دعم السيسي وإنشاء مصنع للتحصينات الأبرز.. رسائل رئيس أوغندا من قلب القاهرة    رئيس جامعة أسيوط يستقبل محافظ الإقليم لتهنئته باستمرار توليه مهام منصبه    نزع ملكية أراضي وعقارات لإنشاء محور دار السلام على النيل    160 شاحنة مساعدات تعبر معبر رفح إلى غزة    محافظ الجيزة ينعي وفاة الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية السابق    فرنسا توقف تأشيرات حراس أمن شركة العال الإسرائيلية    النيران تجتاح إسرائيل.. حرائق في غابات إشتاول بالقدس المحتلة    رابطة الأندية تعلن عقوبات الجولة الأولى من الدوري    إيزاك يواصل الضغط على نيوكاسل من أجل الرحيل    الذهب مصري.. الحسيني وهدان يكتب التاريخ بمنافسات الكونغ فو في دورة الألعاب العالمية    وسام أبو علي يستعد للسفر إلى أمريكا خلال أيام.. والأهلي يترقب تحويل الدُفعة الأولى    تأجيل استئناف قاتل مالك مقهى أسوان على حكم إعدامه ل13 أكتوبر المقبل    غدا.. المسرح يحتفي بعيد وفاء النيل في مكتبة القاهرة الكبرى والهناجر    جنات تتحدث عن تصدرها التريند ب "ألوم على مين"    حمزة نمرة يكشف مفاجآت لعمرو الليثي في واحد من الناس    هل الابتلاء بالفقر أو المرض دليل على كراهية الله لعبده؟.. رمضان عبد المعز يجيب    وكيل صحة الإسماعيلية تُفاجئ وحدة أبو صوير البلد لمتابعة إنتظام سير العمل وتحيل المقصرين للتحقيق    طريقة عمل البصارة على أصولها بخطوات سهلة وأرخص غداء    ضبط 53 ألف لتر سولار قبل وصولها للمنقبين عن الذهب    إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب والرياضة 2025–2032    محافظ الفيوم يُكرّم السيدة «مبروكة» لحصولها على شهادة محو الأمية    وزير التعليم العالي يفتتح المجمع الطبي لمؤسسة «تعليم» بمحافظة بني سويف    تفاصيل حفل رامي صبري وروبي في الساحل الشمالي    قانونية مستقبل وطن: جرائم الاحتلال في غزة تستوجب المحاكمة الدولية    كريستيانو رونالدو يطلب الزواج من جورجينا رسميًا    إيران: مستعدون لمفاوضات مباشرة مع أمريكا إذا توفرت الظروف    قيادات الطب العلاجي يتابعون سير العمل بمستشفى نجع حمادي العام    أصحاب 5 أبراج الأفر حظًا هذا الأسبوع.. هل أنت منهم؟    «طبيعي يزعل ولكن».. شوبير يعلق على أنباء مفاوضات بيراميدز مع الشناوي    فتوح خارج تدريبات الزمالك الجماعية حتى إشعار آخر    غدًا.. قطع المياه عن مدينة أشمون في المنوفية 8 ساعات    «مصيلحي» و«المصيلحي».. قصة وزيرين جمعهما الاسم والمنصب وعام الموت    وزيرة التخطيط تشارك في إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب والرياضة 2025-2030    الطقس غدا.. موجة شديدة الحرارة وأمطار تصل لحد السيول والعظمى 41 درجة    حجز نظر استئناف المتهم بقتل مالك قهوة أسوان على حكم إعدامه للقرار    كريستال بالاس يهاجم يويفا بعد حرمانه من الدوري الأوروبي    وكيل وزارة الصحة بالدقهلية يحيل المدير الإداري لمستشفى الجلدية والجذام للتحقيق    هاني تمام: "القرآن يأمرنا بالمعاشرة بالمعروف حتى في حالات الكراهية بين الزوجين"    كامل الوزير: عمل على مدار الساعة لتحقيق مستوى نظافة متميز بالقطارات والمحطات    رئيس «قومي المرأة» تبحث سبل التعاون مع نائب رئيس جامعة الأزهر    رسميًا.. باريس سان جيرمان يتعاقد مع مدافع بورنموث    اليوم.. إعلان نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ 2025    «تعليم كفر الشيخ» تعلن النزول بسن القبول برياض الأطفال ل3 سنوات ونصف    الجمعة.. فرقة واما تحيي حفلا غنائيا في رأس الحكمة بالساحل الشمالي    الجمعة.. قصور الثقافة تقيم فعاليات متنوعة للأطفال بنادي الري احتفالا بوفاء النيل    محافظ الجيزة يترأس اجتماع اللجنة التيسيرية لمشروع تطوير منطقة الكيت كات    12 أغسطس 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    وزير الصحة يبحث مع المرشحة لمنصب سفيرة مصر لدى السويد ولاتفيا التعاون الصحى    الدقهلية تبدأ مهرجان جمصة الصيفي الأول 2025 للترويج للسياحة وجذب الاستثمار    مصرع طفل غرقا في ترعة باروط ببني سويف    القبض على بلوجر شهير بتهمة رسم أوشام بصورة خادشة للحياء    الرئيس السيسي يستقبل اليوم نظيره الأوغندي لبحث تعزيز العلاقات الثنائية    وزير الصحة يبحث مع مدير الأكاديمية الوطنية للتدريب تعزيز البرامج التدريبية    هل يجب قضاء الصلوات الفائتة خلال الحيض؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    "زاد العزة" تواصل إدخال المساعدات المصرية إلى القطاع رغم العراقيل    أمين الفتوى: "المعاشرة بالمعروف" قيمة إسلامية جامعة تشمل كل العلاقات الإنسانية    العظمي 38.. طقس شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة في شمال سيناء    مواقيت الصلاة في أسوان اليوم الثلاثاء 12أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يخدعنا أوباما؟
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 08 - 2009

«إن شهر أغسطس وقت حرج بالنسبة لأى رئيس. وأعتقد أن علينا أن نتوقع أى شىء». هذا ما قاله اندرو كارد، كبير موظفى البيت الأبيض فى عهد بوش، الأسبوع الماضى وهو يقدم نصيحته، التى لم يطلبها منه أحد، لخلفه.
هذا هو ما يمكن أن يثيره انفجار على جزيرة مارثاس فاينيارد، أيها الرئيس أوباما.
وحتى ونحن ننتظر اندلاع كارثة غير متوقعة، فإن تكهنات المؤسسة السياسية فى واشنطن بالنسبة للبيت الأبيض الحالى مروعة. فقد بلغنا أن أرقام استطلاعات أوباما تسجل تراجعا كبيرا. ولو فشل فى إصلاح نظام الرعاية الصحية، سيكون فى موقف عصيب. والحقيقة أن كثيرين من المتحدثين الذين يركزون على التدهور الحتمى لرئاسة أوباما هم أنفسهم الذين تنبأوا فى أغسطس 2008 بهزيمته فى الانتخابات لأنه «لم ينجح فى الفوز بالصفقة» ويحسم التساوى بينه وبين جون ماكين لصالحه.
وهاكم نبوءتان ليستا على قدر كبير من الجرأة: سوف يحقق أوباما نوعا ما من إصلاح الرعاية الصحية. ولن تهبط شعبيته هبوطا حادا فى وقت قريب.
على أن هناك سببا حقيقيا لقلق أبعد مدى يأخذ شكل تحول مستمر باتجاه تبدد الوهم بين بعض معاونى الرئيس. وهذا ليس قاصرا على اليساريين منهم فحسب. ولربما كان أفضل تعبير عن هذا إحدى ناخبات أوباما، وهى التى ورد كلامها على الصفحة الأولى للواشنطن بوست الأسبوع الماضى، حيث قالت: «لم يتغير شىء بالنسبة للمواطن العادى. أشعر بأنى خُدعت». واستشهدت، على وجه الخصوص، بمليارات الدولارات الخاصة بخطة الإنقاذ التى قدمت للبنوك فى حين أنها لا تزال «تتصرف كما لو كانت مفلسة».
لكن هذه الحالة المزاجية لا تقتصر على البنوك، عدو الجمهور رقم واحد. فما بلوره الكساد الكبير هو عَرَضٌ أكبر استفاد منه أوباما فى حملته الانتخابية. إنه الشعور المقبض بأن اللعبة الأمريكية مزورة أى أن النظام، كما اعتاد الرئيس التصريح به بعد شهر من تنصيبه، مرتبط ب «مصالح جماعات الضغط القوية أو القلة الأكثر ثراء» الذين «يخرجون واشنطن عن مسارها». والتى وعد بضربها.
ولا يمكن لأى رئيس أن ينجز هذا وحده. ولإضفاء المثالية على أهداف أوباما، فإن الداء الذى شخصه على أنه أكبر من واشنطن بكثير، ويتجاوز مجال السياسة غالبا. وما يزعج الأمريكيين من كل الاتجاهات الأيديولوجية هو الخوف من أن كل شىء تقريبا وليس الحكومة فقط تقرره أو تتحكم فيه أيد قوية خفية، من المعاملات التجارية إلى الأشياء التافهة مثل بيع تذاكر العروض الموسيقية الأولى إلى القوى الثقافية التى تفشت سيطرتها على الإعلام الإخبارى.
إنها الروح التشاؤمية التى تؤكدها الأحداث بصورة شبه يومية. وفى الأسبوع الماضى، صرح بريان ستيلتر فى التايمز إلى أن رؤساء MSNBC وفوكس نيوز، وجيفرى إيملت من جنرال إلكتريك وروبرت مردوخ من نيوز كوربوريشن، قد أمروا معاونيهم بما أطلق عليه المتحدث باسم جنرال إلكتريك «مستوى جديد من الكياسة» للفصل بين نجمى قنوات الكابل المتشاجرين، كيث أولبرمان وبيل أوريلى. وفيما بعد، أكد متحدث باسم فوكس لهوارد كيرتس من البوست أن «هناك اتفاقا» على مستوى الشركات على الأقل. وقال أولبرمان إنه كان «طرفا فى لا صفقة»، وعلى أية حال فإن ما اعتبر هدنة مؤقتة انتهى بعد نشر مقال التايمز. لكن الضجة برمتها لم تسفر إلا عن تغذية الشكوك المشروعة، عند اليمين واليسار على حد سواء، بأن أعلى الأصوات العامة يمكن إسكاتها إذا قررت المصالح المالية للنخبة الأمريكية ذلك.
ولك أن تتساءل عما إذا كان يمكن للشبكات استبعاد المواطن العادى الذى هو سندها والاكتفاء بممثلى جماعات الضغط ورجال دعايتها الخفيين للتعليق على الأخبار. وهذا هو ما حدث بالفعل. وكان أسوأ مثال له ذلك الحشد من ضباط الجيش الذين عملوا ك«محللى أخبار» بالتليفزيون أثناء حرب العراق، بينما يضغطون سرا لصالح مقاولى الدفاع الساعين لبيع عتادهم المكلف للبنتاجون.
ولم ينه الكشف عن تلك الفضيحة هذه الممارسة. وقد اضطرت MSNBC، الأسبوع الماضى، إلى الاعتذار عن تقديم الكاتب السابق بالنيوزويك ريتشارد وولف، كمقدم بديل عن أولبرمان دون ذكر وظيفته الجديدة كمتحدث باسم الشركات. وكان يمكن لوولف أن يظل على ارتباطه ب MSNBC لو لم يلفت المدون جلين جرينوالد النظر إلى عمله الحالى. وأكدت الشبكة لمشاهديها عدم وجود تضارب فى المصالح، غير أنه علينا أن نصدق هذا، حيث لازلنا لا نعرف أى العملاء ذلك الذى يقدمه وولف ككبير للخبراء الاستراتيجيين فى مؤسسته، ببليك استراتيجيز.
وكما يشير الديمقراطيون، فإن المقاطعين الغاضبين الذين يشوشون على الاجتماعات التى يعقدها أعضاء من الكونجرس بالقاعات الحكومية ليسوا دائما من المواطنين العاديين المشاركين فى الاحتجاجات العفوية الشعبية أو حتى من التابعين للحزب الجمهورى، وإنما وكلاء عن جماعات الضغط. وإحدى الجماعات التى تسهل عناوين الصحف المثيرة هى فريدم وركس التى يديرها عضو الكونجرس السابق ديك أرمى، وهو حاليا أحد أفراد جماعات الضغط فى مؤسسة DLA Piper القانونية.. وقد دفعت ميديسين كومبانى، وهى شركة عالمية للصناعات الدوائية لDLA Piper أكثر من 6 ملايين دولار كمصروفات ضغط خلال السنوات الخمس التى عمل فيها أرمى بالشركة.
لكن الأعضاء الديمقراطيين بالكونجرس الذين يهاجمهم أولئك المشاغبون مشكوك فى سمو أخلاقهم، علاقتهم بالرعاية الصحية أكثر إيذاء وإغواء. وكما أشارت كونجرشنال كوارترلى الأسبوع الماضى، فقد أسهمت مجموعات الصناعة بحوالى 1.8 مليون دولار خلال الشهور الست الأولى من عام 2009 وحدها قدمتها لأعضاء البرلمان ال18 الذين يشرفون على إصلاح الرعاية الصحية من الحزبين، ومن بينهم نانسى بيلوسى وستينى هوير.
ثم إن هناك 52 من المحافظين الديمقراطيين، يرفضون الخيار الشعبى للتأمين الصحى. ودخولهم النقدية من شركات التأمين والأدوية تفوق دخول نظرائهم الديمقراطيين بنسبة 25%، حسبما أشارت البوست. ولا ننسى لجنة حملة أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، التى حصلت على حوالى 500 ألف دولار من مستشفى يملكه طبيب واحد فى ماكالن، بتكساس نفس المستشفى الذى استشهد به أوباما كرمز لانفلات التكاليف الطبية منذ إبرازها فى صحيفة النيويوركر الربيع الماضى.
وفى هذه المتاهة من المصالح القوية المشحونة بالأموال، ليس واضحا من الذى ينبغى أو يمكن أن يؤيده أى أمريكى فى أى من الحزبين. والطابع ثنائى الأحزاب للوحش يمكن تلخيصه بالتقدم الملحوظ لبيلى تاوزين الذى كان من الديمقراطيين المحافظين فى 1994. وبعد ذلك بعام، فر إلى الجمهوريين. وهو يشغل الآن منصب رئيس شركة فارما، أكبر مجموعات تجارة الأدوية. وخلال حملة 2008، نشر أوباما إعلانا تليفزيونيا يسخر من تاوزين على دوره فى منع مديكير (جهاز الرعاية الصحية) من التفاوض من أجل تخفيض أسعار الأدوية. وفى الأسبوع قبل الماضى، نشرت لوس أنجلوس تايمز وأكدت ذلك النيويورك تايمز أن تاوزين، وهو لاعب نشط فى مفاوضات البيت الأبيض حول الرعاية الصحية، حصل على تعهد خلف الأبواب المغلقة، يقضى بأن تدفع الإدارة باتجاه الحماية الدائمة لأسعار الأدوية. والآن نعرف لماذا يهمل الرئيس تعهده بإذاعة مثل هذه المفاوضات على شبكة C-Span.
إن طبخ القوانين ليس بالعمل اللطيف بأى حال من الأحوال. وعلى البيت الأبيض أن يعطى لكى يأخذ. لكن السخرية التى اجتاحت الناخبين لها ما يبررها.
فكانت أول خطواته ما بعد النصر المشكوك فيها جمع ناد من العواجيز من رعايا روبرت روبين ومنتسبى Goldman-Citi، ليشكل منهم الفريق الاقتصادى للبيت البيض، ومن بينهم وزير الخزانة تيموثى جيثنر، الذى فشل فى دوره الإشرافى على بنك الاحتياطى الفيدرالى بنيويورك عندما اندلعت فقاعة وول ستريت للمرة الأولى ثم انفجرت. ولم تتوقف الأسئلة عن دور جيثنر فى وضع خطط الإنقاذ التى تلت ذلك، ولم يتوقف غضب الجمهور من شعوره باستمرار التورط. وقد علمنا للتو أن 9 من هذه البنوك المستفيدة من خطط الإنقاذ التى تلقت مبلغا إجماليا قدره 175 مليار دولار من أموال دافعى الضرائب، لم ترد منها حتى الآن سوى 50 مليارا ستصرف مكافآت تبلغ قيمتها 32 مليار دولار هذا العام.
وفى هذا السياق، لا يمكن لأوباما أن يقبل بالهزيمة فى مجال الرعاية الصحية. فالقانون سيمرر فى كونجرس يسيطر عليه الديمقراطيون. وما يهمنا هو محتواه. وستكون النتيجة أشعة مقطعية لتلك المصالح القوية فى واشنطن التى شن عليها حملته، ليكشف عما استبعد من الكيان السياسى (أو عما تراجع على الأقل) وعما يواصل الانتشار فيه. وحزمة الإصلاحات التنظيمية لوول ستريت التى دفع بها أوباما قدما، أو لم يدفع، قد تظهر المزيد من نجاحه فى تغيير النظام الذى يلتمس من البيت الأبيض إصلاحه.
ويظل الجمهوريون أفضل الأخبار السياسية للرئيس. فهم المقياس الذى يظهر كيف لزعماء جمهوريين لا صلة بهم، مثل ميتش ماكونل وجون بونر، أن يستمروا فى محاولاتهم لتخويف الناخبين من أوباما بنعتهم إياه بالاشتراكى. ويتمثل الخوف الأكبر فى أن يتحول أوباما إلى نصير آخر للشركات، ليخدع بذلك الناخبين مثلما يفعل الجمهوريون عندما يزعمون بأنهم يعملون من أجل المواطن العادى. على أن أكثر الأشياء غير المتوقعة والخطيرة التى يمكن أن تهز البيت الأبيض فى شهر أغسطس هذا هو أن تفيق المعارضة بالفعل.
New York Times Syndication


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.