وزير الأوقاف يجتمع بمديري المديريات ويوجه بمتابعة جميع الأنشطة الدعوية والقرآنية    «شعبة الأسماك»: 50% ارتفاعًا بسعر الفسيخ عن العام الماضي.. والإقبال أقل من المتوقع    محافظ قنا يتفقد مزرعة الخراف لطرحها للبيع قبل عيد الأضحى    أبرز مستجدات إنشاء وتطوير الموانئ لتحويل مصر لمركز إقليمي للنقل وتجارة الترانزيت    الري تفتح الحدائق والمزارات أمام المواطنين في احتفالات شم النسيم    أحمد إمام يفوز بعضوية مجلس إدارة الاتحاد المصري لتمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة    الأنباء الفرنسية: إسرائيل تقصف منطقتين طالبت بإخلائهما في رفح الفلسطينية    افتتاح دار واحة الرحمة في العاصمة الإدارية (صور)    نزوح أكثر من ألف أسرة بسبب الفيضانات في أفغانستان    باحث فلسطيني: صواريخ حماس على كرم أبو سالم عجّلت بعملية رفح الفلسطينية    رقم خرافي.. عرض قطري ضخم ل"علي معلول" يقربه من الرحيل عن الأهلي    فان دايك يكشف موقفه من الرحيل عن ليفربول نهاية الموسم    زياد السيسي يحقق ذهبية تاريخية لمصر في بطولة الجائزة الكبرى للسلاح    مع شم النسيم.. ضبط محل بحيازته سجائر أجنبية غير مصرح ببيعها بالإسكندرية    10 تعليمات من تعليم القاهرة لطلاب الصفين الأول والثاني الثانوي قبل الامتحانات    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين في حادث بالوادي الجديد    تعرف على إيرادات فيلم السرب ل أحمد السقا في خامس أيام عرضه    كيف دعم تركي آل الشيخ صديقه محمد عبده بعد إعلان إصابته بالسرطان؟    6 مشروبات مهمة يجب تناولها عقب وجبة الرنجة والفسيخ في شم النسيم    ختام فعاليات المؤتمر الرابع لجراحة العظام بطب قنا    معهد أمراض العيون: استقبال 31 ألف مريض وإجراء 7955 عملية خلال العام الماضي    حبس المتهمة بقتل زوجها بسبب إقامة والده معها في الإسكندرية    مصر تحقق الميدالية الذهبية فى بطولة الجائزة الكبرى للسيف بكوريا    وزير الشباب يشهد "المعسكر المجمع" لأبناء المحافظات الحدودية بمطروح    «الصحة»: إجراء 4095 عملية رمد متنوعة ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    "دور المرأة في بناء الوعي".. موعد ومحاور المؤتمر الدول الأول للواعظات    متى يُغلق باب تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء؟ القانون يجيب    متروكة ومتهالكة في الشوارع.. رفع 37 سيارة ودراجة نارية بالقاهرة والجيزة    أسهلها الدفع أونلاين.. تعرف على طرق حجز تذاكر القطارات لكافة المحافظات (تفاصيل)    على مائدة إفطار.. البابا تواضروس يلتقي أحبار الكنيسة في دير السريان (صور)    5 ملفات تصدرت زيارة وفد العاملين بالنيابات والمحاكم إلى أنقرة    إيرادات علي ربيع تتراجع في دور العرض.. تعرف على إيرادات فيلم ع الماشي    "كبير عائلة ياسين مع السلامة".. رانيا محمود ياسين تنعى شقيق والدها    في ذكرى ميلادها.. محطات فنية بحياة ماجدة الصباحي (فيديو)    لماذا يتناول المصريون السمك المملح والبصل في شم النسيم؟.. أسباب أحدها عقائدي    مفاجأة.. فيلم نادر للفنان عمر الشريف في مهرجان الغردقة لسينما الشباب    وسيم السيسي: قصة انشقاق البحر الأحمر المنسوبة لسيدنا موسى غير صحيحة    زيادة قوائم المُحكمين.. تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    طارق العشرى يُخطط لمفاجأة الأهلي في مواجهة الثلاثاء    جامعة أسيوط تنظيم أول مسابقة للتحكيم الصوري باللغة الإنجليزية على مستوى جامعات الصعيد (AUMT) 2024    الرئيس الصيني: نعتبر أوروبا شريكًا وتمثل أولوية في سياستنا الخارجية    هل أنت مدمن سكريات؟- 7 مشروبات تساعدك على التعافي    ضبط 156 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنيا    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    الشرطة الأمريكية تقتل مريضًا نفسيًا بالرصاص    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    موعد عيد الأضحى لعام 2024: تحديدات الفلك والأهمية الدينية    مفاجأة عاجلة.. الأهلي يتفق مع النجم التونسي على الرحيل بنهاية الموسم الجاري    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    مقتل 6 أشخاص في هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية على منطقة بيلجورود الروسية    ولو بكلمة أو نظرة.. الإفتاء: السخرية من الغير والإيذاء محرّم شرعًا    رئيس لجنة الدينية بمجلس النواب: طلب المدد من ال البيت أمر شرعي    "احنا مش بتوع كونفدرالية".. ميدو يفتح النار على جوميز ويطالبه بارتداء قناع السويسري    بالصور.. الأمطار تتساقط على كفر الشيخ في ليلة شم النسيم    أول تعليق من الأزهر على تشكيل مؤسسة تكوين الفكر العربي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    قصر في الجنة لمن واظب على النوافل.. اعرف شروط الحصول على هذا الجزاء العظيم    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد أباظة في الحلقة الثانية: ارتبطت بعلاقة خاصة مع محمد نصير وتوفى وأنا أشعر بالذنب تجاهه!
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 12 - 2015

- بعد أسبوعين من إصدار الملحق تم طردى من مكتب مدير تسويق «غبور»!
- سألنى شفيق جبر: «بتسمع عنى إيه؟!» أجبته: «ديكتاتور ومش بيعشلك مديرين في شركتك»!!
- أصبت بذهول عندما دخلت مكتب نصير وقلت له: هو حضرتك ما دخلتش مكاتب الموظفين اللى عندك؟!
- انتقدت أداء رينو فهددنى رامي جاد: «هنقفلك الملحق ونخرب بيتك»!
- 1000 يورو داخل جواز سفرى من شركة فيات اعتبرتها رشوه صريحة!
- مكالمة نصير من لندن.. أبكتنى فى شرم الشيخ!
- أنا ورئيس التشيك داخل الغرفة المغلقة!
- انفردت بأول حوار مع رجل الأعمال يوسف منصور وانتهى بطلب «عجيب» منه؟
- صحفية هندية كادت أن تنهى حياتي داخل پورشه Cayenne!
- كانت قصة «مجنونة»؛ «أخبار اليوم وبنت حلوه وعربية في الاهرامات»!
- «جبر» يمتلك عقلية إدارية فذة وكنت أتمنى لو تقلد منصب رسمى قبل ثورة يناير
- خالد محمود محظوظ بثلاثى MTI: «الغريب وتوفيق والنمر»
- بالمدافع الرشاشة.. حاصرنى ضباط سلطنة عُمان داخل الصحراء!
- انقلبت بى ڤولڤو S60 في الإمارات على سرعة 200 كم/س
أزعم أن ملحق سيارات الشروق قد أسعد مجتمع السيارات الخميس الماضى، وعلى مدار الأسبوع أيضا، فلأول مرة يتحدث خالد أباظة للصحافة المصرية منذ خروجه من أخبار اليوم، تحدث الأسبوع الماضى عن البدايات وبعض التحديات التى واجهته داخل المؤسسة، «الطبخة الصحفية» كما كان يسميها، وفريق العمل الذي كان يعتز به، أشار للفكرة «المجنونة» التى جمع من خلالها لأول مره الصلاحيات التحريرية والإعلانية، بتوجيهات من الإدارة العليا وكيف دفع ثمنها غاليا، الفكرة التي أصبحت متبعة في معظم المطبوعات الصحفية المتخصصة بعد ذلك، هذا العدد نستكمل حديثنا الذي يظل له بقية، نستكمل قصص التحديات التى واجهها داخل سوق السيارات في هذا السن المبكر، كيف استقبله السوق في ذلك الوقت، استقبال وردود فعل متباينة بين الترحاب والرفض والطرد والتهديد، حكايات «عجيبة» يرويها هذا العدد، مشاعر مختلفة بين الضحك والغضب والحزن الشديد، وربما «الندم» خرجت بها الحلقة الثانية. بجانب بعض المخاطر التى تعرض لها في السنوات الأولى بعد أن قام بتغيير مسار حياته العملية من الصحافة الرياضية إلى صحافة السيارات، المهنة التي لم تكن تشكلت بعد في بلدنا عام 1998 والتى يدعى أباظة أن ملحق السيارات بأخبار اليوم ساهم على مدار السنوات من خلال فريق العمل المحترف في تشكيل تلك المهنة في مصر والإضافة إليها أيضا، وشرح كيف تمكن الملحق من إحداث هذا الإنجاز.. في الحلقة الثانية من الحوار يتحدث عن اصطدامه بعدد من المسئولين داخل سوق السيارات، بعد أسابيع قليلة من اقتحامه بأسلوب جديد تماما عبر عنه في مقالته الأسبوعية التى ظلت الأكثر إثارة للجدل على مدار 16 عاما في عالم السيارات، أسلوب كان من الطبيعي أن لا تتفهمه السوق في هذا التوقيت، يحكى عن ردود أفعال غاضبة، وتهديدات توعدته بالملاحقة، علاقات بدأت بعداوات وانتهت بصداقات قويه، أحداث مثيرة وأسرار وقصص حزينه..
- وكيف تقبل سوق السيارات هذا الأسلوب المختلف والجديد؟ النقد وأسرار الشركات؟!
(35)
أبدى رؤساء الشركات أنفسهم اهتماما بما أكتب، سواء تفاصيل غير معروفة وأسرار ونقد أيضا، كان شيء جديد تماما على صحافة السيارات فى بلدنا، بعد فترة قصيرة، جاءنى اتصال هاتفى «عجيب» من مكتب رجل الأعمال الشهير محمد شفيق جبر الذى كان ومازال من أقوى رجال الأعمال فى مصر، وكانت المكالمة كالآتي؛
- ألو، أنت بقى خالد أباظة اللى بقالك فتره عامل ضجة فى سوق العربيات؟!
- أيوه أنا، أؤمر يا فندم
- أنا شفيق جبر يا سيدي، تعرفنى؟!
- حد فى مصر ميعرفش شفيق جبر، طبعا أعرف حضرتك
- طيب أنت بتقول أنك تعرفنى، أنا كمان عايز أتعرف عليك
- خلاص يا فندم نحدد ميعاد، وأجى لحضرتك أى وقت يناسبك
- أى وقت يناسبنى أيه؟!، هى الدماغ دى والقلم دا ممكن الواحد يتعرف عليهم فى ساعتين تلاته، إحنا محتاجين ثلاث أو أربعه أيام، أنت عندك إيه بعد بكره؟
- أنا معنديش حاجه بعد بكره، بس أنا مش فاهم حاجه؟
- هنطلع سويسرا بعد بكره مع بعض، نحضر معرض چنيف
- چنيف! وبعد بكره!، هى يا فندم چنيف أو سويسرا دى إذا أنا فاهم صح مش محتاجه ترتيبات؟
- ماشى، انت لو قررت تطلع، أنا هبعتلك مندوب ياخد جواز سفرك ونخلص كل الترتيبات، ونسافر بعد بكره
- وهو حضرتك قادر إنك تخلص كل ترتيبات السفر فى أقل من يوم؟
- «صمت»
- ماشى، بس ممكن أخد إذن رئيس مجلس الإدارة، هو احنا برنامجنا هيكون إيه؟
- هنحضر المعرض، ونقعد مع بعض عشان أنا عايز أفهم دماغك دى ماشيه إزاى، أنا معجب جدا بقلمك بصراحه وسامع إن سنك صغير، ومش متخيل حد سنه صغير، وعنده الجرأة دى فى سوق ميعرفش عنه حاجه أساسا!.
- طيب هو الطيارة بعد بكره الساعة كام؟
-لما تخلص شغلك اطلبنى، وحاول يكون قبل ما تتحرك على المطار بساعة كدا، وأنا كمان هنزل من المكتب على المطار، إحنا طالعين بالطيارة الخاصة بتاعتى!.
(37)
فى الطائرة جمعتنا جلسة طويلة، بدأ جبر معى بداية «ظريفه»، وردى كان صادما بالنسبة له!، سألنى قائلا: «وانت بتسمع عنى إيه بقى فى سوق العربيات؟»، وفى الحقيقة ما كنت أسمعه عنه «ماكنش خير أوى» أخبرته أن ما يقال فى السوق هو أنه رجل ديكتاتور جدا داخل شركاته، التى لا يستمر أي مسئول فيها فى منصبه الإدارى نظرا للمعامله الصعبة، وغيره من الكلام الذى كان يتم ترديده فى ذلك الوقت.. تعجب من صراحتى وقال لى ضاحكا: «معقول، أول مره نتقابل فيها تقول لى كل دا!، كويس انك ماكتبتش عندك الكلام دا بقى!»، وظل يشرح لى بشكل علمى لماذا يتبع هذا الأسلوب الذى ينبع من تقديس العمل والانضباط، وأن المستهدف هو أن يعادل عدد ساعات إنتاج الموظف المصرى نظيره فى أى دوله أخرى، وظل يتحدث معى فى أدق تفاصيل العمل وكيف يفكر فى أن يرتقى بشركاته لتدخل مصاف الشركات العالمية، وأنه يحتاج بالفعل لفريق عمل انتحارى يؤمن بهذه الأفكار ويسعى جاهدا لتنفيذها بعيدا عن قصة ساعات العمل الرسمية، والإجازات ومتابعة مجريات الكرة ومسلسلات التليفزيون.
(38)
كان يؤمن أن مصر تستحق أن تكون في مكانه مختلفة تماما، بعيدة جدا عن «حكاية العالم الثالث» و«الدول النامية المتخلفة»، ولا أخفى سرا أن الرجل أبهرنى من الساعات الأولى لحديثنا معا، كان يمتلك كاريزما جبارة وأسلوب شيق ومنظم جدا فى إدارة الحوار وعرض أفكاره تجعلك تشعر أنك أمام عقلية اقتصادية من الطراز العالمى الذى نجده على رأس فريق العمل فى شركة مثل «مايكروسوفت» أو «سيمنز» العالميتين، هو من هذا الطراز وكان طبيعيا جدا - فى رأيى وقتها- عندما يجد الرجل نفسه داخل منظومة عمل تعتمد على موظف عادى وتوقيع في الساعة وأوڤر تايم وانصراف مبكر يوم الخميس وكباية شاى وسيجارة على الصبح، أن يثور ويغضب ويصرخ في فريق عمله مطالبا بتحقيق الأهداف والطموحات والأداء الانتحارى!.
(39)
ووصلنا چنيف وذهبنا للمعرض وقدمنى وقتها لقيادات شركة سكودا العالمية بصفتى أهم وأقوى صحفى سيارات في مصر، رغم أنه لم يكن مر على انضمامى للسوق سوى بضعة أسابيع!، انتهيت من تغطية المعرض، واجتمعنا على العشاء ودار بيننا حوارات أخرى استكمالا لحوار الطائرة، وفى نهاية الجلسة، أخبرنى أنه سوف يغادر إلى باريس صباح اليوم التالى، وسألنى إذا كنت أرغب فى مرافقته، ولكنى استأذنته للعودة إلى القاهرة على متن الخطوط الجوية في رحلة عادية، هكذا بدأت علاقة صداقة قوية جدا بينى وبين رجل الأعمال شفيق جبر وتطورت خلال 16 عاما لأصبح مصدر الثقة الوحيد له فى هذه السوق، كان يستشيرنى فى الكثير من الأمور، حتى بعد خروجى من أخباراليوم، ولا أنكر أننى لا أزال منبهرا بهذا الرجل، وكنت أتمنى لو أن بلدنا في عصر مبارك استعانة به في منصب أو مركز مرموق ليستطيع خدمة بلده ووطنه بشكل سليم إلا أن ذلك لم يحدث، وكنت أرى أن ظلما ما قد وقع بالفعل على الرجل!
- ما حقيقة دعوة شفيق جبر لك الشخصية لحدث سرى للغاية؟
(40)
كانت قصة غريبة جدا، فى مره اتصل بى وقال؛ يا خالد أنا هاقدم عربيه جديدة وعامل عرض خاص جدا قبل الحفلة الرسمية وعازمك عليه، وسألته عازم مين كمان؟ قالى: عازم خالد أباظة، هو فيه حد أهم منك؟!، وكانت دعوة غريبة وما كنت لأردها بالتأكيد، ذهبت حسب الميعاد لأجد أن هناك شخص أخر سوف ينضم لنا بالفعل، وفجأة وجدت نفسى داخل غرفة أنا وشفيق جبر ورئيس جمهورية التشيك!، ولم أكن مستعد لإجراء حديث بالطبع، وكان لقاء ودى جدا تحدثنا قليلا وشاهدنا السيارة وغادر الرئيس الضيف بعد ذلك لمقر رئاسة الجمهورية حيث تم استقباله رسميا من قبل رئيس الجمهورية، وتم تقديم السيارة فى المساء فى حفل كبير على شرف رئيس جمهورية التشيك في حضور حشد كبير من الصحفيين المصريين والأجانب، وكانت سابقة فريدة من نوعها فى سوق السيارات المحلية.
- من المؤكد أنك تعرضت لسلسلة من الاحباطات في بدايات الملحق، ماذا تذكر من هذه المواقف؟
(41)
فى الأيام الأولى للملحق، تم طردى من احدى شركات غبور، بعد العدد الأول كنت أريد التعرف على مدير تسويق واحدة من شركات المجموعة يدعى مؤنس النجار، وطلبت من الزميل مندوب الإعلانات فى أخباراليوم أن يحدد موعد لنذهب ونلتقى بالمسئول، وأخبرنى فى لحظات أنه قام بتحديد الموعد فى اليوم التالى. ذهبنا فى موعدنا بالفعل وطلبت منا السكرتيره الانتظار. فوجئت بمرور نصف ساعة ثم 45 دقيقه، حتى أننى عزمت على المغادرة ولم أفهم فعلا كيف يمكن أن تتم معاملة أى صحفى بهذا الشكل!. وفى تلك اللحظة تم الإذن لنا بالدخول، فتغاضيت عن الانتظار لتلك المدة الطويلة ولكنى فوجئت بما هو أكثر إهانة!، استقبلنا مدير التسويق ولم يطلب منا حتى الجلوس، سلم علينا سريعا وقبل أن أتحدث بكلمة قال:«أنا عارف انتم جايين هنا ليه، وعارف كل طلباتكم والحملة الإعلانية اللى جايه هنبقى نديكم فيها ربع صفحة إعلان، شكرا ومع السلامة»!!.
(42)
الحقيقة أن هذا الموقف كان أسوأ موقف لى فى بداية الملحق، ربما على مدار تاريخه أيضا!، خرجت من المكتب ومن شركة «غبور» ولم يكن يدور فى رأسى غير شيئا واحدا فقط، أنى لم أكن أريد الاستمرار فى هذا السوق، بعد ما رأيته من وقاحة وقلة ذوق!، لم أصادف مثلها خلال سنوات عملى فى الرياضة، ولا حتى فى حياتى العادية، أذكر أننى ذهبت لمنزلى فى حالة شديدة من الإحباط، كنت أفكر كيف يمكن لى أن أعتذر عن عدم الاستمرار فى هذا المجال ونحن فى بداية البداية!. لم أستطيع النوم طوال الليل، كل تفكيرى كان في اختيار طريقة الانسحاب من سوق السيارات، هل أكتب اعتذارا مسببا لرئيس مجلس الإدارة أم ادخل له وأحكيله عن الواقعة رغم علمى أنه سوف يرفض انسحابي وربما يعاقبنى أيضا!، على أساس أن مصلحة أخبار اليوم أهم وأكبر من مجرد موقف سخيف وعدى!.. وفى اليوم التالى جاءنى اتصال هاتفى من مدير التسويق الذى قام بطردى!، اعتذر وقال لى: «أنا أسف على اللى حصل، لم أنتبه للاسم ولم أربط أنك الصحفى المسئول عن الملحق، وألف مبروك على إصدار الملحق ولكن بصراحة الأسلوب لم يعجبنى وقد نبهنا أكثر من مرة على الزميل مسئول الإعلانات أنه يجب أن يقوم بتحديد موعد قبل الحضور وأن لا يقتحم مكتبى أثناء عملى بهذا الشكل»، وتقبلت اعتذاره والغريب أننا أصبحنا بعدها – أنا ومؤنس النجار – من أعز الأصدقاء وكان أكثر من 75٪ من حجم حملته الإعلانية السنوية بذهب مباشرة لملحق السيارات بأخباراليوم، قناعة منه بقوة الملحق ورد فعله الإيجابي على القراء.
(43)
ولكن هذا الموقف المبكر جدا علمنى درسا غاليا.. وقتها أدركت أنه يجب أن أقوم بتغيير أو تأسيس أسلوب جديد للملحق يتعلق بالتعامل مع الشركات، وهو أن تكون المنفعة متبادلة، بمعنى أننا كجريدة نحتاج للعميل، والعميل كشركة تحتاج للخدمة التى نقدمها، وليس كما كان متبع وقتها أو كما اخبرنى به مدير التسويق بشركة غبور عندما التقينا بعدها، حيث قال لى: «الناس بتيجى تطلب مننا إعلانات وتقول لنا دا رزق عيالنا»!. هذا الموقف وبعض المواقف الأخرى أكد لى أننى كنت على حق فى السياسة التى قررت أن أبدأ بها ملحق السيارات والتى دعمتنى فيها الإدارة بشكل كامل فى هذا الوقت، وكانت ببساطة أننا سوف ننجز عملنا بشكل ممتاز ونقدم منتج جيد يضع القارئ فى الاعتبار ويقدم خدمة جيدة للمعلن، وتتقابل الجريدة والشركة فى النهاية في المنتصف، علاقة يتبادل فيها الطرفين المنفعة، بمعنى أخر win win situation.
- وكيف بدأ هذا التغيير، أو السياسة الجديدة الى أسستها للملحق؟
(44)
إذا تحدثنا عن أمثلة، فربما أبرز مثال هو إطلاق السيارة سامسونج SQ5 فى مصر عام 1998، علمت بقرب موعد إطلاق السيارة، واتصلت بمدير تسويق الشركة حاتم شوقى وحددنا موعد، شرحت له حكاية الملحق، أننا نريد تقديم شيء مختلف تماما، واقترحت عليه فكره جديدة لتقديم السيارة، وهى عدم استخدام صور الشركة الرسمية، وأن نقوم بتصوير السيارة وننشر تجربة القيادة، ومواصفات السيارة مع الصور فى التغطية الخاصة، وسأل عن التكلفة التى كان من الطبيعى أن تكون باهظة لمثل هذه المساحات التحريرية، وقلت له وقتها أنه لا توجد تكلفة لأى مساحات تحريرية ولكن الشرط الوحيد هو أن تكون الصور حصرية لنا وأن لا تقلدنا أى جريدة أخرى، وأن نحصل على «نصيب الأسد» لحملتك الإعلانية لهذه السيارة، أعتقد أنها كانت المرة الأولى فى تاريخ صحافة السيارات المصرية، التى يتم تصوير سيارة فيها مع «موديل» أو فتاه جميلة، وكان معى المصور الصحفى مصطفى رضا الذى يعد من أمهر مصورى أخبار اليوم وقتها واصطحبنا الفتاه اللبنانية الجميلة واتجهنا للأهرامات حيث تم تصوير السيارة هناك، وتم نشر الصورة على الصفحة الأولى للملحق كاملة، مع شعار ملحق السيارات، والتغطية احترافية بداخل الملحق وكانت مفاجأة للسوق وللقراء وللجميع، القصة كلها كانت «مجنونة» لكى يتم نشرها فى جريدة كبرى، فقد كتبت التجربة كحكاية ظريفة؛ أخبار اليوم وعربية جديدة وبنت حلوه فى الأهرامات!، وتم نشر الموضوع وفوجئت بمدير التسويق يتصل بى بعد يوم تقريبا ويخبرنى أن الإقبال على صالات العرض غير مسبوق!، وأنه نظرا لهذا التميز التحريرى سوف يتم تحويل ميزانية الحملة الإعلانية المخصصة للصحف بالكامل إلى أخبار اليوم، وكان نجاحا كبيرا بالنسبة لى داخل الجريدة، فما قمت به كان جديدا و«مجنونا» وكان مردوده أسرع بكثير مما تخيلت.
- هل تعتقد أن ملحق أخبار اليوم أضاف لتلك المهنة؟
(45)
هناك عدة عناصر أزعم أننا أدخلناها كفريق عمل للملحق على صحافة السيارات فى بلدنا، وخصوصا الصحف، بجانب قصة سامسونج، اهتممنا بالمعارض الدولية اهتماما خاصا، كان أول معرض أقوم بتغطيته هو معرض ديترويت، وقمت بتصوير صور خاصة بنا، ونشرت التغطية على مدار أسابيع أو عدة أعداد وكان الجديد فى تغطيتى للمعرض هو نشر صور العارضات، كان شيء جديد تماما على سوق السيارات وعلى الصحف اليومية، ربما كانت عدد من مجلات السيارات تنشر بعض صور العارضات فى المعارض، ولكن ملحق أخبار اليوم كان الجريدة الأولى التى فردت مساحات للعارضات ثم تحول نشر صور العارضات لعادة «ظريفة» للإصدارات المصرية المتخصصة فى السيارات بعد ذلك، ومن العناصر التى لفتت لنا الانتباه أيضا بسرعة هى قيادة السيارات، واختبارها كما كان يتم فى الدول التى سبقتنا فى صحافة السيارات، فى ذلك الوقت كنت أقود بحماسه شديدة دائما فى الوقت الذى كان فيه بعض من الزملاء فى المجلات المتخصصة والملاحق لا يجيدون القيادة أساسا، لفتت اختبارات القيادة نظر الجميع لنا بسرعة خصوصا بعد تجربة سامسونج التى ظلت لفترة طويلة حديث السوق.
- إذا تحدثنا عن القيادة بحماس فربما نتحدث أيضا عن الحوادث؟
(46)
نعم ففى تلك المهنة، الحديث عن الحوادث يطول، ولكنى سوف أحكى لك تفاصيل أبرز أو أخطر حادثتين تعرضت لهم، «بالبلدى شفت الموت بعينى فيهم»، الحادثة الأولى كانت خلال تجربتى لطراز S60 من ڤولڤو، وكنا نقود السيارات من دبى إلى «حته» على حدود الإمارات وسلطنة عُمان، وكنا نحو عشر أو خمسة عشر سيارة، نسير بسرعة عالية تفوق 200كم/س وبانتقالنا من وسط الطريق إلى أقصى اليسار، مرت الإطارات بتلك السرعة الفائقة على عدد كبير من «عين القطة» أثناء الانتقال بين الحارات، وسمعت صوت «تكتكة» عنيفة، ولم تمر ثوان حتى انفجر الإطار الأمامى الأيسر، وفجأة اختل توازن السيارة وحاولت بكل قوتى السيطرة عليها، ولكن يبدو أن السرعة كانت عالية جدا، فجأه «طارت» السيارة وانقلبت خارج الطريق، ومن حسن الحظ على كثبان رملية، انقلبت السيارة على سقفها وظلت تنجرف حتى توقفت.
كان بجوارى صحفى عمانى شاب، انهار تماما، أجهش في البكاء، خرجت من النافذة وساعدته على الخروج من نفس النافذة وكانت حالته صعبه جدا بقيت بجانبه حتى اطمأن وأدرك أننا نجونا من الحادث، وجاءت سيارة ڤولڤو لتصحبنا وأكملت ما تبقى من تجربه وبعد هذا الحادث أزعم أننى من الصحفيين القلائل الذين اختبروا أنظمة وعوامل الآمان بشكل كامل فى سيارات ڤولڤو!.
(47)
حادثة أخرى كانت فى أسبانيا، وكنا نختبر الجيل الأول من سيارة پورشه الشهيرة Cayenne، وقتها وجدت رفيقتى فى السيارة طبقا لتقسيم الشركة، صحفية من الهند مقيمة فى دبى، وبدأنا التجربة وعرضت عليها - من باب الچنتله - أن تبدأ هى بالقيادة، وانطلقت بسرعة معقولة على الطرق الجبلية الممهدة، وكنا فى ساعات مبكرة من الصباح وكان الأسفلت رطب قليلا بسبب الندى، وبدأ الجميع فى زيادة السرعة تدريجيا حتى بلغت 70 – 80 كم/س على ما أذكر، وأنت تعلم طبيعة تلك الطرق الجبلة، طرق ضيقة لا تتسع إلا لسيارة واحدة، وعادة يكون طريق الصعود مختلفا عن النزول، ولا يوجد حواجز بمعنى أن أى خطأ قد يؤدى لسقوط السيارة من أعلى الجبل، ومع زيادة السرعة ومع الأسفلت الرطب وفى إحدى المنعطفات فقدت الزميله فجأة السيطرة تماما على السيارة، ثم قررت أن تضغط بشكل كامل على الفرامل وانحرفت السيارة وفقدت تماسكها بالطريق، وقتها كنت أنظر إلى أسفل الجبل محاولا التنبؤ بالنقطة التى سوف تستقر عندها السيارة، هل سوف تستقر على الطريق أم أسفل الجبل!، حاولت توجيه عجلة القيادة لتتجه السيارة إلى ناحية الصخر حتى لو اصطدمنا به فى مقابل أن لا نسقط من الجبل، وخلال ثوان توقفت السيارة ولم نصطدم بالصخر ولم نسقط أيضا، وفقدت أعصابى تماما على الفتاة، وأذكر أنى قمت بسبها أيضا، ثم طلبت منها مغادرة السيارة والركوب فى سيارة أخرى، وهو ما حدث بالفعل.
(48)
حادث أخر أو موقف «مرعب»، كنا فى صحراء الإمارات نختبر طراز جديد من لاندروڤر ودخلنا إلى قلب الصحراء، وأذكر أننا كنا نسير بسرعة عالية دون أن نضع في اعتبارنا خطورة ظهور أي صخور أو عوائق أمامنا على المسار بشكل مفاجئ، كانت السيارة قوية للغاية، ومهيأة تماما للتعامل مع الرمال بكثافاتها المختلفة، ولم يكن لدى وقت لمتابعة، موقع ومكان السيارات من حولى في الاختبار الذي كان من المفترض أن نسير خلاله كفوج متتابع وذلك من شدة تركيزي مع السيارة والمسار الصعب، جزء من الثانية كان كفيلا وقتها بأن تنقلب السيارة ونصاب إصابات بالغة.. فجأة وجدت أمامي عدد من الأشخاص يرتدون زي عسكري، ويحملون في أيديهم أسلحة أليه من الحجم الكبير، وكلها كانت مصوبه ناحية السيارة، لإجبارنا على التوقف الفورى، وهو الشيء الذي حدث بالطبع، طلبوا منا النزول بسرعة من السيارة وقاموا بتفتيشها، قبل أن يسمحوا لنا بالتحدث بكلمه واحدة معهم، نظرت حولى ولم أجد أى سيارة أخرى من الفوج المصاحب لنا وتحدثت مع أحد الضباط وأخبرته أننا نجرى اختبار قيادة لهذه السيارة وأننا صحفيين من بلدكم الشقيقة مصر، التى تعشق الشعب الإماراتى وغضب الرجل قائلا: «مالنا بالشعب الإمارتي، يا سيدي أنت في صحراء عُمان» واكتشفنا أننا دخلنا بالخطأ لمنطقة لا يمكن الدخول إليها.. المهم القصة عدت على خير وتمكن فريق لاندروڤر من العثور علينا سريعا وأكملنا الاختبار الصعب والمثير.
- خلال مشوارك، ما هى أبرز المواقف التى اصطدمت خلالها بمسئولين داخل السوق؟
(49)
على مدار 16 عاما من المؤكد أننى اصطدمت بعدد كبير من المسئولين فى شركات السيارات، ليس فقط شركات السيارات بل بالحكومة أيضا ولكن فى هذه الحلقة سوف أحكى لك قصتين انتهت كل قصه فيهم بصداقة قوية جدا، الأولى تعتبر سخيفة إلى حد ما والثانية سوف أصفها ب«العجيبة».
القصة الأولى كانت بعد خمسة أو ستة سنوات من إطلاق الملحق ، ودارت أحداثها مع شركة فيات عندما كان التوكيل في حوزة «أوماترا» فى مصر، جاءت لنا دعوة للسفر لتركيا لتجربة السيارة فيات «لينيا»، واتصل بى لدعوتى المهندس خالد بهنسى مدير عام الشركة فى ذلك الوقت، وبدأت أسأله الأسئلة العادية حول موعد إطلاق السيارة فى مصر، والمحركات التى تم اختيارها لسوقنا وغيرها من الأسئلة التى تتعلق بالتغطية الصحفية، وطلب منى أن أرسل له جواز السفر لإنهاء الإجراءات وبالفعل أرسلت له مندوبا وبعد عدة أيام جاءنى جواز السفر والتذاكر، وفوجئت بوجود مبلغ مالى قدره 1000 يورو على ما أذكر. وكانت صدمة حقيقية بالنسبة لى «فلوس داخل جواز السفر من شركة سيارات»!، لماذا؟!، لا أعرف، ولكنها بالتأكيد كانت بمثابة إهانة بالنسبة لى،
(50)
اعتبرتها رشوة صريحة، وغضبت وكانت المرة الأولى التى أتعرض فيها لمثل هذا الموقف، وفكرت فى الاعتذار عن الرحلة ولكن وجدت أن الشخص الوحيد الذى سوف تتم معاقبته هو قارئ أخباراليوم، الذي لن يقرأ تفاصيل السيارة الجديدة قبل تقديمها للسوق المحلية، لذلك اتصلت بمدير تسويق الشركة في هذا الوقت إسلام توفيق ولم تكن لى أى صله به، وعاتبته بشده وأعتذر توفيق مؤكدا أنه غير متداخل أصلا فى هذا الموقف، وآنه لن يكون أحد المتواجدين مع الوفد الصحفى في اختبار القيادة بمدينة اسطنبول، وأرسلت له المبلغ مع مندوب من أخباراليوم، ومرت السنوات ليصبح إسلام توفيق من أعز أصدقائى وأقربهم، وانتقل للعمل فى شركة MTI حيث أثبت تفوق كبير خلال السنوات الماضية، والمؤكد أن شركة MTI تغيرت تماما شكلا وموضوعا في الوقت الحالى في ظل الإدارة الثلاثية المحترفة المكونة من أحمد الغريب المدير العام وإسلام توفيق مدير تسويق المجموعة ومعهم جندى مجهول لا يعرفه الوسط الصحفى وهو أحمد النمر مدير عام الصيانه وخدمات ما بعد البيع وبصراحة تامه لا يمكن إلا أن أقول.. يابخت الصديق خالد محمود صاحب مجموعة MTI بهذا الثلاثى المتألق الذي رسخ شكل ومفهوم جديد تماما، لسيارات چاجوار ولاندروڤر في بلدنا.
- ..وماذا عن القصة «العجيبة»؟!
(51)
القصة الثانية العجيبة، دارت أحداثها عام 1999، أى فى السنه الثانية لملحق أخبار اليوم، فى تلك الفترة كان أداء شركة رينو ضعيف جدا، على مختلف المستويات (مبيعات وأسعار وخدمات ما بعد البيع) وانتقدت أداء التوكيل فى مقالى وكتبت أن مستوى الأداء لا يتناسب مطلقا مع أسم عالمى مثل رينو، وأن الوكيل يجب أن يقوم بتغيير السياسات العامة للشركة لتحقيق أداء أفضل من ذلك، وكنت أراه نقدا بناءا إلى حد كبير وكنت أتوقع أن يتواصل معى أحد المسئولين فى الشركة ويشرح لى الأسباب وراء هذا الأداء الضعيف ويخبرنى أيضا بالخطط المستقبلية، ولكن جاء رد الفعل على عكس ما توقعت تماما، وفوجئت فى ظُهر السبت، يوم نشر المقال بمكالمة هاتفية من شخص يدعى رامى جاد، كانت كالأتي؛
(52)
- ألو، أنا أسمى رامى جاد مدير تسويق رينو
- أهلا يافندم
- بدأ يقرأ فقرات المقال، ويقول: أنت كاتب كذا وكذا ويردد المكتوب فى المقال
- قاطعته متعجبا: أيوه أنا عارف أنا كاتب ايه، أنت ليه بتّسمع اللى أنا كاتبه، عندك رد أو تفسير على اللى مكتوب؟
- عندى رد طبعا!
- أتفضل، أنا سامعك
- أنت عارف الشركة دى بتاعت مين ومين هو مالك توكيل رينو؟!
- لا معرفش والله يافندم، مين مالك الشركة؟
- المهندس محمد نصير
- أهلا وسهلا..
- أنت عارف مين المهندس محمد نصير؟
- مين يافندم؟!
- واحد من أقوى رجال الأعمال فى مصر ومن أقوى رجال الأعمال فى سوق العربيات تحديدا
- طيب دى حاجه كويسه، المفروض دا ينعكس على أداء التوكيل
- تجاهل تعليقى وأكمل: طيب أنت متخيل رد فعله على أخبار اليوم ممكن يبقى عامل ازاى على مقالة زي اللى انت كتبتها دي
- لا مش عارف بصراحه!
- ممكن يقفل أخبار اليوم دى أساسا، دا غير علاقته القوية برئيس مجلس الإدارة بتاعك، وممكن تتعاقب وتتإذى جامد كصحفى ماسك الملحق دا!
- طيب لو انتم قادرين تعملوا كل دا وتقفلوا الملحق وتخربوا بيتى، انت بتكلمنى ليه؟، أنا مش فاهم
- يعنى انت مش خايف بعد اللى أنا قولته دا
- لا يا فندم، أحنا فأخبار اليوم مش بنخاف
(53)
أنهى المكالمة قائلا: «طيب هتشوف اللى هيحصلك»، وكان من الطبيعى أن أحكى القصة كاملة فى مقالى يوم السبت، وكتبت أن مدير تسويق رينو اتصل بي، وبدلا من أن يناقش نقدى بموضوعية، فوجئت به يزج باسم صاحب التوكيل المهندس محمد نصير ويهددنى به رغم أننى لم أكتب سطرا أو كلمه عنه، وكتبت أنه إن كان محمد نصير بهذه القوة والجبروت فقد عدنا لعصر مراكز القوة من جديد، ولكننا لن نتخذ أى إجراء على التهديدات بغلق الملحق وغلق أخبار اليوم والحاق الضرر بنا وسوف ننتظر ردا من المهندس محمد نصير نفسه.. ولم يخيب هذا الرجل المحترم توقعاتنا وفى يوم السبت تلقيت اتصال هاتفى منه ونفى كل ما قاله مدير التسويق، وقال أنه من المؤكد أن هذا الحديث صدر عنه وهو غاضب. وأكد لى أنه يحترم النقد، والصحافة ويحترم مؤسسة أخبار اليوم بالطبع، ووعدنى أنه سوف يراجع نقدنا لتوكيل رينو، وكان من الطبيعى أن أكتب يوم السبت من جديد عن مكالمة المهندس محمد نصير التى كانت فى منتهى الرقى والاحترام، وأنهيت مقالى يومها بكلمة «الكبير كبير»، أما رامى جاد فقد صادف ان تقابلنا بعد أسابيع قليلة فى حفل «الألفية» فى الأهرامات، وكانت المرة الأولى التى نلتقى فيها، ودار بيننا حوار وعتاب، وتمر الأيام والسنوات لنصبح أعز أصدقاء، وكان رامي حريصا خلال السنوات على سماع رأى أخبار اليوم فى سوق السيارات بشكل دائم، وكنا شاهدين أيضا على مسيرته العملية حيث ترك رينو وذهب إلى أودى لمدة عامين وعاد بصحبة مديره خالد يوسف وانضما لكتيبة كيا وحققا نجاحا كبيرا، ثم عاد رامى في 2011 كمدير عام لرينو وحقق أرقام مبيعات قياسية، لم يكن أحد يتوقعها وكتب لنفسه شهادة ميلاد جديدة في نادى المديرين المتميزين، وكان طبيعي أن يرتفع «سعره» في السوق ليقترب حاليا من الحد الأقصى داخل شركات السيارات، ويصبح الموظف النجم بعد خالد يوسف بالتأكيد الذى يرأس كتيبة العمل في المجموعة.
- ..وكيف تطورت علاقتك بالمهندس محمد نصير بعد هذا الموقف؟
(54)
أصبحت تربطنى علاقة قوية جدا بالمهندس محمد نصير رحمه الله، التقينا كثيرا وكنت أنظر إليه دائما كشخص عبقرى، وهو كان عبقرى بالفعل، وأذكر أول لقاء لى فى مكتبه كان فى المقر الرئيسي وقتها لمجموعة «ألكان» بميدان المساحة، ودخلت مكتب متواضع جدا، حتى أننى لم أستطيع منع نفسى من التعليق وقلت له: «يا محمد بيه، إيه المكتب ده؟ هو حضرتك ماشفتش مكاتب الموظفين بتوعك عامله ازاى؟» ورد قائلا: «أنا مش محتاج أكتر من كده، الواحد بيشتغل بدماغة ومع رجالته مش بيشتغل بمكتبه» وكانت ملحوظه غريبة جدا كشفت لى كيف أن هذا الرجل العبقرى الذى يعد من أكبر رجال الأعمال فى مصر بسيط جدا، وأصبح هناك تواصل دائم بيننا وكانت علاقة مميزة كنت أعتز بها كثيرا، وأزعم أن علاقتى مع المهندس نصير لم تتكرر مع أى صحفى أخر، فأذكر أن أحمد شرف الرئيس التنفيذى للمجموعة – والذى كان بمثابة الأخ والصديق لى داخل سوق السيارات على مدار سنوات عديدة – قام بدعوتى لرحلة عمل فى بيروت مع قيادات الشركة؛ خالد يوسف ورامى جاد، وعندما أخبر المهندس نصير بسفري، أمر بسفرنا جميعا على طائرته الخاصة كنوع من أنواع الترحيب بي وتكريمي.
- أعلم أنك شعرت بالندم بخصوص مقال انتقدت فيه المهندس نصير بعد ذلك؟
(55)
نعم، هى قصة محزنه وكان عندى دائما إحساس بشيء من الذنب بسببها، عندما مرض المهندس نصير، كانت هناك حالة شديدة من التكتم على مرضه بأوامر من أحمد شرف، ومثل الجميع لم أكن أعلم شيء عن مرضه، وحدث أن وقعت شركته مذكرة التفاهم الأولى للحصول على توكيل ألفاروميو فى مصر، وعلمت بقصة ألفاروميو وللأسف كتبت وقتها نقدا لاذعا جدا يخص المهندس نصير شخصيا، لم أكن مقتنعا على الإطلاق بضم التوكيل، كان وضع السوق لا يسمح بذلك من وجهة نظرى، ولم أكن أعتقد أن الشركة جاهزه لهذا التحدى وكتبت أنه أولى بالشركة أن تركز على التوكيلات التى بحوزتها بالفعل، وأنى أخشى أن يكون محمد نصير اتجه لجمع التوكيلات ليصبح عنده الكم وليس الكيف.
(56)
وقرأ المهندس نصير ما كتبت وهو فى المستشفى مع بدايات المرض، وسأل أحمد شرف: «هو خالد عارف اللى أنا فيه؟» وأكد شرف له أننى لا أعلم شيء عن مرضه فقال له نصير: «أنا فعلا كنت متأكد أن لو خالد عارف اللى أنا فيه أكيد ماكنش هيكتب النقد الصعب ده، اللى مضايقنى أوى وأنا عيان كده، بس أفوق وهبقى أشرحله هدفى من توكيل ألفاروميو»، بعدها بعدة أسابيع علمت بمرضه والحقيقة علمت بالقصة كلها وأننى تسببت فى ألم له، وكان فى ذلك الوقت يتلقى العلاج فى لندن، وطلبت من أحمد شرف زيارته هناك، وقال لى أن الوضع حاليا لا يحتمل الزيارة. وأكدت له أننى سوف أنهى كل إجراءات السفر إلى لندن حتى أكون جاهزا فور أن تسمح المستشفى بالزيارة، وهو الشيء الذي حدث بالفعل، وتوجهت لسفارة إنجلترا، وكان معى أيضا خالد يوسف ورامى وجاد واستلمنا التأشيرات بعدها بعدة أيام، واتفقنا أن نسافر سويا إلى لندن في نفس التوقيت لزيارته، وكنا فقط انتظار مكالمة التأكيد من أحمد شرف.
(57)
مرت الأيام وكنا نختبر طراز سيراتو فى شرم الشيخ فى مارس 2009، وكنت بصحبه أحمد شرف وخالد يوسف ورامى جاد، واتصل المهندس نصير من لندن بأحمد شرف، وفوجئت بشرف يعطينى المحمول قائلا: «المهندس نصير عايز يكلمك»، وتحدثت إليه وقال لي: «أنا عرفت انك عايز تشوفنى وأنا كمان عايز أشوفك ولازم تجيلى يا خالد، أنا تعبان أوى»، انتهت المكالمة وكنا نحن الثلاثة، يوسف ورامي وأنا في أقصى حالات التأثر والحزن، دخلنا إلى الغرفة معا وأجهشنا في البكاء لعدة دقائق، كان صوته ضعيفا، والمرض تغلب عليه، لم يكن محمد نصير القوى الذي نعرفه، كان واضحا أنه يصارع الموت، متمسكا بأمل ضعيف في الحياة، فكرة فقدانه كانت تؤلمنا جدا وبرغم أنها كانت شبه واضحة أمامنا إلا أننا كنا نحاول أن نهدئ بعضنا البعض ونؤكد أن الرجل سوف يعود مره أخرى متغلبا على مرضه وألامه، وكنا رافضين تماما فكرة وفاته. وقررنا فى لحظتها أنا وخالد يوسف ورامى جاد أن نسافر فى أقرب وقت وكان خلال يومين على ما أذكر، وخلال تلك الساعات القليلة ساءت حالته جدا وتم نقله لمستشفى أخرى فى ألمانيا وتوفى المهندس نصير هناك. كنت أتمنى فعلا زيارته فى أيامه الأخيرة، كان عندى إحساس بشيء من الذنب فى حقه، وندمت على هذا المقال الذى تسبب فى ألم لشخص عزيز فعلا علي.
- إذا تحدثنا عن سبق صحفى أو إنجاز أسعدك، فماذا تذكر؟
(58)
حديثى مع رجل الأعمال الشهير يوسف منصور، وهو عميد عائلة منصور، ورغم أنه كان متداخلا فى جميع تفاصيل الإدارة بشركاته وأغلب المشروعات إلا أنه كان يفضل دائما أن يظل بعيدا عن الأضواء، لذلك لم يكن يسمح بأحاديث أو لقاءات صحفية بأى من الأشكال، وقررت أن أجرى معه حوار صحفي، محاولات استمرت لمدة 8 أشهر من خلال كبار موظفى الشركة ومكتبه وعادل خضر مدير عام المنصور للسيارات والصديق زياد الرفاعى مدير قطاع التسويق في ذلك الوقت، الحقيقة أن الكل اجتهد حتى جاءت الموافقة لأجرى أول حوار صحفى مع عميد عائلة منصور.
(59)
أعتبر هذا الحوار من أهم إنجازاتى على مدار 16 عاما فى ملحق السيارات، عندما يكون رجل أعمال بهذا الحجم وهذا النجاح، يرفض دائما الظهور والحديث للصحافة وأفوز بأول حديث صحفى معه فهذا إنجاز كبير بالنسبة لى، ذهبت للقائه وكان المحدد لى ساعة واحدة فقط واستمرت الجلسة لأربعة ساعات كاملة!، رد خلالها بكل بساطة على جميع أسئلتى ولم ينزعج من تطرقى لكثيرا من التفاصيل، ورغم كتابتي لعدد من الأسئلة التى اعتبرتها شائكة وكنت أعتقد أنه سوف يطلب استبعاد عدد منها أو سوف يرفض الإجابة عنها، إلا أن ذلك لم يحدث، وكانت المرة الأولى فى تاريخ ملحق أخبار اليوم التى يتم فيها فرد حوار على صفحتين كاملتين، أدهشنى فعلا تواضع هذا الرجل، وكيف يتعامل بتلقائية رهيبة، وكان هذا شعورى منذ اللحظة الأولى التى دخلت فيها إلى مكتبه وحتى قبل نهاية اللقاء بلحظات حيث فاجأنى قبل أن أغادر مكتبه قائلا: يا أستاذ خالد، ممكن أطلب منك طلب؟ وكان أغرب طلب ممكن أتخيل أن يطلبه منى رجل بحجم وقيمة يوسف منصور، عميد عائلة منصور الشهيرة في مصر!!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.