تجري في السودان الأسبوع المقبل انتخابات عامة، يتوقع أن تنتهي بتمديد فترة ولاية الرئيس عمر البشير لتتخطى 26 عامًا في الحكم في بلد يواجه اقتصادًا متداعيًا ونزاعات تمتد من دارفور إلى الحدود مع دولة جنوب السودان. وينافس البشير 15 مرشحًا غير معروفين نسبيًا في الساحة السياسية السودانية في هذه الانتخابات، التي تستمر ثلاثة أيام بدءًا من يوم الاثنين المقبل، فيما تقاطع أحزاب المعارضة الأساسية هذا الاقتراع. وتتهم منظمات حقوق الإنسان، البشير (71 عامًا)، بقمع المعارضة عبر حملة تنال من الإعلام والمجتمع المدني. ولا تنعكس الانتخابات الرئاسية والبرلمانية على شوارع العاصمة الخرطوم، بالرغم من قول المسؤولين إن 44 حزبًا يشارك فيها. وتنتشر صور البشير على اللوحات الإعلامية الضخمة على طول الشوارع الرئيسية، فيما يرتفع عدد محدود من اللافتات الخاصة بالمرشحين الآخرين في كافة أنحاء المدينة. ويقول المحلل خالد التيجاني، وهو أحد أعضاء مجلس التحرير في صحيفة "إيلاف" السودانية، إن "غالبية أحزاب المعارضة تقاطع الانتخابات، فحزب المؤتمر الوطني (الحاكم) هو وحده المنافس الفعلي في هذه الانتخابات، لذلك لا يمكن توقع أي مفاجآت". واستلم البشير الحكم بعد انقلاب عسكري بدعم من الإسلاميين في العام 1989، وهو آخر الانقلابات العسكرية التي شهدها السودان بعد استقلاله من الحكم البريطاني المصري المشترك في العام 1956. وبعد 22 عامًا من الحرب الأهلية، شهد البشير على تقسيم البلاد بعد الإعلان عن استقلال دولة جنوب السودان في العام 2011، ولا يزال حتى اليوم يواجه اضطرابات على جبهات عدة. واندلعت حركة تمرد في دارفور في غرب البلاد في العام 2003؛ حيث اشتكى المتمردون من تهميش منطقتهم على خلفيات إثنية. وأسفر هذا النزاع عن مقتل حوالى 300 ألف شخص. وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحق البشير؛ بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور. إلى ذلك، برزت حركة تمرد أخرى في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بقيادة الحليف الأسبق للمتمردين في جنوب السودان، وهو الجيش الشعبي لتحرير السودان - شمال، الذي تعهد بمنع عملية الاقتراع في المنطقتين المذكورتين. وبرغم تأكيد مسؤولين على أن المتمردين لن يعطلوا الانتخابات، إلا أن عملية الاقتراع لن تنظم في إحدى دوائر دارفور وفي سبع دوائر في جنوب كردفان؛ وذلك لأسباب أمنية. وبالرغم من التهديدات المستمرة بتعطيل الانتخابات، تعهد البشير، خلال جولته الانتخابية يوم الجمعة الماضي أمام مناصريه في مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان (وسط)، أن "الفترة الرئاسية القادمة ستكون للسودان استقرارًا أمنيًا وسياسيًا واقتصاديًا". وفي حين قدم وعودًا سياسية محدودة، تعهد البشير بتعزيز اقتصاد السودان المتداعي الذي عانى لسنوات طويلة من عزلة دولية. وفرضت الولاياتالمتحدة حصارًا تجاريًا على السودان في العام 1997، على خلفية اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان، فضلاً عن عقوبات اقتصادية بسبب إيواء السودان لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن لمدة خمس سنوات في بداية التسعينات. وفقدت البلاد أيضًا أكثر من 75 في المئة من احتياطاتها النفطية بعد استقلال جنوب السودان. وقبل أسابيع قليلة على الانتخابات، وافق السودان الشهر الماضي على الانضمام إلى التحالف العسكري الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين في اليمن. وهي خطوة يقول التيجاني، إن الهدف منها قد يكون تعزيز الاقتصاد. ويوضح التيجاني، أن التحالف العسكري في اليمن "قد يساهم في انفراج الوضع الاقتصادي في السودان الذي قد يكون يتوقع حصوله على بعض المساعدة من السعودية". وبعد سنوات من الانقسامات، تحالفت المجموعات المعارضة في السودان في ديسمبر لتقدم نفسها موحدة ضد البشير، وأطلق على هذا التحالف اسم "نداء السودان". ويقود التحالف حزب الأمة، أبرز أحزاب المعارضة وأقدمها. ووافق "نداء السودان" على عقد محادثات مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم في أديس أبابا في نهاية مارس لتنظيم حوار وطني. إلا أن الحزب الحاكم أطاح بالاجتماع على اعتبار أنه من الممكن عقد المحادثات بعد الانتخابات. وفي ديسمبر، اعتقلت السلطات المعارضين فاروق أبو عيسى وأمين مكي مدني، بعد توقيعهما على وثيقة "نداء السودان" ويواجهان اتهامات محتملة بمحاولة الإطاحة بالحكومة. واستهدفت الأجهزة الأمنية أيضًا وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني، إذ صادر عناصرها في فبراير النسخ الورقية ل14 صحيفة يومية في يوم واحد ومن دون تقديم تفسيرات، وذلك في أكبر حملة ضد الإعلام منذ سنوات. وتقول المعارضة، أنه لم يُترك لها أي خيار سوى عدم المشاركة في الانتخابات. وفي هذا الصدد، تقول مريم المهدي نائبة رئيس حزب الأمة، "نعتقد أن المخرج الوحيد أمامنا هو مقاطعة الانتخابات"، مضيفة "نعتمد على المقاومة المدنية والمسار المدني لتحدي النظام". ونظريًا من الممكن أن تجري جولة ثانية للانتخابات الرئاسية في حال لم يحرز أي من المرشحين على غالبية الأصوات في الدورة الأولى. وبحسب مسؤولين، فإنه سيتم الإعلان عن النتائج النهائية في أواخر أبريل.