أخطا محمد أبو تريكة ، وأعتذر .. انتهت القصة. الذين يرون أن الأمر ليس مجرد خطأ وإنما جريمة شنيعة.. مزايدون..والذين لا يرون أن أبو تريكة قد فعل شيئا يستحق عليه حتى اللوم مداهنون . لقد تحول قرار أبو تريكة بعدم المشاركة في مباراة السوبر إلي معركة لها أبعاد أكثر من مجرد خطأ النجم الكبير الذي أعترف به واعتذر عنه ببيان رسمي وتصريحات صحفية . المشكلة التي تفجرت لها عدة أسس يجب أن نضعها أولا لنعرف الحجم الحقيقي للقصة دون تقليل أو تهويل . نبدأ من الفصل الأخير حيث خرجت مجلة الأهلي وعلي صدر صفحتها الأولي عنوان كبير علي لسان أبو تريكة يقول فيه : أجدد اعتذاري وأكرر شكري. إذا النجم الكبير يعتذر..وهو يعني أنه يشعر أن هناك خطأ رغم أن هناك من أيدوا قراره في وقته ولا يزالون ..وهذه وجهة نظرهم التي يجب تحترم دون تعدي من جانبهم أو من جانب من يختلفون معهم علي هذا الحق. الناس تحب أبو تريكة حبا شديدا ..وهو يستحق والله تعالي منحه هذه النعمة بعد عدد من المواقف الإنسانية والفنية ولذلك كانت صدمة الجميع في قصة امتناعه عن المشاركة في مباراة السوبر قاسية ، فلم يتعود أحباء الأهلي أن يبتعد نجم من نجومهم عن فريقه في مباراة وخاصة أولئك الذين يعتبرون أن للأهلي قدسية ومكانة تجعل النادي فوق الجميع شعار رفعه صالح سليم وآمن به الملايين من أبناء النادي ولذلك كانوا يؤيدون معاقبته من هذا المنطلق. المؤيدون لأبو تريكة في قراره أسقطوا كل هذه القيم والشعارات وجعلوا حق الشهداء فوق كل شيء ..وأنه لابد ألا تقام أي مباراة محلية قبل أن تصدر العقوبات في مذبحة ستاد بورسعيد. بين هذا وذاك دخلت القضية في جدلية الحب والكراهية من دون حسابات منطقية بعيدا عن العواطف ففي تقديري أنه لولا أن أبو تريكة نجم أسطوري لما كان قراره الشغل الشاغل للملايين وهذا ما يجب أن يوضع في الحسبان بمعني أن الاهتمام سواء بالإشادة أو بالنقد السلبي لموقفه نابع من قيمته ومكانته . الأمر الثاني أن مشاركات النجم الكبير في مباريات عديدة علي مدى الشهور الماضية سواء ودية أو دولية أو أفريقية مع الأهلي أو المنتخبات الوطنية جعلت هناك حالة من الشوشرة والتشويش الذي أصاب الجميع عن سبب رفضه المفاجئ المشاركة في السوبر!! أتصور وغيري أن إحياء ذكري الشهداء يأتي من خلال أنشطة كثيرة ومتوالية وناجحة تخلد ذكراهم وتفيد أسرهم فقضية هؤلاء الشباب الذي لقوا وجه ربهم في حادث مفجع يجب أن تبقي علي سطح الأحداث من خلال مباريات وبطولات يذكرون فيها أما أن لا يكون هناك أي عمل يذكرون من خلاله فهذا هو المستغرب من مشجعي هذا القرار . كنت أتصور أن أبو تريكة كان من الممكن أن يحسبها بطريقة أخري .. فكلما كانت هناك مشاركات في أحداث يمكن أن يتم تقديم قضية الشهداء بشكل يجعل الرأي العام يتواصل مع القضية.. وهذا لا يتحقق إذا ما بقي الجميع في بيوتهم لاعبين وجماهير. الجانب الإيجابي الأخر الذي أتصور أنه سقط من حسابات النجم الكبير أن تخصيص 3% من عائدات الدوري لصالح أسر الشهداء يجعل إيقاف النشاط فيه ضرر مادي لهذه الأسر التي يمكن أن يكون بعضها في اشد الحاجة لدعمها حتى تستمر حياتها. هذه الجوانب وغيرها هي التي أعاد علي أساسها أبو تريكة حساباته ولذلك قرر الاعتذار خاصة بعدما أفاق علي الأزمة التي أوقع فيها زملاءه .. الاعتذار فضيلة لا يعرفها إلا الأقوياء ولهذا لا أجد غضاضة أن يعُلن أسفه لما فعله. و لأبو تريكة لا شك رصيد كبير يسمح له أن يسحب منه وأن يستند عليه في هذه العثرة و في موقف وأخطأ في حساباته .. ولكن المشكلة أن من ليس لهم رصيد هم من دخلوا علي الخط لتعبئة رصيد لصالحهم علي حساب مشاعر وتاريخ وعطاء ودماء الكثيرين وهذا آفة هذا الزمان .. استقيموا يرحمكم الله .