فى نهايات القرن التاسع عشر كان متوسط عمر الإنسان لا يتعدى الواحد والأربعين عاما للرجل وثلاثة وأربعين للمرأة. امتدت الآن إلى أربعة وسبعين للرجل فى مقابل ثمانية وسبعين للمرأة. أحوال كثيرة تغيرت وظروف عديدة ساهمت فى أن يطول عمر الإنسان على الأرض. تغيير خريطة الأمراض على الكرة الأرضية واكتشاف المضادات الحيوية. التقدم العلمى الهائل واختلاف أنماط الغذاء والوعى البيئى وغيرها، كلها بلا شك ساهمت فى أن يزيد متوسط عمر الإنسان. الطفولة والشباب والنضج والشيخوخة فصول الحياة الأربعة فى مقابل الربيع والصيف والخريف والشتاء. تتعاقب مراحل العمر وتتمهل عند الخريف فنحن بلا شك نحترم الشيخوخة وإن كان الحب لها مفقود. هل يمكن للإنسان أن يحتفظ بأيام الخريف لتطول فلا تطاله الشيخوخة ولا تهاجمه ريح الشتاء وبرده القارس؟ العلم يؤكد أن هذا احتمال وارد ويضع الغذاء على قمة الأولويات اللازمة لخطة خريف دائم. • لماذا نشيخ؟ ربما كان فى إجابة هذا السؤال الكثير من الفهم لطبيعة ما يجب أن نأكله فى سنوات الحصاد. رغم أن مظاهر التقدم فى العمر تطالعنا فى كل ما نراه حولنا من مخلوقات بصورة طبيعية بسيطة ومستمرة إلا أن الشيخوخة عملية معقدة للغاية تتم فى بداياتها على مستوى الخلايا. تقوم الخلايا بتجديد نفسها عن طريق النسخ بقدرات خاصة تقل مع التقدم فى العمر مما يواكب ظهور علامات الشيخوخة. تعتمد الخلايا على عدد هائل من التفاعلات الحيوية والكميائية التى تحدث بداخلها للحصول على الطاقة من الجلوكوز والأوكسجين. لكن تلك التفاعلات بقدر ما تأتى من فائدة إلا أنه قد ينجم عنها بعض الأذى للخلايا فى صورة مركبات كيماوية تعرف بالشوارد الحرة لأن طبيعتها غير مستقرة ومذبذبة. تضرب تلك الشوارد الحرة أول ما تضرب المادة الوراثية التى تدير دفة الحياة فى الخلية وتتحكم فى مقدراتها. يتعهد الجسد بإصلاح ما تتلفه الشوارد الحرة بسرعة تعتمد بالطبع على قدرات حاضرة يساندها الجهاز المناعى وإمدادات من المواد الغذائية المختلفة الغنية بعناصرها من الفيتامينات والأملاح والعناصر النادرة إلى جانب البروتينات والكربوهيدرات والدهون المفيدة. فما الذى يجب أن تضمه قائمة طعام الخريف؟ • الماء: عنصر الحياة الأساس والوسط الذى تحدث فيه كل التفاعلات الحيوية المهمة وأى تغيير طفيف فى نسبة الماء فى الخلايا فى سن الخريف يبدو مردوده فى نشاط الإنسان ووظائف المخ. يخشى المسنون تناول الماء بكثرة تفاديا للزيارات المتكررة للحمام أو مشاكل سلس البول خاصة مرضى السكر. لكن انحسار منسوب المياه فى الخلايا يعرض الإنسان للجفاف ويسرع بزحف الشيخوخة. 6 8 أكواب من الماء الصافى يجب أن توضع فى الاعتبار يوميا. • البروتينات: كمية مناسبة من البروتينات الحيوانية والنباتية «البقول» يومية تمد الإنسان بقدر من الطاقة وتقيه الهزال التدريجى وضمور العضلات الذى يصحبه خلل فى الحركة. نقص البروتين يؤدى أيضا لتدهور الوظائف المعرفية للمخ ويفتح الباب لمشاكل الذاكرة وربما مرض الألزهايمر. • مضادات الأكسدة: من حسن الحظ أن معظم الغذاء الذى يعد غنيا بمضادات الأكسدة لا يحمل خطر السعرات الحرارية العالية لوجوده فى الفواكه والخضراوات بصورة أكبر من وجودها فى منتجات الألبان والمنتجات الحيوانية. • فيتامين ج: يوجد بكثرة فى الكيوى والجوافة والبرتقال والليمون، أيضا فى الكرفس والبقدونس. • البيتا كاروتين: أحد الفيتامينات المهمة للوقاية من السرطان وأمراض شيخوخة العين وهو حاضر بقوة فى كل الخضراوات والفاكهة، خاصة صفراء اللون منها مثل الجزر والفلفل الأصفر. • فيتامين ه: الذى يحمى دهون الجسم من الأكسدة وله أثر على سيولة الدم قد يماثل الأسبرين. يوجد فى جنين القمح وزيوت الذرة والصويا والزبدة. • السيلنيوم: الذى يعرف أيضا بمقاومته للشيخوخة لدخوله فى عمليات حيوية كثيرة تتيح التخلص من السموم ودعمه لجهاز المناعة. يوجد فى البصل والثوم والكرنب والهليون والجزر والبندق. • الكروم: أحد العناصر النادرة التى تشجع البنكرياس على إفراز الأنسولين وبالتالى تثبيت معدل السكر فى الدم ويوجد فى الخميرة والبروكلى والشعير والحبوب الكاملة. • الحديد: نقص الحديد أحد الأسباب المهمة التى تصيب الكبار بالأنيميا التى على بساطتها فى العلاج قد تحدث أعراضا يعانى منها الإنسان بصورة مزعجة مثل التعب وفتور الهمة وزيادة دقات القلب وانخفاض الضغط وضيق النفس وربما ألم الصدر. الحديد عامل مهم يجب التنبه لمدى احتياج كبار السن له إما بتناوله كأقراص أو فى محتوى الأطعمة مثل اللحوم والدجاج والأسماك. يجب الانتباه أيضا لأن كل الفواكه والخضراوات التى تحتوى على فيتامين ج تزيد من امتصاص الحديد بينما شرب الشاى أو تناول الأغذية الغنية بالكالسيوم والنخالة أو النشا بعد الأكل بساعة تعوق امتصاصه. • فيتامين د: يعمل على زيادة امتصاص الكالسيوم وترسيبه فى العظام بما يزيد من صلابتها ويقى من هشاشة العظام التى يعانى منها كبار السن فى تلك المرحلة من العمر التى تتسبب فى كسور ربما لا تحمد عقباها. التعرض للشمس يساعد على تكوين فيتامين د، فى الجسم لذا يجب عدم إغفاله. • الكالسيوم: معدن الكالسيوم حجر الزاوية فى بناء العظام واستمرارها قوية كذلك فى سلامة الأسنان. نقص الكالسيوم عامل مباشر فى الإصابة بهشاشة العظام المرض الذى يتسلل فى صمت وبلا أعراض تذكر لكن يعلن عن نفسه فجأة فى الإصابة بكسر قد يكون بداية النهاية. لذا فالحرص عليه فى تلك السن أمر واجب وضرورى للوقاية من هشاشة العظام. • فيتامينات الخريف: هناك مجموعة من الفيتامينات يقل امتصاصها أو تصنيعها لسبب أو لآخر نتيجة للتقدم فى العمر. منها مجموعة فيتامين ب خاصة ب6 وب12 لذا يجب التنبه لتناولها بصورة أخرى كالحقن وفقا لما يراه الطبيب. هناك أيضا حامض الفوليك الذى يمكن أن يسبب نقصه الأنيميا. • الزنك: نقص الزنك يتسبب فى خلل فى حاستى التذوق والشم عند كبار السن لذا فتعويضه أمر قد يرفع من الروح المعنوية للمسن. • الألياف: لها دورها فى تنظيم حركة القولون مما يقى من الإمساك الذى يعانى منذ عادة كبار السن، كما أنها تنظم مستوى السكر فى الدم وقد تقى من سرطانات القولون. توجد بكثرة فى كل الفواكه والخضراوات والخبز الذى يحتوى على الحبوب الكاملة والردة والنخالة.