابل 538 فلسطينيا.
في تلك الاثناء يقول عزام ان درجة العداء بحق اسرائيل والاسرائيليين التهبت في الشارع المصري، حتي ان شقيقه قفطان وزوجته آمال وابنه متعب، وشقيقتها شادية وزوجها وجيه، كانوا في زيارة لعزام في شهر ابريل، وكانوا أمام السجن في الساعة الحادية عشرة ظهرا، وطلب منهم مسئولو السجن الانتظار عند البوابة قليلا. وبينما هم ينتظرون كانت السيارات التابعة لوزارة الداخلية وقوات السجن تدخل وتخرج من البوابة دون توقف، حتي فوجئوا بان احدي عربات النقل الزرقاء تنحرف عن مسارها وتتجه بسرعة باتجاه عائلة عزام الواقفة الي جوار السور، فتفرقوا بعيدا عنها، لينجو باعجوبة، علي حد تعبير عزام. وغادرت السيارة المكان بسرعة! وحكي اقارب عزام عن هذه الواقعة لمسئولي السفارة الاسرائيلية في القاهرة، وكان القرار في السفارة الاسرائيلية هو لا بد من وقف الزيارات الي عزام مؤقتا، حتي تهدأ الاوضاع العامة، في ظل تقدير بانهم قد يتعرضون لمحاولات اغتيال مجددا اذا اصروا علي تكرار زياراتهم لعزام بنفس المعدلات السابقة.
وفي ظل هذه الاجواء القاتمة لم تجد اسرة عزام سوي اللجوء الي قوي ما وراء الطبيعة، عبر الاستعانة بنبي معروف لدي الدروز باسم "النبي سبلان" واستحضار روحه ومعجزاته للاستغاثة به من أجل الافراج عن عزام. فاجتمع افراد اسرة عزام، وافراد اسرة زوجته آمال، وقرروا السير قدما في هذا الخيار، عبر طقوس رفض عزام الكشف عن طبيعتها بدقة في كتابه باعتبارها امرا مقدسا يستوجب الحفاظ علي سريته، بعيدا عن عيون غير الدروز، الذين يقول رجال الدين عنهم انهم لن يقدروا علي فهم الديانة الدرزية او ديانة "الموحدين" كما يحبون ان يطلقوا عليها. لكنه مع ذلك قال ان العائلتين اجريتا طقوسهما عند مقبرة النبي سبلان، الواقعة علي قمة جبل سبلان في قرية حرفيش، بالجليل الاعلي، داخل فلسطين 1948. والغريب ان كل المعلومات المتاحة عن النبي سبلان هذا، انه ظهر قديما منذ الف سنة تقريبا، ويحتفلون بعيده في العاشر من سبتمبر كل عام، عبر زيارة المقام المقدس للعبادة والتبرك والأجتماع بأخوان الدين. ويتكون "المقام الشريف" من مغارة وفوقها أربع قباب، ويضم قاعات للصلاة والاجتماعات وغرفاًً للزوار وغرفاً خاصَّة لإعداد الطعام. أما معجزات النبي سبلان التي يؤمن بها الدروز، فيقولون ان احداها وجود عدة ينابيع ماء الي جوار المقام الشريف، منها: عين الجديدة، عين المزاريب، نبعة عباس، عين النمرة، عين الرعيش وعين الدرة، تذهب اليها المرأة عندما يجف ضرعها، فتغسل ثدييها هناك، فيزيد فيه اللبن وترضع طفلها! اما المعجزة الثانية فتتحدث عن لص سرق القمح من احد باعة البليلة، في منطقة قريبة من مقام النبي سبلان، فتحدث المعجزة، حيث يتوه اللص ويعجز عن مغادرة المنطقة حتي الصباح فيتم القاء القبض عليه!
المهم ذهبت اسرتا عزام وزوجته الي مقام النبي سبلان، وكان عدد افرادهما 150 شخصا، وبعد اجراء الطقوس الخفية تم ذبح كبش، واعداد وجبات درزية، يتم بعدها جمع "النقطة" من المشاركين، كالتي يتم جمعها في الافراح المصرية التقليدية، ثم ينتظم الجميع في حلقات رقص باسم "السحجة"، وينتهي الامر باحتساء القهوة السادة.
محمد البحيري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.