· يحيي الفخراني فنان معجون بفن الأداء المؤثر،وصاحب حضور مبهج فشل في العام الماضي لأنه ابتعد عن الدراما التي ينتظرها الناس منه سر جاذبية ونجاح مسلسل «ابن الأرندلي» هو يحيي الفخراني شخصياً، وفيما عدا هذا الممثل الفذ، نحن أمام دراما مزعجة.. مزعجة بجد! لا يملك أي مشاهد إلا أن يقع في غرام هذا الممثل الجميل، لأن يحيي الفخراني فنان معجون بفن الأداء المؤثر، وصاحب حضور مبهج يوهمنا طوال الوقت بالصدق، الصدق الفني الذي يجعلنا نتقبل، بل ونكاد نجزم بأنه دنجوان و«حبيب عظيم»، فنقع في رومانسيته المجنونة مع غجرية نيرمين الفقي في «الليل وآخره» ويأسرنا حبه الكبير لإلهام شاهين في «نصف ربيع الآخر»، ونصدق عربدته مع النساء في «يتربي في عزو».. ونصدق الفخراني رغم أن ملامحه وتكوينه بعيدان تماماً عن شكل ومميزات الدنجوان ساحر النساء. نجاح يحيي الفخراني في هذا «النوع» من الدراما، جعله النجم الرمضاني الأول، وصاحب أغلي أجر يحصل عليه ممثل تليفزيوني، وتكرار النجاح جعله من «مكسرات» التليفزيون الفنية في رمضان.. وعندما فشل في مسلسل العام الماضي «شرف فتح الباب» لأنه ابتعد عن النوعية الدرامية التي «ينتظرها» الناس منه، قرر هذا العام تكثيف الجرعة الرومانسية الغرامية المطعمة بالخداع، والتي تجعله «ابن الأرندلي» حسب التعبير الشعبي العامي لشخصية الداهية الناعم الذي يصل لأهدافه السريعة بشكل فيه كثير من المكر والدهاء والنصب.. أما الفكرة التي يتحرك داخلها فهي سابقة التجهيز، وحققت من قبل نجاحاً مذهلاً وهي الزواج من أربع نساء.. فقد فعلها نور الشريف منذ 8 سنوات في مسلسل «عائلة الحاج متولي» وبلغت شهرتها الأفق، وأصبح اسم «الحاج متولي» يضرب به المثل عن الرجل الدنجوان المزواج، والذي يحقق مصالحه وتطلعاته بالزواج من «المرأة» الأصلح لنمو ثروته وسطوته. استغرق يحيي الفخراني النصف الأول من المسلسل في التمهيد لقراره بالزواج من أربع، فهو الوريث الوحيد لعمه «يوسف داود» الذي وزع ثروته قبل أن يموت علي ثلاث نساء، اثنتين من قريباته «معالي زايد - رجاء الجداوي»، وخادمته «وفاء عامر»، واكتفي بمنح ابن أخيه عبدالبديع الأرندلي «يحيي الفخراني» ثلث الثروة «يصل حجم الثروة كما ذكر المسلسل إلي 90 مليون جنيه».. وهنا يقرر عبدالبديع الأرندلي أن يحصل علي الثروة كاملة بالزواج من النساء الثلاث.. وعلي سبيل المفارقة الدرامية يقدم كاتب السيناريو وليد يوسف في حلقتين متتاليتين حدوتة الزوجات الأربع، ويبدأ بسفر عبدالبديع إلي سوريا ليلتقي بالوريثة الأولي، التي كانت متزوجة «رجاء الجداوي»، ويتم طلاقها ليبدأ عبدالبديع نصب شباكه حولها، ويعود - حسب الأحداث - يوم الأربعاء، ليتزوج من الوريثة الثانية «معالي زايد» يوم الخميس، ويعطيها «منوم» ليذهب ويتزوج الخادمة «وفاء عامر» يوم الجمعة.. ثم يتفرغ في نهاية الحلقة الثانية لمصالحة زوجته الأصلية «دلال عبدالعزيز» التي علمت بزواجه من الخادمة.. ورغم أنني أكتب ومازالت في الحلقات بقية تصل إلي ست حلقات علي الأقل، ولا أعلم مدي توفيقه في استرداد كل ميراثه - وأظن أن هذا لن يحدث - إلا أنني سوف استكمل مشاهدة العمل للاستمتاع بالفخراني، مع اعترافي بأن المسلسل مزعج ومضر وسلبي، ولا يمكن أن نغفر خطاياه التي تصل إلي مستوي الجريمة، لأن بطله الفخراني، أو لأن الهدف من العمل التسلية والضحك الاستهلاكي في رمضان.. لماذا؟ أكتفي هنا بنقطتين في غاية الخطورة تعامل معهما المسلسل بخفة واستظراف: النقطة الأولي هي أنه عندما يرث شخص مثل عبدالبديع الأرندلي المحامي المراوغ وغير الشريف ثروة تقدر بأكثر من 30 مليون جنيه تظل بالنسبة له مبلغاً صغيراً ويسعي ليربح ال90 مليون جنيه.. والمسلسل وهذه الدراما تقدم هذه الملايين بينما «الإعلانات» التي تمثل فواصل أثناء عرضه تدعو المشاهدين للتبرع «بجنيه» لعلاج أطفال السرطان، أو تدعو أهل الخير للتبرع للأيتام.. فهل يمكن أن نضحك مع هذه الملايين وسط هذا البؤس؟!! النقطة الثانية وهي الأكثر خطورة أن المسلسل يعيدنا لأجواء «حريم» ألف ليلة وليلة، حيث المرأة بلا قيمة ولا عقل ولا مهنة حقيقية «ما هي مهنة معالي زايد ورجاء الجداوي والخادمة وفاء عامر إذا كانت الخدمة مهنة!!» بالاضافة إلي الزوجة «المدرسة» التي لا تفكر إلا في التزين لزوجها!.. إننا أمام واحدة من أسوأ الصور التي قدمت للمرأة في تاريخ الدراما العربية.. ويبدو أن أصحاب هذا المسلسل «الأرندلي» في غيبوبة وينقصهم الوعي، فهم يطرحون هذه النماذج في نفس الوقت الذي قدمت فيه الحكومة مشروعاً وافق عليه مجلس الشعب باضافة 64 مقعداً برلمانياً للمرأة في مجلس الشعب.. فهل أصحاب المسلسل لا يعيشون في مجتمعنا، أم أن عملهم الفني ضد هذا «المشروع» ويفضلون أن تستمر المرأة في المجتمعات العربية كل قيمتها أنها زوجة عبدالبديع الأرندلي. وبالمناسبة هذا الخطأ ليس في مسلسل «الأرندلي» فقط، فابن همام مثلا في مسلسل «أفراح ابليس» في الدور الذي يلعبه أحمد سعيد عبدالغني يتزوج اثنتين أيضا في السر!.. حتي ضرير «تاجر السعادة» يتزوج اثنتين «خالد صالح».. أما المرأة المثالية والرائعة في مسلسل «خاص جداً» الذي تلعب بطولته يسرا، فإن نجاحها في مهنتها كطبيبة نفسية كان سبباً في طلاقها ليتزوج زوجها من أخري.. هو في إيه؟!.. كيف وصل بنا الحال للتعامل هكذا مع المرأة وكأنها من ممتلكات الرجل وملك يديه؟!..للأسف لم أتابع كل المسلسلات لمعرفة كيف قدمت المرأة في مسلسلات أخري؟.. قليل من الوعي يا سادة «الدراما»، فهذه الصور تظل في ذهن المجتمع، في ذهن المشاهد، ولكن ماذا أقول؟!.. لعل أفضل قول هو ما يقوله الفخراني نفسه في «ابن الأرندلي»: لك الله يا مصر؟!