«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أجهزة الأمن المصرية وضعت خطة لاصطياد عميلتي الموساد مني وزهرة بالعلاقة الجنسية مع المصري عماد إسماعيل
«صوت الأمة» تواصل نشر مذكرات الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام
نشر في صوت الأمة يوم 23 - 01 - 2010

القنصل الإسرائيلي ورجل أعمال مصري اتصلا بالمسئولين لمعرفة مصير عزام وكانت الإجابة الوحيدة: "لا نعرف شيئا عما تتحدثون"
· عماد إسماعيل فشل في إقناع عشيقته بالعمل كجاسوسة مزدوجة لصالح مصر
· عماد أجري 4 مكالمات هاتفية مع "زهرة" ليطلب منها إطفاء نار أشواقه ولو لليلة واحدة في طابا
· تفاصيل 3 محاولات مصرية لتجنيد الجاسوس عزام عزام لصالح مصر مقابل الإفراج عنه ومكافآت مالية سخية!
· ضابط مصري لعزام: "إنت فاكر إن مراتك هاتفضل تنتظرك 12 سنة.. زمانها لافت علي واحد غيرك!
كشفت "صوت الأمة" في الحلقة السابقة عن قصة عماد إسماعيل الذي هجر التدريس بسبب راتبه الشهري 70 جنيها، وسافر من شبين الكوم إلي إسرائيل وراء أوهام الثراء، و"زهرة جريس" المسيحية الإسرائيلية التي طلبت منه الارتداد عن الاسلام واعتناق المسيحية لاتمام الزواج في إسرائيل، واخبرته بأن لها اقارب يعيشون في امريكا ولديهم سوبر ماركت كبير ومشهور سيعملان فيه. وكيف ابلغت "مني" شقيق عماد بنيته الزواج من إسرائيلية وتغيير ديانته إلي المسيحية في الاردن. وكيف أكد عزام ان عماد كان هدفا نموذجيا للمخابرات الإسرائيلية وكان فريسة سهلة امام عرض من الصعب رفضه. كما عرضنا لاتفاق شركة إسرائيلية لإقامة مصنع نسيج في العاشر من رمضان مع رجل أعمال مصري قال إن علاقاته تصل إلي ديوان الرئيس مبارك! وكيف اعتاد عزام زيارة الاهرامات وبورسعيد مع زملائه الإسرائيليين وكان يسهر في فنادق "البارون" و"سونستا القاهرة" و"سويس اوتيل".
أعترف عماد إسماعيل بأن المخابرات الإسرائيلية جندته للعمل لصالح إسرائيل، ولكن اجهزة الامن المصرية لم تكتف بذلك، ووضعت خطة "اختراقية"، طالبت عماد بالمشاركة فيها. كانت الخطة تقضي بأن يعمل عماد اسماعيل علي جذب عشيقته الإسرائيلية "زهرة جريس" وصديقتها "مني"، اللتين تشير التحريات الامنية إلي انهما كانتا مسئولتا الموساد لتشغيل عماد اسماعيل بعد تجنيده لصالح الموساد. وكان هناك ترجيح بأنهما يهوديتان، وانهما قدمتا نفسيهما، كمسيحية ومسلمة، للتمويه علي عملهما لصالح المخابرات الإسرائيلية وتحقيق الاختراق والتلاعب النفسي بالشاب المصري، الذي لم يكن يحلم سوي بالثراء وحياة الرفاهية. كانت الخطة المصرية تقضي بجذب "زهرة" و "مني" واقناعهما بالحضور إلي مصر، كي يتم إلقاء القبض عليهما. وطلبت اجهزة الامن المصرية من عماد اسماعيل ان يبحث امكانية تجنيدهما معا، او احداهما، للعمل لصالح اجهزة الامن المصرية، علي طريقة "الجاسوس المزدوج". ويقول الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام عندما يقول في كتابه "هل كنت عميلا للموساد؟": ان النموذج الامثل لنمط الجاسوس المزدوج كان الدكتور اشرف مروان، صهر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي قالت إسرائيل إن المخابرات الإسرائيلية جندته وانه كان ينقل للموساد ادق اسرار عبدالناصر وخططه منذ عام 1969، وكان اسمه الكودي في الموساد "بابل" و "رشاش"، ونقل علي مدار سنوات عديدة معلومات حساسة ذات قيمة استراتيجية من الدرجة الاولي، بما في ذلك توقيت اندلاع حرب اكتوبر 1973. ثم تبين - كما يقول عزا - ان اشرف مروان كان عميلا مزدوجا، مستدلا علي ذلك بالتقارير الكثيرة المضللة التي كان مروان يزود بها الموساد الاسرائيلي، ومن بينها توقيت حرب اكتوبر التي اندلعت قبل الموعد الذي حدده مروان بنحو 40 ساعة، بشهادة عدد من كبار المسئولين في المخابرات الإسرائيلية.
ويقول عزام هنا إن اجهزة الامن المصرية وضعت خطة بسيطة ومعتادة لدي اجهزة الاستخبارات في كل انحاء العالم لتجنيد عميلتي الموساد "زهرة" و "مني" للعمل كجاسوسيتين مزدوجتين. وكانت الخطة تقوم علي القاء القبض عليهما ووضع الخيارات المتاحة امامهما: إما إنهاء حياتهما في السجن، او قبول تنفيذ حكم الاعدام بحقهما. وفي المقابل يظل الخيار الافضل لهما، وهو ان يتمتعا بحياتهما مقابل التعاون مع اجهزة الامن المصرية. وفي التاريخ الطويل من الجاسوسية الذي يجمع بين اجهزة الامن المصرية والإسرائيلية كانت الاغلبية تختار دائما شراء حياتها مقابل التعاون!
امر مسئولو اجهزة الامن المصرية عماد اسماعيل بان يتصل ب"زهرة" ويدعوها، هي وصديقتها "مني" لزيارة القاهرة. وحتي لا يثير الامر اي شكوك لديهما، قامت اجهزة الامن المصرية بتحويل خط تليفون منزل عماد في شبين الكوم إلي مقر احتجاز عماد التابع لجهاز حساس. وكان الهدف ان "زهرة" و "مني" اذا كانت لديهما اجهزة لتتبع رقم الهاتف المتصل، سوف تريان ان عماد اسماعيل يتصل بهما من تليفون أرضي يخص منزلا في قرية تابعة لمدينة شبين الكوم بمحافظة المنوفية، رغم ان المكالمة صادرة فعليا من مبني غامض يتسم بالهدوء في أحد ضواحي القاهرة!
ووفقا للتعليمات اجري عماد اسماعيل 4 مكالمات هاتفية مع "زهرة" علي مدي 4 ايام متتالية، وفي كل مرة كان يتحدث اليها عن عشقه الشديد لها، واشواقه الملتهبة، ثم يحاول اقناعها بالمجيئ لزيارته في القاهرة، بمفردها او بصحبة صديقتها "مني"، لاطفاء نار اشواقه في فراش الغرام. ولكن "زهرة" كانت لسبب او آخر ترفض كل اقتراحاته، حتي انها رفضت قضاء ليلة معه في عطلة الاسبوع في طابا.
ويدعي عزام عزام انه عندما بدا واضحا ان عماد اسماعيل فشل في اجتذاب "زهرة" و "مني" إلي الفخ المصري في القاهرة، ادخله مسئولو الاجهزة الامنية المصرية إلي غرفة التحقيق مجددا، وطلبوا منه ان يحكي لهم مرة أخري عن بقية الإسرائيليين الذين التقاهم او قابلهم او تعرف عليهم. وبدأ عماد في قص حكايته من جديد، واستعادة تفاصيل زيارته إلي إسرائيل، ويركز بشدة للحديث عن كل ما صادفه وكل من التقاه هناك. وبعد ساعات طويلة انتبه المحققون المصريون إلي وجود "عزام عزام" في القصة. وعندما سألوا عماد عنه قال:
"قابلته هنا في القاهرة.. في نفس الليلة التي ذهبت فيها لاخذ شادية من فندق "البارون" بمصر الجديدة، لم اكن اعرفه شخصيا، وانما تبادلنا السلام فيما بيننا فقط... هذا كل شيء".
وماذا كان يفعل في القاهرة؟
- إنه احد الإسرائيليين الذين جاءوا إلي القاهرة لتدريب العاملين المصريين الذين كان من المفترض ان يعملوا في الفرع المصري من مصنع "تيفرون" الإسرائيلي للملابس الداخلية. فهو ميكانيكي متخصص في ماكينات النسيج علي ما اعتقد.
هنا يحاول عزام ايهام القارئ انه كان ضحية فشل الاجهزة الامنية في اصطياد عميلتي الموساد، وانه لا علاقة له بالامر. فيقول ان هذه الظروف هي التي أدت إلي القبض عليه علي يد اجهزة الامن المصرية عند مدخل فندق "البارون" في مصر الجديدة، فور نزوله من سيارته الفولفو الزرقاء، وكان برفقته اثنان من زملائه في مصنع "تيفرون" الإسرائيلي هما "تحية" و "فايز"، وعاطف سائق السيارة.
ألقي الضباط المصريون القبض علي عزام في دقيقة واحدة، وقام "فايز" و "تحية" بالاتصال بشقيقه "وفا عزام" الذي كان في القاهرة لترتيب عمله كمدير للفرع المصري "تيفرون ايجيبت" من المصنع الإسرائيلي "تيفرون" للملابس الداخلية لابلاغه بما حدث، فيما سارع عاطف السائق إلي الاتصال برجل الاعمال المصري "سمير رياض"، الشريك المصري في المصنع الإسرائيلي "تيفرون ايجيبت" واخبره بما حدث.
في الساعة الحادية عشرة مساء تقريبا، تلقي القنصل الإسرائيلي بالقاهرة "شوكي جاباي" تقريرا اوليا عن اختطاف عزام عزام. وباءت كل محاولاته بالفشل لمعرفة اي تفاصيل عن ظروف اختفائه ، وفي السفارة الإسرائيلية بالقاهرة لم يكونوا علي استعداد للمخاطرة باعلان حالة الطوارئ، وكانت التعليمات الصادرة لفريق العاملين الاسرائيليين الخاصين بمصنع "تيفرون ايجيبت" بالقاهرة بان يبقوا في غرفهم بالفنادق التي يقيمون فيها، والانتظار حتي ينقشع الغموض قليلا لتمكينهم من العودة بسرعة إلي إسرائيل في نفس الليلة!
ويقول عزام نفسه إن التساؤلات ظلت تشغل زملاءه الإسرائيليين حول سبب القبض عليه بهذه الطريقة. وكان من بين ما قيل في اطار الاجتهادات لتفسير ما حدث ان عزام كان متورطا في ارتكاب جريمة كبيرة، بينما كان هناك من عبر عن مخاوفه من اختطاف عزام علي يد خلية ارهابية اسلامية!
في تلك الاثناء بدأ القنصل الإسرائيلي ورجل الاعمال المصري سمير رياض في اجراء جولة هاتفية للاتصال باي مسئول مصري ممكن لمعرفة اي معلومات عما حدث. وكانت الاجابة التي تأتيهم من الطرف الآخر: "لا نعرف اي شيء عما تتحدثون عنه". وسارعت السفارة الإسرائيلية إلي الاتصال بكبار المسئولين المصريين، وكانوا يتلقون الاجابة نفسها من الجميع.
محاولة التجنيد
يقول عزام انه قبل ايام من صدور الحكم ضده بالسجن لادانته بالتجسس علي مصر، واثناء انتظاره بسجن المزرعة، تم اقتياده إلي مكتب مدير السجن، الذي رمقه بنظرة ذات مغزي، وقال له:
"فيه حد مهم عاوز يتكلم معاك، احسن لك تسمع كلامه كويس.. ده لمصلحتك".
بعدها غادر مدير السجن مكتبه وترك عزام مع رجل في الاربعينيات من عمره، يرتدي بدلة غامقة، وشعره الاسود مسرح إلي الخلف، وترتسم علي وجهه ابتسامة مريحة. وكان يأخذ نفسا من السيجارة التي بين يديه، ثم توجه إلي عزام مباشرة دون ان يحاول اخفاء هدف زيارته، علي حد تعبير عزام. وقال له:
"عندي صفقة هاعرضها عليك، السجن سنة، يعني تقريبا نفس الفترة اللي انت قضيتها لحد دلوقتي في السجن، مقابل التعاون معانا".
ما إن سمع عزام هذه الكلمات حتي ظل فاغرا فمه من فرط الاندهاش، ولم يقو علي الرد باي شيء، ولكن الرجل واصل حديثه دون انتظار:
- "انا ما عنديش وقت للعب، انت لازم ترد ب "آه" او "لأ"، دلوقتي وفورا، لان لحظة ما هيحكموا عليك بالسجن المؤبد، ربنا وحده بس هو اللي هايقدر يساعدك ساعتها.. اذا كنت عاوز تندفن في السجن لآخر يوم في حياتك.. دي مشكلتك.. انا باعرض عليك انقاذ حياتك".
لم تستغرق تلك المقابلة اكثر من خمس دقائق. وفي كل مرة كان يحاول عزام نطق أي كلمة، ينقض عليه الرجل ذو الشعر الاسود، قائلا:
"انا مش عاوز اسمع اي حاجة.. قول "آه" او "لأ".. هم دول الكلمتين اللي قدامك بس.. قرر دلوقتي!".
في النهاية ترك الرجل الحجرة غاضبا وهو يصب السباب واللعنات علي عزام وأمه واسلاف اسلافه.
وبعد ذلك بنحو سنة، وبينما كان عزام يمكث في سجن ليمان طرة، تم استدعاؤه بنفس الطريقة إلي مكتب مدير السجن، حيث وجد في انتظاره رجلين في منتصف الثلاثينيات من عمريهما، يرتدي كل منهما «بنطلون جينز» وبلوفر تريكو، وملامح وجهيهما جامدة تماما. ويقول عزام انه لم يسبق ان قابل اي منهما من قبل. ورغم انهما لم يقدما نفسيهما، ادرك عزام فورا انهما ينتميان إلي جهاز امني مصري حساس. ولكن الحديث هذه المرة استغرق ساعة طويلة.
بدأ الاثنان في طرح اسئلة عامة عن عزام واسرته، وبدا للحظة انهما اتيا فقط للدردشة. وفي هذه المحادثة الساذجة علي ما يبدو، تحدث الاثنان في موضوعات لا علاقة لها بموضوع عزام. وظلا لساعة كاملة يتحدثان معه دون ان يتضح من حديثهما سبب مجيئهما إلي عزام. فلم يعرضا شيئا، ولم يطلبا شيئا ايضا. فقط قبل انتهاء المقابلة قال له احدهما:
"اذا احتجت تقابلنا تاني، ابقي اطلب ده من مدير السجن".
وبعد ثلاث سنوات، ذات صباح يوم من ايام شهر مايو 2001، جاء اثنان من ضباط السجن إلي زنزانته لاقتياده إلي نفس مكتب مدير السجن. في البداية رفض عزام ان يخرج معهما واشترط ان يأتي مدير السجن بنفسه حتي يخرج من زنزانته، فقد خشي ان يأخذه السجانان إلي زنزانة بعيدة في احد اركان السجن ليجد بانتظاره مجموعة من السجناء لضربه. الا ان نائب مدير السجن الذي جاء اليه بنفسه اقنعه بالخروج من زنزانته، قائلا له:
"عندك مقابلة مهمة.. بشرفي مش هايحصل لك اي حاجة".
وبعد ذلك بدقيقة واحدة خرج عزام من زنزانته بخطوة سريعة، برفقة السجانين ونائب مدير السجن، باتجاه مكتب مدير السجن. وهناك استقبله المدير واشار إلي احد الكراسي طالبا منه الجلوس بلهجة ودودة ومؤدبة:
"اقعد.. أقعد يا عزام.. ما تخافش.. كله تمام.. انا عاوزك تطمن وتستريح.. احنا بس عاوزين نتكلم معاك.. تقدر تدخن".
بينما جلس عزام علي الكرسي وقع بصره علي رجلين آخرين في الغرفة، كان احدهما طويلا ونحيفا، لديه شارب رفيع، ويضع في فمه سيجارة لم يشعلها بعد. وكان يرتدي بنطلونا اسود وقميصا أخضر بنصف كم. وكان عمره بنظر عزام يتراوح بين الاربعين والخامسة والاربعين. اما الرجل الثاني فبدا اكثر شبابا، ربما في منتصف الثلاثينيات من عمره. وكان قصير القامة قليلا، عريض الكتفين، ذا شعر اسود، يرتدي ملابس "كاجوال" علي الطريقة الشبابية، بنطلون جينز ازرق، وتي شيرت ابيض، وحذاء رياضيا احمر.
فشل عزام في تخمين هوية الرجلين من مظهرهما الخارجي، ولكنه ادرك بسرعة شديدة ان ثقتهما الشديدة في نفسيهما ومدي الاحترام الذي يحظيان به من مدير السجن انهما يعملان بجهاز امني حساس. كان الاثنان يتصرفان بأدب شديد، وكان واضحا انهما يبذلان قصاري جهدهما لاضفاء اجواء ودية وهادئة وغير رسمية علي المقابلة. وسارع كبيرهما إلي تقديم سيجارة إلي عزام.
في البداية حرص الاثنان علي الاستفسار من عزام عن ظروف سجنه، وحالته الصحية والنفسية. وبعد ذلك سألاه عن مدي رضاه عن معدل الزيارات التي يحظي بها من افراد اسرته، والمعاملة التي يلقاها من بقية السجناء. ويقول عزام حتي هذه اللحظة لم يتمكن من معرفة حقيقة ما يرمي اليه الرجلان، ورغم انه كان يدرك انه يتحدث مع ضابطين بجهاز امني حساس، كان عزام يجيب عن كل اسئلتهما بوضوح وبشكل مباشر ودون تردد.
سأله الرجل الشاب:
"انت فاضل لك كام سنة هنا؟"
ودون ان ينتظر الرجل نفسه أي اجابة من عزام واصل طرح اسئلته والاجابة عنها في نفس الوقت:
"انت محكوم عليك ب15 سنة سجن، مظبوط؟ فات منهم كام؟.. اربع سنين بس.. ولا انا غلطان؟!.. يعني بحسبة بسيطة انت فاضل لك هنا 11 سنة.. انت عارف؟ ده عمر كامل..".
ظل عزام جالسا في مكانه دون ان يرد بحرف واحد.. واقترب منه الرجل الشاب، وابتسامة صغيرة ترتسم علي جانب فمه، ثم قال له:
"مش حرام؟ قل لي!.. مش حرام كل السنين دي تضيع قدام عينيك؟!.. مش حاجة تحسر إن حياتك تعدي كده وانت بتعفن هنا في السجن زي الكلب الجربان؟ مش هي دي الحقيقة؟!.. مع احترامي ليك".
فجأة تحدث الرجل الكبير قائلا:
"انت عمرك كام يا عزام؟"
التفت عزام اليه وأجاب:
"انا عمري 37 سنة".
ربت الرجل علي كتفي عزام وقال له:
"يعني يا عزام لما تخرج من السجن - ده علي فرض ان مش هايحصل لك حاجة هنا كل السنين دي - هايكون عمرك تقريبا خمسين سنة. فكرت في كده؟! فكرت في ان المرة الجاية لما يفرجوا عنك هاتبقي راجل كبير؟ واحد مالوش مستقبل، وماضيه عبارة عن 15 سنة سجن.. وده طبعا في احسن الاحوال اذا قدرت تقضي كل السنين اللي فاضلة لك هنا في السجن بسلام..".
انضم اليه الرجل الشاب في الحديث قائلا:
"فكر يا صاحبي، مين هايستناك وانت عندك خمسين سنة؟ عيالك هايكونوا كبروا، وهايفتكروك بالعافية. ابنك الصغير، اسمه ايه؟! متعب؟ مش هايعرف حتي ان له اب ، انت عارف ايه اللي بيحصل عند الاطفال.. اللي بعيد عن العين.. بعيد عن القلب..".
سحب الرجل نفسين من سيجارته، وواصل حديثه بينما اتسعت الابتسامة علي وجهه، ثم قال:
فكر في مراتك.. اسمها آمال.. مش كده؟!.. لحد دلوقتي هي بتيجي عشان تزورك، خايفة عليك وواقفة جنبك. ولكن عارف الدنيا فيها ايه؟! البني آدم في طبعه اناني. وانت تصدق انها هاتقعد مستنياك كل السنين دي؟ هي زوجة كويسة، مفيش شك في كده، بس انت عارف، كل حاجة ممكن تحصل في الدنيا دي.. هي في الآخر انسانة".
نظر عزام إلي هذا الرجل نظرة غاضبة، ولكن الرجل الشاب تجاهل نظرته وربت علي كتفيه، وحافظ علي نفس نبرته في الحديث قائلا:
"ما تفهمنيش غلط، انا مش عاوز اهينك، انا بس عارف انك انسان مثالي. ما تقولشي ان الافكار دي ما خطرتش علي بالك ولا جات في دماغك كل السنين دي وانت في السجن. انت عارف ان كل حاجة في الدنيا دي ممكن تحصل، وحاجة بتجر حاجة.. انت عارف، فيه ظروف، فيه احتياجات وضرورات، وفيه افكار، وفيه واقع..".
امسك عزام نفسه بصعوبة شديدة، وكان علي وشك ان يطلق السباب في وجه الضابطين المصريين. ورغم انه كان يعلم جيدا ان ما يحدث معه هو تدريب نفسي لكسر حالته النفسية، كان من الصعب عليه جدا الا يرد. ومع ذلك ظل عزام متجمدا في مكانه محافظا علي ملامحه الجادة.
بعد ذلك توجه اليه الرجل الكبير، الذي تصرف علي غرار زميله الشاب، اذ حافظ علي نبرة حديثه الهادئة، الا ان الكلمات خرجت من فمه اكثر حدة، وهو يقول:
"انت مش مستغرب ان إسرائيل لحد دلوقتي ما عرفتش تفرج عنك؟ اخواتك بيسعوا وعملوا اللي عليهم، الحق يتقال.. بس مين اللي سمع لهم؟ عمالين يوعدوهم بكل انواع الوعود، بس عشان يسكتوهم".
مرت دقيقة ثم عاود نفس الرجل حديثه، وهو يطلق نظراته في اعماق عيني عزام الجالس امامه:
"انت مصدق بجد ان فيه حد من اليهود هيهتم بواحد درزي؟ انت يمكن مصدق عشان انت وكل طايفتك خدمتم عندهم في الجيش الإسرائيلي، انت مصدق انكم مواطنين زيهم.. بس الحقيقة الكل عارفها. انت برضه عارف الاجابة لوحدك، خليك صريح مع نفسك وقل لي ان هي دي الحقيقة في الواقع.. خليك صريح مع نفسك وقل لي ان الدروز في إسرائيل مش مواطنين من الدرجة التانية ولا حتي الدرجة الثالثة". ظل الاثنان يعزفان علي كل الاوتار الحساسة في نفس عزام، وكان هو علي وشك الانهيار، لولا تدريبه الجيد علي مواجهة مثل هذه المواقف، وهو ما يبدو واضحا في تعبيره عن تلك المواقف حين يقول انه كان يعلم جيدا ان ما يتعرض له هو مناورة تكتيكية تستهدف الوصول به إلي حد اليأس والجنون. وهو يقول ايضا: "لا شك ان هذين الضابطين المصريين تلقيا تدريبا جيدا". فطوال هذه المحادثة الطويلة لم يرفع اي منهما صوته ولو لمرة واحدة، وكانا يتحدثان بهدوء تام، ويحافظان طوال الوقت علي وجود ملامح مريحة علي وجهيهما، حتي بديا وكأنهما مهتان بمصلحة عزام فعلا وحريصان عليه. استمرت هذه المقابلة طويلا، وبعد ساعتين، خرج الشاب من الغرفة ثم عاد حاملا طبقا فيه ثلاثة فناجين قهوة وطبقا مليئا بالبسكويت. ويقول عزام: "كان المصريان يعرفان جيدا كيف يشدان الحبل إلي درجة معينة، ثم ارخائه، وكانا كلما لاحظا ملامح الغضب علي وجهي او اعتراضي علي كلامهما، كانا يغيران الموضوع فورا، حتي انهما سألاني فجأة عما اذا كنت احب كرة القدم ام لا، وحكيا لي انهما سمعا ان فريق "مكابي حيفا" هو افضل فرق الدوري الإسرائيلي لكرة القدم. وفي احدي المرات، بعد ان اعلنت بحرية تامة انني لا اخجل من خدمتي في الجيش الإسرائيلي، بدأ احدهما في الحديث معي عن الموسيقي وسألاني عن رأيي في المطرب الشعبي الإسرائيلي "ايال جولان"".
فقط بعد ساعتين بدأ ظهور تحول في اللقاء. حدث ذلك بعد ان اشرك عزام الضابطين المصريين في الحديث عن حبه ومشاعره واشواقه تجاه ابنه الصغير "متعب". فسارع الرجل الكبير إلي استغلال الموقف وقال:
- "كل شيء يتوقف عليك انت يا عزام.. اذا كنت عاوز، تقدر من بكرة تكون مع ابنك".
ثبت عزام عينيه باتجاه الرجل الكبير الذي كان يسحب انفاسا من سيجارته التي كانت مثبتة علي جانب فمه، ثم قال:
انت راجل كبير وتقدر تفهم اللي باقوله، اذا كنت تحب احنا ممكن نرتب لك انك تخرج من هنا. ده موضوع مش محتاج مشكلة.. هل ده يهمك؟!
لم يستوعب عزام الكلام، فتساءل مندهشا:
"تفرجوا عني؟! بجد؟! انتم عارفين اني منتظر الافراج من 4 سنين. كلهم عارفين اني في السجن هنا من غير ما اعمل اي ذنب...".
عندها قاطعه الشاب الصغير:
"انت بتقول الكلام ده يا عزام من 4 سنين وما حدش مصدقك.. انت بتقول كده والمحكمة ليها رأي تاني. ومن الناحية القانونية انت مذنب ومدان، واللي بيحدد ده هو المحكمة، والحقيقة الوحيدة هي انك بعد اربع سنين لسه مرمي في السجن. انا صاحبي سألك بكل بساطة: هل يهمك انهم يفرجوا عنك؟!".
يقول عزام في مذكراته انه ادرك حينها إلي اين يسير به الضابطان المصريان، ولكنه فضل ان يبدو كمن لم يفهم المقصود، فلم يكن يعرف ماذا سيعرض عليه الاثنان بالضبط، ولكن كان واضحا بالنسبة له ان الحديث يجري عن صفقة. فسمح لهم بمواصلة الحديث الذي قاده الرجل الكبير قائلا:
شوف يا عزام، احنا نقدر نرتب لك موضوع الافراج عنك، احنا لينا علاقات في مناصب محترمة.. والمشكلة الوحيدة هي ازاي نقدر نقنع الناس دي بان الافراج عنك موضوع يستاهل".
وضع الضابط الشاب يديه علي كتف عزام وقال له: احنا بنعرض عليك يا عزام عرض ممكن يغير حياتك كلها من النقيض إلي النقيض.. وانت هاتبقي اكيد راجل عبيط لو رفضته، ومن اللي فهمته منك انت مش عبيط، بالعكس. واضح طبعا ان الافراج عنك هايكون له ثمن لازم تدفعه، بس احنا مش طالبين منك لا سما ولا أرض، احنا بس طالبين منك انك تساعدنا".
اصطنع عزام مظاهر السذاجة وتساءل قائلا:
- "انا اقدر اساعدكم؟ ازاي؟ ايه اللي اقدر اديهولكم؟ انتم عارفين اني باشتغل في مصنع..".
اجاب الرجل الكبير:
- "مفهوم.. مفهوم.. احنا عارفين بالضبط أنت مين وبتشتغل ايه، بس احنا فاكرين إنك تقدر تساعدنا. وده مش حاجة كبيرة.. ومش لازم اي حد يعرف حاجة عن المواضع ده.. والموضوع ده هيفضل سر بيننا وبينك.. وما حدش هايعرف اي حاجة عن مقابلتنا دي..".
قاطعه عزام قائلا:
- "انا مش فاهم!".
ولكن الضابط الشاب تحدث هذه المرة قائلا:
- يا صاحبي، انا اعتقد انك فاهم كويس، احنا عاوزينك تكون معانا.. يعني من وقت للثاني هانطلب منك حاجات، مش حاجات كبيرة. يعني مجرد معلومات، حاجات بسيطة.. مش هاتكون صعبة. حاجات ممكن تكون بسيطة وهبلة من وجهة نظرك، بس بالنسبة لنا مهمة جدا..".
ودخل الرجل الكبير في الحديث قائلا:
- "انت مش هاتخرج خسران يا عزام من العلاقة دي باي حال من الاحوال.. طبعا مش هايكون من السهل انك تلاقي شغل جديد.. احنا هنتكفل بمصاريفك علي كل الحاجات اللي هتجيبها لنا.. وهانعمل لك مرتب شهري محترم.. احنا مش عاوزينك تبقي قلقان من الناحية دي.. وهانشوف طريقة نوصلك بيها الفلوس من غير ما حد يحس بحاجة.. انت طبعا يمكن ما تبقاش مليونير من الفلوس دي، بس اكيد هاتضمن لك حياة في مستوي كويس جدا".
اطفأ عزام سيجارته في الطفاية بعصبية واضحة. ثم قال:
- "انا آسف اني هاخيب ظنكم، بس انا مش ناوي اتعاون معاكم في الموضوع اللي عرضتوه دلوقتي.. انا خدمت في الجيش الإسرائيلي، واخواتي خدموا في الجيش الإسرائيلي، وانا مواطن من دولة إسرائيل، وانا باحترم دولتي.. كان نفسي اوي اخرج من السجن ده، لكني مش مستعد اخون دولة إسرائيل ولو مقابل كنوز الدنيا كلها.. ممكن جدا افضل مرمي في السجن 12 سنة كمان، بس...".
قاطعه الضابط الشاب بضحكة مدوية ثم قال:
"تعظيم سلام! ايه الكلام الحلو اللي انت قلته ده! لا عجبتني.. علي النعمة، كمان لحظة واحدة وكنت هاديلك وسام البطولة علي كل ما قلته ده!.. مفيش مشكلة، ده قرارك انت.. هاترجع زنزانتك الصغيرة المقرفة، وابقي فكر في عيلتك، وفي متعب الصغير، وفي مراتك "آمال".. انت اكيد عبيط بجد عشان تصدق انها هاتترهبن وتعتزل الرجالة كمان 12 سنة عشان خاطر عيونك.. ما تبقاش تستغرب إنها بعد 12 سنة مش هاتبقي تعبرك حتي.. مين عارف؟ يمكن لافت علي واحد تاني غيرك!"
كان عزام علي وشك الانفجار في تلك اللحظة، فقد كانت الكلمات صعبة عليه، او علي الاقل هكذا بدا الامر. استمر اللقاء بعد ذلك لعدة دقائق قليلة، وحاول الضابطان المصريان تخفيف حدة كلامهما، حتي انهما اعتذرا لعزام عن الكلام الذي ربما اغضبه. ولكن عزام لم يرد.
وحمل الرجل الكبير علبة سجائره والكبريت من علي المنضدة، وهو يقول لعزام:
- "ابقي فكر في الكلام اللي قلناه يا عزام".
وظل عزام صامتا، حتي غادر الاثنان حجرة مدير السجن، وظل هو جالسا مكانه يسترجع ما حدث. وكانت هذه هي المرة الاولي والاخيرة التي يلتقي فيها بهذين الضابطين المصريين. وبعد دقيقة واحدة جاء سجانان واعادا عزام إلي زنزانته مرة ثانية.
محمد البحيري
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.