الثلاثاء، بدء الامتحانات الإلكترونية للمتقدمين لوظائف بمصلحة الخبراء    الجرام يتجاوز ال3500 جنيه.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم في الصاغة بعد الارتفاع    بعد ارتفاعها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في المصانع والأسواق    تزامنا مع شم النسيم.. افتتاح ميدان "سينما ريكس" بالمنشية عقب تطويره    التعاون الإسلامي تؤكد على المبادئ المتعلقة بسيادة الدول وسلامة أراضيها والحل السلمي للنزاعات    مئات ملايين الدولارات.. واشنطن تزيد ميزانية حماية المعابد اليهودية    تعليق مثير لفرج عامر بعد فوز سموحة على الزمالك    رسالة نارية من حسام حسن ل محمود البنا بعد طرده    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    ظاهرتان جويتان في طقس شم النسيم.. والأرصاد تحذر من نزول البحر المتوسط    فتحي عبدالوهاب يكشف عن إصابته في مسلسل «المداح»    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان وتلقيه العلاج في باريس    أستاذ اقتصاد ل قصواء الخلالي: تصنيف «فيتش» بشأن مصر له دور في تدفق الاستثمار    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    أشرف أبو الهول ل«الشاهد»: مصر تكلفت 500 مليون دولار في إعمار غزة عام 2021    طاقم حكام مباراة بيراميدز وفيوتشر في الدوري    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    أمير عزمي: خسارة الزمالك أمام سموحة تصيب اللاعبين بالإحباط.. وجوميز السبب    جيش الاحتلال يفرض حظرا للتجوال في مخيم نور شمس بطولكرم    كشف ملابسات العثور على جثة مجهولة الهوية بمصرف فى القناطر الخيرية    نقابة أطباء القاهرة: تسجيل 1582 مستشفى خاص ومركز طبي وعيادة بالقاهرة خلال عام    تصل ل9 أيام متواصلة.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى 2024 في مصر للقطاعين العام والخاص    بالأسماء.. إصابة 12 من عمال اليومية في انقلاب سيارة ب الجيزة    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    بعد عملية نوعية للقسام .. نزيف نتنياهو في "نستاريم" هل يعيد حساباته باجتياح رفح؟    أنغام تتألق في حفل بأوبرا دبي وسط حضور كامل العدد من مختلف الجنسيات    مصطفى عمار: «السرب» عمل فني ضخم يتناول عملية للقوات الجوية    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    حظك اليوم برج الحوت الاثنين 6-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    "وفيها إيه يعني".. فيلم جديد يجمع غادة عادل وماجد الكدواني    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    عضو «المصرية للحساسية»: «الملانة» ترفع المناعة وتقلل من السرطانات    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    إنفوجراف.. نصائح مهمة من نقابة الأطباء البيطريين عند شراء وتناول الفسيخ والرنجة    أسباب تسوس الأسنان وكيفية الوقاية منها    سعرها صادم.. ريا أبي راشد بإطلالة جريئة في أحدث ظهور    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    الإسكان: جذبنا 10 ملايين مواطن للمدن الجديدة لهذه الأسباب.. فيديو    بإمكانيات خارقة حتدهشك تسريبات حول هاتف OnePlus Nord CE 4 Lite    مصرع وإصابة 6 في حادث انقلاب تروسيكل بمطروح    إصابة 10 أشخاص في غارة جوية روسية على خاركيف شرق أوكرانيا    مصر في 24 ساعة|اعرف طقس شم النسيم وتعليق جديد من الصحة عن لقاح أسترازينيكا    أمطار خفيفة على المدن الساحلية بالبحيرة    وزيرة الهجرة: 1.9 مليار دولار عوائد مبادرة سيارات المصريين بالخارج    إغلاق مناجم ذهب في النيجر بعد نفوق عشرات الحيوانات جراء مخلفات آبار تعدين    نائب سيناء: مدينة السيسي «ستكون صاعدة وواعدة» وستشهد مشاريع ضخمة    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟ دار الإفتاء تجيب    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    أمينة الفتوى: لا مانع شرعي فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    «العمل»: جولات تفقدية لمواقع العمل ولجنة للحماية المدنية لتطبيق اشتراطات السلامة والصحة بالإسماعيلية    كنائس الإسكندرية تستقبل المهنئين بعيد القيامة المجيد    البابا تواضروس: فيلم السرب يسجل صفحة مهمة في تاريخ مصر    اليوم.. انطلاق مؤتمر الواعظات بأكاديمية الأوقاف    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام السياسي في الجزائر .. جزء 2
نشر في صوت الأمة يوم 19 - 07 - 2014

جاء انتصار جبهة الإنقاذ الكاسح في الانتخابات البلدية التي جرت في يونيو 1990 ليقطع أن الصدام في الطريق قريبً جداً ، حيث فازت الجبهة بنسبة 55 % في ظل تراجع عنيف لجبهة التحرير الوطني وباقي الأحزاب الأخرى ، واستكملت الجبهة الصورة بمحاولات محمومة مستميتة لقطف ثمار النصر الذي حصدته الجبهة انتخابياً وبسرعة قياسية ، إلي الحد الذي اعتبره خصومها نوعا من الإقصاء الفاشي .
و ظلت العلاقة هادئة نوعا ما بين الجبهة وقمة السلطة متمثلة في الشاذلي بن جديد ، وإن لم تخل من محاولات بين الطرفين تسعي لجر الأخر ناحيته ، واستمر ذلك نحو عام حتى تحول الأمر إلي صراع علني بين الطرفين ، وأعلنت بعد ذلك الجبهة تغيير إستراتيجياتها نحو تغيير قمة السلطة ، وتصاعدت التصريحات بطريقة لاهثة مروعة بين الطرفين ، وأصبحت المعركة بين الرئيس والجبهة معركة حياة وموت ، وتمزق ما يسمى بشعرة معاوية تماما إلي غير رجعة ، وتحول الهدف الرئيسى إلي إسقاط الشاذلي الذي لم يعد أخاً في نظر زعيم الجبهة عباس مدني ، بل أصبح مسماراً مزروعاً في كعب الجزائر يكفي اقتلاعه لكي تعود الحياة إلي طبيعتها - علي حد قوله - ؛ ولم يكن أمام الشاذلي بعده إلا التلويح باللجوء إلي الجيش الجزائري لحسم الأمر المضطرب بهذا الخيار المُر ، وخصوصاً بعد أن أعلنت الجبهة العصيان المدني ، و رفعت شعار ( لا عمل ولا دراسة حتى سقوط الرئاسة ) .
اندفعت الأمور إلي الهاوية بعد إعلان عباس مدني في التظاهرة الكبرى يوم 4 يونيو 1991 قائلاً : ( إذا تحركت الدبابات فإن الشعب سوف يلتهمها ) ؛ وبالفعل تحركت الدبابات .
وأي متابع للشأن الجزائري كان علي يقين من حدوث الصدام المروع بعد نتيجة الدور الأول للانتخابات التي شهدت الاكتساح الهائل لجبهة الإنقاذ ، وما سبقه وتلاه من تحرشات بين الرئاسة ومن ورائها الجيش وبين الجبهة وكل التيارات الإسلامية المتحالفة معها .
المثير أن الشاذلي بن جديد كان أول من دفع الثمن فور نزول الدبابات للشوارع ، فقد كانت خارطة الطريق التي رسمها الجيش تقضي بعزله عن منصبه لتهاونه في الحفاظ علي الهوية المدنية والحريات العامة التى هددتها جبهة الإنقاذ ، وقرر الجيش تولية محمد بوضياف الملقب بقديس الثورة الجزائرية ، و أحد رموزها التاريخية ، وذلك بعد غياب عن الجزائر لمدة ثلاثين عاماً قضاها في منفاه الاختياري بفرنسا ؛ وقد كان بوضياف أحد المعارضين الشرسين لجبهة الإنقاذ منذ خطواتها الأولي في مضمار السياسة الجزائرية ، وكان يصدح بان جبهة الإنقاذ ليست سوي مجموعة خارجة علي القانون ، وأنه لا يجوز السماح بنشوء أحزاب علي أساس ديني ، فالدين ملك الجميع ؛ كما كان بوضياف شديد العداء للأحزاب العرقية كالأحزاب التي تنطلق من أرضية الهوية الامازيغية .. وكان دوما ينادي أن تكون الأحزاب بأساس من البرامج والأهداف لا الدين والأعراق . المهم أن بوضياف لم يمكث في سدة الحكم إلا 166 يوما ، حيث اغتاله أحد حراسه المدعو الملازم مبارك بومعرافي ، وستكشف التحقيقات انتماءه إلى لجبهة الإنقاذ بما ينذر بدخول البلاد في دوامة العنف وبحور الدماء ... وبالفعل دخلت الجزائر بسرعة مروعة لأتون الحرب الأهلية ، وضربت البلاد حالة مفزعة من العنف والاقتتال وكل طرف يتهم الآخر بقيادة ركب الإرهاب المسلح .
وشهد المسرح الجزائري عام 1994 انسحاب الجنرال القوي خالد نزار وزير الدفاع بعد أن أتم مهمته الرئيسية بإقصاء التيار الإسلامي عن سدة الحكم ، والذي سيتم ملاحقته حتي وقتنا الراهن بدعاوي قضائية دولية بتهم التورُّط في الاختفاء القسري لجزائريين خلال الأزمة الأمنية العنيفة التي شهدتها الجزائر .
ثم جاء الرئيس الجديد الأمين زروال فانشغل بفتح قنوات اتصال مع جبهة الإنقاذ لوقف حمام الدم إلا أن هذه المحاولات فشلت أو أفشلت في تقديري ، و انتهت هذه المفاوضات بوقفها من جانب التيار الإسلامي علي خلفية اتهامهم لزروال والحكومة الجزائرية بارتكاب مذبحتي سجن الفراوقية وسجن زركاشي ، وسرعان ما ظهرت علي الساحة الجزائرية تنظيمات مسلحة ومدربة بشكل شبه عسكري كالجيش الإسلامي للإنقاذ وعدد من الجماعات الإسلامية المسلحة .
وازدحمت الساحة بتنظيمات وتشكيلات مختلفة ، ولم تكتفِ الحكومة الجزائرية بمواجهتهم عسكرياً لكن استطاعت بدهاء كبير أن توقع بينهم الفرقة وتكشف أوارق مفاوضتها السرية مع عدد منهم ، والأهم اللعب علي تناقضتهم الفكرية الكبيرة الواسعة . وتمزقت وشائج التيار الإسلامي كأظهر ما تكون بتوزيع بيان تنظيم التكفير والهجرة الجزائري بزعامة أحمد أبو عمرة المعنون : ( الحجج الجلية في كفر أتباع الجبهة الإسلامية وكل من زاول الانتخابات ودخل في دين الديمقراطية )! وأعتبر هذا التنظيم الشيخ علي بلحاج بالاسم رجلاً منافقا كذوباً .. وبتحليل طبيعة من انخرط في صفوف التيارات الإسلامية التي مارست العنف علي الساحة وقتئذ تجدها نشأت وترعرعت في الرحم الأفغانية ، وعادت إلي الجزائر والقناعة تملؤها أن العلمانية الجزائرية في حقيقتها مشروعُ تغريبيُ صليبيُ مُعادٍ للإسلام ، ولقي هذا الطرح للأسف قبولاً كبيراً لدى البسطاء والمُهمشين ، وتطورت مسيرة هذه المليشيات المسلحة وقدراتها حتي سيطرت علي الساحة في ولايات عديدة علي رأسها الجزائر العاصمة ، البليدة ، بومرداس ، جيجل ، المدية ، عين الدفلة ، تيبازة .. وتشكلت أغلب هذه الميلشيات من الشباب العاطلين عن العمل والباحثين عن الزعامة من دون أدنى مؤهلات ، وبرزت أسماء جديدة لقادة التكفيريين مثل مدني مزراق والشريف قواسمي وعبد السلام جامون الشهير بالدباح ، وتعاظمت قدرات هذه الجماعات التكفيرية وخرجت عن السيطرة حتى من زعماء جبهة الإنقاذ من سلفيين وأخوان مسلمين ، بل وتمادت هذه الجماعات في إصدار فتاوي التكفير بحق قيادات جبهة الإنقاذ ، وأختلط الحابل بالنابل وصار القتل لغة الحوار اليومية في أنحاء بلد المليون شهيد .. وللحديث بقية بمشيئة الله تعالي ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.