قبل 10 سنوات انتهى الفنان خالد الصاوى والمؤلف عطية الدرديرى من كتابة فيلم «السفاح»، غير أن موجة الكوميديا التى كانت سائدة فى السينما خلال تلك الفترة جعلت من غير الممكن خروجه إلى النور، وظل الفنان هانى سلامة محتفظا بالسيناريو أكثر من 7 سنوات مترقبا الوقت المناسب لتقديم الفيلم، وبالفعل سنحت الفرصة بعد أن وجد فريق عمل ومنتجا متحمسون جميعا للسير عكس الاتجاه وعرض قصة حياة سفاح أثار الفزع فى حى المهندسين لجرائمه البشعة. وعلى مدى ساعتين كاملتين استضافت «الشروق» بطل الفيلم هانى سلامة، ومخرجه سعد هنداوى فكشفا أسرار خروج الفيلم إلى النور، ورغم اعترافهما بأن القصة مأخوذة عن حياة سفاح المهندسين الشهير، فإنهما رفضا اعتباره قصة حقيقية، وفضلا وصفه بالقصة الواقعية، ونفيا أيضا ما تردد حول اعتراض أسرة السفاح على الفيلم ولجوئهم إلى القضاء. الشروق: فى البداية لماذا كل هذه الأحداث والتواريخ السياسية فى تتر مقدمة الفيلم رغم أن الفيلم ليس له علاقه بالسياسة؟ سعد هنداوى: كل حدث وتاريخ سياسى جاء فى التتر كان مرتبطا بشىء فى حياة بطل الفيلم إما مولده أو دخوله الإصلاحية أو قتله أحدا أو إعدامه، وأنا استغليت التتر ووضعت به هذه الأحداث لأننى أؤمن بأن التتر ما هو إلا جزء من الفيلم ولا ينفصل عنه لذلك قررت استغلاله فى شىء مفيد للفيلم. الشروق: هل التزامكم بقصة حقيقية كان له مضايقاته فى تنفيذ الفيلم؟ سعد هنداوى: نحن لم نلتزم بقصة حقيقية فنحن لم نقدم سيرة ذاتية لسفاح المهندسين لذلك كتبنا أن الفيلم عن قصة حقيقية، وبالتأكيد كان فى الفيلم خطوط كثيرة من تأليفنا. وأنا أرى أنه من الخطر والخطأ أيضا أن تنقل الواقع كما هو لأن الدراما لها منطق آخر مختلف عن الحقيقة، وأجزم أن السينما إذا نقلت الواقع كما هو ستتهم بالكذب، وهنا تكمن ضرورة المنطق الدرامى، فهذا الفيلم عن قصة حقيقية لكن تم الغزل عليه بالكتابة والبحث. الشروق: ولماذا لم ترصد رد فعل الناس فى الشارع أثناء حياة السفاح ورهبتهم منه؟ سعد هنداوى: لأنه حتى تم القبض عليه لم يكن أحد يعرفه ولا يعرف عنه شئيا، حتى الدكتور الذى قدم شخصيته الفنان نبيل الحلفاوى لم يحك الموقف الذى حدث بينهما إلا عندما تم القبض على السفاح التزاما بما قاله له «انت مشفتنيش واليوم دا محصلش»، والغريب أن هذا الدكتور كان رأيه ألا يعدم السفاح لأنه مريض ويمكن علاجه. الشروق: وكيف اتفقتم مع عائلة السفاح التى جاءت من الخارج خصيصا لتقاضيكم وتوقف الفيلم؟ هانى سلامة: هم لم يأتوا لمقاضاتنا ولكن ليطمئنوا على أن القصة والسيناريو لا يحتويان على شىء يسىء لهم أو أنه تطرق لأمور شخصية تخصهم، وعندما تأكدوا أننا لن نسئ للعائلة بشىء لم ينتظروا حتى ليشاهدوا النسخة الأولى من الفيلم قبل عرضه، وهم لم يعترضوا لأننا لا نقدم الناس بأسمائهم الحقيقية. الشروق: لكن فى الأعمال التى تتناول قصصا واقعية يكون الطبيعى أن يجلس المؤلف مع أحد المقربين للشخصية ليروى له الأشياء التى لا يعرفها سوى المقربين له فقط فكيف حققتم هذا؟ سعد هنداوى: نحن حصلنا على ملفات القضيه كاملة وهى تحتوى على معلومات كثيرة جدا تقريبا كل شىء عن حياته، فهذه المادة من الممكن أن تقدم 10 أفلام، ومسلسل 30 حلقة. الشروق: هل هناك مشاهد تم حذفها بعد التصوير؟ سعد هنداوى: حذفنا من القصة قبل بدأ التصوير، لكن لم نحذف مشاهد بعد تصويرها فى المونتاج، وأعتقد أن ما خرج على الشاشة هو 90% من الذى تم تصويره. الشروق: بصراحة هل تقديم سيناريو لقصة واقعية كان هروبا من شبح الاتهام بسرقة الأفلام من الخارج؟ هانى سلامة: نحن لم نقصد هذا بالضبط رغم أن هذا تحقق فى «السفاح «لأن الفيلم مصرى 100%، والأزمة أن الأفلام المسروقة من أفلام أجنبية لا يشير أصحابها إلى أنها مأخوذة عن فيلم «كذا» رغم أن هذه الأفلام جميعها موجودة. الشروق: نشعر أنك ترددت فى تقديم مشاهد حب مثيرة فهل خشيت من النقد؟ سعد هنداوى: إذا أردت أن أقدم مشاهد جنسية أو مثيرة فى العمل لفعلت، ولما رفض أحد، لكنى لم أفعل لأنى لم أرد من النص إغراء أو إثارة، فالفيلم له هدف آخر وهو السفاح نفسه. الشروق: كيف التقيتما معا أثناء تصوير الفيلم؟ سعد هنداوى: هانى بالنسبة لى من أهم الممثلين لأنه ملتزم وموهوب جدا، ويفرق عن الممثلين فى أنه يحب عمله جدا، كما أننا نعرف بعضنا منذ فترة طويلة وبيننا كيمياء كبيرة لدرجة أنه يفهمنى دون أن أتحدث وهذا شعور متبادل بيننا. الشروق: الفيلم كتب منذ 10 سنوات ورفضت تنفيذه أكثر من شركة إنتاج إلى أن قبلته «ميلودى» هل هانى سلامة أول ترشيح للفيلم؟ هانى سلامة: لا أعرف إن كنت الاختيار الأول للشخصية أم لا؟.. لكننى بطل هذا الفيلم منذ 7 سنوات تقريبا. وأضاف سعد هنداوى: هناك بعض الممثلين كنت أعرض عليهم تقديم أدوار شرف بالفيلم فكانوا يفاجأوننى بأن هذا السيناريو عرض عليهم وتمنوا لو قدموه وقت عرضه عليهم، ولكن الأزمة التى واجهت الجميع أن اتجاه السينما السائد وقتها كان الكوميديا فلم يكن لهذا الفيلم وسط هذه الأفلام المضحكة مكان. الشروق: قدمت شخصية القاتل فى «خيانة مشروعة» و«السفاح» فما الفرق بينهما؟ هانى سلامة: الفرق كبير لأنى قدمت فى السفاح ولدا منذ نشأته تعرض لضغوط نفسية وعصبية كثيرة لذلك فهو نفسيا غير طبيعى لذلك يفرق كثيرا عن «خيانة مشروعة» حتى إذا كنت أقدم فى الفيلمين شخصية عنيفة، فهذه لها طريقة أداء وشكل أسلوب تختلف عن الأخرى، وهذا ما أتمنى أن أكون قد وصلت له. الشروق: هل وسامتك زادت صعوبة إقناعك للناس بأنك سفاح؟ هانى سلامة: أعتقد أننى ممثل ولا يعيبنى أننى وسيم، وهذا لم يجهدنى فى الدور أكثر بالعكس كان هذا مطلوبا لأن الشخص الحقيقى إذا رأيتموه لن تقتنعوا أبدا بأنه من الممكن أن يكون سفاحا فكان على قدر كبير من الوسامة والجمال والهدوء، فطبيعى أن يكون الممثل الذى يقدمه على قدر من الوسامة، ثم إننى من قبل فى فيلم «خيانة مشروعة» قدمت شخصية القاتل والناس صدقت أننى قاتل. الشروق: هناك بعض الأفلام تظهرك محدود الإمكانيات وأخرى تكون فيها أكثر نضجا؟ هانى سلامة: هذا يتوقف على موضوع الفيلم الذى أقدمه.. فهناك أفلام لا تستطيع أن تمثل فيها على راحتك وأن تخرج فيها كل إمكانياتك، وإذا فعلت تكون أعطيت للشخصية أكبر من حجمها وتظهر للناس بشكل غير مقبول، لكن هناك موضوعات أخرى كما يقولون «قماشتها واسعة» تستطيع أن تخرج فيها كل طاقاتك مثل دورى فى «السفاح». الشروق: طرحتم الفيلم فى موسم وصف بالعشوائية والدموية ألم تخشوا أن تحسبوا على هذه الأفلام؟ سعد هنداوى: دعنا نتفق على أنه ليست الدموية أو العشوائية هى من أضرت بالموسم لأن هناك عوامل أخرى كثيرة أضرت به منها «إنفلوانزا الخنازير»، وتصريحات المسئولين وتحذيرهم بعدم دخول السينما، وللأسف الناس اقتنعت بهذا الكلام وأصبحت تعانى فوبيا الأماكن المغلقة، رغم أننى كنت فى لندن الأسبوع قبل الماضى وهى من الدول الذى انتشر بها المرض بشكل كبير ولم أر واحدا فى الشارع يرتدى كمامة ودخلت شاهدت مسرحية فى عرض جمع أكثر من ألف متفرج ولم أجد واحدا منهم يرتدى كمامة. فالاتهام بالدموية ليس السبب وليس نحن فقط من تأثرنا ولكن السينما وكل الأفلام تأثرت والدليل أن إيرادات السينما هذا العام تراجعت بنسبة أكثر من 40 % وهذا رقم كبير جدا. وأضاف هنداوى: «السفاح» ليس له أى علاقة بالأفلام الأخرى ولن يحسب عليها لأنه إذا تم تقديم حادثة واحدة فى 10 أفلام ستجد أنها تقدم فى كل مرة بطريقة مختلفة عن الأخرى، فما بالك أن الأفلام قصص مختلفة.. وأضاف: لا أنكر أن العنف هو تيمة أفلام هذا الموسم لكنى أجزم أن هذا جاء عن طريق الصدفة وليس عن قصد، لأن فيلمنا مثلا هو مشروع قديم جدا، وهذا وارد حدوثه جدا ويحدث فى السينما العالمية، وسببه هذا ليس فقط العشوائية فى إنتاج السينما فى مصر، ولعدم التنسيق بين المؤلفين والمنتجين، ولكنه انعكاس لما يحدث فى المجتمع الفترة الأخيرة. الشروق: احتوى الفيلم على أحداث كثيرة لم يمهد للمشاهد حدوثها مثل مشهد القبض عليه؟ سعد هنداوى: كان هذا مقصودا لأن الفيلم كله «فلاش باك» لم تكن الأحداث متتالية فى فترة زمنية قصيرة، وإنما كانت على فترات طويلة، وكان هذا يظهر من خلال اللوحات التى كانت تظهر على الشاشة بتواريخ مختلفة لذلك كان طبيعيا ألا تظهر كل شىء، كما أننى لم أظهر مشاهد مطاردة فى الفيلم لأنها ستحقق هدفا بعيدا عن الذى أريده من الفيلم تماما، والمطاردات من الممكن أن تقدم فى فيلم قائم بذاته. الشروق: فى ظل هذا الموسم الضعيف والمضروب فى نسبة المشاهدة.. ما قيمة الإيرادات التى ترضيكم؟ هانى سلامة: عندما اخترنا هذا الفيلم لم نفكر فى الإيرادات التى سيحققها، وفكرت فقط فى أن مكتبتى سيضاف إليها فيلما مهما، ورغم أننا كان أمامنا الخيار أن لا نطرح الفيلم فى هذا الموسم بعد علمنا بأنه مضروب، لكننا لم نفكر إلا فى أننا انتهينا من فيلم مؤمنين به جدا، وليس هناك أى سبب يمنعنا من عرضه للناس. ودعنا نتفق على أنه لا يوجد فيلم سينمائى يخسر ولكن هناك فيلما يكسب وقتيا عند عرضه فقط وهناك آخر ينجح على المدى البعيد بأن يكون فى أرشيف الممثل ومكتبة شركة الإنتاج، فأنا بعد 15 عاما لن أتذكر الإيرادات التى حققها هذا الفيلم، وسيبقى فقط إن كان الفيلم يصلح للمشاهدة وقتها أم لا. الشروق: هل السفاح سيكون نقطة تحول فى حياتك الفنية من ناحية الاختيارات؟ هانى سلامة: أنا أمثل منذ 13 عاما تقريبا قدمت خلالها 13 فيلما فقط بمعدل فيلما واحدا فى العام، فأنا لا أتعجل فى اختياراتى، والكيف عندى أهم من الكم، وكان أمامى أن أقدم عشرات الأفلام وأعمل 3 أفلام أو أكثر فى العام، لكنى أحرص على ألا أقدم أفلاما أندم عليها فى المستقبل، أو أخجل منها، لذلك لا أعتبر أن هذا الفيلم هو بداية لى فى الأعمال المهمة أو أننى سأعمل بإستراتيجية أخرى غير التى كنت أعمل بها من قبل. الشروق: فى أفلامك السابقة تعرضت لهجوم كبير من الجمهور لما تقدمه من مشاهد ساخنة خاصة فى فيلم «الريس عمر حرب» فهل ترى السفاح فرصة تغيير نظرة الجمهور؟ هانى سلامة: لم أفكر فى هذا إطلاقا، وإذا فكرت فى أن أرضى الجمهور وأنسيه هجومه علىّ فى أفلامى السابقة لقدمت له فيلما رومانسيا عبارة رحلة فى معالم مصر السياحية مثلا، لا أن أقدم له فيلما عن سفاح، لأن الجمهور الذى هاجمنى فى «الريس عمر حرب» على أدائى مشاهد ساخنة من الممكن أن يهاجمنى الآن على مشاهد العنف والدم. الشروق: ما السر فى قتل كل ضحايا السفاح برصاصة فى الرأس؟ سعد هنداوى: لأنه كان متميزا جدا فى الرماية، وكانت أمنية حياته أن يصبح ضابطا فلذلك كان متمكنا جدا من أهدافه وهذا كان مقصودا إظهاره فى العمل. الشروق: هل يعقل أن يسامح السفاح أسرة الدكتور ويتأثر بهذه الطريقة التى شاهدناها بالفيلم؟ سعد هنداوى: عندما كان السفاح فى بيت الدكتور الذى يقوم بدوره الفنان نبيل الحلفاوى، ووجد عائلته كلها صامدة كان هذا له تأثير كبير عليه بل وكانت نقطة تحول وقرر ألا يقتله، وقال للدكتور اعتبر أن هذا اليوم لم يأت واعتذر لزوجته وابنهما إلا أنه سرق «صندوق المجوهرات» قبل أن يرحل وذلك لكى لا يظهر بشكل سوى جدا، كما أنه بعد خروجه من بيتهم ب5 دقائق فقط قتل شريكه، وهذا يعنى أنه كان تحولا وقتيا.. كما أن صمود هذه العائلة وتماسكها أمامه جعله يتمنى لو كانت هذه عائلته. الشروق: قلتم إنكم صورتم بلبنان وبعض الدول العربية والفيلم لا يوجد به أى مشهد يبين أنكم صورتم بلبنان ما تعليقك؟ سعد هنداوى: أولا مشهد لبنان كان «فلاش باك» ولم يكن طبيعيا أن نظهر معالم لبنان لكى يتذكر البطل مشهدا صغيرا، وثانيا هذا المشهد بالفعل لم يصور بلبنان، ولا مشهد الحرب صور بالعراق. الشروق: وماذا عن نيكول سابا؟ سعد هنداوى: أعتقد أنها ظهرت بصورة مختلفة عما كانت تظهر به فى كليباتها وأعمالها السابقة، وهى قدمت الشخصية بإحساس كبير ورائع.