لكى نأكل لابد أن ننتج.. ولكى ننتج لابد أن نأكل.. هذه معادلة صحيحة وليست فزورة!.. فلكى يحصل الإنسان على قوته وقوت أولاده لابد أن يعمل وينتج حتى يحصل على عائد يمكنه من الانفاق.. ولكى يعمل ويبذل الجهد فلابد أن يتغذى لأن الغذاء هو الوقود الذى يمد أجساد البشر والحيوان بالطاقة.. ولكن الواقع المرير يقول إننا لا نأكل ولا ننتج.. وربما كان الشىء أو المجال الوحيد الذى برعنا فيه كمصريين أننا شطار فى انتاج الأطفال! كيف نعمل وننتج وأجسادنا هزيلة؟ كيف نعمل وننتج ونحن لا نقوى على الوقوف على أقدامنا؟! وكما يقول المثل «الواحد مش قادر يصلب طوله»! شىء طبيعى عندما تكون المدخلات التى تتلقاها أجسادنا من مأكل ومشرب غير مطابقة للمواصفات ولا تصلح للاستهلاك الآدمى! بالله عليكم هل رغيف العيش الذى يعتبر الغذاء الرئيسى لاكثر من 90 مليون مصرى يصلح للاستهلاك الآدمى؟ هذا الرغيف والعياذ بالله مصنوع من قمح محلى مختلط بالاتربة والحشرات أو قمح مستورد مخصص لعلف الحيوانات! علما بأن القمح الذى يورده الفلاح المصرى يكون على درجة عالية من النقاوة طبقا لشروط وزارتى الزراعة والتموين.. ولكن الاهمال ومآرب أخرى تحوله الى رمال أو أتربة وحشرات وبينهما قمحا! اما اذا كانت الاقماح مستوردة فحدث ولا حرج عن انعدام الضمير لأباطرة وحيتان من أعوان النظام السابق أو أى نظام يعتلى كرسى الحكم احتكروا وسيحتكرون استيراد أردأ أنواع الاقماح المخصصة فى روسيا وأمريكا وأوكرانيا لعلف الحيوانات! وانطلاقا من المقولة الخبيثة التى روج لها شياطين الإنس بأن معدة المصريين تقبل أى شىء يدخل إليها لأنها قادرة على هضم كل شىء حتى الزلط! لذلك يصل هذا القمح أو ذاك الى المخابز فتعجنه بماء غير صحى وملح رخيص من انتاج السياحات ليصل إلينا فى النهاية رغيف العيش كمنتج بالشكل والكيفية التى تعودنا عليها! رغيف العيش يستقر فى البطون بعد مروره بالمراحل التى ذكرتها.. وفى كل مرحلة من تلك المراحل هناك فاقد كبير تتحمله خزينة الدولة ويتحمله الاقتصاد المصرى والضحية فى كل المراحل هو المواطن المصرى البسيط وبحسبة بسيطة سنجد أن المبالغ المفقودة من سوء تخزين القمح وتهريب الدقيق المدعم والرغيف الذى يستخدمه بعض أصحاب المزارع كعلف سنجد أنها تقدر بالمليارات! ويبقى السؤال أيهما أجدى أن تذهب هذه المليارات إلى مستحقيها فى صورة دعم نقدى مدروس أم نظل نملأ القربة بالماء مع علمنا بثقوبها الكثيرة! وللاسف كل حكومة تأتى تظل تنفخ فى هذه القربة المقطوعة! «خُرم» آخر اسمه الارز التموينى أو أرز البطاقات والذى يطلقون عليه أرز الفقراء وهو من أردأ الانواع وليست فيه حبة واحدة سليمة تكون المحصلة النهائية استخدامه غذاء للطيور! سكر البطاقات الكيلو ناقص 200 جرام، كما ذكرت العدد الماضى، المليارات المصروفة أو المفقودة من تلك السلع لاتذهب الى مستحقيها وانما الى جيوب وخزائن الوسطاء! وتعالوا بنا الى البروتينات التى لا غنى لجسم الانسان عنها، جسم الانسان فى حاجة الى البروتين الحيوانى والنباتى.. وكان المصرى البسيط أو المتوسط الدخل يعوض النقص فى البروتين الحيوانى اذا ما تعذر الحصول عليه الاسباب مادية بالاعتماد على البروتين النباتى الموجود فى الفول والعدس والبيض ومنتجات الالبان لأن أسعار هذه المنتجات كانت فى أوقات سابقة فى متناول يده! وكان العدس الاسناوى والفول المنياوى من أجود الانواع ليس فى مصر فقط ولكن على المستوى العالمى! اشتعلت أسعار اللحوم حتى وصل سعر الكيلو 80 جنيها وانقرضت محاصيل العدس الاسناوى والفول المنياوى وحل محلها أنواع مستوردة من الخارج بأسعار غالية فامتنع المواطن المصرى على طريقة مجبر أخاك لابطل عن تناول البروتينيات بنوعيها الحيوانى والنباتى! وعندما صرخ الناس استورد الاباطرة لحوما من الخارج مصابة بكل الامراض! وقد علمت وأنا أكتب هذه السطور من بعض مصادرى أن إحدى الشركات العامة العاملة فى مجال الاستيراد والتصدير استوردت كميات من الكبدة المجمدة وضعتها فى ثلاجاتها وعندما قاربت الكمية على انتهاء صلاحيتها «الشهر القادم» طرحتها بسعر 8 جنيهات للكيلو ومن يريد الشراء عليه الذهاب الى مخازن الشركة فى قليوب والاسكندرية! يا عينى على المواطن المصرى المسكين الذى لايعرف «يلاقيها منين أو منين» من أباطرة القطاع الخاص أو سادة القطاع العام! وكله على حساب صحته واقتصاد بلده الذى يوشك على الافلاس! استمرارا لظلم المواطن المصرى البسيط أرسل الى أهالى شارع عبدالحليم قاسم بكفر طهرمس بالجيزة يستغيثون من عدم وصول مياه الشرب الى منازلهم اللهم إلا ساعتين كل يوم.. وأنا أضع هذه الاستغاثة أمام الدكتور على عبدالرحمن محافظ الجيزة والدكتور عبدالقوى خليفة وزير المرافق وأقول لهما يا سادة اتقوا الله فى هؤلاء الغلابة.. وأسأل هؤلاء السادة هل يقدر واحد منكما أن يعيش فى منزله بدون مياه لبضع دقائق وليس طوال اليوم! ويبقى السؤال هل بعد الجوع والعطش يستطيع المصرى أن يعمل وينتج؟! أما أن الحل الوحيد من وجهة نظركم مطالبة الناس بالصبر والتقشف وربط الحزام؟! ولا تنسوا أن الدعوة المستمرة لربط الحزام هى التى أسقطت النظام! تم نشره بالعدد رقم 615 بتاريخ 24/9/2012