أزمة حادة تواجه زراعة القصب في صعيد مصر، بعد إغراق الأسواق بالسكر المستورد الذي يقل سعره عن السكر المحلى، مما تسبب في تراكم إنتاجية عامين متتاليين، وأصبحت شركات السكر غير قادرة على صرف مستحقات المزارعين المالية ، نتيجة فتح باب الاستيراد أمام رجال الأعمال وتحويل تبعية شركة السكر من الشركة القابضة للصناعات الغذائية التابعة لوزارة الصناعية إلى وزارة التموين، ما أدى إلى وجود كميات هائلة من السكر المحلى بداخل المصانع وعدم وجود أماكن للتخزين، بالرغم من عدم انتهاء موسم العصير، مما ينذر بانهيار صناعة السكر في الصعيد وتدمير صناعة وطنية متكاملة . فمع بداية العام أطلق مزارعو القصب، الكثير من النداءات والتحذيرات، للمسئولين من خطورة فتح باب الاستيراد في صناعة السكر، دون وضع رسوم جمركية لها أو ضوابط تحافظ على الصناعة الوطنية، مما تسبب في ركود السكر المحلى، وبلغ المخزون في مصانع السكر بمحافظة قنا خلال العام الماضي نحو 380 ألف طن . وتعد زراعة القصب في صعيد مصر، إحدى الزراعات الإستراتيجية وتأتى أهميتها بعد القمح مباشرة ، وطبقا لآخر الإحصائيات الرسمية، فقد وصلت المساحة المزروعة بالقصب في الصعيد بنحو 300 ألف فدان منها 120 ألف فدان في محافظة قنا التي يوجد بها 3 مصانع كبرى للتكرير هي قوص ودشنا ونجع حمادي بالإضافة إلى مصنع سكر جرجا بسوهاج والذي ينقل إليه محصول القصب من قرى شمال قنا . العمدة غلاب عبيد، كبير مزارعي القصب بمحافظة قنا، قال إن الشركة القابضة للصناعات الغذائية،هي المسئولة عن توفير السكر لعدد 64 مليون بطاقة تموينية على مستوى الجمهورية ،وإذا حدث عجز فالشركة هي المسئولة عن استيراد السكر من الخارج، وهذا معتاد عليه منذ قديم الأزل، إلا أنه خلال الموسم الماضي، قام وزير التموين بإعادة هيكلة شركة الصناعات الغذائية ، وتم فصل شركة السكر فأصبحت تابعة لوزارة التموين بدلا من وزارة الصناعة ، وفتح باب الاستيراد على مصراعيه أمام رجال الأعمال مما تسب في إغراق السوق بالسكر المستورد الأقل سعرا من السكر المحلى مما تسبب في تكدس السكر بكميات هائلة بداخل مخازن شركات السكر. وأوضح عبيد، أنه في 31 ديسمبر 2014 كان هناك 380 ألف طن من السكر مخزنة بداخل مخازن مصانع السكر في محافظة قنا من إنتاجية العام الماضي، وهذه الكمية أضيف إليها إنتاجية العام الحالي، وأصبحت هيئة السلع التموينية غير قادرة على دفع المستحقات المالية لشركة السكر ،لافتا أنه في 10 فبراير الماضي من العام الحالي، فوجئ المزارعون بمنشور يفيد بعدم وجود سيولة مالية لدفع مستحقاتهم المالية، وبعدها فوجئنا بقرار آخر بصرف 50 % من المحصول المورد للمصانع فقط تخصم منها مديونيات بنوك التنمية من سلف ،وهذا ما يعنى أن المزارع الذي يقوم بزراعة فدانين أو ثلاثة وإنتاجه حوالي 40 طن من محصول القصب لا يصرف شيئا لأنه يحصل على 50 % تحصلها البنوك مباشرة لسداد المديونية. وأشار عبيد، إلى أن أكثر من 80 % من مزارعي القصب في محافظة قنا، الذين قاموا بالتوريد على نسبة 50% لم يحصلوا على أي مبالغ مالية وغير قادرين الآن على تكاليف الزراعة الجديدة ، مطالبا وزير الزراعة بالتدخل السريع وإصدار قرار بتحصيل البنوك 25% فقط من المديونية بدلا من 50 % حتى يتثنى للمزارع أن يرى مجهود إنتاجه، كذلك غلق باب الاستيراد أمام السكر الأبيض أو وضع رسوم كون السكر المستورد أقل سعرا من السكر المحلى رغم أن الأخير أعلى جودة من المستورد. وأضاف محمد عليان،مزارع،أن المزارعين لم يصرفوا إلا 50% فقط مما قاموا بتوريده من محصول هذا العام،وهذا ما عرضهم لاستدانة ،لتوفير نفقات التكسير والتحميل ،وفى نهاية الأمر لم يتحصلوا على أي مبالغ مالية لقيام بنوك التنمية بتحصيل المبالغ المستحقة من سلف مباشرة من شركة السكر ،لافتا أن زراعة القصب أصبحت في خطر في الموسم الجديد لعدم وجود أموال تساعد على الزراعة الجديدة ،لافتا أن زراعة القصب كانت من أهم الزراعات في الصعيد على مدى سنوات طويلة وزارعوها كانوا أفضل حالا ،ولكن الآن أصبحوا مستدانين وبالكاد قادرين على توفير مستلزمات الزراعات الجديدة . أما اللواء مختار فكار،رئيس نقابة مزارعي القصب بمحافظة قنا،فأكد أن شركة السكر أضيرت كثيرا بسبب فصلها عن شركة الصناعات، وأصبحت حاليا تسحب أرصدة على المكشوف من البنوك ،كما أن المزارع الآن في حالة يرثى لها، فهو غير قادر على شراء الأسمدة التي لا تتواجد أساسا بداخل الجمعيات الزراعية، ومتواجدة في السوق السوداء بسعر 200 جنيه للشكارة التي تبلغ قيمتها 75 جنيه بداخل الجمعيات الزراعية ،ناهيك عن مشكلات الري والمياه والتي تعد من المشكلات التي تواجه المزارعين طوال العام . وتابع فكار،الأزمة التي تشهدها مصانع السكر مؤخرا هي تراكم إنتاج العام الماضي والعام الحالي نتيجة سياسات خاطئة اتبعت بفتح باب الاستيراد للسكر الأبيض، الذي يبلغ سعر الكيلو منه نحو 3 جنيهات و50 قرشا في المقابل سعر السكر المحلى 4 جنيهات و30 قرشا وهذا هو سعر الجملة ،مما تسبب في ركود الإنتاج وأصبحت زراعة القصب من الزراعات المهددة بالخطر في الصعيد رغم كونها من الزراعات الإستراتيجية . وأضاف فكار، المزارعون في خطر،وأصبحوا مهددين بالحبس من ناحية، وعدم القدرة على توفير النفقات لأسرهم وزراعتهم الجديدة من ناحية أخرى، والسكر أصبح مهددا بالتلف داخل المصانع نتيجة لسوء التخزين وعدم وجود أماكن كافية لتخزين هذه الكميات الهائلة، وناشد رئيس نقابة مزارعي القصب ،رئيس الدولة ورئيس الحكومة بالالتزام بشراء جميع المحاصيل الزراعية من مزارعي القصب مثلما حدث مع مزارعي القطن،بالإضافة إلى وضع سياسات تساعد على الإنتاج منها توفير الأسمدة وتطهير الترع والمصارف . وكشف أحد المسئولين بمصانع السكر بقنا "رفض ذكر اسمه" أنه يوجد كميات كبيرة جدا من السكر بداخل المصانع،لاولا توجد أماكن للتخزين ،وهو ما سيتسبب في تلف هذه الكميات قائلا "هيئة السلع التموينية لم تصرف لنا مستحقاتنا المالية،ولن نستطيع صرف مستحقات المزاعين إلا بعد انتهاء الموسم في شهر يونيه المقبل" .