وسط أجواء احتفالية جمعت بين السرد والمعرفة وتاريخ الفن، كشفت الكاتبة والروائية والباحثة رشا عدلي عن بدايات مشروعها الأبداعي ورحلتها مع الرواية التاريخية، مؤكدة أن دخولها هذا العالم لم يكن مصادفة، بل خيارًا واعيًا ارتبط بشغف حقيقي ورغبة في كتابة أعمال تُمتع القارئ وتمنحه معرفة راسخة في آن واحد. وتحدثت عدلي خلال الندوة التي نظمتها دار الشروق، مساء اليوم الأربعاء، واستضافها مبنى قنصلية بوسط البلد، وشهدت حضورًا لافتًا من نخبة الكتاب والمثقفين، عن محطات تطور مشروعها، وكيف استطاعت مؤلفاتها وفي مقدمتها "شغف" الصادرة عن دار الشروق، أن تؤسس لمسار مميز يجمع بين الفن التشكيلي والبحث التاريخي، وتفتح بابًا واسعًا لإقبال القرّاء على هذا النوع من السرد. وفي مستهل حديثها تحدثت عن علاقتها بمنطقة تاريخ الفن، مؤكدة أن اختيارها لهذا المسار لم يكن وليد المصادفة، بل قرارًا واعيًا ارتبط منذ اللحظة الأولى برغبتها في تأسيس مشروع روائي يقدم للقارئ المتعة إلى جانب المعرفة والبحث. وقالت عدلي إنها بدأت هذا المشروع الأدبي عام 2010، رغم ما رافق البدايات من عثرات وصعوبات. واستعادت ذكريات أول رواية لها حين أرسلتها إلى دار النشر، فقوبلت بالتحفظ على نشر رواية تاريخية بدعوى أن هذا النوع لا يقرأه الجمهور، مضيفة: "قولتلهم… هنجرب ونشوف"، قبل أن يتبدل المشهد تمامًا في السنوات التالية مع ازدياد اهتمام القراء ودور النشر بالرواية التاريخية. وأشارت إلى أن تاريخ الفن يحتل مساحة واسعة في كتابتها، وأنها تستلهم من اللوحات الفنية الخطوط الأولى لمؤلفاتها، وعلى رأسها رواية شغف، وأنت تشرق أنت تضيء، وآخر أعمال الباشا، وهي الأعمال التي وصفتها بأنها الأقرب إليها، وحققت نجاحًا لافتًا وأنها حصلت بالفعل على جوائز وترشيحات عربية ودولية. وأضافت أن نجاح هذه الأعمال يثير سؤالًا مهمًا حول سبب انجذاب القارئ العربي للروايات التي تجمع بين التاريخ والفن التشكيلي، معتبرة أن هذا الإقبال مؤشر على صحة المسار الذي اختارته، وأن القارئ لديه تعطش لاكتشاف هذا النوع من السرد الممزوج بالمعرفة الفنية. وأكدت عدلي أنها لا تكتب عن اللوحات وحدها، بل تبحث داخل الأحداث التاريخية نفسها وتكتب عن الزوايا غير المرئية وما وراء الحدث، بعيدًا عن استعادة المعلومات المعروفة، قائلة: "أنا بكتب في المسار ده لأني بحبه وبحس إني عايزة أكتبه". وتحدثت عدلي عن أن رواية شغف تمثل نقطة انطلاق حقيقية في مسيرتها الروائية، مشيرة إلى أنها تشعر منذ كتابتها للرواية بأن الرواية فيها قوة تمنحها زخماً دائماً للأمام، وكأن روح البطلة زينب ترافق الرواية وهى من تفعل ذلك. وأضافت أنها كتبت الرواية لإلقاء الضوء على الظلم والجهل اللذين تعرضت لهما بطلتها زينب البكري، مشيرة إلى أنها حين أرسلت الرواية للناشر عبر البريد الإلكتروني، تلقت موافقة على نشرها خلال 10 أيام فقط، ثم جاء اقتراح إرسالها للمنافسة في الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر)في وقتًا قصير. وترى عدلي أن نجاح الرواية وترشحها وانتشارها الواسع كان سببًا في تعريف القارئ العربي بها، وأصبحت من أكثر أعمالها مناقشة في بلدان عربية عديدة. وفي سياق الحديث عن شغف، تناولت عدلي شخصية زينب البكري وقصتها مع نابليون بونابرت، مؤكدة أن الوثائق التاريخية والمحفوظات تثبت وجود زينب وعلاقتها بقائد الحملة الفرنسية وحضورها في بعض المناسبات التي أقامها نابليون، وأن والدها كان يدفعها لذلك وفقًا لعدد من المصادر. وقالت إن حادثة "قصف الرقبة" التي تعرضت لها البطلة شكلت جزءًا من تحول قصتها إلى حكاية شعبية دخلت الفلكلور، وأثارت دهشة القراء وتساؤلاتهم، خاصة السؤال المتكرر: هل كانت لزينب علاقة فعلية بنابليون؟ وهل قصفت رقبتها بالفعل؟ وعبرت عن سعادتها الكبيرة بإصدار النسخة المصرية من الرواية مع دار الشروق، وبالتفاعل الكبير الذي حظيت به، مشيرة إلى أنها حققت أعلى نسب قراءة وكأنها تنشر للمرة الأولى من جديد بعد ثماني سنوات كاملة. شهدت الفعالية حضورًا واسعًا من الكتاب والمثقفين، من بينهم: الكاتبة منى أبو النصر، الروائية شيرين سامي، نادية أبو العلا مؤسسة "نادي كتاب الشروق"، نانسي حبيب مسؤولة النشر بدار الشروق، الكاتبة هدى أبو زيد، الشاعر أحمد حسن، الناقد الأدبي أسامة عرابي، الكاتبة وئام أبو شادي، شاهيناز الفقي، الكاتبة الصحفية سماح عبد السلام، الروائية زينب عفيفي، إضافة إلى عمرو عز الدين مسؤول التسويق بدار الشروق.