من داخل زنزانته حيث يقبع منذ نوفمبر الماضي، قال رئيس تحرير صحيفة «جمهوريت» التركية، جان دوندار (54 عامًا ) في مقابلة مع صحيفة ال «جارديان» البريطانية إنّ ملاحقة بلاده المستمرة للصحفيين هي «الأسوأ في تاريخها»، كما أنّه اعتقل لأنّه «كنت أقوم بعملي». حسبما ذكرت " ديل ميل " البريطانية. وذكرت الصحيفة أنّ الصحفي التركي الذي اعتقل مع مدير مكتب «جمهوريت» في أنقرة إرديم جول بتهمة التجسّس وإفشاء أسرار الدولة، اتهم الإتحاد الأوروبي ب «خيانة قيمه الديمقراطية عبر السعي إلى مصالحة الرئيس رجب طيب إردوغان، على أمل أنّ يسهم الرجل في وقف تدفّق اللاجئين إلى القارة العجوز في مقابل التغاضي عن الإنتهاكات التركية لحقوق الإنسان». «لطالما نظرنا إلى الإتحاد الأوروبي كمثل لرفع معايير الديمقراطية في تركيا إلى مستويات عالمية، وليس كداعم للديكتاتوريات» وأضاف إنّه «إذا قرّر الإتحاد غض الطرف عن إزدراء إردوغان للديمقراطية وحرية الصحافة وحقوق الإنسان وسلطة القانون، وتحويل تركيا إلى معسكر اعتقال كبير من أجل وقف تزايد عدد اللاجئين، فهذا يعني أنّه يتخلّى عن مبادئ تأسيسه لأهداف قصيرة المدى». ولمن لا يعرف، فإنّ التهم الموجّهة إلى جان دوندار وإرديم غول أتت على خلفية نشر مقال في مايو 2015 يتهم الإستخبارات التركية بإرسال أسلحة إلى المقاتلين في سوريا ضد الجيش تحت ستار المساعدات الإنسانية. وقد أتى توقيف دوندار بعد أيّام على تحقيق حزب «العدالة والتنمية» غالبية برلمانية ساحقة في الإنتخابات. وتفيد الوقائع بأنّ 14 صحفيًا اعتقلوا في تركيا خلال العام الماضي، ما يجعل هذه الدولة في المرتبة الخامسة بين منتهكي حرية الصحافة، بحسب «لجنة حماية الصحفيين». كما أنّ إردوغان نفسه سبق أن استنكر الإنتقادات التي تلقتها الحكومة من قبل مثقفين وكتّاب أجانب، معتبرًا أنّه من واجبهم الوقوف إلى جانبه في «مواجهة الإرهاب». وحول حيثيات إجراء المقابلة من داخل السجن، أوضح كاتبها كريم شاهين من بيروت أنّ الترتيبات تمّت عبر المحامين الخاصين بدوندار الذين زوّدوه بالأسئلة: «كتب الإجابات بخط يده بالتركية داخل الحبس الإنفرادي، قبل أن تُرسل مترجمةً إلى ال «جارديان» مع نسخ عن الإجابات الأساسية». ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أنّ دوندار بقي معزولًا لمدّة 40 يومًا، ليتم نقله لاحقًا إلى زنزانة مشتركة مع آخرين. أثناء الحبس الإنفرادي، كان يُسمح له باستقبال زائرين مرّة في الأسبوع، ولمدّة ساعة واحدة فقط. كما مُنع من إستخدام الكمبيوتر والآلة الكاتبة، فيما أمضى معظم أيّامه في قراءة مذكرات من سبقوه إلى الإحتجاز. وحول وضعه القانوني، أكد الصحفي التركي أنّه لم يحصل على لائحة واضحة بالإتهامات الرسمية الموجّهة إليه، مشددًا على وجود «قرار سرّية» حول القضية يمنع محاميه من الإطلاع عليها. وتابع قائلًا: «نحن نقبع في السجن في ظروف تليق بقاتل متسلسل، لكنّنا لا نعرف ما هي الإتهامات! كل ما نعرفه هو مضمون الإدعاءات التي قدّمها إردوغان وحكم المحكمة الذي يقضي بعقوبة حبس مدى الحياة على خلفية التجسس وإفشاء أسرار الدولة». ورأى دوندار أنّ «تأخير لائحة الإتهام تكتيك يعتمده النظام القضائي التركي من أجل معاقبة المتهمين سلفًا»، مشيرًا إلى أنّ المحققين لم يسألوه إلا عن «رقم هاتفي، وسبب كتابتي للمقال، وعن الجهة التي سرّبت لي المعلومات الواردة فيه. الدليل الوحيد الذي يملكونه هو مقالي منشورًا في النسخة الورقية من الجريدة، ما يعني أنّني في الواقع أحاكم من أجل نشر أخبار في الصحيفة!». يبدو دوندار مقتنعًا بأنّ ما يحدث مع الصحفيين في تركيا هو «محاولات مستمرّة لتخويفهم وثنيهم عن القيام بواجبهم، مؤكدًا أنّ الحملة ضدّه والضغوط في قضيته جاءتا «مباشرة من إردوغان»، ولافتًا إلى أنّ الرئيس التركي ذو ميول «فاشية، يمتلك سلطة مطلقة من خلال تأسيسه قوّات شرطة ذات مقوّمات أسطورية، مما ساهم بالتالي في سيطرته على النظام القضائي».