تطور المشهد الجزائري الدامي بشكل درامي سريعاً ، دب الخلاف بين أبناء التيار الإسلامي وتطايرت فتاوي التكفير والتفسيق بين أبناء التيار الواحد ، صارت الانشقاقات هي الطابع الغالب علي الساحة بادر جمال الزيتونى الأمير القوي لجيش الإنقاذ إلي تكفير شيوخ جبهة الإنقاذ وإهدار دمائهم ، وتطور الأمر في المسار الدامي باغتيال الزيتوني بعد إعلان مجموعة من الجماعات المسلحة أنه صار يتبنى منهج الخوارج في تحليل دم المسلمي.ن فكان لزاماً عليهم تحليل دمه ! وخلفه قيادة دموية هو عنتر الزوابري الذي توسع في منهج التكفير وأعمال القتل تجاه أفراد السلطة وكذا خصوم الجماعة من التيلر الإسلامى . وحدثت نقلة نوعية في عمليات الترويع والإرهاب بدأت بخطف طائرة الإيرباص الفرنسية من مطار الجزائر ، ثم حملة تفجيرات في قلب فرنسا عن طريق مجموعاته هناك أسفرت عن قتل 9 وإصابة 150 وتطورت الأمور لاختطاف رهبان فرنسيين وقتلهم في ولاية تبحرين . وهو الأمر الذي تبعه تدخل فرنسي محموم لإحداث انشقاق داخل التنظيم بمعاونة السلطة الجزائرية . تحقق ذلك الأمر بعزل زوباري وتعيين حسان حطاب الذي ما لبث أن تم عزله وتعيين نبيل صحراوي الذي استقرت له الإمارة شهوراً ، لكن سرعان ما تم عزله لصالح الأمير الجديد عبد المالك دوردكال وشهرته أبو مصعب عبد الودود ، وهو لا يزال الأمير المتربع علي الجماعة إلي الآن . وشهدت كل هذه المراحل حالة محمومة من القتل العشوائي المروع حتى صار السؤال : من يقتل من ، ولماذا ؟ وكان لزاما أن تصل الجزائر إلي نقطة نهاية لهذه المذابح المروعة بعد أكثر من عشر سنوات كانت عسيرة جدا على الشعب الجزائري سميت بحق " العشرية السوداء "، شهدت تخريباً وتدميراً للمنشآت العمومية من تنفيذ الجماعات الإرهابية. وتداول خلالها السلطة عدد من الرؤساء من محمد بوضياف وصولاً إلى زروال . وجاء عام 1999 وفيه انتخب عبد العزيز بوتفليقة رئيسا رابعاً للجزائر خلال هذه الفترة المؤلمة، وضع الشعب الجزائري كل الآمال فيه ليجد مخرجا سلميا لهذه الأزمة ، وقد حاول بوتفليقة منذ وصوله إلى سدة الحكم إيجاد حلول فعالة لإعادة السلم والأمن للبلاد ، وكان هذا من أبرز الوعود التي قالها للشعب عند انتخابه، وبعد فترة وجيزة من توليه الحكم أصدر بوتفليقة قانون الوئام المدني . الذي ساعد في التخفيف من مستوى العنف مع تسليم المسلحين لسلاحهم لا سيما الجناح العسكري للجبهة الإسلامية للإنقاذ، وفي الطريق الموازي وجه بوتفليقة بعض الاتهامات إلي المؤسسة العسكرية التي تسببت في اندلاع العنف بعد توقيفها المسار الانتخابي ، إلا أنه في ذات الوقت لم يستطع خلال مدة رئاسته الأولى المساس بتوازنات الجيش الحساسة أو تجاوز الخطوط المرسومة له ، أما في مدة رئاسته الثانية فعمل إلى تعزيز صلاحياته الرئاسية مستغلاً توجهات دولية تدعو إلى ضرورة تجنب دخول الجيش الحياة السياسية ، إلا أن إخفاق قانون الوئام المدني في معالجة الأزمة جذريا جعل الرئيس بوتفليقه يتخذ خطوة أخرى إلى إعلان ميثاق السلم والمصالحة الذي عده بمثابة الخطوة الثانية بإلغاء المتابعات القضائية في حق كل الأفراد الذين سلموا السلاح . طرح هذا المشروع في استفتاء شعبي في منتصف 2005 وكانت نسبه المشاركة قد وصلت 80% بينما فاق عدد المصوتين بنحو 97% وهكذا يؤكد بان الشعب الجزائري صار تواقاً إلى نبذ العنف ، إلا أن جبهة الإنقاذ رفضت هذا الميثاق ورأى قادتها أنهم بموجب هذا القانون يتحملون أوزار العنف ، ويظهرهم أنهم المتسببون الوحيدون في الأزمة هذا الرفض حال دون إنهاء العنف بصورة نهائية إلا أنه أنحسر تدريجياً وإلي زوال كامل قريباً بمشيئة الله