• الحبس الاحتياطى أصبح عقوبة فى حد ذاته.. وعدد المقبوض عليهم عشوائيًا منذ 2013 وصل إلى 7 أو 8 آلاف شخص • علاقة المجلس بالأمن علاقة تكاملية لتحقيق أكبر مكاسب.. والمنظمات يتم معايرتها بالتمويل رغم قانونيته • الاختفاء القسرى هو اختفاء لمدد طويلة لكن فى مصر نعتبر الشخص مختفيًا بمجرد القبض عليه قال نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان عبدالغفار شكر، إن حالة حقوق الإنسان فى مصر فى أزمة عميقة، بسبب تصاعد العنف فى المجتمع، وما وصفه ب«تجاوز الأمن»، مشيرا إلى أن جماعة الإخوان المسلمين لم تعد تشكل نفس الخطر على حالة حقوق الإنسان مثل ما كانت بعد 30 يونيو. وإلى نص الحوار. • ما تقييمك لأداء المجلس القومى لحقوق الإنسان بتشكيله الحالى؟ المجلس فى تشكيله الحالى يعتبر من المجالس القريبة لهذا المجال، حيث إنه مشكل من 27 عضوا، لهم تاريخهم المدافع عن حقوق الإنسان، و6 من أعضائه يتولون رئاسة منظمات حقوقية، فضلا عن عدد من القانونيين. • هل انعكس ذلك إيجابيا على أدائه؟ المجلس بتشكيله الحالى جاء فى وقت عصيب بعد 30 يونيو، وحالة حقوق الإنسان كانت تزداد حدة، نتيجة الصراع والانقسام الموجود فى المجتمع المصرى، حيث بدأ الإخوان المسلمون وقتها فى انتهاج العنف ضد المدنيين والشرطة والجيش، وبالفعل بدأ المجلس نشاطه فى هذا الإطار، وكانت مهمته أن يحافظ على ما يمكن الحفاظ عليه من حقوق الإنسان. • هل نجح المجلس فى المحافظة على حقوق الإنسان فى ذلك الوقت؟ الوضع وقتها كان أكبر وأعقد من أن يعود مرة أخرى للأجواء الطبيعية، والمجلس عمل على قدر الإمكان، وتلقى العديد من الشكاوى من أسر المقبوض عليهم، وجزء كبير من اهتمامنا كان مركزا على حالات القبض العشوائى وطول فترات الحبس الاحتياطى، وما يسمى بالاختفاء القسرى، فضلا عن زيارتنا للسجون بما أتيح لنا من فرص، بعد موافقة النائب العام ووزارة الداخلية، بالإضافة إلى عقد عشرات الندوات وورش العمل حول موضوعات ذات أهمية، مثل قانون تكافؤ الفرص ومنع التمييز، وقانون الجمعيات الأهلية، وتعديل القانون المنظم للمجلس، واقترح انشاء مجلس أعلى للمسنين. • وما أولويات المجلس الحالية خصوصا مع قرب نهاية فترة التشكيل الحالى؟ لدينا فى الفترة الأخيرة ثلاث مهام رئيسة، أولها التشريعات الواجب إصدارها، سواء بحكم الدستور الجديد أو مواد فى قوانين قائمة لا تلبى احتياجات حقوق الإنسان؛ لأن التشريعات جزء من عملية الإصلاح القانونى الذى يعزز التحول الديمقراطى. أما الثانية فهى عبارة عن برنامج متكامل لزيارات السجون وغرف الحجز فى أقسام الشرطة، لأنها أصبحت موضع شكوى متكررة، وقبل أن نغادر لابد أن نبدى رأينا وملاحظتنا حول أماكن الاحتجاز، وبالفعل قدمنا لوزارة الداخلية جدول بأغلب سجون الجمهورية، وأقسام الشرطة لزيارتها قبل انتهاء التشكيل. المهمة الثالثة هى إصدار التقرير السنوى، والذى سيتناول جميع أنشطة المجلس خلال الفترة الماضية، وتوصياته للجهات المعنية. • ولكن زيارات السجون لا تأتى بثمارها، ووعود الداخلية بتحسين حالة سجن العقرب من حيث الأسرّة ومدد الزيارات والطعام والرعاية الصحية لم تتحقق؟ لن نتوقف عن إبداء ملاحظتنا، وسنوصى بها التشكيل القادم للمجلس، وسنقول ما ينبغى أن يكون عليه الوضع الصحيح وفقا لمعايير حقوق الإنسان ولائحة السجون، والإصلاح الواجب فيها. • ومتى سينتهى التشكيل الحالى للمجلس؟ التشكيل الحالى وفقا للدستور سينتهى بمجرد إقرار اللائحة الجديدة لمجلس النواب، وتشكيل لجانه الداخلية الدائمة، وقتها تستطيع لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب اقتراح أسماء لأشخاص ذو تاريخ قانونى وحقوقى، من خلال استطلاع رأى بين هيئات ذات الصلة بحقوق الإنسان مثل النقابات والمنظمات وأساتذة الجامعات واختيار التشكيل وقتها. • كيف ترى حالة حقوق الإنسان بعد 5 سنوات على ثورة 25 يناير؟ منذ 2013 دخلت حقوق الإنسان فى أزمة عميقة، بسبب تصاعد العنف الذى بدأ بتوتر الإخوان وحشدهم الآلاف وانزلاقهم لاستخدام العنف، ثم فقدان قياداتهم السيطرة على شباب الجماعة، ثم تزايدت أعمال العنف والقتل. وأتصور أن حالة حقوق الإنسان لن تتحسن إلا إذا انتهت تلك الحالة وهبطت معدلات العنف بدرجة كبيرة. • هل لا يزال الإخوان يشكلون نفس الخطر على حقوق الإنسان حتى الآن؟ «الإخوان» باعتباره تنظيما لم يعد له نفس التأثير، وكل ما لجأ بعض شبابه للعنف يزيد الجماعة ضعفا، ولو أن الجماعة حافظت على السلمية لكان أفضل لها من الوضع الحالى، وجزء كبير من أعضائها وشبابها لم يعد لهم ولاء للجماعة، ولابد على المجتمع فى وقت ما أن يناقش كيفية الخروج من هذا الوضع. • هل معنى حديثك أن يقبلهم المجتمع مرة ثانية؟ ليس فكرة قبولهم، ولكن أن يضع حدودا واضحة ومعلنة، والطريقة التى سيتعامل بها مع هؤلاء الناس. • لكن الجماعة اُعتبرت إرهابية؟ ليس الحل فى القضاء عليهم أو تجاهل الموضوع، الأمر يتطلب السماح للمواطن الذى لم يلجأ للعنف بممارسة حياته بعيدا عن الاضطهاد والإيذاء. • ولكن هناك حالات قبض عشوائى بتهمة الانتماء للجماعة؟ القضاء يحكم بالأوراق والقانون، وما طرحته مسئولية أكبر من أن تحلها أجهزة الأمن فقط، ولكن على النظام ككل مناقشة كيفية الخروج من هذا الوضع، وليس من الطبيعى أن نستمر فى صراع طوال الوقت، وكلما تخلى أعضاء الجماعة عن المواجهة العنيفة ساعدهم ذلك على أن يعيشوا كمواطنين عاديين. • هل من الممكن أن يراعى المجلس هذا المقترح؟ العنف الذى يعيشه المجتمع لا يسمح بالاستعداد لهذا المقترح، وكل من طرح فكرة المصالحة تلقى العديد من الاتهامات والطعنات، ولذلك لا أحد يتحدث عن المصالحة. • ولكن الدستور نص على العدالة الانتقالية؟ قانون العدالة الانتقالية أول القوانين المفترض إقرارها، وسيكون له دور بإعادة الوئام فى المجتمع، وكل من أوذى سيحقق فى إيذائه ويرد له حقه وتعويضه، مثل ما حدث فى المغرب وجنوب إفريقيا، وتلك ستكون مهمة التشكيل القادم للمجلس.
• هل أداء الدولة أثر سلبا على حقوق الإنسان أثناء مواجهة العنف؟ طبيعى فى ظل هذا الوضع أن تتصدى الدولة للعنف، وأثناء ذلك يحدث التجاوز، ونحن رصدنا حالات قبض عشوائى، وزيادة مدة الحبس الاحتياطى، وهاتين الظاهرتين تؤثران سلبا على حقوق الإنسان. • هل المجلس حصر أعداد المحبوسين احتياطيا؟ يقدر عدد من قبض عليهم عشوائيا منذ ارتفاع وتيرة العنف بعد 2013، بنحو 7 أو 8 آلاف، وهم أيضًا من تم حبسهم احتياطيا. • وماذا فعل المجلس بهذا الصدد؟ فى لقاء رئيس المجلس مع الرئيس المؤقت عدلى منصور طرحنا مشكلة الحبس الاحتياطى لاسيما للأطفال، حيث رصدنا 600 حالة حبس احتياطى لطفل، وبعدها أصدر النائب العام قرارا بإخلاء سبيل أكثر من 100 طفل. • محمود محمد المعروف بمعتقل التيشيرت تجاوز عامين كمدة الحبس الاحتياطى القانونية، ماذا فعل المجلس بشأنه؟ المجلس يتبنى أى شكوى تصل إليه، ويرسلها للجهات الخاصة، وزيادة العنف تدفع الأمن لاتخاذ إجراءات تحفظية، حيث أصبح الحبس الاحتياطى فى ظل الوضع الحالى عقوبة رغم أنه فى الأصل إجراء تحفظى لصالح التحقيق حتى لا يخرج المتهم ويعبث بالأدلة، ونطالب النيابة بالإسراع فى التحقيق إما أن تحيله للمحاكمة وإما أن تفرج عنه. • وما دور المجلس بشأن حالات الاختفاء القسرى؟ بعد مقابلة رئيس المجلس محمد فايق للرئيس عبدالفتاح السيسى اهتمت وزارة الداخلية، وبدأت ترد على خطاباتنا بشأن الاختفاء، وبالفعل أرسلت لنا قائمة بإجلاء مصير 140 اسما، لولا تدخلات المجلس لما تم التعرف على مصيرهم. • وهل من المفترض ألا تتحرك الداخلية إلا بعد تدخل الرئيس؟ الداخلية لديها عقيدة أن المشتبه بهم خطر على الدولة، وتفضل الإجراءات الاحترازية حتى وإن لم تكن قانونية ومخالفة لمعايير حقوق الإنسان، ومصر لم تشهد فى تاريخها مثل هذا العنف المستمر، لذلك فإن الأمن اتخذ إجراءات مثل القبض العشوائى والحبس الاحتياطى والقبض على الأطفال، ما انعكس على حالة المحبوسين صحيا بالتدهور، ولذلك طلبنا زيارات السجون للتعرف على الوضع الصحى وأوضاع السجناء لتقديم ملاحظتنا وتوصيتنا. • لماذا لا يعتبر المجلس أن اختفاء الأشخاص لأيام وشهور وعامين أحيانا ليس قسريا؟ لأن الاختفاء القسرى هو اختفاء لمدد طويلة، مثلما ظهر فى المغرب حيث يختفى الأشخاص لأكثر من 10 سنوات دون معلومات عنهم، وبعضهم دفن، لكن فى مصر يعتبر البعض الشخص مختفيا بمجرد القبض عليه. • ولكن الدستور أقر بأن الشخص من حقه بعد 24 ساعة من القبض عليه إخبار ذويه ودفاعه بمكان احتجازه ومعرفة التهم الموجهة له؟ الاختفاء بضعة أيام ليس قسريا، ولكن يمكن اعتباره احتجازا خارج نطاق القانون. • لكن الأشخاص الذين اختفوا أقروا باحتجازهم بمقار أمن الدولة، مثل إسراء الطويل وعمر على وصهيب سعد، فهل وزارة الداخلية مسئولة؟ وزارة الداخلية مسئولة بالطبع سواء لأنها لم تبحث عنهم بجدية، أو باحتجازها لهم دون إعلان. • ما رأيك فيما عرف بالهجمة على المجتمع المدنى والحقوقيين والصحفيين؟ هو جزء من الحالة العدائية التى يعيشها المجتمع، ومواجهة مصر لما يسمى إرهابا، جعلت هناك رغبة للتضييق على أى نشاط. وناصر أمين عضو المجلس كان سيمنع من السفر لولا أن مصلحة الجوازات علمت أنه عضو بالمجلس القومى لحقوق الإنسان. • ما ردك على الاتهامات الموجهة للمجلس بأن ردود فعله متأخرة فى حالات منع حقوقيين من السفر، ومحاولة غلق مركز النديم؟ المجلس لديه رؤيتان.. الأولى إصدار بيانات للرأى العام للتعبير عن موقفه، والثانية أنه ليس من مهامه أن يتحول لهيئة تصدر بيانات، ولكنه يهتم بمتابعة حقوق الإنسان، وأن تكون بينه وبين أجهزة الأمن علاقة تكاملية، وتلك الرؤية التى نتبعها. • هل معنى ذلك أن هناك جناحين بالمجلس؟ نعم، ولكن علينا أن نجمع بين الرؤيتين، وألا نغفل إحاطة الرأى العام بما يحدث، وفى نفس الوقت ألا تكون تصرفاتنا عدائية، بل فى إطار القانون والفهم لطبيعة العلاقة بين المجلس والأمن لتحقيق أكبر مكاسب، مع وضع الرأى العام فى الاعتبار. • بالمراجعة الدورية بجنيف، اعتبر البعض أن تقرير المجلس جاء يحفظ ماء وجه الحكومة، ويبرر تراجع حقوق الإنسان بالحرب على الإرهاب.. ما رأيك؟ ليس صحيحا، فالتقرير الذى أصدره المجلس وتوصياته مطابقة للتوصيات التى وجهتها الدول لمصر، ولكن الفرق بين المجلس والمنظمات الخاصة هى طريقة العرض، والمراجعة الدورية ليست مشاجرة، لكن هناك مجتمع وشعب يجب أن يحظى بحقوقه. • هل ستعود «دولة الحواتم» لما قبل 2010، بعد تصاعد انتهاكات أمناء الشرطة الأخيرة؟ منذ 2013 تحملت أجهزة الأمن مسئولية مواجهة الإرهاب، ومادام هناك عنف سيزداد نفور الأمن لمحاولته فى السيطرة على المجتمع، ما يترتب عليه خروجه عن القانون وانتهاك حقوق الإنسان، وانتهاكات الشرطة قبل 2010 كانت تراكما لمواجهة الأمن لإرهاب التسعينيات. • ما الحل إذن؟ إعادة هيكلة الشرطة، وتطوير تدريبات رجالها وتسليحهم ورفع مستواهم المعيشى، على أن تقوم بواجبها بين تنفيذ القانون وضمان حقوق الإنسان. • هل تتوفر إرادة التغيير والهيكلة لدى الدولة؟ السلطة أولويتها حاليا مواجهة الإرهاب، وأطالب مجلس النواب والقوى السياسية بالضغط على الدولة من أجل الهيكلة. • بصفتك الرئيس السابق لحزب التحالف الشعبى الاشتراكى، ما رأيك فى أداء البرلمان؟ المجلس يحتاج ل6 أشهر حتى يستطيع الانسجام، دون انحرافات، والقضاء على الظواهر السلبية التى نراها، والتى تحدث لأن النواب الحاليين من طبقات متنوعة ولم يحدث بينهم تعارف من قبل، والممارسة كفيلة بتدريبهم. • هل البرلمان قادر على تشكيل حكومة؟ نعم، لأنه ثلثه استطاع التصويت لسحب الثقة من توفيق عكاشة. • هل ترى أن حل البرلمان وارد؟ لا أتوقع ذلك، وفكرة حله غير واردة عند صناع القرار، لأننا بدأنا نكسب قطاعات الرأى العام الدولى؛ نتيجة تحقيقنا بنود خارطة الطريق، أولها الدستور بأغلبية شعبية، وانتخابات رئاسية نزيهة، وبرلمان، ولو تم حلّه سنرجع للوراء. • وما رأيك فى مبادرة حمدين صباحى والبديل المدنى؟ لن تنضم للمبادرة أطراف سياسية جديدة، ومن كان موجودا بالفعل مع التيار الديمقراطى سيظل موجودا، والبلد لم ينضج فيه جماعات سياسية منظمة. • هل عرض عليك منصب فى التشكيل القادم؟ لا، ولو عرض فلن أقبل، وذلك بسبب حالتى الصحية.