• قررت الاستقالة من الحزب بعد الوصول لحائط سد.. وخوفا من تدخل لجنة الأحزاب • الأطراف المتنازعة استخدمت اللائحة فى صراعاتها.. واعتراض إحدى القوائم على لجنة السفراء عطل الحزب • انسحاب الخبرات السياسية أثر على مسيرة الحزب.. وتوليت منصبى أملا فى التغيير.. وشباب «الدستور» المحبوسون «دمل» داخل الحزب • المجتمع والأحزاب لا تستوعب التجربة الحزبية ونحتاج وقتا طويلا للبناء صخب إعلامى واحتفاء دولى صاحب انتخاب هالة شكر الله رئيسا لحزب الدستور قبل عام ونصف العام، والآن تعود للمشهد ولكن هذه المرة باستقالة مفاجئة من منصبها قبل إجراء انتخابات جديدة، واختيار رئيس جديد للحزب. الحزب الذى أسسه، النائب السابق لرئيس الجمهورية، الدكتور محمد البرادعى فى 2012 بمشاركة عدد من الشخصيات العامة، والتف حوله قطاع واسع من الشباب المؤمنين بالتغيير، انتخب فى فبراير 2013 أول امرأة رئيسا لحزب سياسى فى مصر، يعود هذه الأيام لبؤرة الضوء بخلافاته ونزاعاته الداخلية. هالة شكر الله خصت «الشروق» بأول حوار بعد تقدمها باستقالتها، وكشفت فيه ما دار فى الحزب خلال عام ونصف العام، وأسباب انسحابها من المشهد وتوقعاتها لمستقبل «الدستور»، ورغم التحفظ الذى حرصت عليه الرئيس السابق للحزب خلال الحوار، إلا انها تناولت الأزمة التى شكلها رءوس القوائم المرشحة المعترضة على لجنة الاشراف على الانتخابات، وقرار مجلس الحكماء بإحالتها للتحقيق، وشددت على أنها لم تصدر أى قرارات بعد انتهاء ولايتها رسميا، وأن آخر قرار أصدرته كان قبل نهاية فبراير. وإلى نص الحوار: • توليت منصب رئيس حزب الدستور باحتفاء اعلامى ودولى وانتهى الامر باستقالة أحدثت ضجة، ما تعليقك على هذه المفارقة؟ -- لا أعرف سبب الضجة ورد الفعل على الاستقالة، وقررت الانسحاب فى لحظة معينة وكانت مدتى كرئيس للحزب انتهت فى فبراير الماضى، لكن يمكن أن نقول أن المفارقة تأتى من كم التغييرات التى حدثت خلال العام ونصف العام الأخير، وفى لحظة انتخابى «فبراير 2013» كان الأمل فى التغيير قائما، وشباب الحزب قادرون على العمل، والحزب أعطى انطباعا بقوته وتجاوزه المواريث الثقافية والاجتماعية بانتخابه رئيس حزب سيدة ومسيحية، وكان مهما بالنسبة لى خلال هذه الفترة أن أبعث برسالة «إن الشعب الذى يسكن كثيرا تظل بداخله رغبة شديدة فى التغيير، وأنه من المفروض أن ننظر إليه باعتباره صانعا للمستقبل». • ما التغيير الذى حدث؟ -- لحظة الأمل أو الشعور بأن كل فرد جزء من عملية التغيير لم تعد موجودة، وأصبح شعور الناس أن الحزبيين لم يعودوا أصحاب فعل، الحكومة فقط هى التى تعمل سواء بشكل جيد أو سيئ لكن هى التى تعمل فقط. • كيف انعكس هذا على مشكلات حزب الدستور؟ -- على مدى عام ونصف العام حدثت تغييرات كثيرة، وحين نرى؛ الشباب جزء كبير جدا يائس وآخر انسحب من المشهد السياسى، والبعض يحاول أن يحتج على التغييرات التى تحدث فيتم معاقبته، وحتى الآن لا نعرف ماذا سيحل لهم. • هل تتحدثين عن شباب حزب الدستور أم شباب الثورة عموما؟ -- أتحدث عن الاثنين، فشباب حزب الدستور مازال عدد منهم فى السجون، كان موجود 11 شابا فى السجون وخرج بعضهم وظل اخرون محبوسون وهذا «دمل» داخل الحزب وطرحناه عدة مرات مع الحكومة، وهم شباب ملتزم بالعمل السلمى، ولكن أى نوع من الاحتجاج فى ظل السياق الذى نعيشه يقابل بالقمع، وهذا جعل القنوات بين الشباب والدولة مغلقة، ورؤيتهم لقدرتهم على الفعل تنتهى، وهم لا يملكون خبرة أى عمل آخر، لأنهم أبناء ال 18 يوما – ثورة يناير • وهذه التجربة السياسية الوحيدة، التى عبروا فيها عن رغبتهم فى مجتمع ديمقراطى، والمسارات الأخرى لصنع التغيير فى سياق جديد لم يمروا بها ولا يملكون خبرات فيها ولا يعرفون وسائلها، فأصبح هناك سد فإما أن يكسروه أو ينسحبوا من الحياة السياسية، وللأسف رأينا شبابا وهم يذهبون ضحايا لكسر السد، وآخرين انسحبوا يائسين ومحبطين. • ما الذى حدث فى الحزب؟ -- حدث انغلاق داخلى وعدم قدرة على التعامل مع المجتمع بكل احتياجاته، وغياب إدراك أن المجتمع أوسع بكثير من مجتمع الحزب، وأن الشعب مازال لديه رغبة فى التغيير، والانغلاق الداخلى أدى إلى تركيز الناس على الصراعات التى أخذت حيزا كبيرا من الاهتمام، والمعركة لم تعد «كيف نعمل على تقدم المجتمع، ومناصرة فئات الشعب أصحاب المطالب المشروعة؟»، ولكن «كيف نكسب المعركة الداخلية؟»، وهذا «مقتل» أى حزب وليس خاصا بحزب الدستور فقط، وتكررت فى أحزاب أخرى بطرق مختلفة وسياقات متعددة. • هل شهد الحزب مشاكل داخلية لحظة انتخابك؟ -- كانت مشكلة اللائحة وهى دائما كانت مشكلة. • لماذا لم يستطع الحزب على مدى عام ونصف العام التعامل مع مشكلة اللائحة؟ -- كان الخلاف موجودا ولم نحصل على إجماع، وتأجل التصويت عليها، والناس اتفقت على أن اللائحة تصاغ بطريقة تعكس الفلسفة والمبادئ التى يريدها الناس، وهذا التفسير ظل محل خلاف مستتر. • هل عدم الاتفاق على اللائحة هو السبب فى تعطل الانتخابات، والخلاف حول مسئولية الجهة المشرفة عليها؟ -- اللائحة الحالية التى أقرت للمرة الثانية أحد أسباب المشكلة، لكن اعتقد دائما ان اللوائح تبقى ستارا لمشاكل أخرى وراءها تستخدم فى المعركة من أجل مشاكل موجودة، ولو لم تكن هذه الصراعات متفاقمة لهذه الدرجة ما كانت اللائحة استخدمت ولا ظهر خلاف على ما هو الصحيح، لكن اللائحة فيها تناقضات، والحزب نفسه مكون من خليط من المجموعات التى دخلت فى لحظة معينة ولم تندمج مع بعضها، والمحاولة للاندماج على خطة عمل كحزب يعمل للناس لم تكتمل، وبالتالى الهيئات التى تم انتخابها من المؤتمر العام للعب دور معين كان ينظر لها بعين الشك وأنها منحازة لطرف معين وهذا ظهر خلال الحديث عن الانتخابات. • لكن هذا وارد ويحدث فى أى حزب خلافات لكن تجرى الانتخابات فى النهاية؟ -- طبعا، لكن الهدف الأول طول الفترة الماضية أن يظل الحزب موحدا ولا ينفجر ولا يحدث انشقاق، ونحافظ على أن الكل أمامهم ملعب متساوٍ وحقوقهم محفوظة والكل لديه معيار واحد فى التعامل، وهذا الهم الاساسى لأى رئيس حزب، وهنا حدثت اللحظة التى تدخلت فيها وشكلت لجنة محايدة من «ناس نعتبرهم رعاة للحزب ليس لديهم مناصب ولهم مكانة معينة نسميهم لجنة السفراء»، هذه العملية ظلت من أواخر فبراير حتى تقديم استقالتى والمجموعات المختلفة لم تصل لاتفاق واعترضت إحدى القوائم على اللجنة، ووصلنا إلى مرحلة أن الحزب معطل، ومدتى مع الهيئات الأخرى انتهت. • من فبراير لحين تقديم الاستقالة هل القرارات كانت قانونية؟ -- القرار الوحيد كان قبل نهاية رئاستى أصدرته فى 15 فبراير وهو قرار الانتخابات، ولم أصدر أى قرارات أخرى خلال هذه الفترة، وهو كان قرار تشكيل لجنة محايدة للإشراف على الانتخابات وأن الهيئات الموجودة تكون مهمتها تيسير أعمال. • بعد صدور قرار من مجلس الحكماء بإحالتك للتحقيق، اصدرت تصريح أن الانتخابات، ستجرى فى نهاية اغسطس، وبعدها ب 3 أيام قدمت استقالتك؟ -- كان واضحا أن المواجهة بلا حلول، وشعرت أننا وصلنا لحائط سد سيؤدى لتدخل لجنة شئون الأحزاب فى «الدستور»، واكتشفت أن هناك التواء على المعايير التى تضمن تكافؤ الفرص بين القوائم. • هل خروج شخصيات سياسية فاعلة وأصحاب خبرة من الحزب أدى لتفاقم الأزمة؟ -- ضعف الخبرة الموجودة وغياب الوجوه صاحبة الخبرة السياسية داخل الحزب والتى يمكن ان ترسخ قواعد حقيقية، سبب التخبط والارتباك، هذه البوصلة تخلق عبر تجربة سياسية طويلة، وهذه إحدى نتائج خروج أصحاب خبرات سياسية من الحزب وأصبحت الخبرة ضعيفة. • هل تواصل معك بعد استقالتك أى من القيادات السابقة سواء البرادعى أو غيره بشأن الأزمة؟ -- لا، فالدكتور البرادعى بعيد عن المشهد من فترة، ولم يتحدث أحد سوى المجموعة التى أصدرت بيانا تطالب فيه بالعدول عن الاستقالة. • هل تتوقعين عبور الحزب للأزمة الحالية؟ -- لا أستطيع التنبؤ، أنا قررت أن أكون خارج المشهد؛ لأنى لا أستطيع التعامل مع مشهد كهذا، وسيظل الأمل موجودا، بأن يضع الناس الحزب على مساره السليم. • هل تتوقعين أن تتعرضى لانتقادات بسبب كونك امرأة وفشلت فى إدارة الحزب؟ -- من يريد أن يقول مثل هذا الكلام يقول، لكن كونى سيدة ليس سببا، قضيت عاما ونصف العام و«عافرت» لوصول الحزب للانتخابات وتعرضت لحملات تشهير، وأنا راضية عن كل التجربة، ولم أتراجع عن أى قرار أو فضلت مصلحتى الشخصية. • بعد اشتراكك فى تأسيس الحزب منذ 2012 حتى الآن كيف ترين التجربة الحزبية فى مصر ؟ -- الوضع الحزبى يمر وسيمر بأزمة شديدة، لأننا فى مجتمع لا يستوعب التجربة الحزبية، بما فى ذلك الأحزاب، وبالتالى نحتاج وقتا طويلا نسبيا، حتى تبنى الأحزاب نفسها كممثل لمصالح فئات مختلفة من الشعب، وليس مسددى خدمات تجاه أفراد فى مناطق من أجل انتخابات مجلس الشعب. أزمة «الدستور» فى شهور • انتهت فترة ولاية هالة شكر الله فى فبراير 2015 • فى 15 فبراير 2015 أصدرت قرارا بتشكيل لجنة محايدة للإشراف على الانتخابات • تقدم للترشح 4 قوائم هى: «معا نستطيع» وترشح فيها على منصب رئيس الحزب محمد محمود محمد الجمل، والقائمة الثانية هى «ليه لأ »، والمرشح على منصب رئيس الحزب أحمد سيد أحمد متولى، والقائمة الثالثة «هنبنى البديل»، والمرشح على منصب رئيس الحزب تامر جمعة، الامين العام الحالى للحزب، والرابعة قائمة «بالعقل نغير»، المرشح على منصب رئيس الحزب أحمد بيومى. • تأجلت الانتخابات 3 مرات بسبب خلاف على كشوف الناخبين واعترضت قائمة تامر جمعة على اللجنة التى شكلتها هالة شكر الله للإشراف على الانتخابات، وتصميمه على تولى مجلس الحكماء المسئولية. • أعلنت اللجنة يوم 28 أغسطس موعدا للانتخابات، أحال بعدها مجلس الحكماء هالة شكر الله للتحقيق. • أعلنت هالة شكر الله استقالتها فى 16 أغسطس بعد ساعات من انتهاء اجتماع مع قيادات القوائم المتنافسة فى الانتخابات. • اجتمعت الهيئة العليا فى 22 أغسطس وقبلت استقالة هالة شكر الله، حضر 28 من بين 53، 19 موافق واعتراض 7 وامتناع 2 عن التصويت، وتولى تامر جمعة مسئولية إدارة الحزب لحين إجراء الانتخابات خلال شهر، وتبع القرار استقالة خالد داوود المتحدث الإعلامى للحزب من منصبه.