لم يكن يئاً غريبا ان تقف الدولة الفرنسية وحدها بعيدة عن الموقف الدولي الذي استنكر قيام الحكومة الجزائرية بعملية عسكرية فاشلة تحت دعوي تحرير الرهائن، بينما كانت في الحقيقة هي عملية قتل للرهائن، وصفتها إحدي الصحف العربية الصادرة في لندن يوم السبت بأنها عملية 11 سبتمبر في الجزائر، وهي تشبه تلك العملية التي قامت بها ايضاً القوات الفرنسية في الصومال لتحرير رهائن فرنسيين اختطفتهم حركة مجاهدي الشباب وانتهت ايضاً بقتل جميع الرهائن مع قتل عدد كبير من المهاجمين، مما يشير الي عمليات من التعاون الوثيق بين فرنسا والمستعمر السابقة لها الجزائر تم تدشينه بعد زيارة الرئيس الاشتراكي الفرنسي (هولاند) للجزائر منذ عدة أسابيع والي ان الهدف من تلك العملية في جنوبالجزائر والصومال هو سفك دماء الرهائن باعتبارها »قربانا« لعملية انتشار ومهاجمة الحركات الاسلامية في »مالي« التي قامت بفصل شمال البلاد عن جنوبها وهي حركات إسلامية وعلمانية، فحركة أنصار الدين إسلامية أما حركة تحرير ازواد فهمي علمانية وهي حركات وطنية تاريخها يسبق نشوء »القاعدة« وتطالب بحقوق مهضومة لطائفة الازواد او الطوارق ولا علاقة لها بما يسمي تنظيم القاعدة الذي يخوض حربا دولية ضد الولاياتالمتحدة والغرب. ولكن الجديد في هذه المناطق الممتدة في الصحراء والتي تعتبر من اكثر مناطق العالم فقراً هو اكتشاف ثروات نفطية ومعدنية في باطن هذه الصحراء مما جعل انظار العالم تهرع اليها وبادرت فرنسا بالتقدم علي الجميع ليكون لها نصيب من الغنيمة اكبر ولا مانع من التقدم بقرابين الدم من المختطفين في الصومال والجزائر من أجل ارضاء الرأي العام أو خديعته وغشه وخداعه حتي يتقبل الخسائر من الجنود والشباب في معركة تذهب فيها الغنائم الي صحاب الياقات والفخامات في باريس وبروكسل وبرلين وزيوريخ ونيويورك ونوتردام وطوكيو، بينما تظل شعوب هذه البلدان تحت خط الفقر المدقع ولا يحصل قادتها ورؤساؤها الإ علي فتات لذر الرماد في العيون. اما الدور الجزائري في هذه العملية بهذه الطريقة فهو ليس جديداً حتي أن المسئولين اعترفوا بفخر وتباه أنهم لم يضعوا الاولوية في حساباتهم لسلامة الرهائن في موقع الاختطاف وإنما ارادوا مباغتة المختطفين حتي لا يتصوروا في المستقبل ان الدولة الجزائرية ستتردد عن مهاجمتهم في حال محاولتهم التمركز في أي بقعة من الجزائر وقدم المسئول الجزائري نقداً لاذعاً للغرب ليس بسبب أطماعه ولكن لان يريد تحقيق هذه الاطماع بدون قرابين أو ضحايا، تحت دعوي حرص الغرب علي التفاوض ودفع الديات من اجل انقاذ حياة الرهائن. الشيء الآخر ان تاريخ الجزائر عبر عشرين عاماً ملطخ بدماء الأبرياء من ابناء الشعب الجزائري فقط من أجل إبعاد الإسلاميين عن الحكم بعد فوز جبهة الإنقاذ الإسلامي في انتخابات برلمان 1992 وقيام الجيش بانقلاب علي الدستور واعتقال حركة الانقاذ لعشرين عاماً لان الشعب الجزائري اعطاهم اصواته في الانتخابات ولم يكتف الانقلابيون بهذه الجريمة بل انهم انشأوا تنظيمات مسلحة باسم الجماعة المقاتلة يقودها »عنتر الزوابري« وقامت هذه الجماعة الاجرامية التي كانت تتبع الوحدة (192) تحذيرات عسكرية وتعمل تحت امرتها بقتل آلاف القرويين والمهمشين في قري وأحياء الجزائر المعزولة وبحماية من قوات الجيش من أجل ان تكون هذه قربانا لشيطنة الحركات الاسلامية التي قام بعضها بتشكيل منظمات لمهاجمة الجيش ورموز الدولة بعد الانقلاب العسكري. وهذه الفضيحة التي لم تؤثر بالقليل أو الكثير علي النخبة العلمانية التابعة لفرنسا إذاعها احد الضباط العاملين في الوحدة 291 وقد سمعتها منه وهو يدعي محمد حبيب في إذاعة لندن وقام بنشر كل الوقائع والأدلة.. في كتاب بذلك صدر في العاصمة الفرنسية باريس في أوائل هذا القرن. ومع ذلك فأن »عنتر الزوابري« استمر في عمليات القتل والترويع حتي احداث سبتمبر عندما طلبت السلطات الامريكية من جانبها معلومات عن هذه الجماعة من السلطات الجزائرية في إطار قيادتها للحرب علي الارهاب فقامت السلطات بتصفية »الزوابري«. وحتي الان فليس هناك حدود فاصلة بين تلك الجماعات الارهابية التي هي مؤجرة للقتل والتنكيل لابرياء لصالح دول استعمارية وعلمانية وتلك الجماعة التي تتبع »اسامة بن لادن« والظواهري والتي لا يتجاوز اعضاؤها عشرات الاعضاء الذين ليس لهم تأثير كما قال »أوباما« بصدق.. اما الجانب الآخر فهو تلك المحاولات للزج بين الحركات الاسلامية التي لها قواعد شعبية وأسماء كانصار الدين في مالي والمحاكم الشرعية في الصومال التي هاجمتها امريكا واثيوبيا تحت دعوي علاقتها بالقاعدة ثم تراجعتا عن ذلك بعد ان ادي دخول القوات الاثيوبية لوجود حركات تنتمي للقاعدة والآن رئيس الصومال المتهم سابقاً بعلاقته بالقاعدة هو الذي يتعاون مع امريكا واثيوبيا الآن ضد هذه القاعدة.