أعياد الزمالك

لم يكن منصفآ ان يكمل نادي الزمالك عامه المائة غارقآ فى أزماته المستمرة منذ عدة سنوات دون احتفال يعيد اليه بعض من هيبته وثقله ومكانته التى تأثرت كثيرآ بفعل الصراعات المندلعة بين ابناءه والدخلاء من ناحية ، وتحوله الى ملف مشتعل فى المحاكم من ناحية اخرى ، وتردد الدولة لحمايته من الانهيار من ناحية ثالثة.
وتعجب من أزدياد شعبية {الزمالك} رغم كل ما تعرض له من منعطفات وبراكين عاتية ، وبفضل هذه الشعبية يواجه العبث بصلابة ويستمر دون دعم مادي مطلوب لمجاراة تكلفة الاستمرار فى المنافسة ، وتبرز المفارقة انه فى عامه المائة ، يناشد محبيه وأنصاره التبرع والمساهمة فى مشهد حزين يعكس الاوضاع التى تعيشها هذه القلعة الرياضية الجميلة.
نادي الزمالك له قاعدة جيدة خارج الحدود ويتمتع بشعبية كبيرة للغاية في الدول العربية ربما تكون الأعلي بين الاندية الرياضية ، واتذكر جيدآ ان نادي الوصل الآماراتي كان يحمل اسم الزمالك خلال السبعينات من القرن الماضي ، وان ابناء الزمالك ساهموا فى نشر كرة القدم فى منطقة دول الخليج العربي منذ نصف قرن ، وتركوا بصمات لا تمحى مازالت تعيش فى وجدان اهلها ، واتذكر المهام الانسانية والقومية التى انفرد بها الزمالك باعتبارها من اهدافه كقلعة رياضية تتحمل مسؤوليات سياسية واجتماعية على المستوى القومي العربي ، ومنها مباراته مع الهلال السوداني فى رأس الخيمة لصالح اطفال العراق ، ورحلته التاريخية الى غزة المحررة فى افتتاح ستاد رياضي بدعوة من الزعيم الراحل ياسر عرفات .
ارتبط اسم الزمالك بالمشاكل والازمات والبعض يسعد لوقوعه فى بئر الصراعات لكنه ناد له صلة وثيقة بالكفاح المصري ضد الاحتلال الانجليزي ، فقد تأسس عام 1911 تحت اسم قصرالنيل نسبة لموقعه فى عهد الخديوي عباس حلمي الابن الاكبر للخديوي توفيق ، وتأثر بالحركة الوطنية التى قادها الزعيم مصطفى كامل ، واختار لون الابيض شعارآ له رمزآ للنقاء والسلام مع خطوط حمراء ترمز الى الكفاح ضد المستعمرين ، ومن اهم الدلالات ان شعاره حتى الآن صورة المقاتل الفرعوني رامي السهام مما يعكس مفاهيم المؤسسين وتقديرهم انه لن يكون مكانآ للألعاب الرياضية فحسب ، بل منارة لحملات التمصير والتحرر.
الكيانات الرياضية الاصيلة تلعب دورآ فى توعية الشباب وفتح آفاق جديدة تحلق بهم الى عوالم من المعرفة ، وهذا أحد الادوار التى لعبها نادي الزمالك وكذلك النادي الاهلي وهما الفارسان اللذان يقودان الرياضة المصرية منذ عقود دون منافسة حقيقية من اندية اخرى، وفتح الزمالك نافذة هامة على الكرة العالمية واتاح الفرصة للجماهير المصرية لمشاهدة مدارس كروية نادرة وكان اول من لعب مباراة مع فريق الهاويترز الانجليزي عام 1925 ، ويذكر التاريخ مبادرته بدعوة فريق ريال مدريد فى عهده الذهبي عام 1961 ثم ويستهام الانجليزي وديربي كاونتي ودعا النجم الانجليزي الشهير سير ستانلي ماتيوز للمشاركة فى مباراة اعتزال اللاعب رأفت عطية عام 1964
لم يكن الزمالك مجرد ملعب بل انعكاس لكل ما طرأ على المجتمع المصري من تطورات ، وفى ظني انه اول ناد مصري اتبع ديمقراطية واسعة فى زمن كان طاردآ لها ، ولم يحدد الآطار المناسب فتحولت الى ديمقراطية الفوضى التى يدفع ثمنآ غاليآ لها حتى الآن ، الزمالك يحتفل بالمئوية وسط اجواء غابرة تعيشها الرياضة المصرية بوجه عام تقودها مخاوف لم تكن واردة خلال السنوات الماضية .
ومن حق الزمالك ان يحتفل ثم يعود الىمكافحة واقعه المر الأليم مرة اخرى.