نخبة الإعلام والعلاقات العامة يجتمعون لمستقبل ذكي للمهنة    موسكو: الاتحاد الأوروبي سيضطر لمراجعة نهجه في العقوبات ضد روسيا    وزارة الشباب والرياضة تحقق أهداف رؤية مصر 2030 بالقوافل التعليمية المجانية    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأربعاء 31 ديسمبر    وخلق الله بريجيت باردو    محكمة تونسية تؤيد حكم سجن النائبة عبير موسى عامين    وزارة الرياضة تواصل نجاح تجربة التصويت الإلكتروني في الأندية الرياضية    بداية تحول حقيقي، تقرير صادم عن سعر الذهب والفضة عام 2026    ولفرهامبتون يحصد النقطة الثالثة من أرض مانشستر يونايتد    مصرع طفل دهسه قطار الفيوم الواسطي أثناء عبوره مزلقان قرية العامرية    طقس رأس السنة.. «الأرصاد» تحذر من هذه الظواهر    ذخيرة حية وإنزال برمائي.. الصين توسع مناوراتها حول تايوان    توتر متصاعد في البحر الأسود بعد هجوم مسيّرات على ميناء توابسه    زيلينسكي يناقش مع ترامب تواجد قوات أمريكية في أوكرانيا    الخارجية القطرية: أمن السعودية ودول الخليج جزء لا يتجزأ من أمن قطر    "25يناير."كابوس السيسي الذي لا ينتهي .. طروحات عن معادلة للتغيير و إعلان مبادئ "الثوري المصري" يستبق ذكرى الثورة    رئيس جامعة قنا يوضح أسباب حصر استقبال الحالات العادية في 3 أيام بالمستشفى الجامعي    د.حماد عبدالله يكتب: نافذة على الضمير !!    «مسار سلام» يجمع شباب المحافظات لنشر ثقافة السلام المجتمعي    «قاطعوهم يرحمكم الله».. رئيس تحرير اليوم السابع يدعو لتوسيع مقاطعة «شياطين السوشيال ميديا»    خالد الصاوي: لا يمكن أن أحكم على فيلم الست ولكن ثقتي كبيرة فيهم    نتائج الجولة 19 من الدوري الإنجليزي الممتاز.. تعادلات مثيرة وسقوط مفاجئ    تموين القاهرة: نتبنى مبادرات لتوفير منتجات عالية الجودة بأسعار مخفضة    استشهاد فلسطيني إثر إطلاق الاحتلال الإسرائيلي الرصاص على مركبة جنوب نابلس    الأمم المتحدة تحذر من أن أفغانستان ستظل من أكبر الأزمات الإنسانية خلال 2026    قيس سعيّد يمدد حالة الطوارئ في تونس حتى نهاية يناير 2026    التنمية المحلية: تقليص إجراءات طلبات التصالح من 15 إلى 8 خطوات    "البوابة نيوز" ينضم لمبادرة الشركة المتحدة لوقف تغطية مناسبات من يطلق عليهم مشاهير السوشيال ميديا والتيك توكرز    من موقع الحادث.. هنا عند ترعة المريوطية بدأت الحكاية وانتهت ببطولة    دعم صحفي واسع لمبادرة المتحدة بوقف تغطية مشاهير السوشيال ميديا والتيك توك    المحامى محمد رشوان: هناك بصيص أمل فى قضية رمضان صبحى    مصدر بالزمالك: سداد مستحقات اللاعبين أولوية وليس فتح القيد    شادي محمد: توروب رفض التعاقد مع حامد حمدان    رضوى الشربيني عن قرار المتحدة بمقاطعة مشاهير اللايفات: انتصار للمجتهدين ضد صناع الضجيج    طرح البرومو الأول للدراما الكورية "In Our Radiant Season" (فيديو)    الخميس.. صالون فضاءات أم الدنيا يناقش «دوائر التيه» للشاعر محمد سلامة زهر    لهذا السبب... إلهام الفضالة تتصدر تريند جوجل    ظهور نادر يحسم الشائعات... دي كابريو وفيتوريا في مشهد حب علني بلوس أنجلوس    بسبب الفكة، هل يتم زيادة أسعار تذاكر المترو؟ رئيس الهيئة يجيب (فيديو)    د هاني أبو العلا يكتب: .. وهل المرجو من البعثات العلمية هو تعلم التوقيع بالانجليزية    حلويات منزلية بسيطة بدون مجهود تناسب احتفالات رأس السنة    الحالة «ج» للتأمين توفيق: تواجد ميدانى للقيادات ومتابعة تنفيذ الخطط الأمنية    ملامح الثورة الصحية فى 2026    هل تبطل الصلاة بسبب خطأ فى تشكيل القرآن؟ الشيخ عويضة عثمان يجيب    هل يجب خلع الساعة والخاتم أثناء الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    جامعة عين شمس تستضيف لجنة منبثقة من قطاع طب الأسنان بالمجلس الأعلى للجامعات    خالد الجندى: القبر محطة من محطات ما بعد الحياة الدنيا    خالد الجندي: القبر مرحلة في الطريق لا نهاية الرحلة    حقيقة تبكير صرف معاشات يناير 2026 بسبب إجازة البنوك    الأهلي يواجه المقاولون العرب.. معركة حاسمة في كأس عاصمة مصر    السيطرة على انفجار خط المياه بطريق النصر بمدينة الشهداء فى المنوفية    أمين البحوث الإسلامية يتفقّد منطقة الوعظ ولجنة الفتوى والمعرض الدائم للكتاب بالمنوفية    رئيس جامعة العريش يتابع سير امتحانات الفصل الدراسي الأول بمختلف الكليات    الصحة: تقديم 22.8 مليون خدمة طبية بالشرقية وإقامة وتطوير المنشآت بأكثر من ملياري جنيه خلال 2025    الزراعة: تحصين 1.35 مليون طائر خلال نوفمبر.. ورفع جاهزية القطعان مع بداية الشتاء    معهد الأورام يستقبل وفدا من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي لدعم المرضى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    نسور قرطاج أمام اختبار لا يقبل الخطأ.. تفاصيل مواجهة تونس وتنزانيا الحاسمة في كأس أمم إفريقيا 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجاسوس عزام عزام يعترف: عدت لإسرائيل وقابلت شارون وأصبحت ورقة محروقة وتخلي عني الجميع وخرجت من السجن بعجز جنسي دمر حياتي الزوجية وأنا الآن بلا عمل
نشر في صوت الأمة يوم 06 - 03 - 2010

· إسرائيل ربطت بين الانفصال عن غزة والإفراج عن عزام
· إسرائيل اعتقلت 6 طلاب مصريين واتهمتهم بالتسلل والتخطيط لعمليات خطف وقتل جنود إسرائيليين وسرقة أسلحتهم والاستيلاء علي دبابة وقتل طاقمها
· مبارك قال للإسرائيليين: أنتظر الفرصة المناسبة للإفراج عن عزام فأنتم مطالبون بإقناع 7 ملايين شخص.. أما أنا فمطلوب مني إقناع 70 مليون مسلم!
اشاد عزام عزام بوزير الخارجية الإسرائيلي الاسبق سيلفان شالوم، وقال انه ابلغ الرئيس حسني مبارك بالربط بين تنفيذ إسرائيل لخطة الانفصال عن قطاع غزة من طرف واحد، وبين خطوات لبناء الثقة بين مصر وإسرائيل، وعلي رأسها الافراج عن عزام. وتسربت تقارير عن نية مبارك الافراج عن عزام في 23 يوليو 2003، تزامنا مع ذكري الاحتفال بثورة يوليو، التي يسميها عزام بأنها «انقلاب عسكري في مصر»، حيث اعتاد مبارك منح العفو الرئاسي لعدد من السجناء بهذه المناسبة. وكان شالوم من انصار القول بأن مناقشة ملف عزام في العلن وعبر وسائل الاعلام امر يضر عزام ويؤخر الافراج عنه.
وينقل عزام عن مبارك قوله ايضا لوسائل الاعلام الإسرائيلية عقب لقاء له مع سيلفان شالوم في مارس 2004: «انتم بتتكلموا اكثر من اللازم، والموضوع ده كل ما نبعده عن العلن هيبقي افضل.. وما تسألونيش اسئلة انتم عارفين اجاباتها، ادوني فرصة اعالج الموضوع». بل ان موقع «ديبكا» المعروف بعلاقته مع الاستخبارات الإسرائيلية ذكر ان مبارك ابلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون بأنه قرر اغلاق ملف عزام نهائيا واعادته الي إسرائيل، وانه يفكر في 3 خيارات: الاول هو الافراج عن عزام بقرار اداري لقضائه اكثر من نصف مدة العقوبة المحكوم بها عليه، والثاني هو توقيع الرئيس نفسه علي عفو رئاسي خاص عنه، والثالث هو الافراج عن عزام مع حلول اهم اعياد الدروز وهو الاحتفال بعيد النبي شعيب، وذكر الموقع ان الخيار الاخير هو ما يفضله مبارك.
ورغم مرور سنوات علي الافراج عن عزام ما زال سيلفان شالوم يرفض الافصاح عما جري خلال زيارته الي القاهرة ولقائه بالرئيس مبارك والذي اسفر عن تحول موقف مبارك وعزمه الافراج عن عزام، خاصة ان ذلك اللقاء تلاه لقاء بين شالوم واحمد ابو الغيط، وزير الخارجية، واللواء عمر سليمان في مقر المخابرات المصرية.
وبينما كان سيلفان شالوم يعكف علي تسخين العلاقات بين مصر وإسرائيل، كانت الاحتجاجات تتفاقم داخل إسرائيل اعتراضا علي خطة الانفصال عن غزة التي تبناها شارون، لأن البعض منهم رأي فيها ان إسرائيل تسلم قطاع غزة للفلسطينيين بدون مقابل، ولكن الاهم هو ان شارون، الذي يوصف بأنه ابو الاستيطان الإسرائيلي، بادر الي اخلاء العديد من المستوطنات اليهودية في غزة، وكان ذلك بمثابة صدمة وتحول غير مفهوم في شخصية شارون بالنسبة لكثير من الإسرائيليين، والمحللين السياسيين ايضا.
وفي 31 اغسطس نفذ الفلسطينيون عملية فدائية مزدوجة عبر تفجير حافلتين في بئر سبع اسقطتا 16 قتيلا إسرائيليا. وفي 7 اكتوبر وقع حادث ارهابي في سيناء عندما انفجرت سيارات مفخخة في فندق هيلتون طابا ثم في منطقة رأس الشيطان، وسقط عشرات القتلي والجرحي في الانفجارين.
في تلك الفترة ازدادت العلاقات بين مصر وإسرائيل دفئا، خاصة علي الصعيد الامني، وقام اللواء عمر سليمان بزيارة إسرائيل عدة مرات لاجراء مباحثات مع مسئولي تل ابيب، خاصة من اجل نقل محور فيلادلفيا الحدودي الي السيطرة المصرية، في اطار تنفيذ خطة الانفصال الإسرائيلي عن غزة. وفي نهاية احد اللقاءات مع ارييل شارون عرض عليه عمر سليمان فكرة فك الحصار الذي تفرضه إسرائيل بالدبابات وقوات الاحتلال الإسرائيلي علي الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في مقره بالمقاطعة في رام الله، كبادرة إسرائيلية طيبة تجاه الرئيس مبارك. واعرب شارون عن استعداده لتنفيذ ذلك مقابل الافراج عن عزام عزام من السجن المصري. ولم يكرر عمر سليمان طلبه هذا، بما اعتبر رفضا مصريا للصفقة. وقال احد المسئولين السابقين في مكتب شارون ان مسئولين امريكيين واوروبيين وعربا حاولوا عدة مرات، بعد لقاء سليمان وشارون بعدة اسابيع، جس نبض شارون في موضوع فك الحصار عن عرفات، فكان يرد عليهم دائما قائلا: «يسعدني فعل ذلك في اللحظة التي سيفرج فيها الرئيس مبارك عن عزام عزام من السجن المصري».
بعد ذلك بوقت قصير تدهورت صحة عرفات، وسمحت إسرائيل بسفره الي باريس للعلاج في 29 اكتوبر. وفي 11 نوفمبر اعلن المتحدث باسم المستشفي في باريس عن وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.
في نهاية العام 2004 كانت العلاقات المصرية الإسرائيلية تبدو اكثر توطيدا بمرور الوقت بسبب جدية شارون في تنفيذ خطة الانفصال عن غزة واخلاء المستوطنات. وفي اطار المباحثات الجارية بين الجانبين التقي وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز مع اللواء عمر سليمان لبحث الانسحاب الإسرائيلي من غزة والترتيبات الحدودية لما بعد ذلك، وطلب موفاز في نهاية اللقاء السماح لإسرائيل بالتنقيب في سيناء عن رفات الجنود الإسرائيليين الذين قتلوا في حرب اكتوبر 1973، وما زالوا في عداد المفقودين، ووافق سليمان! وهي اعمال التنقيب الجارية حتي الآن في مناطق محيطة بمحافظة الاسماعيلية وغيرها، الامر الذي اعتبره الكثيرون انتهاكا للسيادة المصرية، وتساءل البعض محقا: ولماذا لا تسمح لنا إسرائيل ايضا بالبحث عن المفقودين المصريين في إسرائيل؟!
وفي ذروة الحديث عن توطيد العلاقات بين مصر وإسرائيل، وعن اتفاقية الكويز، وتصدير الغاز المصري الي إسرائيل، والانسحاب الإسرائيلي من غزة، التقي وزير الخارجية الإسرائيلي سيلفان شالوم باللواء عمر سليمان، وتلقي شالوم رسالة من شارون كتب فيها: «اخبر المصريين بأنه لن يتحرك ولن يتحقق اي شيء، ما لم يتم تنفيذ ما اتفقت عليه مع المصريين وهو الافراج عن عزام عزام».
وكان عضو الكنيست الإسرائيلي مجلي وهبة التقي الرئيس مبارك 3 مرات، موفدا من شارون، ويقول عزام ان مبارك ابلغ وهبة في تلك اللقاءات انه ينتظر الفرصة المناسبة للافراج عن عزام، حتي لا اثير غضب المصريين، وتذكروا انكم مطالبون بإقناع 7 ملايين انسان وهم تعداد الإسرائيليين، بينما يتوجب علي انا ان اقنع 70 مليون مسلم (هكذا وردت في النص العبري للاشارة الي سكان مصر).
وكان مفهوما انه سيكون علي إسرائيل ان ترد علي مصر ببادرة طيبة للافراج عن عزام، وفكرت إسرائيل في عدة خيارات، كان من بينها الافراج عن بضع عشرات من الاسري الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، لدعم السلطة الفلسطينية ايضا قبل الانتخابات العامة المزمع اجراؤها في 9 يناير. وكان هناك علي الجانب الإسرائيلي من اقترح الافراج عن مروان البرغوثي، وهي الفكرة التي تم استبعادها بسرعة من طاولة المناقشات بسبب الاجماع علي ان ذلك سيلاقي اعتراضا كبيرا في الساحة السياسية الإسرائيلية.
وبدأت مجريات الامور في التغير في مساء 25 اغسطس 2004، عندما القت قوات الاحتلال الإسرائيلية القبض علي 6 طلاب مصريين في منطقة نيسانا، قالت إسرائيل انهم كانوا في طريقهم لتنفيذ عمليات ارهابية في عدة مناطق داخل إسرائيل. والطلاب هم: عماد سيد، محمد يسري، مصطفي محمود يوسف، مصطفي ابوضيف، محمد جمال عزت، ومحمد ماهر. واتهمتهم إسرائيل بالتسلل اليها والتخطيط لعمليات خطف وقتل جنود إسرائيليين وسرقة اسلحتهم، ورصد دبابة تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة والاستيلاء عليها، وقتل طاقم الدبابة وسرقة الدبابة نفسها! ونسبت محاضر التحقيق الإسرائيلية الي الطلاب المصريين قولهم انهم خططوا ايضا للسطو علي بنك إسرائيلي في مستوطنة «ماتسفيه رامون» واستخدام امواله في تمويل عمليات اخري ضد إسرائيل، وانهم تدربوا جيدا علي تنفيذ عمليات عنيفة وخطيرة. وخلال الفترة من عام 2001 الي 2004، حاولوا الوصول الي المنطقة الحدودية بين مصر وإسرائيل، من اجل التسلل الي إسرائيل، ولكن كانت محاولاتهم تفشل لسبب مختلف في كل مرة. وفجأة ظهرت علي الساحة فكرة ابرام صفقة للتبادل بين مصر وإسرائيل، حيث تفرج إسرائيل عن الطلاب المصريين الستة وتفرج مصر عن الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام. ويقول مسئولون في مكتب شارون ان هذه الفكرة ظهرت لأول مرة في لقاءات شارون مع عمر سليمان، بينما يقولون في وزارة الخارجية الإسرائيلية ان الفكرة ظهرت لاول مرة خلال مناقشات وزير الخارجية الإسرائيلية سيلفان شالوم مع نظيره المصري احمد ابو الغيط. المهم انه تم الاتفاق علي تفاصيل الصفقة في نهاية شهر سبتمبر 2004، خلال زيارة قام بها رئيس الاستخبارات الإسرائيلية آنذاك انفي ديختر، والسكرتير العسكري لشارون العميد يواف جالانت. وتم اعطاء الضوء الاخضر لإتمام الصفقة بعد اسابيع من ذلك خلال زيارة قام بها وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط وقادة المخابرات المصرية الي إسرائيل. ففي نهاية الزيارة بقي عمر سليمان بمفرده مع شارون في مكتبه. ويقول مسئولون في مكتب شارون ان الافراج عن عزام كان ثمنا لعدد من الترتيبات التي طلبتها مصر ايضا، والتي تتضمن تعهد إسرائيل بأن تسمح للفلسطينيين باستخدام ميناء ومطار غزة.
وبالفعل تم الافراج عن الطلاب المصريين في الساعة السابعة من صباح يوم الاحد 5 ديسمبر 2004، من سجن «اوهلي كيدر» في النقب، وتم ترحيلهم من إسرائيل الي القاهرة، وتم الافراج عن عزام عزام في اليوم نفسه، في صفقة اثارت الكثير من الجدل حول جدواها، ولكن ظلت كثير من تفاصيلها طي الكتمان.
وعلي الحدود المصرية الإسرائيلية تم تسليم عزام الي الجانب الإسرائيلي، حيث كان في استقباله ممثلو مختلف وسائل الاعلام الإسرائيلية والعالمية، واستقبله هناك يواف جالانت السكرتير العسكري لمكتب شارون، حيث قام عزام بتقبيله 3 مرات، تلقي بعدها اتصالا هاتفيا من شارون الذي هنأه بالافراج عنه، وتوجه عزام بشكره الحار الي شارون وقال له: «لقد قلت لأسرتي انه اذا لم يتم الافراج عني في عهد شارون فلن يتم الافراج عني ابدا، ومن حسن حظي اني ولدت في إسرائيل.. انني فخور بذلك».
اللافت للنظر هنا انه فور الافراج عن عزام وانتقاله الي الجانب الإسرائيلي، لم يتوجه الي منزله، وانما تم وضعه رهن الاعتقال في فندق «اجاميم» في ايلات من اجل اخضاعه للتحقيقات الامنية، وتم بعد ذلك نقله الي مبني المخابرات الإسرائيلية لتمكينه من رؤية المقربين منه علي عجالة، ثم تعرض لسلسلة من التحقيقات والاستجوابات والفحوصات هناك لعدة ايام، وطبعا كان الهدف من التحقيقات هو معرفة طبيعة المعلومات التي ادلي بها عزام خلال التحقيق معه علي يد الاجهزة الامنية المصرية، الامر الذي يؤكد ان عزام جاسوس رسمي لإسرائيل، ولو لم يكن كذلك لأفرجوا عنه مباشرة دون الحاجة الي التحقيق معه، بالاضافة الي رغبة المخابرات الاسرائيلية في التأكد من عدم تجنيد عزام كجاسوس علي إسرائيل لصالح المخابرات المصرية، لا سيما انه قضي 8 سنوات في مصر، كفيلة بتجنيده وتدريبه علي طرق واساليب جديدة للتجسس علي إسرائيل!
وتحدثت وسائل الاعلام إسرائيلية عن ان الافراج عن عزام جاء في اطار صفقة شارك في التفاوض عليها المصريون والاسرائيليون والفلسطينيون والامريكيون ايضا. بل وتحدث البعض عن ان الصفقة تتضمن افراج الولايات المتحدة عن الجاسوس جوناثان بولارد المدان بالتجسس علي بلاده الولايات المتحدة الامريكية لصالح إسرائيل، في حين تفرج إسرائيل عن الطلاب المصريين الستة وقائد التنظيم في حركة فتح مروان البرغوثي واسري مصريين ما زالوا يقبعون في سجون إسرائيل حتي اليوم. ولكن ما حدث فعليا هو الاكتفاء بتبادل الطلاب مع عزام فقط.
وما ان تم الافراج عن عزام بعد احتجازه لبضعة ايام في مقر المخابرات الإسرائيلية، توافدت عليه مختلف وسائل الاعلام لإجراء الاحاديث والمقابلات معه، وكانت المفاجأة التي صدمت البعض، فقط طلب عزام مبالغ مالية مقابل أي حديث يجريه مع اي وسيلة اعلامية. واصدر مسئولون إسرائيليون تعليمات الي القنوات التليفزيونية والصحف الإسرائيلية بعدم الاستجابة لطلب عزام بالحصول علي مبلغ من المال مقابل ادلائه بأحاديث صحفية. واتهم البعض عزام بالابتزاز، ومحاولة التربح من الاهتمام الإسرائيلي به، بينما اتهم البعض الصحف والقنوات الفضائية الإسرائيلية بقسوة القلب، قائلين: «وماذا في ذلك؟ هل تستكثرون بعض المال علي رجل قضي 8 سنوات من حياته من اجل إسرائيل في السجون المصرية؟».
وتساءل البعض عما اذا كان عزام ليس جاسوسا للموساد الإسرائيلي، فلماذا كل هذه الضغوط والمساعي الإسرائيلية التي تمت علي اعلي مستوي في إسرائيل وعلي مستوي العالم من اجل الضغط علي مصر للإفراج عن عزام، بينما لم تفعل إسرائيل شيئا من اجل الافراج عن جوناثان بولارد، اليهودي الذي كان يتجسس لصالحها ومحبوس لدي الولايات المتحدة منذ 20 عاما!
وفي حوار اجرته معه صحيفة يديعوت احرونوت الإسرائيلية، بتاريخ 6 ديسمبر 2004، أي في اليوم التالي للافراج عنه، فاجأ عزام الجميع بأنه يتحدث اللغة العربية باللهجة المصرية، وقال انه كان يتعمد التحدث باللغة العبرية مع اشقائه واقاربه الذين كانوا يزورونه في السجون المصرية، حتي يحافظ علي لغته العبرية وحتي لا يفهم الحراس المصريون ما يتحدثون عنه.
ومن بين الامور المثيرة التي رافقت الافراج عن عزام ما قاله شخص يدعي ابراهام دايان، قال انه كان الحاخام الرئيسي للإسكندرية حتي بضعة شهور قبل الافراج عن عزام، حيث تم تعيينه نائبا للحاخام الرئيسي لمدينة فينيسيا الايطالية. الغريب انه قال انه عرف عزام عزام، وانه كان يصلي ويدعو الله كي يخرجه من السجن، وقال ان الجالية اليهودية في الاسكندرية فعلت الكثير من اجل الافراج عن عزام، وان يهود الاسكندرية فعلوا امورا سرية للغاية من اجل الافراج عن عزام، «وسوف يأتي اليوم الذي تعرفون فيه ذلك»، ودعي عزام الي زيارة ايطاليا والجيتو اليهودي هناك!
وبعد سنتين من الافراج عنه بادر عزام الي رفع دعوي قضائية ضد شركة تيفرون الإسرائيلية التي كان يعمل بها وارسلته الي مصر للمطالبة بتعويض قدره سبعة ملايين ونصف المليون شيكل (عملة إسرائيل) عما حدث له نتيجة عمله في الشركة. علي حد قوله.
وذكرت صحيفة هاآرتس في عددها الصادر يوم 15 نوفمبر 2006، ان عزام يطالب الشركة الإسرائيلية بهذا التعويض لأنها تخلت عنه وتركته كالجريح في ميدان المعركة وتهربت من مسئولياتها تجاهه.
واستعان عزام بمجموعة من المحامين الإسرائيليين المعروفين وعلي رأسهم «تومار ريف» و«إيرز أهاروني» لرفع قضية تعويض ضد آري ولفنسون وزيجي رابينوفيتش اللذين كانا يرأسان الشركة خلال الفترة التي كان يعمل بها والفترة التي قضي فيها سنوات السجن، وكذلك ضد ميخا كورمان الذي قام بأعمال رئيس الشركة في تلك الفترة ايضا.
ورفع عزام دعويين قضائيتين ضد الشركة، الاولي امام المحكمة الاقليمية في تل ابيب، والثانية في محكمة العمل في تل ابيب ايضا. وفي الاولي طالب عزام الشركة بدفع جميع مصاريف انتقالات عائلته لمصر لمتابعة القضية وكذلك تكاليف العلاج الطبي وتعويض عن الاكتئاب والحالة النفسية التي لحقت به خلال سنوات السجن، ويبلغ مجموع ما يطالب به نحو مليونين ونصف المليون شيكل إسرائيلي. وفي القضية الثانية طالب عزام الشركة بدفع أكثر من 5 ملايين شيكل كتعويض عن مرتبه والمعاش والإجازات والعلاج والتكافل الاجتماعي.
واتهم عزام الشركة بتعريض حياته للخطر عبر تجاهلها المخاطر التي تعرض لها، ويتهمها ايضا بعدم فعل أي شيء من اجل الافراج عنه من السجن المصري، وبعد الإفراج عنه رفضت دفع أي مبالغ مالية مقابل السنوات التي قضاها في السجن المصري ورفضت منحه أي حقوق عن تلك الفترة بل ورفضت تعويضه عن سجنه في مصر، وقال «عزام» في دعواه إنه تعرض لأضرار نفسية رهيبة نتيجة سجنه في مصر.
وقال عزام في دعواه انه اثناء فترة اقامته في مصر، اندلع خلاف بين شركة تيفرون الإسرائيلية وشركائها المصريين، احمد عرفة وعلاء عرفة، اللذين وصفاهما في الدعوي بأنهما يملكان سطوة كبيرة في مصر ومن المقربين للرئيس محمد حسني مبارك. ويدعي عزام ان علاء واحمد عرفة هددا الشركة الإسرائيلية، ولكن مسئولي الشركة تجاهلوا هذه التهديدات ولم يبلغوها الي عزام، ويقول ان هذه التهديدات لها علاقة مباشرة بإلقاء القبض عليه وسجنه في مصر.
وادعي عزام انه تعرض للتعذيب طوال الوقت في مصر، سواء خلال فترة التحقيق معه او خلال فترة سجنه. وقال انه رغم حصوله علي 39 الف شيكل كمكافأة لنهاية خدمته في الشركة بمجرد عودته الي إسرائيل، إلا ان الشركة رفضت ان تدفع له مستحقاته كعامل خلال فترة سجنه في مصر. بل انها هددته بأنه اذا استمر في مطالبته بحقوقه من الشركة، سوف تقوم الشركة بإقالة شقيقه الذي يعمل فيها.
وعلق احد مسئولي الشركة علي ذلك واصفا عزام بأنه رجل يبحث عن الشهرة، وقال «انه لو لم يورط نفسه في مصر بسبب حماقته لم يكن ليهتم به احد او حتي ليتبول باتجاهه! كما ان الشركة لم ترسله الي مصر لفعل الامور التي تسببت في إلقاء القبض عليه وسجنه هناك».
بينما سخر البعض من رفعه هذه الدعاوي قائلا: «هل تريد مالا؟ ها؟ وفين علم إسرائيل؟ خلاص مفيش علم؟ نسيته؟». وقال له آخرون: «لقد اضحكتنا الي حد البكاء.. ألم يكن ينبغي عليك ان ترفع قضاياك هذه علي المصريين؟ فماذا تريد من شركة تيفرون؟ هل تريد منها ان تقيل الرئيس حسني مبارك؟ يمكن!».
وقال ثالث: من الافضل لك ان تقاضي المخابرات الإسرائيلية بدلا من الشركة، لأنك كنت فعليا تعمل عند المخابرات باعتبارك جاسوسا! وقال إسرائيلي يدعي اسوتروفسكي: لماذا لا تطلب التعويض مباشرة من الموساد؟.
اين عزام الان؟!
ماذا يفعل عزام الآن؟ سؤال تبادر الي ذهني وانا اعد هذه الحلقات الامر الذي اغراني بالبحث عنه في كل مكان، وكانت النتيجة انه يمر بحالة نفسية سيئة جدا، بالاضافة الي البطالة وتجاهل المسئولين الإسرائيليين له. وبعد استقباله بالاحتفالات وعدسات التصوير والشهرة في إسرائيل، يقول عزام الذي بلغ عامه الخمسين من عمره في ديسمبر 2009، خلال حديث معه في إسرائيل، مؤخرا: «في البداية كانت السعادة كبيرة جدا بكل من حولك للإفراج عنك بعد 2950 يوما قضيتها في السجون المصرية، وبعد ذلك انصرف كل واحد الي حاله، ولم تعد تجد الناس الذين كانوا يحيطون بك طوال الوقت، سواء الشخصيات المحترمة او السياسيون او الاعلاميون». ويضيف عزام: «بعد فترة من عودتي الي إسرائيل اصطدمت بالواقع، وشعرت فجأة باني وحيد! وبدأت في الاعتياد علي ان اعيش في الواقع الجديد. وبدأت في البحث عن عمل، فعملت في شركة فيلافون، حيث ألقيت بضع محاضرات امام اناس كثيرين كانوا يطلبون مني الحديث عما مررت به خلال فترة سجني في مصر. ولكن كان كل ما اريده هو ان اجد فرصة عمل احصل منها علي احتياجاتي الضرورية. فأنا في النهاية عندي 4 اولاد، وتوجهت في البداية الي بيني جاؤون احد الشركاء في شركة «اشتري وابني»، وعملت هناك لسنتين تقريبا، وعندما مات جاؤون لم أتمكن من البقاء في الشركة!».
ويقول عزام انه يعيش حياة متوترة، فابنه الاكبر زياد كان يترصف، بموجب غياب الاب عن البيت، باعتباره رجل البيت، وكان من الصعب عليه ان يعود الي مكانه كابن ثانية بعد ان عاد الاب عزام الي بيته! وكانت النتيجة ان عزام وجد نفسه بلا اي قيمة في البيت!
وكان هناك جانب آخر من التوتر يتعلق ببعض ابناء الاسرة الذين بذلوا الكثير من الجهد طوال فترة سجن عزام، ووجدوا انفسهم مهمشين خلال الفترة التي تمتع فيها عزام بالشهرة.
ويبدو عزام ساخطا وهو يقول في هذا الحديث: لم انس ان حكومة إسرائيل فعلت الكثير من اجلي، ولكني الآن في وضع غير طيب، وانا لا اطلب معاملة خاصة، انا مواطن من 7 ملايين مواطن إسرائيلي، وانا اشعر بخيبة امل واحباط كبيرين، فأنا احتاج لفرصة عمل، واشعر اليوم بالوحدة. كان هناك اصدقاء جيدون يريدون مساعدتي في البداية، ولكني الآن لا اجد احدا.. وكل ما اريده هو ان اعمل، لا اريد ان اكون مديرا عاما، اريد فقط ان ادبر نفقات طعامي انا وابنائي. انا ابحث عن قروش قليلة، لا اريد الشهرة، بل انني اذهب لإلقاء محاضرات مجانا لعل ذلك يفتح لي فرصة عمل في مكان ما.
ويشكو عزام من اختفاء الاصدقاء من حوله، بعد ان كانوا يحيطون به ويؤكدون علاقتهم الوطيدة به بحثا عن الشهرة. ويلمح عزام الي انه اصيب بعجز جنسي خلال فترة سجنه في مصر، فيقول انه لم يعد قادرا علي النوم الي جوار زوجته في فراش الزوجية، بعد ان اعتاد النوم علي «البورش». واصبح لا يعرف طعم النوم الا علي الارض.
انتهت
محمد البحيري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.