يسود التوتر العلاقات بين الإخوان المسلمين في الاردن والسلطات، التي تحاول استغلال انشقاق في الجماعة لإضعافها، بحسب محللين حذروا من عواقب صدام يبدو قاب قوسين أو أدنى. وتأزمت العلاقة بين الطرفين مؤخرا خصوصا مع منح السلطات ترخيصا لجمعية تحمل اسم الإخوان المسلمين في مارس الماضي تضم مفصولين من الجماعة الأم. وتم الترخيص للتيار المنشق للعمل كجمعية سياسية غير مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين في مصر، التي تعتبرها القاهرة "إرهابية"، وذلك بعد سجن نائب مراقب عام الجماعة في الأردن زكي بني أرشيد لانتقاده الإمارات إثر وضعها الإخوان على قائمة الإرهاب. واتهمت الحركة الإسلامية السلطات الأردنية بمحاولة شق الجماعة التي تشكل مع ذراعها السياسية حزب جبهة العمل الإسلامي المعارضة الرئيسية الفاعلة في البلاد. وشكل احتفال الجماعة بالذكرى ال70 لتأسيسها، والذي بدا كأنه رغبة منها باستعراض القوة، فرصة لتوجيه ضربة قاسية لها ومنح الشرعية للجمعية المرخصة ما عزز فرص صدام حذر محللون من عواقبه في بلد يخوض حربا ضد الارهاب على جبهات عدة. من جهتها، عارضت جمعية الإخوان المسلمين، المرخصة والمنشقة عن الجماعة الأم، الاحتفال الذي كان مقررا الجمعة، معتبرة أن الجماعة الأم لا تمثل جماهير الإخوان. وأعلنت الجماعة تأجيله، بعد إبلاغها قرار المنع رسميا عقب تحذيرات متكررة من وزارة الداخلية، تفاديا لتأزيم الموقف و"لتفويت الفرصة على المتربصين بالوطن سوءا". وقال همام سعيد، المراقب العام للجماعة، في كلمة بثتها قناة «اليرموك» الفضائية (تابعة للجماعة) ليل الأربعاء إن الجماعة أرادت "الحفاظ على السلم الاجتماعي وعدم الخوض في معارك لا تخدم أحدا في هذا البلد". ويقول الكاتب والمحلل السياسي محمد أبو رمان، من مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، إن "لا مصلحة للدولة في تأزيم العلاقة مع الجماعة"، مضيفا أن "الدولة في صدد اعتبار الجماعة الأم الحالية غير شرعية ومنح الشرعية والدور والحضور بالتدريج للجمعية". ورأى الخبير في الحركات الإسلامية، أن السلطات "وقعت في معضلة حقيقية في رهانها على مجموعة صغيرة لا تأييد كبير لها في أوساط جماهير الإخوان ولا قيمة سياسية لها واحتضانها من الدولة افقدها مصداقيتها". وحذر أبو رمان من "خيارات صعبة" في حال الصدام مع الجماعة، أخطرها "توجه أنصارها إلى اتجاهات أكثر تطرفا أو العمل السري دون إطار منظم للعلاقة مع الدولة". وأوضح أن "إغلاق الباب أمام خيار قانوني وواقعي وسلمي منفتح يخلق ثقافة ومناخا يقبل أفكارا متطرفة لا تؤمن بالعمل السياسي والسلمي، وهذا هو الباب للولوج إلى جماعات أخرى". لكن وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني، رفض الاتهامات الموجهة للحكومة بأنها استغلت الخلاف بين الجمعية والجماعة، مؤكدا أن "الدولة الاردنية أكبر من أن تتدخل في خلافات من أي نوع بين الأطراف، هذه دولة قانون". وقال: "نتحدث عن جمعية لجماعة الإخوان المسلمين مرخصة بموجب أحكام القانون ومجموعة أخرى من المواطنين الأردنيين الذين يقومون بنشاطات باسم هذه الجمعية هكذا يقول القانون". وأضاف: "إذا كان هناك اعتراض من قبل أية جهة على هذا الأمر ليست الحكومة الطرف للنظر بهذا الاعتراض، إنما القضاء العادل وما يقرره القضاء نطبقه". وأشار المومني إلى رفض الجمعية المرخصة إقامة الاحتفال تحت اسم جماعة الاخوان المسلمين، وبالتالي "كان الحاكم الإداري ملزما باسم القانون بأن لا يحدث ذلك". بدوره، قال عريب الرنتاوي مدير مركز القدس للدراسات السياسية، إن "الجماعة الأم جهة منضبطة وشرعية ومعروفة تاريخيا، لا مصلحة للدولة في الصدام معها في هذا الوقت". وحذر من أن "سد الطريق أمامها وهي تمثل الغالبية العظمى من أبناء الحركة الإسلامية، كون التيار الثاني لم يستطع كسب تأييد عدد كبير منهم، يمس أمن واستقرار الأردن في مرحلة نخوض فيها حربا مع تنظيم «داعش» وهو على الأبواب". وأضاف الرنتاوي، أن "الحكومة ترتكب خطأ فادحا أن استخدمت أدواتها الأمنية أو القانونية أو الإدارية للحسم أو الانتصار لفريق على حساب فريق". واعتبر أنها "سياسة خطيرة قد تلحق الضرر بأمن واستقرار البلد، إذ ستدفع كثير من الشباب الإسلامي، إخوان أو غيرهم، إلى التوجه إلى قنوات غير شرعية". وتضم الجمعية المرخصة بزعامة المراقب العام الأسبق للجماعة عبد المجيد الذنيبات، نحو 50 إخوانيا تم فصلهم من الجماعة الأم، إثر تقدمهم بطلب للحكومة لترخيص جديد لتصويب أوضاع الجماعة القانونية وفك ارتباطها بإخوان مصر. وتقول الجماعة القائمة التي يتزعمها المراقب العام همام سعيد، إنها سبق أن حصلت على الترخيص في عهدي الملك عبد الله الأول عام 1946، والملك حسين بن طلال عام 1953.