لم ولن تتوقف السينما حول العالم عن النظر لحياة أشهر اللصوص والسفاحين ونقلها لدور العرض، فهى دائما أرض خصبة لحكايات وقصص مثيرة عن حياة هؤلاء المجرمين الذين شغلوا الصحف والناس لسنوات وسنوات بجرائم وسرقات خارجة عن المألوف. وبعض تلك القصص اختلقها المؤلفون كشخصية «ارسين لوبين» اللص الظريف. والبعض الآخر حقيقى كروبن هود، الذى يسرق الأغنياء من أجل الفقراء، وأيضا آل كابونى رئيس العصابة، الذى استعصى الايقاع به لسنوات على البوليس، رغم معرفة الجميع بكل جرائمه، وأيضا «فرانك اباجنال»، الذى جسده ليوناردو ديكابرى فى فيلم «امسك بى إن استطعت»، وهو محتال شاب جنى ملايين الدولارات فى شبابه وعمل طبيبا ومحاميا ومساعد طيار فى سن 18 بسبب عمليات الاحتيال! وأيضا اللص الشهير «جيسى جيمس»، الذى ترأس عصابة لسرقة المصارف والقطارات والمحال وعربات البريد، ولكنه يفخر بأنه لم يسرق صديقا أو أرملة أو جارا! وجسد دوره النجم براد بيت فى فيلم «اغتيال جيسى جيمس». وآخر ما وصلت إليه هوليوود هذا العام من قصص اللصوص والمجرمين الواقعية، قصة «جون ديلينجر» لص البنوك الأشهر، وقدمه المخرج مايكل مان ليكون بطل فيلمه «عدو الشعب» أو «PUBLIC ENEMY» وجسده النجم جونى ديب. ومن الغريب فى حكاية ديلنجر وفى قصص كثير من اللصوص والمجرمين، هو الإرادة الشعبية والجماهيرية، والتى تقوم أحيانا بتمجيدهم، وتذكرهم بالبطولة والشرف بدلا من الفساد والإجرام، ف«جون ديلنجر» (19031934) الذى تزعم عصابة لسرقة البنوك واستعصى على البوليس الوصول إليه رغم سرقاته المتعدده، وأطلقت عليه السلطات آنذاك «عدو الشعب رقم واحد»، لم يره الفقراء لصا بل وجدوا فيه بطلهم المنتظر وأطلقوا عليه روبن هود الجديد. وقد كتب العديد من المحللين فى ذلك الموضوع وأرجعوا تمجيد ديلنجر إلى أنه ظهر فى فترة كساد مالى جعلت الناس ناقمة على الحكومة، وربما لذلك اتبعوا المثل القائل «عدو عدوى صديقى».. كما عرف عن ذلك اللص بأنه يعشق تماما ما كان يفعله، وقال إن سرقة البنوك تجعله سعيدا. وظهر ذلك فى أحد مشاهد الفيلم عندما سؤل ما الذى لا يجعلك تنام ليلا قال: القهوة» فهو لا يرى أى خطأ فيما يفعله. ويشارك ديب البطولة «كريستيان بيل» ويقوم بدور المحقق «ميلفين بورفيس»، وهو المحقق الذى يستعين به رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالية «جى إدجار هوفر» لمطاردة «ديلنجر» وعصابته فيوقع بعصابات البنوك واحدة تلو الأخرى حتى يتبقى له ديلنجر ويسقطه فى النهاية. وتكتمل الإثارة فى الفيلم بوجود الفاتنة الفرنسية «ماريون كوتيار»، والتى حصلت على الأوسكار العام الماضى عندما قدمت حياة اسطورة الغناء الفرنسية «اوديث بياف»، وتقدم فى هذا الفيلم دور «بيل فريشيت»، وهى الفتاة التى يقع فى غرامها ديلنجر، ويعد هذا الدور هو أول دور أمريكى لها، وتؤدى شخصية مركبة ذات أصول هندية، تربت تربية صعبة فى إحدى المدارس الداخلية، ووقعت فى غرام لص البنوك الشهير ديلنجر. النجم جونى ديب والذى يقول عن نفسه إنه مقل فى حديثه للصحف قام بعقد مؤتمر صحفى للرد على أسئلة الصحفيين.. وكان له رد على سؤال لماذا نستمتع برؤية أفلام المجرمين؟ بقوله إن تلك الأفلام ترينا ما لا نستطيع فعلة أو اقتحامه.. فضلا عن أن هذا المجرم ديلنجر تمتع بشعبية نظرا لتورط بعض المسئولين فى جرائم ذلك الوقت مما جعل ديلنجر نفسه يقول «أنا آخذ ما أعتقد أنه حقى»، ومن هنا أتت شعبية هذا اللص. وسؤل أيضا ديب عن المشهد الذى يدخل فيه ديلنجر إلى قسم الشرطة، ويتجول فيه بكل بساطة، ولم يعرفه أحد رغم أنه وقتها كان من أكثر المطلوبين فى أمريكا، وقال عنه ديب: إنه بالفعل مشهد حقيقى فقد فعل ديلنجر هذا وتجول بين الضباط والعساكر داخل أحد أقسام الشرطة فى وقت كانت أمريكا كلها تعلم بالجائزة المالية التى ستمنح لمن يقبض عليه. وسؤل أيضا ديب سؤال يقول «هل راودتك يوما ما فكرة أن تكون روبن هوود وتأخذ من الأغنياء لتعطى الفقراء فقال ضاحكا: هذا ما أفعله منذ خمسة وعشرين عاما، ففى بداية حياتى عملت بطباعة الصور فوق التى شرتات، وبعت أقلام الحبر، واشتغلت لفترة فى محطات البنزين، وكذلك فى الصرف الصحى وقضيت فترة فى مواسير الصرف الصحى. حتى أتى عام 1986، وبدأت فى طريق النجومية وصرت آخذ من الأغنياء لأعطى الفقراء. وكان لماريون كوتيار أيضا نصيب كبير من الحوار وسؤلت فى البداية عن عملها مع مايكل مان واختلافه عن باقى المخرجين، فقالت كوتيار: إنه مخرج عاشق للتفاصيل، ولذلك اضطرنى لآخذ دروسا فى الإنجليزية حتى أتخلص من اللكنة ولكنى لم أستطع بنسبة 100%، فأنا تعلمت الإنجليزية متأخرة، وكان من يعلمنى التخلص من لكنتى الفرنسية قبل الفيلم معلم فرنسى! وهذا سيئ جدا بالطبع. وأضافت أنها ظلت فترة طويلة لا تتحدث الفرنسية مع أحد حتى أمها وأخوتها وأصدقائها، حتى إذا كانوا لا يجيدون الإنجليزية، وكانت لا ترد على أحد بالفرنسية أبدا. وسؤلت عن ما إذا كانت ستستمر فى السينما الأمريكية وتترك الفرنسية قالت كوتيارد: لا أظن ذلك. فأنا أعشق السينما الفرنسية ولكنى أيضا سعيدة بتجربتى هنا.. ولكنى لن أترك السينما الفرنسية بأى حال من الأحوال.. ولن أفرض على نفسى أن يكون فيلمى القادم فرنسيا ربما يكون يابانيا.. فأنا من الناس التى لا تحب أن تحسب لكل شىء فأنا أحب المفاجآت. يذكر أن ذلك الفيلم يعتبر ثالث ثنائى يقدمه المخرج مايكل مان، فقد سبق له أن قدم فيلم «HEAT»، وقدم فيه الثنائى «روبرت دى نيرو» ضد «الباتشينو»، كما قدم «توم كروز» ضد «جيمى فوكس» فى «Collateral». ويذكر أيضا أن حياة ديلنجر قدمت قبل ذلك فى أكثر من عمل، حيث قدمه الممثل لورنس تيرنى فى فيلم باسم «ديلنجر» وأخرجه ماكس نوزك، وأيضا قدمه «ورن اوتس» فى فيلم بنفس الاسم وأخرجه جون ميليوس، كما قدمه المخرج ماركو فيريرى فى فيلم وثائقى بعنوان «دلنجر مات» كما قام التليفزيون الأمريكى بإنتاج فيلم باسم «ديلنجر» عام 1991 من بطولة مارك هارمون.