لم يكن الهدف "الاسطوري" الذي سجله دينيس بيركامب لمنتخب بلاده ضد الارجنتين في الدور ربع النهائي من مونديال فرنسا 1998 مثالا على مهارة اللاعب وحسب، بل يجسد روحية الكرة الهولندية باكملها .. وعشية الموقعة المرتقبة بين هولنداوالارجنتين غدا الاربعاء في ساو باولو في نصف نهائي مونديال البرازيل 2014، يعود هذا الهدف الذي سجله صانع العاب ارسنال سابقا الى الاذهان ليذكر بخصائص الكرة الهولندية التي ترتكز على الفنيات وسرعة استغلال المساحات . كانت النتيجة 1-1 في تلك المباراة التي اقيمت تحت الشمس الحارقة لمدينة مرسيليا المتوسطية، وذلك بعدما افتتح باتريك كلويفرت التسجيل لهولندا في الدقيقة 12 قبل ان يعادل كلاوديو لوبيز التسجيل للارجنتين في الدقيقة18 . واخذت بعدها المباراة منحى لم يكن في الحسبان اذ رفع الحكم المكسيكي ارتورو بريزيو كارتر البطاقة الحمراء في وجه الهولندي ارثور نيومان في الدقيقة 76 بعد خطأ قاس على دييجو سيميوني . واعتقد الجميع ان الارجنتين ستستفيد من التفوق العددي لخطف هدف التأهل في ربع الساعة الاخير لكن سرعان ما لقيت المصير ذاته عندما رفع الحكم البطاقة الحمراء في وجه نجمها ارييل اورتيجا في الدقيقة 87 بسبب نطحه الحارس اديون فان در سار الذي تقدم نحو للاعتراض على محاولته انتزاع ركلة جزاء غير صحيحة . وكانت جميع المؤشرات تشير الى ان الفريقين سيحتكمان الى شوطين اضافيين قبل ان يرفع القائد فرانك دي بور كرة طولية متقنة من منتصف الملعب الهولندي الى الجهة اليمنى من حدود المنطقة الارجنتينية حيث بيركامب الذي روضها بطريقة رائعة ثم تخطى روبرتو ايالا قبل ان يودعها شباك الحارس كارلوس روا بطريقة فنية رائعة بالجهة الخارجية لقدمه اليمنى الى الزاوية اليمنى العليا . "يجب ان تحافظ على جمودك بقدر الامكان، وكأنك واقف في مكانك، لكن يجب ان يكون ذلك وانت في الهواء ثم تسيطر على الكرة"، هذا ما شرحه بركامب الذي كان حينها في التاسعة والعشرين من عمره، في وصفه للطريقة التي سيطر بها على الكرة . وتابع "لم ادرك العلو الذي وصلت اليه في الهواء. لكن كما تعلمون، انت تريد الكرة في هذا الموقع بالذات. ليس هناك (اي الى اليسار او اليمين) بل هنا. عليك بالتالي ان تقفز عاليا لملاقاتها ." وعندما حاول روبرتو ايالا ان يقطع الطريق على النجم الهولندي بعد سيطرته المثالية على الكرة، قام الاخير بمراوغته بحركة واحدة من الجهة اليمنى نحو المرمى قبل ان يسددها بالجهة الخارجية لقدمه اليمنى الى الزاوية العليا البعيدة عن الحارس كارلو روا . والنتيجة، ثلاث لمسات وهدف لا ينسى . "انت مندمج بتلك اللحظة"، هذا ما اضافه الذي دافع عن الوان اياكس (1986-1993) وانتر ميلان الايطالي (1993-1995) قبل ان يختتم مشواره الكروي مع ارسنال 1995- 2006 وتابع النجم الهولندي البالغ من العمر 45 عاما: "هذا هو الشعور. بعد اللمستين الاوليين، تأتي تلك اللحظة! تقدم كل شيء تماما. تشعر وكأن حياتك باكملها قادتك الى تلك اللحظة" التي تحققت في الدقيقة 90 من المباراة وجعلت الجمهور الهولندي "ينفجر" فرحا من خلف المرمى الارجنتيني وبيركامب واضعا يديه على وجه وكأنه غير مصدق لما حصل للتو. يرى بيركامب الذي دافع عن الوان المنتخب الوطني في 79 مباراة من 1990 حتى 2000 وسجل له 37 هدفا وشارك معه في كأس العالم 1994 (وصل الى ربع النهائي) و1998 (حل رابعا) اضافة الى كأس اوروبا 1996 (وصل الى ربع النهائي)، "ان احدا لا يلعب مباراة مثالية، لكن تلك اللحظة بحد ذاتها كانت مثالية . صحيح ان هذا الهدف ما زال عالقا بالاذهان لكن مشاركة بلاده في تلك النسخة اصبحت طي النسيان بعد ان انتهى مشوارها في المباراة التالية اذ ودعت من نصف النهائي على يد البرازيل بركلات الترجيح . ويأمل الهولنديون ان لا يتكرر السيناريو في النسخة الحالية التي شهدت هدفا اخر من طراز "الروائع" لمنتخب الطواحين وكان بطله روبن فان بيرسي الذي ادرك التعادل لبلاده امام اسبانيا حاملة اللقب في المباراة الاولى بكرة رأسية رائعة من حدود منطقة الجزاء اثر كرة طويلة ايضا من الواعد دالي بليند في مباراة حسمها رجال المدرب لويس فان جال5-1 .