قناة السويس الجديدة "عبورٌ" إلى تاريخ جديد منذ طفولتي ونعومة أظافري، كنتُ كلمّا شاهدت الوثائقيات الخاصة بال "عبور" واقتحام وتدمير حصن بارليف الشهير، أشعر بزهوٍ شديد، وفخرٍ لا يُوصف، وأُحسّ بأن عروبتي تقديرٌ حباني الله عزّ وجل به، وكنتُ أسأل والدي رحمه الله عن قناة السويس وماهيتها، فيأتيني الرد من ذلك الرجل اللبنانيّ العصاميّ العروبيّ كمعظم أبناء جيله عابقاً بعبارات المجد وغنيّاً بالقصص عن أكثر من مائة ألفٍ امتزجت دمائهم برمال القناة ومياهها، وعن "ناصر" وأحلامه والسد العالي وحكاية التأميم وكلمة السر وتجمّع الأعداء علينا، ولم أكن أعرف أنني سأعيش يوماً لحظة استعيدُ فيها مشاعر أبي وجيلٍ كاملٍ ترجل عن صهوة الحياة. بالأمس، قدّر لنا الزمنُ أن نخترق عباب القناة الجديدة ممتطين صهوة زورقٍ مصري، بعدما شرح لنا مسؤولون في "هيئة القناة" حكايتها وفكرتها بالتفصيل، وعرضوا لنا شريط فيديو بدا فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي يشير بإصبعه بأن مدة التنفيذ ستكون سنة واحدة وليس خمسا أو ثلاث ... بدا لي أن ابتسامته قرار، وأن إشارة يده توقيع، وأن قراره وتوقيعه ليسا سوى ردّ اعتبارٍ لجيل أبي الممتد من المحيط إلى الخليج، والذي أحنت ظهره وقضت عليه شدائد العرب ومحنهم التي لا تنتهي، فرحل حزيناً بائساً. اليوم، وأنا على متن "الجواد المصري" أمخر عباب "القناة الجديدة"، شعرتُ بفخرٍ لا يُوصف، فمن قال أن العرب متخلفين، عليه أن يأتي قريباً من "بارليف" ليشهد حفلة ً من الجنون المبدع، ويحظى بتوقيع العقل العربي الذي إذا أراد كتب التاريخ وغيّر الجغرافيا وصنع مساحاتٍ من "الغد" للأجيال المقبلة، وهذا حقّها علينا. كنتُ أحلم دوماً بأن يشهد جيلي لحظاتٍ عابقة بالمجد، تُبعدُ عن ناظريّ أكثر من خمسة عشر حرباً مرت في شريط حياتي في بلدي لبنان وحوله ... لحظات، تعكس قيمتنا الإنسانية كعرب، وتربط حاضراً مبدعاً موجوداً بماضٍ جذاب، وقد شهدت على ضفاف سيناء ولادة ً سأروي لولديّ رواد ورغد حكايتها وقيمتها الاقتصادية والعلمية والتاريخية والإنسانية، إذ أن أثرها سيكون كبيراً وفي كل الاتجاهات. شكراً لمن خطط لهذه الرحلة لثلّةٍ من الإعلاميين الرياضيين العرب، فعبرت بنا قناة السويس الجديدة قبل نحوِ أربعة أشهرٍ على استكمال رحلة حفرها إيذاناً بافتتاحها رسمياً، وهو برأيي "عبورٌ" جديد إلى أفقٍ يخدم شباب مصر وأجيالها. شكراً لهيئة قناة السويس على ضيافتها ومحبتها، داعياً المولى عزّ وجلّ صادقاً، أن تعود مصر حضن العرب وأمهم، وتكتب بريشة مغمّسةٍ بماء "القناة" الذي لا يُمحى تاريخاً جديداً. حسن شرارة رئيس دائرة العلاقات العامة والإعلام في وزارة الشباب والرياضة اللبنانية مدير القسم الرياضي في قناة الجديد اللبنانية