«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عميل إسرائيلي يبحث عن طائرة من الرياض تنقله لمصر لتحرير عزام
«صوت الأمة» تنفرد بنشر مذكرات الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام الحلقة الثانية
نشر في صوت الأمة يوم 03 - 01 - 2010

· رجل أعمال سعودي كان جسر الموساد لتوريد صفقات أغذية من إسرائيل لبلاده بغطاء شركة ألمانية
· العميل الإسرائيلي دخل السعودية بجواز سفر أمريكي
في سبتمبر 1997 انشغل العالم بمحاولة اغتيال مدير المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية خالد مشعل في الأردن علي يد عملاء لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد). وبذل العاهل الأردني الراحل الملك حسين بن طلال ضغوطا شديدة علي الحكومة الإسرائيلية لإجبارها علي إرسال الترياق اللازم لإنقاذ مشعل من الموت. وهو ما كان. ولكن في الشهر نفسه، وضع عدد من قدامي مسئولي الموساد الإسرائيلي نواة خطة مجنونة لإنقاذ الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام الذي تم القبض عليه مساء 23 أكتوبر 1996، وألقي به في احد السجون المصرية بعد إدانته بتهمة التجسس لصالح إسرائيل.
كانت البداية ذات يوم جمعة في شهر سبتمبر من عام 1997، في إطار "مجلس البيرة"، وفقا للقب الذي أطلقه المشاركون في هذا المجلس. كان "مجلس البيرة" يضم مجموعة من الإسرائيليين الذين أحيلوا إلي التقاعد بعد خدمة في القوات الخاصة والمميزة في جيش الاحتلال وأجهزة الأمن الإسرائيلية، اعتادوا الجلوس علي مقهي "دافوش" علي شاطئ هرتزليا. تحول هذا المجلس إلي عادة لدي كل المشاركين فيه، بعد استمراره لما يزيد علي 10 سنوات، حيث يجتمع هؤلاء العسكريون السابقون بعد ظهر كل يوم جمعة. وكان عددهم يتراوح في كل مرة بين 20 و 50 شخصا!
في هذا المقهي المطل علي الشاطئ، كان هؤلاء الضباط الإسرائيليون السابقون يقضون ساعات طويلة في تناول البيرة، الزجاجة تلو الأخري، بينما يستعيدون ذكرياتهم والأحداث التي مروا بها خلال خدمتهم بجيش الاحتلال الإسرائيلي، وكان الحديث يمتد لتحليل الأوضاع في إسرائيل، لا سيما من الناحيتين السياسية والأمنية.
من بين أعضاء مجلس البيرة كان هناك رجل في الثانية والخمسين من عمره، متوسط الطول، عريض الكتفين، مع خصلات شعر بيضاء تعلو رأسه. ويرمز لهذا الرجل بالحرفين "م. ه."، باعتباره كودا سريا، وليس إشارة إلي أول حرفين من اسمه الحقيقي. ولم يكشف الإسرائيليون عن اسمه او هويته لأنه ما زال ينفذ عمليات سرية واستخباراتية لصالح إسرائيل رغم ما يقال عن إحالته للتقاعد.
خلافا لكل أعضاء مجلس البيرة لم يبق "م.ه." أسير ماضيه وذكرياته العسكرية، فقد أحب جدا الفترة التي عمل خلالها في الأركان العامة بالجيش الإسرائيلي، وبعد ذلك في جهاز "الشاباك" الذي يعد جهاز المخابرات الداخلية أو جهاز الأمن العام في اسرائيل، بما يمكن ان يعد مقابلا لجهاز أمن الدولة والمباحث في مصر. ولكن بعد انتهاء تلك الفترة قرر "م.ه." أن يشد خطا تحت هذه الفترة ليواصل حياته!
وخلافا لكثير من أصدقائه الذين خدموا لسنوات طويلة في المؤسسات الأمنية والعسكرية كان انتقاله وهو في الثانية والخمسين من عمره من الحياة العسكرية والأمنية إلي الحياة المدنية انتقالا جزئيا ومريحا! فبعد 7 أشهر ونصف من إنهائه صفحة العمل العسكري والأمني الطويلة في حياته، وجد نفسه يترأس وحدة التدريب في واحدة من شركات الأمن والحراسة الكبري في إسرائيل، لينقل معرفته وخبراته الطويلة إلي العشرات من الشباب والفتيات الذين يطلبون الالتحاق للعمل بأنشطة الشركة.
البداية
كانت الأمور تسير علي منوالها المعتاد حتي جاء يوم جمعة مشمس. وكالعادة تشابكت خيوط الحديث بين الرفاق في مجلس البيرة، حتي دخل الجالسون في موضوع الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام. في البداية تناقش الجالسون في مسألة: هل كان عزام الدرزي جاسوسا للموساد الإسرائيلي حقا؟. لم يشارك "م.ه." في ذلك الموضوع لإنه لم يكن متابعا ولا ملما بتفاصيله. فاكتفي بان يسمع وينصت. وما أن عاد إلي منزله حتي وجد عبارة واحدة ترن في أذنيه: "لا بد من إنقاذ عزام ولو بالقوة!". فسارع إلي الدخول علي شبكة الانترنت لجمع كل المعلومات المتاحة عن قضية الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام. وبعد ذلك أجري عدة مكالمات هاتفية مع أصدقاء قدامي له، ما زالوا بالخدمة في عدد من الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الإسرائيلية كي يطلع منهم علي حقيقة الوضع ومجريات الأمور بالتفصيل في القضية.
بعد عدة أيام من جمع المعلومات، وبعد حيرة كبيرة، قرر "م. ه." أن يعرض الامر علي مساعده المخلص الذي كان بمثابة يده اليمني طوال فترة خدمته في الوحدة، والذي أطلق عليه الجميع لقب "الدماغ" بفضل ذكائه وعبقريته ومواهبه وأفكاره الإبداعية في تنفيذ العمليات السرية.
- "ما رأيك في أن تأتي لتشاركني اللعب في خيالي؟"
* "وماذا يعني ذلك؟"
- "تعالي وخصص لي ساعة من وقتك. فأنا استمتع بالتفكير في موضوع ما وأريد ان تشاركني فيه. ولا تنسي أن تشغل لي دماغك يا صديقي "الدماغ"!"
خلافا لكل المتقاعدين من وحدة القوات الخاصة بالجيش الإسرائيلي، الذين اختاروا العمل بالقرب من ماضيهم في شركات تأمين وحراسة، قرر "الدماغ" ان يتجه إلي السلك الاكاديمي، وخلال وقت قصير نسبيا اصبح "الدماغ" رئيس قسم باحدي الكليات الاقليمية في وسط إسرائيل.
التقي الاثنان في موعد متفق عليه، وبدت علامات الحماسة واللهفة تتزايد علي وجه "الدماغ" بينما كان "م. ه." يحكي له عن طبيعة الافكار التي تراوده لتحرير الجاسوس عزام عزام من سجنه في مصر بالقوة المسلحة! وبعد ذلك اللقاء بيومين وضع "الدماغ" ملفا استخباراتيا به كل المعلومات النوعية المتعلقة بعناصر السجن الذي يقبع فيه عزام، بما في ذلك: الظروف والاجواء التي تحيط بالجاسوس عزام في سجنه بليمان طرة، والاوقات التي يزوره فيها افراد اسرته، حالة القوة البشرية في السجن، خطة للمنطقة، وما إلي ذلك من التفاصيل.
وبعد أن بات في أيديهما معلومات اساسية بدأ الاثنان في وضع السيناريوهات الممكنة لإنقاذ عزام من سجنه. واتفقا علي ان يفكرا في الامر اولا من جانب نظري بحت لا علاقة له بالواقع، وبعيدا عن اية عوائق سياسية او عسكرية قد تعرقل تفكيرهما. وبدا الامر اكثر تعقيدا مما كانا يظنانه، حتي تصورا في كثير من الاوقات انها عملية غير قابلة للتطبيق علي أرض الواقع. ولكنهما عكفا هذه المرة علي تحليل كل الخيارات المتاحة امامهما، ووضعا إلي جانبها كل علامات الاستفهام المتعلقة بها. وبسرعة شديدة تبين أن علامات الاستفهام التي امامهما كثيرة وكبيرة جدا!
الموساد بجنسية امريكية!
وفي اطار اعماله وبفضل جواز السفر الامريكي الذي يحمله، عمل "دان تسالكا" تحت اسم مستعار هو "توم آلمادون"، تمكن من التجول والعمل في كل الدول العربية بما في ذلك الدول التي لا ترتبط بعلاقات تجارية مع إسرائيل، بل وحتي تلك الدول العربية التي لم تعترف باقامة دولة إسرائيل ايضا!.
وكان أول الأهداف التي رمي اليها "م.ه." و"الدماغ" من ضم "دان تسالكا" إلي الخطة هو الرغبة في الحصول علي معلومات استخباراتية وفيرة ودقيقة واكثر تفصيلا عن تلك التي حصل عليها الاثنان حتي ذلك الوقت. وكان الاثنان واثقين أن تسالكا، بفضل علاقاته المتشعبة في الدول العربية واجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، سوف يتمكن من جمع البيانات والمعلومات التي ستساعدهم في إكمال حل اللغز الذي بدآه: "كيف يمكن اخراج عزام عزام من سجن ليمان طرة في القاهرة رغم انف المصريين؟!".
كان الاثنان يأملان ان يتمكنا مع تسالكا وبفضل المعلومات التي سيجلبها من وضع اجابات لفيض علامات الاستفهام التي تحيط بالعملية والتي اصطدما بها عند تحليل الوضع ومحاولة وضع خطة أولية فشلا في وضع تفاصيل لها، لأنهما يتأكدان اكثر بمرور الوقت انهما بصدد خطة مجنونة!
في الماضي، وفي اطار وحدة القوات الإسرائيلية الخاصة، وفي اطار العمل بأجهزة الأمن الإسرائيلية المختلفة، واجها الكثير من الأفكار التي تبدو سخيفة وخيالية تماما، ولكنهما كانا يعثران في النهاية علي حل للمأزق الذي يواجههما. وكان السؤال السخيف في هذه العملية المجنونة هو: "كيف يمكن إدخال قوة كوماندوز إسرائيلية إلي مصر من دون الكشف عن هويتها؟ وكيف يمكن إدخال هذه القوة إلي السجن المصري؟ وكيف يمكن إدخال الأسلحة اللازمة لتنفيذ العملية إلي مصر؟ هل يمكن تنفيذ العملية بدون استخدام أسلحة نارية؟.. وغير ذلك من الاسئلة التي كانت تبحث عن إجابات منطقية وواقعية قابلة للتطبيق.
في الرياض
دخل "دان تسالكا" بخطوات سريعة إلي بهو فندق "كونكورد". ورغم ان الساعة لم تجاوز الثامنة صباحا بتوقيت مدينة الرياض الا ان المكان كان يعج بالحياة. وكان مستوي الخدمة وروعة التصميم قد جعلا من هذا الفندق قبلة الكثير من رجال الاعمال الاجانب الذين يزورون المملكة العربية السعودية. بل ان البعض وصف هذا الفندق بادواره ال47 بانه كان الكلمة الاخيرة فيما يتعلق بالفنادق، بما في ذلك تطعيمه باحدث ابداعات التكنولوجيا في كل ما يخطر علي البال.
كان "توم"، او "دان تسالكا" وفقا لاسمه الذي يظهر في جواز سفره الإسرائيلي، هو آخر رجل علي الارض يمكن ان يتصور أي احد انه كان مشاركا ومرتبطا في شبابه وماضيه بموضوعات وقضايا حساسة ومصيرية في مجال الأمن والمخابرات الإسرائيلية. فقد كان قصيرا، يرتدي نظارات طبية، وبدلة ذات لون كحلي غامق تليق برجل اعمال، لكنه ارتداها باهمال شديد.
ما ان دخل "تسالكا" بهو الفندق حتي نهض لاستقباله رجل كان يجلس علي احد المقاعد الجلدية الوثيرة المتناثرة في البهو. كان الرجل ذو كرش، يرتدي بدلة من ثلاث قطع، من انتاج دار ازياء فيرساتشي الايطالية.
- "صباح الخير يا سيدي، كيف حالك هذا الصباح؟"
جلس تسالكا علي احد المقاعد بعد ان صافح الرجل وقال له:
- "انا علي ما يرام يا خليل، كيف حالك انت؟"
= "الحمد لله. هل تريد ان اطلب لك شيئا لتشربه؟ بالطبع لم تتناول قهوتك هذا الصباح بعد"
- "لا لقد تناولت قهوتي بالفعل.. سأتناول شيئا باردا".
ابتسم الرجل ذو الكرش ابتسامة عريضة بينما رفع يده ليلفت انتباه النادل الذي كان يمر بالقرب منه. ثم تابع خليل قائلا:
"لقد جئتك بالمعلومات التي طلبتها. فهناك 3 شركات هنا في الرياض وشركة اخري في مكة المكرمة متخصصة في الطيران الخاص للافراد إلي أي مكان في الشرق الاوسط، بما في ذلك مصر طبعا، سواء كان الطيران بطائرات مدنية او هليكوبتر. هناك شركتان واحدة هنا في الرياض واخري في مكة تتيحان ايضا استئجار تلك الطائرات المدنية او الهليكوبتر".
كان "تسالكا" يعلم مسبقا تلك التفاصيل التي جلبها له شريكه السعودي خليل، الذي اصبح يده اليمني خلال السنوات الخمس الاخيرة في كل ما يتعلق بصفقات الاغذية التي يتم استيرادها من إسرائيل إلي المملكة العربية السعودية تحت غطاء شركة ألمانية. وكان كل ما طلبه "تسالكا" من خليل هو تأكيد هذه المعلومات. وبينما كان يرشف رشفات متأنية من كوب عصير الليمون الذي وضع أمامه، كان يلقي بنصف أذن فقط للاستماع إلي حكايات خليل وبطولاته، بعد ان نجح في ابرام واحدة من اكبر صفقات الخضروات والفواكه في الرياض. كان "تسالكا" قد ذهب بتفكيره بعيدا، حيث تأكد له الان امكانية استئجار طائرة هليكوبتر من الرياض والتحليق بها إلي مصر، وبالتالي وجب اعادة التفكير في "الفكرة المجنونة" التي حدث بها نفسه، والتي بات من الضروري الآن فحصها علي ارض الواقع.
وتذكر "تسالكا" كيف بدأ كل شيء قبل 6 اشهر تقريبا منذ ذلك الموعد، عندما اتصل "م. ه" به في منزله بمستوطنة رامات هشارون التي تقع في دائرة تل ابيب بإسرائيل. وقال له عبر الهاتف: "اريد ان استشيرك في أمر ما قد يحظي باهتمامك ايضا. هل بوسعك ان تخصص لي بضع دقائق من وقتك؟".
رجع "تسالكا" بتفكيره إلي الوراء، فتذكر انه طوال فترة عمله الطويلة في اجهزة الأمن الإسرائيلية كانت خطوطه كثيرا ما تتقاطع مع خطوط "م. ه" الذي شغل عدة مناصب رفيعة في الوحدات الخاصة والمتميزة بالجيش الإسرائيلي.
اتصل "م. ه" برجل الموساد الإسرائيلي "دان تسالكا" الذي يحمل جواز سفر امريكيا باسم "توم آلمادون" اتاح له حرية العمل والحركة في مختلف الدول العربية. والتقي الرجلان بعد هذا الاتصال بيومين، بعد الظهر في احد مقاهي شاطئ "تل باروخ" في تل ابيب. وقد بادر "م. ه" إلي القول فور جلوسهما علي احدي الموائد الجانبية في المقهي:
- "تدور في رأسي فكرة لاطلاق سراح عزام عزام (الجاسوس الإسرائيلي) من السجن المصري. ويشارك صديقنا "الدماغ" في الموضوع وهو من نصحني بالتحدث معك".
وكان "م. ه" يريد طمأنة «تسالكا» علي اهمية العملية عبر الإشارة إلي أن صديقهما الثالث الملقب بلقب "الدماغ" مهتم بالموضوع وشريك فيه. ولكن "تسالكا" فضل عدم التعليق أو الرد. فقد سمع وقرأ مثل بقية الإسرائيليين عن الدرزي الإسرائيلي المحبوس في مصر بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، وان كل محاولات الحكومة الإسرائيلية للافراج عنه باءت بالفشل. ولانه ظل لعشر سنوات "خارج الصورة" كما يحب ان يصف وضعه عقب تسريحه من العمل بالأجهزة الأمنية الإسرائيلية، لم يكن يعرف أي شيء يزيد عما تنشره وسائل الإعلام عن الموضوع.
وعلي مدار نصف الساعة التالية استعرض "م. ه" الفكرة التي وضعها بالمشاركة مع "الدماغ" لإنقاذ عزام من سجن ليمان طرة بالقاهرة.
- "اعلم أن الفكرة تبدو للوهلة الأولي خيالية، ولكنك تعلم أن جزءا كبيرا من العمليات التي قمنا بها كانت تبدو في البداية خيالية أيضا. وأنا واثق انه بالتخطيط السليم والعمل الاستخباراتي الجيد، يمكننا القيام بهذه العملية أيضا".
"يا لها من فكرة مجنونة".. كان ذلك هو الانطباع الأول الذي خطر علي بال "دان تسالكا" وهو يستمع إلي خطة "م. ه"، ذلك الرجل ذو القامة الطويلة، عريض الكتفين، الذي جلس أمامه علي الطاولة الصغيرة يحتسي كوب البيرة الموضوع أمامه. كان "تسالكا" يتحدث مع نفسه بأن هذه الفكرة ليست سوي هلوسة وتخاريف. لكنه عاد وقال لنفسه إن عمله في الماضي أتاح له مواجهة ظروف ومهام كانت تبدو علي الورق مجرد أفكار خرافية وهلاوس وأوهام، ولكن ما يجري الحديث بشأنه الآن لتحرير سراح الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام يبدو يمثل الفكرة الأكثر هذيانا وتخريفا مما مر عليه طوال حياته كلها! وكان يهمس قائلا: "إنها تبدو كقصة انتزعت من كتاب ألف ليلة وليلة!".
ورغم أن«تسالكا» لم يجد أي وسيلة للوصول إلي السجن المصري وإطلاق سراح عزام، إلا انه سارع بالتفكير فورا في التداعيات السياسية التي ستترتب علي عملية كهذه. وقد تخيل عنوانا منشورا بالصفحة الأولي في مختلف صحف العالم: "كوماندوز إسرائيلي ينفذ عملية خطيرة في قلب العاصمة المصرية". ثم همس بنفسه قائلا: "إذا لم يكن هذا خرقا لاتفاق السلام المبرم بين مصر وإسرائيل فماذا يكون؟! إن عملية كهذه قد تؤدي بكل سهولة إلي اندلاع الحرب بين مصر وإسرائيل. وهل يساوي تحرير عزام هذا الثمن؟!".
ومع ذلك اعترف «تسالكا» إن هذه الفكرة المجنونة نجحت في إثارة اهتمامه وتفكيره بعد كل هذه السنوات التي كان فيها "خارج الصورة" بعد تركه العمل مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية. كما اعترف بأن الشيء الوحيد الذي جذبه في الأمر كله هو التحدي، مجرد التحدي الكامن في صعوبة العملية. فقد كان «تسالكا» متحمسا جدا لمتابعة هذه الفكرة المجنونة ومتشوقا لرؤيتها عند التحول من عالم الخيال إلي ارض الواقع لتنفيذها!
بلاتو شارون
كان "م. ه." هو أول من ذكر اسم رجل الأعمال الفرنسي الإسرائيلي "شموئيل بلاتو شارون". فقد تذكر انه قرأ في إحدي الصحف قبل ذلك بأن بلاتو شارون يجمع مليون توقيع للمطالبة بالإفراج عن عزام. وشرح "م.ه." الأسباب التي قادته لاختيار بلاتو شارون للمشاركة في هذه العملية المجنونة لإطلاق سراح عزام قائلا: "نحن في حاجة إلي سند مالي لتنفيذ العملية، أو علي الأقل لوضع خطة عمل تفصيلية. وكان بلاتو شارون بالنسبة لنا هو الرجل الصحيح، لاهتمامه وتدخله المسبق في قضية عزام. ولكن الأهم من ذلك كله أن بلاتو شارون نفسه كان بطلا لفيلم مشابه منذ عدة سنوات، عندما تمكن من الهرب متنكرا في صورة امرأة من احد سجون ايطاليا".
وتقول التفاصيل انه في بداية سنوات الثمانينات كان شموئيل بلاتو شارون في رحلة عمل إلي ايطاليا، لكن تم القبض عليه في مطار ميلانو علي يد حرس الحدود الايطالي. طلب منه رجال الشرطة مرافقتهم في هدوء. وعرضوا عليه مذكرة الشرطة التي تستلزم القبض عليه، والطلب المقدم لتسليمه إلي الشرطة الفرنسية بناء علي طلبها! ولم يكن بلاتو شارون مندهشا مما يحدث له، لانه قبل ذلك بعدة سنوات، وتحديدا في 1975، هرب من فرنسا إلي إسرائيل في أعقاب رفع دعوي قضائية ضده وصدور حكم عليه بالسجن لتهربه من الضرائب. ومن ذلك الحين تحاول فرنسا إلقاء القبض علي بلاتو شارون عبر تسليم مذكرات اعتقال وتسليمه لكل الدول الأوروبية التي يتواجد فيها!
وأصدرت محكمة ميلانو حكما بإطلاق سراح بلاتو شارون ووضعه قيد الإقامة الجبرية في منزله حتي يحسم النقاش حول طلب تسليمه إلي فرنسا، مع فرض حراسة مشددة عليه علي مدار الساعة.
وبعد ذلك بعدة أيام فوجئت الموظفة المسئولة عن فحص جوازات السفر في مطار بن جوريون بإسرائيل بان بلاتو شارون يقف أمامها، متنكرا في صورة امرأة شقراء، ويعترف أمامها بأنه نسي جواز سفره في ايطاليا. وظلت واقعة هروب بلاتو شارون من ايطاليا لغزا وعملية مجهولة التفاصيل حتي يومنا هذا، ودون إجابات علي الكثير من الأسئلة، لعل أهمها: كيف نجح شارون في الهروب من الإقامة الجبرية رغم الحراسة المشددة التي كانت مفروضة عليه؟ هل فعل ذلك متنكرا في صورة امرأة فعلا؟ ومن ساعده في الوصول إلي طائرة شركة "العال" الإسرائيلية التي نقلته إلي إسرائيل؟ وكيف نجح في المرور من فحص جوازات السفر في مطار روما دون أن يكون معه جواز سفر أصلا؟
لكن هذه العملية لم تكون الأولي من نوعها بالنسبة لعضو الكنيست الإسرائيلي السابق شموئيل بلاتو شارون. ففي سنة 1939، ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية، وبينما كانت قوات القائد النازي ادولف هتلر تتوغل في الأراضي البولندية، نجح شموئيل الذي كان صبيا صغيرا آنذاك في الهروب متنكرا في صورة طفلة عمرها سبع سنوات، ورحل من بولندا برفقة احد أعمامه متوجها إلي العاصمة الفرنسية باريس!
اتفق تسالكا و"م.ه." علي إنهما إذا لم يكونا يعرفان بلاتو شارون بصفة شخصية من قبل، "إلا أن من الواضح إننا نتحدث عن رجل ثري، لديه عقل غير تقليدي، بل وربما ذو ميول إجرامية، لأنه لا يتورع عن فعل أمور ما حتي لو كانت مخالفة للقانون. ونعتقد أن رجلا كهذا سيكون مستعدا للمشاركة في عملية من النوع الذي نتحدث عنه".
صدمة الفكرة
لم يكد يمر أسبوعان ونصف الأسبوع حتي كان دان تسالكا و "م.ه." قد جلسا في مكتب شموئيل بلاتو شارون، في الدور الثاني بمبني "ديزنجوف سنتر" في تل أبيب. واعتاد تسالكا وصديقه ان يطلقا علي شارون لقب "الفرنسي" منذ ذلك اللقاء معه. فما أن رويا له عن سبب زيارتهما له، حتي أصيب "الفرنسي" بصدمة من الفكرة ذاتها، ولكن كلما مرت الدقيقة تلو الأخري، كانت آثار الصدمة تزول لتحل محلها مشاعر الحماس للعملية التي اتفق الجميع علي وصفها ب"المجنونة". وطالب الفرنسي بأن يعيدا عرض تفاصيل خطتهما عليه مرات ومرات، وكان "الفرنسي" في كل مرة يطرح أسئلة مختلفة: "كيف سننقل قوات الكوماندوز الإسرائيلية إلي القاهرة؟ وما هو احتمال أن تنجح أجهزة الأمن المصرية في كشف العملية وإجهاضها قبل ان تبدأ؟ هل ينبغي أن نبلغ أسرة عزام بأمر هذه العملية؟ كيف يمكننا التسلل إلي السجن الذي يقبع فيه عزام بقلب القاهرة؟ وماذا سيكون رد إسرائيل "الرسمي" علي عملية كهذه؟ وكيف سترد مصر؟!
ولم تكن هناك إجابات شافية أو قاطعة لدي تسالكا ورفيقه علي مثل هذه الأسئلة. فقد كانت الخطة لا تزال في صورتها الأولي، كمادة خام لم يتم تشكيلها بعد. وقد اخبرا "الفرنسي" انه لا بد من دراسة الخطة دراسة وافية ودقيقة لعدة شهور لتحويلها إلي خطة قابلة للتنفيذ علي ارض الواقع، بما يتطلبه ذلك من دراسة ميدانية ومعاينة علي الطبيعة لميدان تنفيذ العملية! بما يعني منحهم الوقت للسفر إلي مصر لمعاينة السجن وجمع المعلومات الاستخباراتية اللازمة عنه لوضع خطة اقتحامه وتحرير عزام! وبعد ساعة رافقهما شموئيل بلاتو شارون إلي باب الخروج وهو يقول للزائرين: "حسنا، أنا معكما، ولكنكما تعدانني بأن كل شيء سيجري في سرية تامة، انتم تدركون انه لا ينبغي أن أتورط في عملية كهذه. اوكي؟!
أول لقاء
بينما كان مستلقيا إلي الخلف علي كرسي مكتبه الأسود، استعاد بلاتو مع نفسه تفاصيل اللقاء مع "م. ه" ودان تسالكا. دار ذلك اللقاء آنذاك بمزيج من اللغتين العبرية والانجليزية. وكانت البداية مترددة وكان واضحا أن علي الرجلين أن يختارا كلماتهما بدقة شديدة. وكان تسالكا هو أول من يجد الكلمات المناسبة لفتح الموضوع: "هل نجحت حملة المليون توقيع التي بادرت إليها للمطالبة بالإفراج عن عزام؟ هل حركت شيئا؟". فأجاب بلاتو شارون مترددا: "للأسف لا.. فواضح للجميع ان مبارك يحاول الانتقام من نتنياهو لما فعله علي الصعيد السياسي كله، وعزام هو من يدفع الثمن".
حاول رجل الأعمال الإسرائيلي بلاتو ان يقرأ ملامح وجهي الرجلين اللذين جلسا أمامه. ثم قال: "في الحقيقة ينفطر قلبي عليه وعلي أسرته. فهم أناس طيبون ووطنيون وخدموا جميعهم في الجيش الإسرائيلي.. 15 سنة هذا وقت طويل، أليس كذلك؟ وربما لن يخرج من السجن المصري حيا.. ولكن ماذا بوسعي أن افعله؟ إذا كان ذلك متعلقا بي أنا فقط..". عندئذ قاطعه "م. ه" قائلا: "وما رأيك إذا كان هناك سبيل لإخراج عزام من هناك؟". فتساءل بلاتو شارون: "كيف يمكن إخراجه من هناك؟ انه في السجن.. هل تريد إخراجه من هناك بقوات كوماندوز إسرائيلية؟!".
تبادل تسالكا و "م. ه" نظرات ذات مغزي فيما بينهما. وبعد بضع ثوان سأل "م. ه": "هل تعنيك قصة كهذه؟".
كشفت "صوت الأمة" في الحلقة السابقة عن نص الحوارات التي دارت بين المستشار هشام بدوي والجاسوس الاسرائيلي في الغرف المغلقة بأحد أجهزة الامن المصرية، وتفاصيل أول مواجهة بين الجاسوس عزام وشريكه المصري عماد إسماعيل. كما عرضنا كيف اعترف عزام خطيا بأنه جاسوس لصالح الموساد الإسرائيلي، وكيف استدعي له المحققون حلاقا لقص شعره وسمحوا له بالاستحمام بعد ان وقع علي اعترافاته. وعرضنا اتهامات عزام لأجهزة الامن بتعذيبه لإجباره علي العمل كجاسوس مزدوج، وكيف أن عزام اعتقد أنه قد افلت بفعلته إلي السفارة الإسرائيلية فإذا به يفاجأ بأنه في سجن المزرعة.
تنفرد "صوت الأمة" بنشر مذكرات الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام الذي أدين بالتجسس علي مصر، وتم الإفراج عنه في صفقة تبادلية بين مصر وإسرائيل، أثارت رضا البعض وسخط البعض الآخر. وتتضمن هذه المذكرات التي تعرضها "صوت الأمة" علي مدار 10 حلقات العديد من المفاجآت والأسرار والأحداث التي طالت الحكومة وأجهزة الأمن وعددا من رجال الأعمال والقانون ورئيس أحد أكبر أندية كرة القدم في مصر، فضلا عن تداخل الأمر مع قضايا التنصير والجاسوسية وحكايات العشق والغرام أيضا! وتكشف عن تداخل عالم الجاسوسية مع البيزنس والسياسة والتطبيع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.